قدم طيارو فريق "الفرسان" جولتهم الأولى من الاستعراضات الجوية بشكل أذهل الجمهور وخطف أنظار كافة رواد شاطئ كورنيش أبوظبي، سواءً منهم من وُجد هناك مصادفة أم من جاء خصيصاً لمشاهدة الاستعراضات، خال الجميع أنه عرض رسمي وليس مجرد تدريبات عملية استغرقت 26 دقيقة. وحُق لهم ذلك، فقد جمع أداؤهم بين الإبهار والإدهاش والإثارة، بحيث يصعب على أي ناظر أو مشاهد أن يحسَب ولو للحظة أن الأمر يتعلق بتدريبات. (أبوظبي) - عاد الطيارون إلى مسرح الاستعراضات في سماء الكورنيش، على مدار يومي السبت والأحد الماضيين، وقدموا عرضهم الرسمي احتفاءً باليوم الوطني الحادي والأربعين وسط حضور فاق بكثير حضور اليوم الأول، تفاعلوا بطرق متعددة، فصفقوا وصفروا ونصبوا كاميرات هواتفهم الذكية من أول ثانية إلى أن أسدل الصقور الستار على عرضهم تحت أشعة الشمس الشفافة. ما أن دقت الساعة الرابعة عصراً واستوت الشمس في كبد السماء حتى اشرأبت الأعناق واتجهت الأنظار إلى الأفق الذي يعلو سارية أطول علم في كورنيش أبوظبي. اخترق هدير الطائرات ذاك الصمت والترقب، ودخل الطيارون السبعة في سرب واحد موحد، فاتجهوا إلى العلم وحلقوا حوله وفوقه، وقدموا استعراضات جماعية، ورسموا من خلال ألوان العلم الأربعة التي نفثوها في السماء الزرقاء الصافية الخالية من الغيوم أشكالاً مختلفة. وإمعاناً في إمتاع الجمهور، اختار الطيارون خلق دينامية مثيرة في أجواء العاصمة، فانسل من السرب أحد الطيارين وقدم حركات بهلوانية رائعة. كان يصعد في السماء كصاروخ ويصل إلى ارتفاع عال جداً إلى أن تحجبه السحب عن الأنظار، ثم يظهر فجأة وينزل بشكل ملولب فيما يشبه السقوط الحر، وتتدحرج طائرته نازلة في الهواء إلى الأسفل ويتساءل العديد من المشاهدين حول ما إذا كانت تلك الدحرجات حركات استعراضية، أم فقداناً للسيطرة على مقود الطائرة. وفي كل مرة يقترب فيها الطيار العبقري من سطح مياه الشاطئ ثم يغير اتجاهه إلى الأعلى شرقاً أو غرباً، كان المشاهدون يتنفسون الصعداء، ويصفقون له ويصفرون إعجاباً وتقديراً لروحه المغامرة. قراءات متعددة قدم الطيارون استعراضات متنوعة فيها قدر كبير من الإبداع والإتقان وتحتمل قراءات عديدة وتأويلات مختلفة، كغيرها من اللوحات التشكيلية التي يملؤها رسامها بالمعاني والرسائل، ويقرؤها الرائي بطريقته، فتكون قراءته لها مفتوحة على كل الاحتمالات، قد يتقاطع مع رسامها في قراءته، قد لا يستوعب من معانيها ورسائلها إلا ما قل أو كثر، كما قد يضيف إليها أشياء تفوق ما ضختها فيها الفرشاة من معان. وهكذا كان حال اللوحات التي رسمها الطيارون السبعة، مع اختلاف في فضاء الرسم وأدواته. فالطيارون استخدموا فضاءً أفسح وأرحب هو سماء ساطعة الزرقة، واستعملوا بدلاً من الأصباغ والأدوات التقليدية أدخنة ملونة وحركات رأسية وأفقية، وحلقوا شمالاً وجنوباً وطافوا فوق البحر وفوق أبراج البر، ونجحوا بمهاراتهم العالية في إحالة سماء كورنيش أبوظبي إلى لوحة فنية متحركة. فدخول الطائرات السبعة في سرب واحد هو تعبير عن إمارات الدولة، واتجاهها مجتمعة شرقاً أو غرباً هو تعبير عن وحدة أهداف إمارات الدولة، وانسلال الطيار العبقري من السرب قد يكون تعبيراً عن قيادة العاصمة أبوظبي لمسيرة الإمارات السبع. فهذا الطيار النجم يتحرك في كل الاتجاهات، لكنه يُظهر قدرات عالية في القيادة ويحلق في كل الارتفاعات، ثم ينضم مجدداً في آخر العرض إلى سرب الطائرات الأخرى، ويشاركها في رسم نخيل وكثبان رملية وأعلام وقلوب محبة ووفاء، ثم تواصل الطائرات السبع مسيرها ورحلتها الاتحادية مجتمعة وهي تشق عباب السماء، ماضية إلى الأعلى في اتساق واتحاد مهيبين. ... المزيد