أفردت الصحافة الإسرائيلية يوم الأحد مساحةً واسعة للحديث عن رئيس حكومة الاحتلال الأسبق اريئيل شارون، الذي توفي بالأمس بعد دخوله منذ فترةٍ طويلة حالةَ موتٍ إكلينيكي، وقبلها سباته في غيبوبة طيلة ثماني سنوات. القدسالمحتلة (فارس) إجمال حياة شارون ليس أمرًا بسيطًا؛ فالحديث يجري عن شخصية كثيرة النشاطات، مثيرة للجدل، وتمس حياته بنقاط فاصلة في حياة الكيان الإسرائيلي. تبنّى اسم "شارون" بنصيحة من رئيس الحكومة الإسرائيلية الأول دافيد بن غوريون، فاسمه الحقيقي إريك شاينرمان. أُعجب بن غوريون بمواهب شارون الحربيّة، لكنه حذّر من ميله إلى عدم قول الصواب. ويقول المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" أمير أورن: "كان تفكير شارون عسكريًا من الدرجة الأولى، وليس قياديًا سياسيًا". وأضاف:" لقد برز كمنفذ وليس كمخطط، خلال وظائفه السياسية: وزير الزراعة، والاستيطان، وزير الجيش، وزير في الاقتصاد، رئيس الحكومة؛ لم يترك أيّ طابع إيجابي". أما المراسل العسكري عاموس هرئيل فقال عنه: "لم يكن هناك قائد إسرائيلي أثر على العلاقات بين "إسرائيل" والفلسطينيين في العقدين الأخيرين أكثر من اريئيل شارون". وأضاف:" بدأ شارون في تشكيل وجه الصراع والخارطة في الأراضي المحتلة قبل ذلك بكثير، كراعٍ لمشروع المستوطنات، وحين عُيّن وزيرًا للزراعة، ووزيرًا للجيش في فترة ولاية حكومتي مناحيم بيجين. وفي وقت لاحق كان وزيرًا للخارجية في حكومة نتنياهو الأولى، وعندما عاد من مؤتمر "واي ريفر" في عام 1998 دعا المستوطنين إلى المسارعة والتشبّث بكل تلة في الضفة، وبسرعة، بعد أن وقّع نتنياهو على نقل أراضٍ أخرى إلى من يكرهه؛ ياسر عرفات". ونوه هرئيل إلى أن "حرب لبنان الأولى كانت تمثل فشلًا فظيعًا لا يغتفر، لشارون"، مستدركًا:" ولكن حين عاد الجيش الإسرائيلي وتورط في حرب لبنان الثانية، كان يبدو أن الكثير من الإسرائيليين جاهزين ليغفروا له أخطاء الماضي، وشريطة أن يتولى القيادة بأمان أكثر من خليفته، الذي مشى نحو الفخ اللبناني بغطرسة وبعيون مفتوحة على مصراعيها". من جانبه، تطرق الكاتب الصحفي أنشيل فيفير إلى الدراماتيكية التي تخللت خطة شارون بالانسحاب من قطاع غزة عام 2005، التي أُطلق عليها "خطة فك الارتباط". وأشار إلى الأزمة التي أثارتها الخطة في الوسط الإسرائيلي": "لا يهم إنْ قام شارون بالانسحاب من قطاع غزة وشمالي الضفة بسبب ضغط دولي، آملًا أن تمنحه هذه الخطوة الحماية إزاء تحقيقات الشرطة، لأنه تفاجأ من رسائل المعترضين في الانتفاضة الثانية، أو لأنه اعتقد بأنه فقط بهذه الطريقة يمكن ضمان غالبية يهودية، أو مواصلة السيطرة الإسرائيلية في الضفة". ورأى فيفير أن شارون يعتبر "الزعيم الإسرائيلي الوحيد الذي نجح في فرض تاريخ الصهيونية-البراغماتية على جمهور كبير وقوي آمن حينذاك بأنه يفوق التاريخ". وقال بهذا الصدد:" رابين، بيرس، باراك وأولمرت لم يعملوا كل ذلك بحق المستوطنين "المتدينين"، شارون، بصفته رئيسًا لحكومة "الليكود"، كان قادرًا على ذلك". بنى شارون، رئيس الحكومة الحادية عشرة في الكيان الإسرائيلي، مسيرته في الجيش، وهو منقوش في الذاكرة الجماعيّة، كمجرم حرب، حيث يعُرف عنه استخدامه المفرط للقوّة، والقتال غير الأخلاقي. أحد الأمور الأكثر ارتباطًا بشارون هو قابليته للطعام. فكلّ من عمل معه يعرف قصصًا مثيرة للاهتمام عن قابليته. ويخبر عدد كبير من الذين عملوا مع شارون في ديوان رئيس الحكومة أنه حين كان يجوع، يفقد صبره ويتجاوب بعصبيّة. في الساعات الثابتة التي كان يتغلّب الجوع فيها على شارون، اعتاد مساعدوه على إرسال أحد سائقي رئيس الحكومة ليشتري بعض الشطائر من مطاعم مقدسيّة. يُحكى أنّه حين يلتهم بعض الشطائر دون انقطاع، يهدأ، ويعود إلى طبيعته، ويتعامل مجدّدًا بالشكل المعهود مع موظّفي مكتبه والمقرَّبين منه، حتى حين كان وزيرًا للحرب، اعتاد على تناوُل الطعام في أفخر مطاعم نيويورك، وقد تحدّث الوزير جلعاد أردان أنّ شارون كان يتناول وحده كيلوغرامًا من اللحم. / 2811/ وكالة انباء فارس