عقد وفدا النظام والمعارضة السوريان، أمس، جلسة مشتركة في إطار مفاوضات "جنيف 2"، عرض خلالها وفد المعارضة تصوره للمرحلة الانتقالية، بينما طالب وفد النظام بتبني قرار يدين واشنطن متهماً إياها بتسليح "الإرهابيين"، فغاب النقاش وعلقت جلسات بعد الظهر . وأعلنت متحدثة باسم الأممالمتحدة بعد انتهاء الجلسة الصباحية أن أي جلسة لن تعقد بعد الظهر . وقالت ريما فليحان من وفد المعارضة إن المبعوث الأممي العربي الأخضر الإبراهيمي طلب في الجلسة "الدخول في النقاش السياسي وفي بيان جنيف 1 وآليات تنفيذه، وخصص قسماً من الجلسة للتحدث عن القضايا الإنسانية"، وذكرت أن فريقها قدم رؤيته "لسوريا الجديدة، سوريا المدنية التعددية الديمقراطية التي تضمن حق المواطنة والمساواة لكل أبنائها"، وتابعت "طرحنا تفاصيل، وطالبنا الوفد المقابل لنا أن ينضم إلى الشعب السوري، لكنه رفض مناقشة الموضوع" . وأوضحت فليحان أن تصور المعارضة تناول "هيئة الحكم الانتقالي بصلاحيات شاملة وإصلاح الجيش وإدارة مؤسسات الدولة"، وأشارت إلى أن "الرؤية أولية، لكنها تحتاج إلى نقاش وتجاوب"، واتهمت النظام بأنه لم يقم "بأي تجاوب في موضوع حمص، ولم يقدم أي تصور للحكم الانتقالي" . وقال عضو وفد المعارضة المفاوض لؤي صافي للصحفيين في وقت لاحق إن الإبراهيمي لم يدع إلى جلسات بعد الظهر، "لإعطاء المجال لوفد النظام ليرد على طرح المعارضة"، وأشارت مصادر الوفدين إلى أن الجلسات ستستأنف صباح اليوم الأربعاء . واتهمت المعارضة النظام بمحاولة تحييد النقاش عن مساره بطرح تبني بيان يدين الولاياتالمتحدة على تقديمها أسلحة إلى مقاتلي المعارضة، ووزع الوفد الحكومي فور انتهاء الجلسة بياناً جاء فيه "تزامناً مع انعقاد مؤتمر جنيف 2 وفقاً للمبادرة الروسية الأمريكية المستندة إلى بيان جنيف-1 الذي ينص صراحة في بنده الأول على وقف العنف والإرهاب، يفاجأ العالم بأن أحد طرفي هذه المبادرة التي دعت إلى المؤتمر وهي الولاياتالمتحدة اتخذت قراراً باستئناف تسليح المجموعات الإرهابية في سوريا"، ووصف القرار ب"الاستفزازي"، وبأنه "خطة معاكسة للجهود السياسية المبذولة ومناقضة تماماً لجنيف نصاً وروحاً" . ورد صافي فأوضح أن المعارضة لم تبلغ بأي قرار من هذا النوع، لكن "الإبراهيمي على ما يبدو على إطلاع على شيء، وقد أكد لوفد النظام أن كل هذه المساعدات غير فتاكة وغير قاتلة" . وقالت بثينة شعبان المستشارة السياسية للرئيس السوري "طالبنا الطرف الآخر بإدانة القرار، للأسف رفضوا"، إلا أنها أكدت أن هذا "لا يهدد المفاوضات، لن نترك المحادثات" . وقال مفاوض المعارضة أحمد جقل إن الإبراهيمي ألغى الجلسة المسائية لإعطاء إبراهيم الجعفري كبير المفاوضين في وفد الحكومة فرصة للتدبر في ما يتعلق بجنيف ،1 وأضاف أن هناك مقاومة شديدة من الوفد الحكومي لانتقال المفاوضات إلى مسألة الحكومة الانتقالية . وقال الصافي إن وفد النظام كعادته يتهرب من المسؤولية