مشعل يعد بالعمل على إنجاز المصالحة وإنهاء الانقسام ويتمنى 'الشهادة' في غزة ويعتبر عودته إلى القطاع مقدمة للعودة إلى القدس وحيفا ويافاغزة 'القدس العربي' وصل خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) الى قطاع غزة الجمعة بعد أن قضى 45 عاما في المنفى خارج الأراضي الفلسطينية في زيارة تبرز الثقة المتزايدة التي اكتسبتها الحركة بعد الصراع الذي اندلع في الآونة الأخيرة مع اسرائيل. وسجد مشعل شكرا بعد أن مر عبر معبر رفح ثم استقبله عشرات المسؤولين من الفصائل الفلسطينية المختلفة. وسيقضي مشعل أقل من 48 ساعة في القطاع الساحلي وسيحضر احتفالا يقام اليوم السبت بمناسبة مرور 25 عاما على تأسيس الحركة كما أطلق عليه ايضا 'مهرجان الانتصار' بعد القتال الذي دار مع اسرائيل في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وقال محمود الزهار العضو البارز بالحركة إن كل الفلسطينيين سيعودون الى ديارهم في نهاية المطاف وأضاف أن مشعل يعود بعد انتصار. وغادر مشعل (56 عاما) الضفة الغربية مع عائلته بعد حرب عام 1967. ولم يطأ مشعل قط أرض قطاع غزة الذي يعيش فيه 1.7 مليون فلسطيني. وبعيد وصوله الى الجانب الفلسطيني من معبر رفح الحدودي قادما من مصر، اخذ مشعل لرؤية بقايا سيارة احمد الجعبري التي تم نقلها الى رفح خصيصا للمناسبة. وقال مشعل 'اتمنى من الله ان يرزقني الشهادة على ارض فلسطين وعلى ارض غزة'. وتأتي زيارة مشعل بعد اسبوعين من انتهاء عملية عسكرية اسرائيلية ضد القطاع بدأت في 14 من تشرين الثاني (نوفمبر) باغتيال احمد الجعبري، القائد العام لكتائب عز الدين القسام الجناح المسلح لحركة حماس. ويرافق مشعل في هذه الزيارة نائبه موسى ابو مرزوق بالاضافة الى عضوي المكتب السياسي عزت الرشق ومحمد نصر. وبعد وصول الموكب الى الجانب الفلسطيني من معبر رفح، قام مشعل بتقبيل التراب قبل ان يعانق رئيس وزراء حكومة حماس في غزة اسماعيل هنية. وكان في استقبال مشعل كبار قادة حماس ووزراء حكومة الحركة. وفي مؤتمر صحافي مشترك عقده مع اسماعيل هنية في رفح قال مشعل 'هذه اول مرة ازور فيها فلسطين بعد 37 سنة'، وهي كذلك المرة الاولى التي يزور فيها قطاع غزة. ووصف مشعل الزيارة بانها 'ولادتي الثالثة' بعد ولادته الطبيعية عام 1956 وولادته الثانية بعد نجاته من محاولة اغتيال في عمان عام 1997 بأمر من رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو والذي يشغل حاليا منصب رئيس الوزراء. واضاف 'اسال الله ان تكون ولادتنا الرابعة يوم تحرير فلسطين، كل فلسطين'. وتابع 'غزة اليوم وغدا رام الله وبعدها القدس وبعدها حيفا ويافا ان شاء الله'. ومن جهته، قال عزت الرشق عضو المكتب السياسي للحركة لصحافيين 'هذا اعظم شعور بحياتي ولحظة تاريخية لا تنسى. امنياتنا تحققت ان نقبل ارض فلسطين الطاهرة'. ورحب القيادي في حركة حماس محمود الزهار بهذه الزيارة التي 'لها دلالات كبيرة' مشيرا الى انه 'مهما غاب الفلسطيني عن وطنه فسوف يعود بعد انتصار دائما'. وعلقت حماس عشرات الالاف من رايات الحركة الخضراء واعلام فلسطين في الشوارع العامة. ويتولى مئات من عناصر الامن والشرطة في حكومة حماس ضمان امن