في حين أن أقلية من الناخبين المصريين فقط ذهبوا إلى صناديق الاقتراع الأسبوع الماضي للتصديق على دستور جديد لدولة بوليسية، وفي حين أن الرجل القوي الناشئ الجنرال عبد الفتاح السيسي يحضر مسرحياً ليعلن ما اذا كان سوف يتفضل بقبول ان يصبح رئيسا، وبينما وزير الخارجية جون كيري عبر عن أمله - بأنه ليس من المؤكد حتى الآن ما اذا كان وعد النظام العسكري بالانتقال إلى الديمقراطية يسير على الطريق الصحيح، يظل الانصار الحقيقيون والملتزمون بالنظام الليبرالي العلماني في مصر قابعين في سجن طرة بالقاهرة. ووفقًا للمجلس الوطنى لحقوق الإنسان- وهى منظمة غير حكومية- فإن أحمد ماهر ومحمد عادل وأحمد دومة وعلاء عبدالفتاح، قادة ثورة يناير 2011، يعانون من سوء المعاملة بما فى ذلك الحبس فى زنزاناتهم لأكثر من 20 ساعة يوميًا، وبطبيعة الحال لم يتمكنوا من التصويت فى الاستفتاء على الدستور الذى يعفي الجيش والشرطة وأجهزة الاستخبارات من الرقابة المدنية. ويذكر أن الرجال الأربعة تم اعتقالهم فى نوفمبر الماضى بتهمة التظاهر ضد قانون التظاهر الجديد، بينما أعلن "كيرى" أن خارطة الطريق تمضى بالبلاد قدمًا نحو الديمقراطية. وفي 22 ديسمبر تم الحكم على ماهر وعادل ودومة بالسجن ثلاث سنوات. وجرائمهم الحقيقية معروفة للجميع في مصر: فقد كانا القادة الفكريين الاساسيين ومنظمي مظاهرات يناير 2011 التي أسقطت نظام حسني مبارك المدعوم من الجيش المصري. وهم من اليساريين والمثقفين العلمانيين الذين كرسوا حياتهم للدفاع عن حقوق الإنسان وتتمثل في: حرية التعبير والانتخابات الحرة والمساواة بين الجنسين والتسامح الديني. والآن هم في السجن بسبب ان الجنرالات والشرطة السرية التي دفعوا برحيلهم قد عادوا إلى السلطة، حرفيا بالانتقام. من هم حلفاء الولاياتالمتحدة في مصر؟ إن حكم إدارة أوباما واضح وضوح الشمس: فقد اجرى وزير الدفاع الامريكي تشاك هيغل مع السيسي أكثر من عشرين مكالمة هاتفية منذ ان قاد الانقلاب ضد الحكومة الاسلامية المنتخبة بقيادة محمد مرسي في يوليو، في حين أيد كيري مرارا وتكرارا مزاعم الجنرال الغير قابل للتصديق بشكل متزايد نحو بناء الديمقراطية - في مقابل استعادة دكتاتورية ما قبل 2011 على شكل أكثر قمعية. وأقنعت ادارة اوباما الكونغرس فقط لتمرير تشريعات إعفاءها من حظر حرج على تقديم مساعدات إلى الأنظمة التي اكتسبت السلطة من خلال انقلاب عسكري بحيث 1.3 مليار دولار من المساعدات الأمريكية السنوية لجيش السيسي يمكن أن تبقي متدفقة. ومع ذلك فان السيسي وحاشيته ليسوا شيء سوى انهم مؤيدون للولايات المتحدة. في حين وسائل الإعلام التي يسيطرون عليها تقوم بتنسيق دعاية خسيسة، متهمة الولاياتالمتحدة بالسعي الى تقسيم مصر الى دويلات والى افساد أخلاقها. فماهر وعادل ودومة وعبد الفتاح ليسوا مؤيدين للولايات المتحدة ايضاً - ولا أحد في مصر هذه الأيام. لكنهم على الأقل يشاركون القيم الأمريكية الأساسية. فلو جاءوا هم وأتباعهم في أي وقت مضى إلى السلطة، فقد تكون مصر تشبه الهند أو البرازيل: شركاء صعبين في بعض الأحيان ولكن ديمقراطيين. وهذا هو سبب آخر لبقائهم في السجن: ان استراتيجية الجيش هو وضع واشنطن بين خيارين اما بلطجية العلمانيين او الاسلاميين. ويجادل ناتان شارانسكي، سياسي اسرائيلي يرأس حاليا الوكالة اليهودية لإسرائيل، مند عشر سنوات أن الغرب ، بقيادة الولاياتالمتحدة، ينبغي أن تستند سياساتها بما في ذلك بمصر وبقية دول الشرق الأوسط على تحالف مع مثل هؤلاء المعارضين الديمقراطيين. عندما رأيته الأسبوع الماضي ، قال انه يائس عن النتائج الكارثية لقرار أوباما لاحتضان أولاً مبارك ، ثم مرسي و الآن سيسي . وقال "اليوم في مصر يعتقد الناس أن أمريكا تقف بجانب الحرية حتى أقل مما كانت عليه في زمن مبارك. مثل هذا التغيير الكبير حدث في مصر وواشنطن لم تتغير. تقوم بدعم كل من يتولى السلطة - و مع كل دورة، وهناك المزيد من عدم الاستقرار وأمريكا تحظى بدعم أقل من الشعب المصري." لماذا لا تكون أولوية أميركا هي تحرير ماهر وعادل ودومة وعبد الفتاح ومساعدتهم وغيرهم من تنظيم حركة جماهيرية ديمقراطية حقيقية ؟ وما بات يوصف بأنه غير واقعي؛ لم يكن من المفترض ان المصريين كانوا مهتمين بالديمقراطية. ولكن 2011 فند تلك الاشاعة. ان عودة البلاد إلى الحكم الاستبدادي لا يظهر إلا ان النظام القديم والإسلاميين كانوا أفضل تنظيما للاستيلاء على السلطة بعد الثورة. لا ينبغي أن تهدف الولاياتالمتحدة لتصحيح ذلك؟ وأضاف شارانسكي "اذا كنت تريد البدء في وضع التركيز على الديمقراطيين الحقيقيين في مصر وعلى بناء المجتمع المدني والتمسك بذلك، في غضون سنوات قليلة سيكون لديك تغيير ديمقراطي حقيقي. وبدلا من ذلك، يبدو أن الرئيس الأميركي ملتزم بتكرار أخطاء الماضي. *بقلم / جاكسون ديل ريتاج نيوز