د. سلطان عبد العزيز العنقري قد يبدو للوهلة الأولى أن عنوان المقال غريب وبخاصة أننا نتحدث عن شيء لا نحبه أن يقرب منا على الإطلاق وهو الموت ولكن هذه سنة الحياة.فالله يقول في محكم كتابه(أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ).في الغرب خرج مصطلح يطلق عليه علم الموت Thanatology وهو يهتم بدراسة الموت وكيف أن الشخص يصبح متوفىً عندما يموت دماغياً Brain Dead ..الموت هو الشيء الوحيد الذي لا يستطيع الظالمون والمتكبرون والمتغطرسون والجبابرة الطغاة البعد عنه وتفاديه كونه بيد الله وهم لا يستطيعون رده وفي الوقت ذاته لا يحبون الموت فتجدهم يستميتون ويستخدمون كل الطرق في البعد عنه حتى لو أدى ذلك إلى إفناء شعوبهم بالكامل حتى يبقوا على قيد الحياة.فالموت يتساوى فيه الجميع الغني والفقير، القوي والضعيف، الطاغية والمسالم الملك والخفير،جميعهم سوف يوضعون في حفر تحت الأرض لا محالة.وحتى بعض الأغنياء يعملون مفاصلة ومكاسرة مع الخالق جلت قدرته bargaining فتجدهم يتصدقون عندما يكونون على فراش الموت من خلال الصدقات حتى يطيل الله بأعمارهم ولكن بصحتهم وعافيتهم فإن الهللة لا يفرطون فيها؟!تلك المقدمة هي مدخل لموضوع المقالة عن تكاليف الجنازة في الغرب وأنه إذا لم تشترك مع شركات الحانوتية لدفن جثمانك فإن جثمانك الطاهر سوف لن يجد له مكان يدفن فيه،وقد يرمى في جزر نائية أو في البحر أو أماكن مهجورة أو غيرها من الطرق التي يتم فيها التخلص من جثمانك كالتخلص بالضبط من النفايات؟!وبذلك لن يوضع جثمانك في تابوت من خشب الصندل مزخرف ومزركش ولن تجد سيارة كاديلاك تشيل جثمانك وموكب ومراسم دفن خمس نجوم.قال لي أحد زملائي الأمريكان،عندما كنت أدرس في أمريكا،عندما سألته سؤالاً من باب المزاح معه فقلت له هل تملك سيارة كاديلك،كون هذا النوع من الموديلات،في ذلك الوقت، يعتبر سيارة المرفهين؟ فرد علي ضاحكا قائلاً اليوم الذي سوف أركب فيه سيارة الكاديلاك الليموزين هو فقط للمقبرة.بمعنى أنه لا يستطيع شراء وركوب سيارة فارهة بحجم الكاديلاك إلا للمقبرة؟!.تذكرت كلام زميلي عندما شاهدت دعاية الاشتراك في مراسيم نقل الجنازة بالكاديلاك والتابوت والدفن ومراسمها والتي تكلف مع الرأفة قرابة(6500 دولار أمريكي)هذا مع الحجز المسبق، وبدون حجز مسبق فإن الأسعار ترتفع،أي ما يعادل بالريال السعودي(24375ريالاً)بالتمام والكمال تكاليف نقل الجنازة بالكاديلاك الليموزين ومراسم الدفن.في المقابل عندنا النعش من الخشب موجود في المسجد،والتغسيل والتكفين بلاش،والعراوي أو الجمس أو الإسعاف جاهز وبلاش فأهل الخير كثير .يعني لدينا بساطة متناهية في دفن موتانا يرحمهم الله ويسكنهم فسيح جناته.الشيء الوحيد غير الموجود هو فقط علامة صغيرة بإسم المتوفى-يرحمه الله-حتى أهله وأقاربه وأصدقاؤه وزملاؤه لو جاءوا للمقبرة لزيارته يعرفون قبره ويزورونه ويدعون له وللموتى الآخرين وخاصة مع وجود الأمطار التي تساوي القبور بالأرض وأحيانا تحدث حفرة قد تخرج ما تبقى من عظام الميت.أما في الغرب فإن الوضع مختلف تماما فتجد أسماء موتاهم محفورة على رخام يقاوم جميع عوامل التعرية.فلو زرت مقابرهم لوجدت نفسك في حديقة غناء فيها جميع أنواع الزهور التي لا تخطر على بالك توضع بشكل يومي من قبل أقارب الميت ليس هذا فحسب بل سوف تجد قبر كولومبوس مكتشف أمريكا وأسماء من قتلوا في الحرب العالمية الأولى والثانية وما قبلهما.بالطبع نحن لا نطالب بأن نضع زهوراً على المقابر بل معرفة القبور بأسمائها.البساطة لدينا مطلوبة ويحث عليها ديننا الإسلامي ولكن لا بد من وضع اسم على القبر حتى يعرف ويزار.وقد ورد عن زيارة القبور ما أشار إليه « إسلام ويب» إقتباسا»فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عنها» قد كنت نهيتكم عن زيارة القبور فقد أذن لمحمد في زيارة قبر أمه فزوروها فإنها تذكر بالآخرة»[رواه الترمذي وصححه،والنسائي وابن ماجه والإمام أحمد].وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:»زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه فبكى وأبكى من حوله،فقال:استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي،واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي، فزوروا القبور فإنها تذكر بالموت « [رواه مسلم].فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالزيارة في هذين الحديثين حمله أكثر أهل العلم على الندب، وحمله ابن حزم على الوجوب،فالحاصل أن أقل درجاته الندب»(إسلام ويب). نختم حديثنا أن إجراءات دفن الميت لا تتعدى 30 ريالاً تعطى للبلدية كرمز إضافة أن الناس عندما يسمعون بموت أحد يبحثون عن الأجر في الصلاة عليها أو عليه والمشي في جنازته إلى أن يدفن مقارنة بمبلغ(24375ريالاً) تدفع لمراسم الدفن وللقبر بالمتر المربع فنحن في نعمة ولله الحمد ونسأل الله أن يحسن خاتمتنا. للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (29) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain