أحمد محمد (القاهرة) - «الجامع» هو الذي يجمع الخلائق ليوم القيامة، أو الجامع للمتباينات والمؤلف بين المتضادات، أو الجامع لأوصاف الحمد والثناء، ويُقال الجامع الذي قد جمع الفضائل وحوى المكارم والمآثر، هو الذي جمع الكمالات كلها، ذاتا ووصفاً وفعلاً، الذي يجمع بين الخلائق المتماثلة والمتباينة، والذي يجمع الأولين والآخرين، والله جل جلاله هو الجامع لجميع معاني أسماء الله الحسنى. و«الجامع» من الأسماء الحسنى، وقد ورد هذا الاسم في القرآن الكريم كما قال تعالى: (رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ)، «سورة آل عمران: الآية 9»، وقال سبحانه: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا)، «سورة النساء، الآية 140»، قال أيضاً: (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا)، «سورة النساء: الآية 87»، وقال عز وجل: (قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ)، «سورة الأنعام: الآية 12»، وقال: (وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا)، «سورة الكهف: الآية 99»، وقال تعالى: (قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)، «سورة الجاثية: الآية 26». وورد هذا الاسم في الأحاديث الصحيحة التي ذكر فيها الرسول صلى الله عليه وسلم أسماء الله الحسنى. أما معنى هذا الاسم في اللغة، فالجمع هو الضم، ويوم الجمع هو يوم القيامة، كل الخلائق يجمعها الله عز وجل للحساب، فالله سبحانه وتعالى في هذا اليوم يجمع الأولين والآخرين، ويجمع الإنس والجن، ويجمع أهل السماء وأهل الأرض، ويوم الجمع أيضاً يجمع الله سبحانه وتعالى العبد وعمله. صفات الكمال وقال الإمام السعدي، الإله هو الجامع لجميع صفات الكمال ونعوت الجلال، فقد دخل في هذا الاسم جميع الأسماء الحسنى، وللإمام الغزالي رحمه الله في اسم الجامع وقفة متأنية يقول هو المؤلِف بين المتماثلات والمتباينات والمتضادات، وقال القشيري: «الجامع» في وصفه تعالى بمعنى الحاشر للخلق والناشر لهم يوم القيامة للثواب والعقاب يجمعهم ويحاسبهم، بل إنه يجمع لحومهم المتفرقة، هذا مات في البحر غرقاً، وهذا مات في الجو احتراقاً، وهذا دفن في صحراء، وذاك دفن في سفح جبل، حتى لحوم هؤلاء الموتى نفسها تجمع يوم القيامة وجلودهم المتمزَّقة، وعظامهم النخرة، وهو الجامع بين الأشكال والأمثال، وبين المختلفات والأضداد كالجماد والنبات والحيوان، وهو الجامع قلوب أوليائه ليتخلصوا من أسباب التفرقة فيطيب عيشهم. وقال بعض العلماء، الجامع سبحانه هو الذي جمع بين الكثيف واللطيف، جمع بين قلوب المؤمنين، وألف بين أرواح المحبين، هو الذي جمع في الإنسان روحاً من نور وجسماً من ظلمة، ونفساً أمارة وعقلاً مستضيئاً، والله سبحانه وتعالى جامع بمعنى آخر هو جمع الكمالات كلها، ذاتا وصفات وأفعالاً. قلوب الأحباب ويجمع الله عز وجل يوم القيامة بين ثواب أهل طاعته، وعقاب أهل معصيته، وسمى الله سبحانه وتعالى يوم القيامة يوم الجمع، لأنه يجمع فيه كل هذه الخلائق من أولها إلى آخرها، يجمع الإنس والجن، يجمع أهل السماء وأهل الأرض، يجمع كل عبد مع عمله، يجمع بين الظالم والمظلوم، والمستكبر والمستضعف، والقوي والضعيف. وهُناك معنى آخر، أن الله سبحانه وتعالى جمع قلوب الأحباب فقد قال تعالى: (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)، «سورة الأنفال: الآية 63»، فقد جمع القلوب، فتجد أقرب إنسان للرجل في الحياة زوجته وأقرب رجل في حياتها زوجها، فسبحان الذي ألف بين القلوب. وقيل، الجامع هو الذي يجمع أجزاء الخلق بعد تفرقها عند الحشر والنشر للحساب والجزاء، أو يجمع الخلق في موقف القيامة، وقال بعض الأئمة ومنهم الإمام الرازي في تعريف الجامع، هو الذي يجمع قلوب أوليائه إلى شهود عظمته، ويصونهم عن ملاحظة الأغيار برحمته، واسم الله الجامع اسم عظيم وهو اسم ذو معان كثيرة جداً لا تنفد، ولعلَّ من أجلّ معاني هذا الاسم أنه يجمع الخلق ليحاسبهم، ومن آداب العبد مع هذا الاسم، كما قال الإمام الغزالي، أن يجمع بين الآداب الظاهرة في الجوارح والحقائق الباطنة في القلوب. الاتحاد الاماراتية