الزيارة وقد انتشروا منذ الصباح على الطرقات التي سيسلكها موكب مشعل. وانتشر مئات من عناصر القسام الملثمين على شارع صلاح الدين الذي يربط بين رفح ومدينة غزة حاملين بنادق كلاشينكوف وحمل بعضهم قاذفات صواريخ من طراز ار بي جي. وتعهد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، خالد مشعل، الجمعة، بالعمل على إنجاز المصالحة وإنهاء الانقسام الفلسطيني. وقال مشعل من داخل منزل زعيم حماس الراحل الشيخ أحمد ياسين بغزة 'الشيخ أحمد ياسين كان عنوان المصالحة (..) من غزة من معركة الكرامة وعد منا ووعد من قيادة حماس في الداخل والخارج أن تسير على طريق المصالحة ووأد الانقسام وتعزيز الوحدة الوطنية لنكون صفاً واحداً في مواجهة الاحتلال'. وتجمع آلاف الفلسطينيين قرب منزل الشيخ ياسين وتدافعوا حول السيارة الجيب التي أقلت مشعل و رئيس الحكومة المقالة إسماعيل هنية اللذين لوحا لتحية الجماهير قبل أن يتمكنوا بصعوبة من دخول البيت المتواضع بغزة. وقال مشعل 'هذا يوم عظيم هذه لحظة عظيمة من هذا البيت انطلق النور من هذا البيت المتواضع انطلق العملاق عملاق الجهاد'. وأضاف 'بدأ الشيخ ياسين مسيرة الجهاد ونحن إخوانه وتلاميذه على ذات الخطى ونسأل الله أن يتوج هذه المسيرة مسيرة حماس والمقاومة وشعبنا العظيم بالنصر العظيم'. وقال 'على دربك سائرون'. مضيفا 'اليوم لقاءنا في غزة وغداً في رام الله والخليل والقدس وصفد وحمامة وكل المدن إن شاء الله'. وقال في مؤتمر صحافي مقتضب داخل معبر رفح، عقب وصوله إليه بعد ظهر الجمعة على رأس وفد من قادة حماس في الخارج، إن ولادته الطبيعية الأولى كانت عام 1956 والولادة الثانية عام 1997 بعد نجاته من محاولة الاغتيال التي نفذها الموساد الإسرائيلي في الأردن، 'وقدر الله هذه اللحظة هي الولادة الثالثة' متأملاً أن تكون الولادة الرابعة 'يوم تحرير فلسطين'. وأشار إلى أنه لم يسبق له زيارة غزة من قبل فهذه زيارته الأولى، وقال 'أعود إلى غزة أعود وإن لم أزر غزة من قبل أعود إليها بها لأنها لم تفارقني منذ خرجت من الضفة عام 1967'. وذكر أنه عاد إلى الضفة 'مرة يتيمة' عام 1975 وها هو يعود إلى زيارة فلسطين لأول مرة بعد 37 عاماً. ولفت إلى أنه أراد زيارة غزة في العام الماضي بعد المصالحة في أيار (مايو) 2011، ومن ثم أرجئت الزيارة مع تعثر المصالحة، كما أراد زيارتها قبل الحرب (الأخيرة 14 تشرين الثاني الماضي) 'وشاء الله أن أزورها وغزة ملء السمع والبصر'. وقال مشعل 'والله إن غزة بأرضها المضمخة بدماء الشهداء القادة الكبار بشعبها الأسطورة بملاحمها المتلاحقة التي استعصت على كل البطش الصهيوني برجالاتها برئيس وزرائها وإخوانها في قيادة حماس والفصائل التي التحمت طوال السنوات الماضية خاصة في الحرب الأخيرة أبلغ من أي كلام'. وأضاف 'لن أوفي غزة حقها فأي كلام يقف أمام الشهداء أمام البطولة أمام الأرواح الزكية أمام الأمهات اللواتي قدمن فلذات الأكباد والشهداء تلو الشهداء'. ووجه التحية لقادة الفصائل والأجنحة العسكرية، من كتائب القسام وسرايا القدس والألوية، وقال 'نحن السياسيين مدينون لكم يا شعب غزة أول الغيث قطرة ثم ينهمر غدا رام الله وغدا حيفا ويافا'. بدوره