أمازيغ ليبيا ذاقوا كل أنواع القمع * الثورة منحت الأمازيغ قيمتهم * نسيم النيال * الأمازيغ شاركوا بالثورة الليبية بشكل كبير مواضيع ذات صلة بعدما كان الأمازيغ مضطهدين في أيام القذافي، يقول ناشطوهم إن الثورة أنصفتهم، وإنهم يترقبون أن يعطيهم الدستور الجديد حقوقًا سلبت منهم طيلة 40 عامًا، وإلا سيحتجون سلميًا. طرابلس: في عهد العقيد معمر القذافي، شاع أن قبائل الأمازيغ إنقرضت منذ زمان، منذ أيام مملكة نوميديا، وأنها قبائل مجهولة الأصل، قد تكون سامية أو شرقية. هذا ما كان القذافي يقوله للشعب الليبي طوال إثنين وأربعين عامًا من عمر نظام الجماهيرية العربية الليبية العظمى، بينما كان الأمازيغ يعاملون كمجرمين في وطنهم، ويسعى القذافي إلى محاربتهم وتطهير جماهريته منهم، بإعتبارهم غير عرب، لا يستحقون العيش تحت حكم قومي عروبي. تقول ندى خليفة، الناشطة الحقوقية الأمازيغية، ل"إيلاف": "الامازيغ في ليبيا ذاقوا كل أشكال القمع والتهميش، وحرموا من كل حقوقهم، ولا سبب لحصول ذلك سوى أن القذافي كان في قمة الدكتاتورية والطغيان، فقد كان يعذبهم ويسجنهم ويحرمهم حتى من تسمية أبنائهم بالأمازيغية". خيانة عظمى أما نسيم النيال، وهو إعلامي وناشط أمازيغي من مدينة زوارة، فيقول إن النظام السابق "كان يعامل الأمازيغ كالمجرمين ولا يعتبرهم أبناء هذا الوطن، علمًا أنه لا يمكن لأي أحد إنكار حضارة زوراة و تاريخها". يضيف: "كان التحدث بالأمازيغية في عهد القذافي جريمة وخرقًا للقانون، فحتى إلقاء التحية بالأمازيغية يودي بصاحبها إلى السجن ويعرضه للتعذيب والتنكيل". فقد فرض النظام السباق اللغة العربية على الأمازيغ وحرمهم من ممارسة حقوقهم الثقافية والفكرية، وعاقب كل من يتحدث بتلك اللغة في الأماكن العامة بتهمة الخيانة للنظام. ويستشهد النيال في حديثه بخطاب زوارة التاريخي، الذي أعتبر فيه القذافي أن كل من يتحدث الأمازيغية كمن ترضعه أمه اليهودية، "وقد وصف القذافي الأمازيغ باليهود في العديد من المناسبات، وغير اسم جبل نفوسة إلى الجبل الغربي، بالإضافة إلى اعتماد سياسة ممنهجة لتدمير الثقافة الأمازيغية، وخنق كل سبل الحياة في تلك المناطق خاصة بالجبل، حتى أن بعضها لم تصل إليه الحياة، و لم تذكر إلا بعد سقوط نظام القذافي". مشاركة ثورية شارك الأمازيغ إخوتهم العرب في الثورة الليبية، وتقول ندى خليفة، الناشطة الأمازيغية، إن حجم مشاركتهم كان ضخمًا جدًا في ثورة 17 فبراير، "لأننا كلنا ليبيين، وخرجنا لإسقاط نظام قمعي ودموي عانينا منه الكثير". ويروي النيال أنه فقد تسعة من أترابه أثناء المقاومة في زوارة. يقول: "كانوا شركاء بالدم والقضية وتحرير المدن الأمازيغية، وقد قدمت زوارة عددًا كبيرًا من الشهداء في نالوت والقلعة وجبل نفوسة وجادو ويفرن وجالو وأوباري والأمازيغ في