كتبت- منال عباس: مع انطلاق الفعاليات التمهيدية لمعرض قطر المهني 2014، والتي تشمل عددًا من اللقاءات التعريفية، تتصاعد التساؤلات والاتهامات المتبادلة بين الخريجين والشباب الباحثين عن وظائف، والشركات التي تعرض عن توفر وظائف للشباب حول مدى ملاءمة فرص العمل المتاحة لتطلعات الشباب القطري، وهل تضع جهات العمل اشتراطات تعجيزية أمام الخريجين مثل سنوات الخبرة والمهارات الإدارية والأكاديمية والعلمية الخاصة ؟ ويؤكد الخبراء أن حل تلك المعادلة الصعبة يتطلب تعزيز دور التدريب والتأهيل للشباب لإكسابهم المهارات الإدارية اللازمة لشغل الوظائف ومواكبة متطلبات سوق العمل. وأشاروا إلى أن الدراسات تؤكد أن سوق العمل في قطر يقدّم فرصًا كبيرة لتوظيف الشباب، إلا أن هناك مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل، كما أن بعض أصحاب طلبات العمل يُواجَهون بحزمة من التحديات والطلبات التعجيزية مثل سنوات الخبرة السابقة. وانتقد الخريجون تراجع الطلب على خريجي الجامعات والمستويات العليا بشكل عام نتيجة عدم تأهيل الخريجين للحياة العملية، مقابل زيادة الطلب على حملة الشهادات المتوسطة والثانوية والذين يحصلون على رواتب منخفضة، ورفض طلبات عدد كبير من خريجي الجامعات للالتحاق ببعض القطاعات ذات الرواتب العالية، ما يُعد مؤشرًا على عدم التكافؤ بين مؤهلات الباحثين واحتياجات سوق العمل. في البداية يؤكد فرج القحطاني (خريج ثانوية) أن طموحه كبير لذلك فهو يبحث عمل ويواصل دراسته في القانون بجامعة قطر، لكنه يرغب في العمل بإحدى البنوك. وقال: للأسف لا توجد استجابة فهو طوال الفترة الماضية يقدّم أوراقه للبنوك دون جدوى، وكان ذلك دافعًا للتفكير في مواصلة دراسته الجامعية، والمشاركة في فرص التدريب لتنمية قدراته، ويأمل في أن يجد فرصة عمل في جهات حكومية أو مصرفية أو إعلامية، بما يحمله من قدرات متواضعه سيعمل على تحسينها في المستقبل. ويشير أحمد علي حسين (طالب بجامعة قطر تخصص إعلام ) إلى أنه لا يشترط وظيفة معينة، ويبحث منذ عام في أي مجال سواء كان في الحكومة أو القطاع الخاص، إلا أنه يعتقد أن الفرص محدودة والوعود كثيرة، ويأمل في أن توفر لخريجي الثانوية فرص كافية لاسيما أن أعدادهم كبيرة، وأشار إلى أن هناك مفهومًا خطأ بأن الباحث عن عمل يشترط وظائف معينة، موضحًا أن ذلك غير صحيح، وعن نفسه يقول: أرغب في العمل في أي مجال عدا البنوك الربوية. أم رغد التي التقتها الراية مصادفة أثناء تقديمها لأوراقها طلبًا لوظيفة خلال اليوم المهني الذي نظمته وزارة العمل الأسبوع الماضي، وهي خريجة ثانوية، تقول: قدّمت منذ سنوات في أكثر من مكان وفي المعارض المهنية السابقة، إلا أن كل هذه الجهات تطالب بالشهادات الجامعية والخبرة. وأشارت إلى أن شهاداتها موزعة في أماكن كثيرة منذ أربع سنوات ولا حياة لمن تنادي، وطالبت الجهات المعنية بالاهتمام بوضع القطريات خريجات الثانوية ومساعدتهن للحصول على وظائف مناسبة لهن. وطالبت أمينة محمد (خريجة حديثاً تخصّص مالية ونظم معلومات إدارية) بضرورة دراسة أوضاع الخريجين الجدد، ومعاناتهم في الحصول على وظائف مناسبة، وأشارت إلى أن هناك بعض الجهات تقوم بطرح وظائف للقطريين، إلا أنه وفي حقيقة الأمر لا توجد وظائف، وتفضّل هذه الجهات الكوادر المقيمية التي تؤدي خدماتها مقابل رواتب بسيطة، وأشارت إلى أهمية التوسّع في إقامة الأيام المهنية المفتوحة التي تعرّف الشباب على نوعية الوظائف المتوفرة. ويؤكد عبد العزيز بوحدود خريج ثانوي وحاصل على مؤهل دبلوم كمبيوتر، ضرورة أن يجد الخريج جهات داعمة لمساعدته على إكمال دراسته وتأهيليه، ليواكب متطلبات سوق العمل، التي أصبحت تقدّم اشتراطات تفوق قدرات خريج الثانوي الذي يأمل في الحصول على وظيفة بمؤهل متواضع، لذلك يرى أن الحاجة ماسة لإكمال الدراسات الجامعية ومن ثم الدخول في دورات تدريبية . سيف الهاجري (طالب إدارة لوجستيات) يشير إلى أن كثيرًا من الوظائف التي تبدو من السهل الحصول عليها، إلا أنها تشترط شروطًا صعبة من أهمها إتقان اللغة الإنجليزية، وهذه من