ويتصرف بطريقة المراوغة ويتحدث عن الإرهاب بينما المقرر هو الانخراط في مفاوضات سياسية، وأضاف بعد خروجه من جلسة صباحية مشتركة دامت أكثر من ساعة ونصف الساعة، أن "الحصار عن حمص لم يفك بعد، السلطات غير متجاوبة والقوافل بالانتظار" . واتهم فيصل المقداد نائب وزير الخارجية السوري الولاياتالمتحدة بإفشال "جنيف2"، واصفاً "الائتلاف المعارض" بأنه غير مسؤول و"لا يمون على شيء"، وقال إن السفير الأمريكي السابق في دمشق روبرت فورد، موجود في جنيف ويلتقي وفد المعارضة و"يزوّده بتعليماته"، معتبراً أنه "لو غادر فورد جنيف لغادر وفد الائتلاف"، وشدّد على أن الوفد الحكومي يعمل ليل نهار من أجل إنجاح "جنيف 2" وتذليل العقبات، ورأى أن رحيل الرئيس السوري "هو وصفة لدمار سوريا"، وأكد الموافقة مع الأممالمتحدة على ضرورة وصول المساعدات لجميع السوريين . وطالب وزير الإعلام السوري عضو الوفد عمران الزعبي بأن تكون إيران جزءاً من ملفات المنطقة وحلولها، خاصة في الأزمة السورية، وعما إذا شعر وفد التفاوض والنظام أن "جنيف 2" كان كميناً، قال "هناك مفاوضات كثيرة جرت حول العالم، الملف النووي الإيراني نموذج صمد ونجح، لذلك أشدد هنا الأشقاء الروس لا يبيعون أشقاءهم، لا أحد مضطر لكمين سياسي، واستنتاج الموقف الروسي ليس صعباً هو موقف معلن وواضح" . وكشف العضو في هيئة القيادة والتوجيه في فريق المعارضة عبدالحكيم بشار عن وجود مسار مواز لجنيف 2 من المفاوضات السياسية يعمل عليه ويدعمه المجتمع الدولي، وقال: "يعمل المجتمع الدولي في خط مواز لجنيف 2 وسنكون جزءاً من الحوار فالقضية السورية أصبحت إقليمية ودولية، إذا اتفقت روسيا وأمريكا فلن يستمر نظام الأسد في الحكم طويلاً"، وعما إذا حدثت أي اختراقات في المفاوضات من أجل الانتقال لخطوات فعلية، قال "حتى الآن لم يحصل أي تقدم سري أو معلن، الإبراهيمي يحاول إيجاد اختراقات ايجابية كي تستمر عملية التفاوض ويحاول الانتقال بين الملفات لكنه يصطدم بتعنت النظام الذي من الواضح كعادته لا يريد حلاً سياسياً" . واعتبر المفكر والسياسي السوري ميشيل كيلو أن "أهمية مؤتمر جنيف 2 هي أن نظام بشار الأسد جاء إليه مخفوراً (مرغماً) من حليفه الأبرز روسيا، والنقطة الثانية أنه في الحالتين سيخسر سواء استمر أو انسحب منه"، وقال إن "حضور النظام وموافقته على جنيف واحد تعني إقراره برحيله، هذا في المستوى السياسي، أما على مستوى الرأي العام فإنه إن وافق على مقررات جنيف واحد فسيكسب الشعب السوري وإن انسحب وعرقل مسيرة الحل السياسي فإن آخر المخدوعين به في الداخل والخارج سيقتنعون، هذا النظام يعمل ضد الشعب السوري وضد حركة التاريخ والتغيير وسيخسر وينكشف أكثر"، وأضاف "فرص النجاح السياسي لجنيف 2 بتقديري لا تتجاوز 5% إلا أن المؤتمر ودور الدول الراعية والأممالمتحدة والجهود التي يبذلها الإبراهيمي تستحق القول إنها أنجزت نسبة عالية من النجاح" . (وكالات) الخليج الامارتية