سلطنة عمان تختلف عن باقي البلدان الخليجية بأنها دولة حضرية قديمة لم تتحضر في عصر البترودولار والريع النفطي، بل كانت مركزاً تجارياً مهما في شرق الجزيرة العربية وعلي مدخل الخليج الفارسي، وبلغ تأثيرها غرب الهند وشرق افريقيا حتي جنوبها.. فيعود الفضل الي اهلها بنشر الاسلام في العديد من المناطق التي اشرنا اليها... عمان اليوم شكلت محطات تجارية في التاريخ القديم ظهرت "مجان" في النصوص السومرية من بلاد الرافدين ويُعتقد انها المنطقة من شمال عمان، كانت المنطقة مرتبطة بالنحاس والتي كانت عنصراً مهما لحضارات بلاد الرافدين القديمة. اختفت "مجان" عقب سقوط سلالة أور الثالثة في العراق في العام 2000 ق.م وسيطرت الإمبراطورية الأخمينية الفارسية على المنطقة بقيادة كورش الكبير في القرن السادس ق.م فيما كانت ظفار، مرتبطة بالممالك الجنوبية القديمة في شه الجزيرة العربية والمسلمون في سلطنة عمان ينقسمون بين اغلبية اباظية واقليتين سنية وشيعية، والغريب ان هذا الخليط المسلم لم يتقاتل رغم خلافاته التاريخية الكبيرة خاصة بين الاباظية والشيعة. ولعل السبب في ذلك يعود الي انحسار المدّ الوهابي فيها! وعدم دخول هذا الفيروس السعودي الي اراضيها.. يقول الكاتب د. عبدالله القتم في صحيفة القبس الكويتية بتاريخ 19 نوفمبر 2008: "عندما أزور مسقط يأتي ثلاثة اصدقاء لاستقبالي في مطارها، وهؤلاء الثلاثة من ثلاثة مذاهب اسلامية، سني وشيعي وإباضي، واجدهم على خير ما يرام من الانسجام والالفة والمحبة، لا ينبذ احدهم الآخر بشيء، ولا ينظر احدهم إلى الآخر نظرة دونية، فهم جميعا اخوة متعاونون ومتحابون، أمضي وقتي هناك اتنقل من منزل إلى آخر، على اختلاف مذاهبهم." ويضيف القتم: "سياسة جلالة السلطان قابوس بن سعيد سحبت البساط من تحت ارجل المتعصبين والطائفيين، فلا تسمع صوتا نشازا يضرب على وتر الطائفية والتعصب، لكل مذهب مكانة في الدولة، ولكل اتباع مذهب مكان في بناء الدولة، لذا نبذ الشعب العماني بمعظمه التعصب والتطرف." والادهي من ذلك ان عمان تستنجد بإيران الصفوية للقضاء علي حركة ظفار الشيوعية فيهب الجيش الشاهنشاهي لإخماد الحركة وينجح ويعود بعد قيام الثورة في ايران بعام! لم تنس عمان ذلك فكانت دائماً الاقرب الي ايران من شقيقاتها الخليجيات ولكن كما هي سياستها بهدوء ودون ضوضاء...وايران ايضاً لم تنس لعمان مواقفها فوقفت بجانبها حماية لها من شقيقاتها التي وصل الحد بإحداهن لترتيب انقلاب وخلايا تجسس ضد السلطنة.. رعاية عمان للمفاوضات السرية بين ايران واميركا ورفضها الاتحاد الخليجي لانه يقوم علي دوافع سياسية غير واقعية، جعلها هدفاً للاعلام السعودي والوهابي بشكل عام.. حتي وصل الامر بأحد الناشطين السلفيين الكويتيين (عبدالله فهد النفيسي) ان يصفها بالشيعية!! ولا ندري كيف تحولت السلطنة بعد كلام الوزير يوسف بن علوي في حوار المنامة من اباظية الي شيعية بين ليلة وضحاها؟! فهل هذا الكلام، هو غباء سياسي وديني وعقدة من ايران والتشيع ام انها دعوة لفتح النار الوهابية علي السلطنة؟ الايام القادمة سنكشف ذلك... علاء الرضائي