منذ البدء تعامل أصحاب المشاريع الصغيرة مع حالة التوافق اليمنية وفرص الحوار والجنوح للسلم بانتهازية رخيصة ، يد في الحوار تعرقل وأخرى تقتضم وتنحت في بنيان الدولة بكل ما أوتيت من خسة ليس أقلها السلاح ولا أكثرها التآمر لإرباك كل شيئ في حياة الناس . تصر إحدى مديرات مدارس بالعاصمة على عدم توزيع كتب المنهج الدراسي على كافة الطلاب ، تخبر الآباء كذباً أن المخزون لديها تم توزيعه وانتهى و عليهم شراء كتب أطفالهم من السوق السوداء ، تهمس لمن تثق بها " ألم يريدوا التغيير ؟ ليعطيهم التغيير كتباً ، يجب أن يندموا " بمثل هذا النموذج شديد الحقارة تعامل كل أتباع المشاريع الانتقامية المنتشرين في مرافق الدولة مع وضع اليمن طيلة العامين اللاحقين لثورة الشباب عام 2011 م . تطورت مشاهد الوضاعة والانتقام من الشعب وتصاعدت مع كل منعطف هام وإجراء مهم يتوخى منه الابتعاد بالناس وحياتهم عن أتون الصراع ، حتى بات من البديهيات لدى المواطن العادي أن يترافق كل قرار جمهوري مهم بعدة إجراءات انتقامية كضرب شبكة نقل الكهرباء وأنابيب النفط وصولاً حتى إلى سد أنابيب المجاري وإغراق مدن كاملة في قذارة الانتقام . تمكنت حالة الاهتزاز الدائم للبلد من إعادة فرز اتجاهات كثير من القوى فتقاربت المشاريع اللاوطنية من بعضها بتنسيقات خفية تارة و بدون تنسيق تارة أخرى غير أنها تقاطعت و تماهت بالضرورة وبشكل اعتيادي باعتبارها اختارت الاتجاه في طريق مضاد للآتي الذي ينشده اليمنيون . عامان مرا على اليمن لكل يوم فيه مؤامرة و قصة خسة جديدة استنفذت فيهما كل حيل شياطين الإنس و الجن و كان لابد أن تصل إلى مرحلة تتساقط فيها الأقنعة حد الفضيحة وتتمايز الصفوف ، استخدمت هذه القوى بعضها البعض لتسديد ضربات متلاحقة لكل بنيان الدولة واستهداف النسيج الاجتماعي للشعب شمالاً و جنوباً، اقتحمت المؤسسات ، فجرت المصالح ، اغتيلت الكوادر العسكرية و الأمنية ، محاولات الانقلابات العسكرية المتلاحقة ، الإيغال في هدم صورة الدولة و مقامها ورمزيتها ،لكن إرادة الشعب ظلت صامدة وداعمة لاستمرار السير في طريق الحوار الوطني مهما كلف الأمر باعتباره المخرج الوحيد والآمن على علاته للوصول إلى بر الأمان ، وحين أوشك الأمر على الإنجاز اسقط في يدي تلك القوى التي تعاملت مع الحوار باستخفاف منذ البدء وما فتئت لتزجية الوقت ريثما تعيد تموضعها و تجرب ماكان لديها من مخططات حظيت بداعمين إقليميين لكنها فشلت ، لم يبق والحال هكذا لمشاريع الشر غير الظهور الأخير بوقاحة الاجرام السافر المتحلل من كل القيم الانسانية والدينية والوطنية فأشعلت الحروب في غير جبهة من ربوع اليمن تحت يافطات مذهبية ، وأرسلت فرق الإرهاب إلى أكثر المواقع حساسية في الدولة ، وبالغت ايديهم المحاورة في العرقلة ثم الرفض الصريح للتوقع على أهم مخرجات الحوار . وها نحن في الأسبوع الأخير الأكثر حسماً في تاريخ اليمن المعاصر ، يأتي فيما زحف جماعة مسلحة لم تعد تخفي نواياها يتجه نحو العاصمة بعد أن توافقت عليها وأوكلت إليها كل قوى الشر المحلية و الإقليمية تنفيذ المخطط الأخير لتدمير هذه الدولة ، وها هي تستميت في تنفيذ مهمتها القذرة مدعومة بحالة تشتيت سابقة و متزامنة ومرافقة تسابق الزمن ثانية بثانية لإراقة دم اليمن قبل سيلان حبر حواره الذي يشكل سداً منيعاً في وجه المؤامرة النهائية. ثلاثة أهداف خبيثة إجرامية إرهابية تراهن عليها قوى الموت و الرجعية اليوم لتدمير اليمن بشكل تام أولها اسقاط العاصمة وثانيها اسقاط الحكومة وثالثها الوصول باليمن إلى يوم 21 فبراير في حالة فوضى تامة تتوج بسقوط شرعية المبادرة والحوار والرئيس التوافقي ما يعني خروج الجيش المنقسم حتى الساعة عن الجاهزية نهائياً و تحول مقدراته إلى غنائم حرب وسقوط الجمهورية والدولة في الفوضى اللانهائية لتصبح الأمور بيد أمراء الحروب لأنشاء ممالك الموت و الخراب . إنها اللحظة الحاسمة والقرار الأخير بمعنى الكلمة لكل يمني حر ووطني في اختيار انحيازه لمستقبل أطفاله ووطنه وإذا كانت اليمن قد شكلت ملاذاً آمناً رغم فقرها لضحايا الصراع في القرن الأفريقي طيلة العقود الماضية فعلى اليمنيين أن يعوا حقيقة أن لا أحد سيتقبلهم ساعة واحدة خارج وطنهم حتى لو أصبح ركاماً . لذا حري بهذا الشعب أن يحول هذه المؤامرة الخبيثة إلى ركام من الهزيمة و الخزي والعار لكل من يقف خلفها والدوس على كل دعوات الفتنة والعصبية والحروب والموت بأحذيتهم ، والصمود والتماسك مهما كانت الحيل والمغريات والدعوات والتمويهات ، فإما أن نكون أولا نكون إلى الأبد . وبذات القدر من الأهمية البالغة القصوي حري بالقيادة السياسية ممثلة برئيس الجمهورية تجسيد الشراكة والصراحة مع الشعب بحقيقة اللحظة ولحظة الحقيقة دون مواربة أو تعميم . عاشت اليمن وأهلها الصامدون وعاشت جمهوريتهم أبد الآبدين ، والسقوط والفشل لكل المؤامرات و المتآمرين . مأرب برس