التربية الوطنية تمتد بامتداد الحياة، وتتسع باتساعها، وتتنوع بتنوعها، فكل ما يحيط بالإنسان من قوى وعوامل له دوره في التأثير على الإنسان وتشكيل شخصيته. ومن الحقائق المؤكدة اليوم أنَّ المجتمع لا يستطيع تحقيق أهدافه دون وجود تعاون وتنسيق بين جميع مؤسساته وتنظيماته التي تُسْهم في تربية أفراده، وغرس قيم الوطنية وروح الانتماء والولاء في نفوس أبنائه. فتربية الأفراد تتم مشاركة بين مؤسسات التربية النظامية وغير النظامية والتنظيمات المجتمعية، وأنَّ هذه المؤسسات والتنظيمات جميعاً تلتقي حول أهداف عامة لتوفر بيئة تربوية ووطنية لتنشئة الشخصية سواء أكان ذلك بطريق مباشر أم غير مباشر. خورشيد حرفوش (أبوظبي) تربية النشء لا تقتصر على المؤسسات التربوية فحسب، وإنَّما تتم من خلال جميع مؤسسات وتنظيمات المجتمع سواء كانت نظامية أو غير نظامية كالمدرسة والأسرة وأماكن العبادة ووسائل الإعلام والجمعيات الأهلية والمهنية وغيرها شريطة أنْ تتكامل وتتناسق فيما بينها لتحقيق الأهداف الوطنية المنشودة. المدرسة تعد من أهم المؤسسات التربوية والمجتمعية التي يقع على عاتقها مسئولية تربية الأبناء تربية شاملة ومتكاملة ومتوازنة، وتعديل سلوكياتهم واتجاهاتهم وقيمهم، وإعدادهم للحياة بالطريقة التي يرغبها المجتمع ويؤمن بها، لأنَّ التربية بمفهومها الواسع وبمختلف أنماطها تشترك في إحداثها وتفاعلاتها جميع مؤسسات المجتمع، وهي لا تقف عند حدود سن معينة أو مرحلة عمرية معينة، تشترك فيها جميع وسائط التربية في المجتمع ومنها المدرسة. وإذا كانت الأسرة هي البيئة الطبيعية التي تتعهد الطفل بالتربية، ولاسيما في السنوات الأولى من حياته، فإنَّ المدرسة هي المؤسسة التي أنشأها المجتمع عن قصد لتعمل مع الأسرة على تربية وتنشئة الطفل سليمة تجعله عضواً صالحاً في المجتمع الذي يُعدّ له. ومن المنطقي أنَّ الأسرة لا تستطيع القيام وحدها بعملية التربية الوطنية، بل اكتسبت التميز عنها وعن باقي المؤسسات والتنظيمات في القيام بمهمتها في تربية النشء تربية وطنية طموحة بما تقدمه من خبرات منظمة ومفاهيم صحيحة وأنشطة متنوعة. إسهام فعال يؤكد الدكتور حسن أحمد الحوسني، مدير عام مدرسة عبد الجليل الفهيم للتعليم الأساسي للبنين "الحلقة الثانية" أن المدرسة تستطيع أن تُسْهِم الإسهام الفعَّال في بناء شخصية الفرد بما تهيؤه من مناخ صحي يساعد على النمو المعرفي والانفعالي والجمالي والاجتماعي والديني، لا بما تقدمه من معلومات نظرية فقط بل بالممارسة العملية وما يعنيه هذا من تكامل بين المعرفة النظرية والممارسة العملية، وهذا يعني أنَّ دور المدرسة في عملية التنمية والتدعيم لأبعاد التربية الوطنية ليس نظرياً فقط، بل هو نظري وتطبيقي في ضوء حقائق واعتبارات أهمها أنَّ العملية التربوية تعتبر في الأساس عملية خُلُقية من الدرجة الأولى، فالمدرسة وحدها لا يمكن أنْ تتم هذا الجهد بدون مشاركة كافة تنظيمات المجتمع وهيئاته ومؤسساته، وهذه المشاركة في تنمية وتدعيم أبعاد القيم الوطنية. فالمدرسة هي الحاضنة الأخرى والأقوى للطفل، ولها تأثير كبير ومباشر في تكوين شخصيته، وصياغة فكره، وتوضيح معالم سلوكه. وذلك من خلال الفعاليات والأنشطة التي يقدمها الطلاب في المناسبات الوطنية التي يعتز بها أبناء الإمارات، ويأتي اليوم الوطني في مقدمتها". ... المزيد