صحراء تينيري". تضيف خليفة أن الثورة عاملت الأمازيغ بكل إحترام و تكريم، "لا سيما عندما أطلقوا على مدينة زوارة اسم تاج الثورة، وأطلقوا على الجبل إسم الأشم، كل هذه الألقاب البطولية تدل على اعتراف الثورة بتضحيات الأمازيغ وببسالتهم في مواجهة ترسانة القذافي الحربية". مكاسب الثورة تؤكد خليفة أن مطالب الأمازيغ في الثورة كانت مشروعة، "فقد ناضلوا من أجل حقوقهم وجاهدوا في سبيل إسقاط كل من طغي وتجبر وزرع الظلم بين الليبيين". وقال النيال إن الأمازيغ "يريدون أن يعترف دستور ليبيا وقانونها بوجودهم العرقي، وبوجود حضارة أمازيغية يفتخر بها كافة الليبيين، وباللغة الامازيغية لغة رسمية إلى جانب العربية". ويرى النيال أن ثورة 17 فبراير المجيدة قدمت مكاسب عدة للحركة الأمازيغية، كالإعلان الدستوري الذي أعلنه المؤتمر الوطني الإنتقالي لوضع بند يعترف باللغة الأمازيغية وبوجودها، "فحتى القوى السياسية في الثورة الليبية والثوار كانوا يطلقون على أنفسهم إسم إغراوليين، كما كانت القنوات الليبية تبث برامج وأغان ونشرات إخبارية أمازيغية". لولا اختلاف الألوان ينفي النيال إمكانية إنقلاب أعضاء المؤتمر الوطني على مطالب ثورتهم، ويبدي الكثير من التفاؤل في حديثه عن مستقبل الحركة الأمازيغية في ليبيا، "فالقيادات الليبية الجديدة عبارة عن مؤتمر وطني عام كالبرلمان التأسيسي لأي دولة، إذ سيتم صياغة الدستور عن طريق لجنة الستين، التي تضم عددًا من نواب المؤتمر الذين يمثلون المناطق الامازيغية، ونحن نعلق آمالنا على جهودهم". وإذ سألناه عن إمكانية مطالبة الحركة بحكم فيدرالي، قال: "لا أعتقد أن الحركة ستطالب بحكم فدرالي أو بنظام مستقل عن الامة الليبية، خصوصًا أن المجتمع الليبي يتميز ترابطه، و يعمل تحت إطار مقولة (لولا اختلاف الألوان لما رسمت لوحة الثورة الليبية العظيمة)". وتعليقًا على تحذير حمد ذغرني، رئيس الحزب الديمقراطي المغربي، للأمازيغ الليبين بعدم تسليم السلاح،قال النيال إن الشأن الامازيغي الليبي خاص بأمازيغ ليبيا وحدهم، ولا يحتاجون توصيات من أي أحد. اضاف: "نحن كأمازيغ نترقب الدستور ولا توجد مؤشرات تفيد بأنهم سيقومون بصياغة دستور لا يضمن حق الأمازيغ". الاحتجاج سلمي من جهة أخرى، أكدت خليفة على الأخوة والمودة التي تجمع بين أبناء الشعب الليبي، وفي حالة الإلتفاف على مطالب الحركة الأمازغية، "لن يستعمل الأمازيغ العنف والسلاح في إحتجاجهم، بل ستقوم الحركة باعتماد جميع أشكال النضال السلمي لتحقيق مطالبها، كاللجوء للمحكمة الدستورية العليا في البلاد، والمطالبة بحقوقهم عن طريق الأحزاب والجمعيات وكل وسائل الاحتجاج السلمي". وفي حالة عدم التوصل إلى وفاق داخلي، أكدت خليفةة أن الحركة الأمازيغية ستتوجه إلى الأممالمتحدة والمنظمات الدولية لحماية حقوق الإنسان.