حسين محمد (الجزائر) - رغم أن المستوى الدراسي للجزائري جودي بلجودي (45 سنة)، لا يتعدى الثالثة متوسط، إلا أن المتابع لسلسلة ابتكاراته يقف مشدوهاً ولا يكاد يصدّق أن مخترعها محدودُ المستوى، وليس مهندسا عالي التأهيل، كما يحدث عادة، لكن بلجودي عوَّض محدودية مستواه الدراسي بمتابعة التأهيل في معهد للتبريد الصناعي ساعده على التوصل إلى اختراعاته، التي يمكنها أن تقلل خطر الموت والإصابة في حال تصنيعها وتسويقها. إلا أن المخترع، الحائز براءة اختراع من «المعهد الوطني للملكية الصناعية»، الجهة المخوّلة بمتابعة اختراعات الشباب، يشكو عدم الاهتمام الرسمي بمخترعاته، ما ينذر بإمكانية بقائها مجرّد مشاريع حبيسة الأدراج بسبب قلة ذات يده، وغياب الدعم الرسمي، وعدم وجود مموِّلين. شرارة البدء بدأ اهتمام بلجودي بالاختراعات العلمية منذ عام 1988، حيث اشتغل على هذا الجانب وفكّر في إنجاز ابتكارات يساعد بها الناس في حياتهم اليومية بشكل ما، ويبعد عنهم شتى الأخطار المميتة. وبدأ يُجري تجارب على اختراعات أولية توصّل إليها. وفي عام 2006 تعرّض لحادث مرور خطير بمنطقة «أقبو» ولاية بجاية، شرق الجزائر، حيث كان يقود شاحنة ذات حمولة ثقيلة، وفجأة تعطلت في أحد المرتفعات، وبدأت تتدحرج إلى الوراء وكادت تسقط به في واد سحيق وتودي بحياته لولا أن انفجرت عجلتاها الخلفيتان، فتوقفت عن التدحرج وخرج سالماً من الموت بأعجوبة. وقد أدرك أن سبب توقفها كان انفجار العجلتين الخلفيتين، ولكنه أراد التأكد من هذه الملاحظة فأصبح يزور كل من تعرّض لحادث مرور خطير ونجا منه ليسأله عن كيفية نجاته، فتيقن من أن ملاحظته صحيحة، وأن انفجار العجلات يفضي إلى وقف السيارة التي تنحرف عن مسارها ويمنعها بالتالي من الانقلاب والتحطم الكلي، وهنا بدأ بلجودي يفكر في كيفية التوصل إلى آلية تقوم بهذه المهمة وعدم تركها للصدفة، «في البداية فكّرت بأن أفضل حلٍّ هو صنع جهاز يقوم بتفجير العجلات فور شروع السيارة في الانحراف عن مسارها قصد إيقافها ومنع وقوع الحادث. ولكن فكرة ً أفضل راودتني وأنا في حالة أرق شديد؛ إذ خطرت في ذهني فكرة استحداث آلية لإفراغ العجلات من الهواء فور بداية انحراف السيارة، وبعد درء الخطر، يمكن إعادة تعبئة العجلات بالهواء ومواصلة الطريق، فخرجت من البيت على الواحدة صباحاً لأزور بيت صديقي شعبان جبري وأنا أصيح: وجدتها». ويعلق جبري على ذلك اليوم، قائلا: «كانت ليلة مميزة، وقد وجدتُ الفكرة جيدة وتحفظ العجلات من الإتلاف فهي باهظة الثمن، ونجح في تجسيدها في عام 2012 وجرّبها بنجاح تام بعد أن قام مراراً بافتعال انحراف في سيارته». وطوّر بلجودي جهازاً يربط المقود بالعجلات ويقوم أولاً بتنبيه السائق إذا انحرفت السيارة يميناً أو شمالاً ب50 سنتمترا فقط، ويصحح الانحراف آلياً، أما إذا تواصل لثوان أخرى، فيقوم بإفراغ العجلات من الهواء تدريجياً حسب السرعة لتجنب الحادث. إلى ذلك، يقول: «هذا الجهاز إذا صنِّع ونزل إلى الأسواق فسيمكِّن عدداً هائلاً من سائقي السيارات والمرْكبات الثقيلة من النجاة من حوادث المرور التي غالباً ما تسبِّب الموت أو الإعاقة الدائمة». وتقتل حوادث المرور نحو 4300 جزائري، وتتسبب في جرح عشرات الآلاف سنوياً. ... المزيد