الأسباب التي جعلته من سنوات في رحلة البحث عن وظيفة مناسبة، هذا بالإضافة إلى اشتراطات الخبرة. وتساءل: إذا لم يعمل الباحث عن وظيفة في أي عمل سابق فكيف له أن يكتسب الخبرات التي يتقدّم بها، موضحًا أن الفرد يكتسب خبراته بصورة تراكمية، وطالب بتوسيع فرص التدريب لخريجي الثانوية والجامعة، وأضاف أن المؤسسات في القطاع الخاص والعام تفضّل الموظف الجاهز مقابل رواتب قليلة، وتتهرّب من توظيف الخريجين الجدد الذين يحتاجون لسنوات للحصول على الخبرة. وطالب يوسف جمال بتوفير الداعمين لإكمال دراسة الخريجين، وتنمية قدراتهم الوظيفية خاصة في مجال اللغة الإنجليزية، وقال: إنه تقدّم أكثر من مرة للحصول على وظيفة بلا فائدة بحجة أنني لم أكمل دراستي الجامعية، ونفى ما يتردّد بأن الباحثين عن عمل يشترطون وظائف بمواصفات محدّدة، وأشار إلى أن هناك خريجين كثر يفضّلون إكمال دراستهم بالخارج. وتشجّع رؤية قطر الوطنية 2030 على زيادة مشاركة القطريين في قوة العمل وتنويعها. غير أن عدد القطريين المتخرّجين من نظام التعليم البالغ تقريبًا 3,000 إلى 3,500 سنويًا، غير كافٍ حاليًا لتلبية احتياجات الاقتصاد السريع النمو. وهنالك نقص في تمثيل القطريين في القطاع الخاص بما في ذلك المناصب المهنية والإدارية العليا. وحسب تقارير التنمية البشرية أن تسعة من كل عشرة من القطريين موظفون في القطاع العام، حيث يعمل 71 % في الإدارات الحكومية و16 % في شركات ومؤسسات تمتلكها الحكومة مثل قطر للبترول وقطر للاتصالات. ويعمل معظم القطريين الشباب في القطاع الحكومي حيث يعمل 68 % من الذكور و48 % من الإناث من الفئة العمرية 20 - 24 ، ويلاحظ النمط نفسه بين الراشدين، حيث يعمل الكثير منهم في قطاعات التعليم والصحة والعمل الاجتماعي، والوساطة المالية. ومن ذوي الأعمار 15 - 19 سنة يعمل حوالي 10% من الذكور و3% من الإناث في قطاع التعدين. ويدل الإرث التاريخي من العمل في القطاع العام في قطرعلى أن غالبية الآباء العاملين اليوم موظفون في القطاع العام. ولهذا عندما يستكشف الشباب خيارات المهنة فليس أمامهم سوى القليل من الأدوار النموذجية أو الأمثلة من الأقارب الذين عملوا في القطاع الخاص. ويواجههم النُصح والضغط اللذان يحصلان عليهما نحو وظائف القطاع العام، وفي المقابل فإن القرارات الاقتصادية المنطقية توجّه خيارات الشباب: ليس فقط لأن الأجور في القطاع العام غالبًا ما تكون أفضل مما هي عليه في القطاع الخاص، بل لأن وظائف القطاع العام تتطلّب ساعات عمل محدودة) غالبًا ما تتيح لموظفي القطاع العام إدارة مصالح عمل أخرى بعد ساعات الدوام الرسمي، (وفيها الأمان الوظيفي، وزيادات الرواتب المتوقّعة غير المرهونة بالأداء الوظيفي، ثم الاستفادة من نظام التقاعد. كما أن إمكانية التقاعد في سن الأربعين شكَّل حافزًا هامًا للشباب لاختيار وظيفة القطاع العام . وحسب تقرير التنمية البشرية الثالث لدولة قطر فإن الانحدار اللوجستي يوفّر وسيلة مفيدة في تقدير آثار العوامل الاقتصادية الاجتماعية مثل (العمر و الوضع العائلي والتعليم) التي تؤثر في مشاركة الشباب القطري في قوة العمل. إن حجم أو مدى تأثيرات عوامل معيّنة يمكن تبيانه بواسطة نسب الفوارق، فنسبة احتمال الانضمام إلى قوة العمل إلى نسبة احتمال عدم الانضمام إلى قوة العمل تُعرّف بأنها الفوارق. الاحتمالات لمجموعة معينة مقارنة باحتمالات المجموعة المرجعية، التي اعتُبرت هنا مجموعة العزاب من ذوي التعليم دون الثانوي، هي نسبة الفوارق، تبيّن أن نمط العوامل الحاسمة لمشاركة الشباب في قوة العمل تختلف بحسب الجنس. كما يؤثر العمر والحالة الزواجية في مشاركة الذكور القطريين في قوة العمل أكثر بكثير مما يؤثران في مشاركة الإناث. الشباب الذكورالقطريون المتزوجون أكثر احتمالاً أن ينضموا إلى قوة العمل من الشباب الذكور العازبين، وعكس ذلك، إذا كانت الشابات القطريات متزوجات فهذا يُبعدهن عن الانضمام إلى قوة العمل. والشباب القطريون من ذوي التعليم العالي ميّالون لمزيد من المشاركة في قوة العمل والإناث بخاصة. جريدة الراية القطرية