من أجمل الوصايا التي قيلت وحملتها إلينا كتب التراث تلك التي اوصت بها ام ابنتها ليلة عرسها حتي تنال رضا زوجها وتعيش معه هانئة سعيدة، فلقد خطب عمر بن حجر الكندي الى عوف بن محكم الشيباني ابنته ام اياس، فأجابه الى ذلك، وفي ليلة دخوله بها اقبلت عليها أمها توصيها، فكان مما اوصتها به ان قالت لها: اي بنية، انك مفارقة بيتك الذي منه خرجت، وعشك الذي منه درجت الى رجل لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه، فكوني له أمة يكن لك عبدا، واحفظي له خصالا عشرا يكن لك ذخرا، فأما الاولى والثانية، فالرضا والقناعة وحسن السمع له والطاعة، وأما الثالثة والرابعة فالتفقد لمواقع عينيه وانفه، فلا تقع عينه منك على قبيح ولا يشم انفه منك الا اطيب ريح، واما الخامسة والسادسة فالتفقد لوقت طعامه ومنامه، فإن شدة الجوع ملهبة وتنغيص النوم مغضبة، واما السابعة والثامنة فالاحراز لماله والارعاء على حشمه وعياله. واما التاسعة والعاشرة، فلا تعصي له امرا ولا تفشي له سرا، فإنك ان خالفت امره اوغرت صدره، وان افشيت سره لم تأمني غدره، واياك ثم اياك والفرح بين يديه اذا كان مغتما، والكآبة لديه اذا كان فرحا. ويحكى ان الفتاة عاشت سعيدة هانئة مع زوجها وكان ممن أنجبتهم له ولدها الحارث، وهو جد الشاعر المعروف امرؤ القيس.