عادت نغمة التدخل الأميركي في سوريا إلى العلن، بسبب الخطر الذي يشكله الجهاديون على الولاياتالمتحدة، وتعلو أصوات تطالب الإدارة الأميركية بسياسة خارجية أشد فاعلية. تحت وطأة الفشل الذي يواجه سياستها في سوريا، شرعت الادارة الاميركية في دراسة خيارات أخرى. وبعد التحذيرات التي وجهها مسؤولون كبار في البنتاغون والاستخبارات الاميركية من أن انهيار الدولة السورية يهدد مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة، تناقش الادارة الأميركية طائفة من الخطوات التي يمكن أن تغيّر ميزان القوى على الأرض، لا سيما أن النزاع يتخذ منحى يتعارض مع حسابات الادارة، ابتداء من بقاء الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة إلى تنامي قوة الجماعات التي ترتبط بتنظيم القاعدة، كما أكد محللون. وذهب هؤلاء إلى أن تهديد القاعدة بلغ حدًا من المرجح أن يستدعي استخدام القوة حيث عجزت قضايا أخرى عن استدعائها، كالكارثة الانسانية وحتى استخدام النظام اسلحة كيميائية. سياسة جديدة نقلت صحيفة كريستيان ساينس مونتر عن زعماء في الكونغرس، دعوا منذ فترة إلى انتهاج سياسة أشد حزمًا تجاه الأسد، قولهم إن مسؤولين في الادارة لمحوا إلى أن اوباما وكبار مستشاريه يعترفون الآن بأن سياستهم في سوريا باءت بالفشل وانهم مستعدون للتحرك بفاعلية من أجل تغيير مآل الحرب المستعرة في سوريا. وكشف الزعيمان الجمهوريان في الكونغرس جون ماكين ولندسي غراهام أن وزير الخارجية الاميركي جون كيري اعترف امام أكثر من 12 عضوًا في الكونغرس خلال اجتماع سري معهم بأن سياسة الادارة في سوريا فاشلة. ونقل ماكين وغراهام عن كيري تشديده في الاجتماع على تسليح المعارضة بما يؤدي إلى تغيير جذري على الأرض. وقال غراهام للصحافيين في اعقاب الاجتماع المغلق مع كيري إن وزير الخارجية "اعترف بأننا وصلنا إلى مرحلة يتعين علينا معها أن نُجري تغييراً في الاستراتيجية، وهذا ليس مستغربًا لأن كيري أراد دائمًا تحركًا اشد حزمًا". وقالت جين ساكي، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية: "نحن مستمرون في تدارس المزيد مما يمكن أن نفعله، لكن هذا ليس تغييرًا في الاستراتيجية". واضافت أنه من التطورات التي دفعت كيري إلى التفكير في القيام بتحرك جديد هو تسويف الأسد في نقل اسلحته الكيميائية إلى الخارج. وراء أبواب مغلقة وقال ستيفن هادلي، مستشار الأمن القومي في ادارة الرئيس جورج بوش، خلال محاضرة القاها في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: "سنرى ما إذا كان هناك توافق في الادارة من أجل اعتماد سياسة جديدة". وايًا يكن ما قيل خلال اجتماع كيري بأعضاء الكونغرس وراء ابواب مغلقة، فإن ما لا شك فيه هو أن الادارة تبحث عن طرق لمعالجة جملة مشاكل ومخاوف تزداد تفاقمًا كلما طال أمد الحرب. ومن هذه المشاكل الأزمة الانسانية ورفض الأسد السماح بإيصال مساعدات إلى المدن والأحياء المحاصرة. ومن الخيارات التي ظلت نائمة طيلة اشهر، وعاد الحديث عنها الآن، استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي لإجبار الأسد على القبول بفتح ممرات انسانية. ومن بواعث قلق الادارة الأميركية وخوفها تنامي قوة الجماعات المرتبطة بالقاعدة في سوريا، حيث يمكن أن تملأ فراغات في غياب سلطة الدولة أو المعارضة الوطنية لاقامة ملاذات آمنة، تنطلق منها لتنفيذ هجمات ضد الولاياتالمتحدة ودول غربية أخرى. عدة تحديات وفي افادة امام لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الاسبوع الماضي، قال رئيس الاستخبارات جيمس كلابر إن جماعة واحدة على الأقل، هي جبهة النصرة، تخطط لتنفيذ هجمات على الأراضي الاميركية. واضاف أن ما يثير قلقًا شديدًا هو العدد المتزايد للمقاتلين الأجانب في سوريا. وكان كيري ابلغ اعضاء الكونغرس خلال الاجتماع المغلق معهم أن الادارة تدرك خطر هؤلاء المتطرفين، وليس داخل سوريا وحدها. وقال خبراء في الشؤون الخارجية إن صعود الجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة واحد من عدة تحديات تواجه الادارة الاميركية في سوريا، لكنه قد يكون التحدي الذي سيدفع اوباما في النهاية إلى انهاء ممانعته لقيام الولاياتالمتحدة بدور أكبر في الأزمة السورية. وقال دنيس روس، الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى والذي امضى ثلاث سنوات مستشارًا خاصًا لشؤون الشرق الأوسط في ادارة اوباما، إن الارهابيين أنفسهم الذين شن اوباما حملة جوية ضدهم بطائرات من دون طيار في اليمن يقيمون الآن معاقل لهم في مناطق سورية. تقاعد فورد ونقلت صحيفة كريستيان ساينس مونتر عن روس قوله: "ان اوباما كان طول الوقت ينظر إلى الأزمة السورية على انها مشكلة ليست فيها خيارات صالحة تُذكر، لكن ما تسمعه الادارة الآن من حلفائها في المنطقة هو أن قرار الولاياتالمتحدة الابتعاد عن وضع سيئ لم يفعل سوى زيادته سوءًا". واضاف روس: "رفضت الادارة حتى الآن الانجرار إلى سوريا، لكن إزاء الاتجاهات التي نراها اليوم هناك فإننا سننجر في كل الأحوال". في غضون ذلك، نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين في وزارة الخارجية الاميركية أن السفير الاميركي في دمشق والمسؤول عن تنسيق الاتصالات مع المعارضة السورية روبرت فورد يعتزم التقاعد، ومن المتوقع أن يتنحى عن منصبه في وقت قريب. ولم يقدم المسؤولون معلومات عمن سيخلفه. ايلاف