رحب هنية، بمشعل والوفد المرافق له، معتبراً الزيارة 'لحظة تاريخية وانعطافة تاريخية في تاريخ العودة نحو كل فلسطين'. وقال 'أنتم على أرض فلسطين أنتم الآن تتنسمون عبير فلسطين انها الخطوات الواثقة نحو العودة لا بقاء للاحتلال على هذه الأرض' مشدداً على أن 'هذا الالتحام بين الشعب الفلسطيني وقيادته ثمرة من ثمرات الصمود في غزة والضفة وأراضي 48 والشتات'. وقال 'لحظة اللقاء بين أبناء الشعب الواحد وقيادته ترسم لوحة من لوحات النصر والعز والتحرير' مضيفاً أن 'دخول أبو الوليد (غزة) هو حدث تاريخي للشعب الفلسطيني'. وذكر مسؤولون في حماس ان مشعل سيلقي خطابا في مهرجان الحركة بذكرى تاسيسها والذي يقام السبت في ساحة 'الكتيبة' غرب مدينة غزة. واصطف عدد كبير من قادة حماس وحكومتها في مقدمتهم هنية، إلى جانب العديد من قادة الفصائل والشخصيات الوطنية من ضمنهم قادة من حركة فتح، لاستقبال مشعل ونائبه موسى أبو مرزوق، وأعضاء المكتب السياسي لحماس، عزت الرشق ومحمد نصر وصالح العاروري، داخل الجانب الفلسطيني من معبر رفح. وجرى استقبال رسمي وبروتوكولي سريع لمشعل في المعبر، فيما تجمع آلاف الفلسطينيين خارج المعبر مرددين هتافات ترحيب بزعيم حماس الذي يزور غزة لأول مرة في حياته. وعقب معانقته عددا من الشخصيات التي كانت في استقباله سجد مشعل على أرض المعبر هو والوفد المرافق له ، قبل أن يستأنف مصافحة الشخصيات التي كانت في استقباله. وانتشر آلاف الفلسطينيين على امتداد طريق صلاح الدين من رفح إلى غزة، إلى جانب انتشار لافت وكبير لعناصر كتائب القسام على امتداد الطريق، لاستقباله والترحيب بالزيارة وهم يلوحون بالأعلام والرايات ويرفعون صور مشعل وقادة حماس. قال مصدر قيادي في حماس، إن مشعل والوفد المرافق له 'استهلوا زيارتهم بزيارة إلى منزل الشيخ أحمد ياسين (مؤسس حماس الذي اغتالته إسرائيل عام 2004) في رسالة وفاء للقائد المؤسس' لافتاً إلى أن مشعل زار أيضاً منزل نائب القائد العام لكتائب القسام أحمد الجعبري، وكذلك منزل مرافقه محمد الهمص الذي سبق أن عمل مرافقاً مع مشعل لسنوات، بالإضافة إلى زيارة عائلة الدلو، التي فقدت 12 شخصاً بعد استهداف منزلها في غارة إسرائيلية في المواجهة الأخيرة. ومن المقرر أن يلقي مشعل الكلمة الرئيسية في مهرجان إحياء الانطلاقة ال25 لحماس الذي حمل اسم 'حجارة السجيل طريق التحرير' غدا السبت وسط توقعات بأن يحدد من خلال كلمته ملامح المرحلة المقبلة لبرنامج حماس السياسي إلى جانب الرؤية بالنسبة لملف المصالحة الفلسطينية . يذكر أن زوجة مشعل أمل البوريني وصلت مساء الخميس إلى قطاع غزة برفقة 14 فرداً من العائلة لحضور حفل الانطلاقة. وتُعد هذه هي الزيارة الأولى التي يقوم بها مشعل والرشق إلى قطاع غزة، فيما تُعد الثانية لنائبه أبو مرزوق منذ مغادرته مسقط رأسه رفح في بداية السبعينيات، حيث تمكن من زيارة والدته في مدينة رفح جنوب القطاع بتاريخ 28 شباط 2009، في زيارة استمرت ثلاث ساعات فقط وأحيطت بسرية تامة. وتعتبر الثانية للقيادي العاروري الذي زار غزة منذ نحو شهر ونصف الشهر، ومكث فيها أياماً قبل أن يغادرها إلى جانب ممثلي الحركة في لبنان واليمن وغيرها من الدول.