تحتفل أبو ظبي بتاريخ طويل من الأصالة والتقاليد العريقة في مهرجان قصر الحكم 2014، بعد مرور أكثر من 250 عامًا على بناء هذا القصر، يتوج بعروض ال"كفاليا". أحمد قنديل من أبوظبي: انطلقت اليوم في أبوظبي فعاليات مهرجان قصر الحصن 2014، للسنة الثانية على التوالي. ويقام المهرجان السنوي تحت رعاية الفريق أول الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، وتنظمه هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، على مدار عشرة أيام من 20 شباط (فبراير) إلى 1 آذار (مارس) في أقدم معلم تاريخي في أبوظبي وهي منطقة قصر الحصن، احتفالا بمرور أكثر من 250 سنة على بناء هذا الصرح التاريخي. الشيخ ذياب وبني ياس يعد قصر الحصن رمزًا لنشأة أبوظبي وللشموخ والأصالة فيها، وأيقونة تاريخية تمثل الثقافة والتقاليد الإماراتية، وهو كذلك أحد أهم المواقع التاريخية فيها. ويدل اسم هذا المبنى الأثري على الدور المزدوج الذي ساهم به عبر التاريخ، حيث كان في البداية حصنًا دفاعيًا خاصًا بالقوات العسكرية، ثم تغيرت مهمته ليصبح مقر إقامة العائلة الحاكمة. شيد مبنى قصر الحصن قبل أكثر من 250 سنة، واستخدم لفترة طويلة مقرًا لإقامة أجيال متعاقبة من أسرة آل نهيان الحاكمة. وكانت قبيلة آل بو فلاح التي تنتمي إلى حلف بني ياس، وينحدر منها آل نهيان حكام أبوظبي، قد بنت الحصن في منتصف القرن الثامن عشر كبرج مراقبة لحماية مصادر المياه العذبة في جزيرة أبوظبي والتي اكتشفتها قبائل بني ياس المقيمة في واحة ليوا. وكان الشيخ ذياب بن عيسى المتوفى عام 1793 شيخ قبيلة بني ياس في واحة ليوا، وكانت القبيلة تتجه في رحلات منتظمة إلى البحر بهدف الصيد. وعندما اكتشفت مصادر المياه العذبة في جزيرة أبوظبي، رأى الشيخ ذياب مدى أهمية توفير الحماية لهذه المنطقة. فقرر بناء برج مراقبة لحماية هذه المصادر من الدخلاء. وبدأ السكان بالحضور للإقامة في هذه المنطقة حول الحصن لدوره في توفير الأمان وإضفاء أجواء الاستقرار والطمأنينة. هذا ولم تكن مصادر المياه العذبة التي اكتشفت في أبوظبي مجرد بئر واحد، بل كانت سلسلة من الفتحات والتجاويف التي احتوت على المياه على مسافة قريبة من السطح. أهمية القلعة وخلال قرنين ونصف من الزمن، عملت الأجيال المتعاقبة من أسرة آل نهيان الحاكمة على إضافة الأبراج والجدران والمكاتب ومقرات الإقامة ليتحول عبر التاريخ من برج مراقبة إلى حصن، ومن ثم إلى قصر كما يبدو عليه في هيئته الحالية. شهد البرج أعمال تطوير وتوسعة حيث أضيفت إلى البناء المشيد من الأحجار المرجانية ثلاثة أبراج أخرى وجدار بهدف توفير مزيد من الحماية، لتتكون بذلك القلعة المنيعة. وأضحى قصر الحصن بعد ذلك مقرًا لإقامة أجيال متعاقبة من أسرة آل نهيان الحاكمة. وقد أدرك الشيوخ الذين تولوا الحكم مدى الأهمية الاستراتيجية والرمزية التي تتمتع بها القلعة، حيث قاموا ببناء تحصينات منيعة وجدران خارجية ومبان إدارية ومساكن لإقامة الاسرة الحاكمة، لتتميز القلعة في نهاية الأمر بالمظهر الجميل الذي تبدو عليه الآن. وقد تولى فريق من المتخصصين والخبراء تنفيذ أعمال ترميم القلعة بعناية تامة وفق أفضل المعايير الدولية التي تصدّق عليها إدارة لجنة التراث العالمي. فعاليات المهرجان مهرجان قصر الحصن حدث سنوي على أرض قصر الحصن، احتفالًا بتاريخ القصر وبقرون من الثقافة والتقاليد في الإمارات. ويهدف المهرجان بشكل رئيس إلى تعزيز مكانة الهوية الإماراتية والقيم التي يمثلها تراث دولة الإمارات، وتعريف المجتمع بأعمال الترميم الجارية في المبنى، الذي تم إنشاؤه قبل أكثر من 250 سنة. ويمنح المهرجان للزوار فرصة التعرف على تراث دولة الإمارات وثقافتها، من خلال تنظيم ورشات عمل وعروض متنوعة وجولات تعريفية وندوات تفاعلية، وفرصة نادرة للدخول إلى الساحة الداخلية لقصر الحصن. وسيحظى زوار المهرجان بفرصة نادرة للاطلاع عن كثب على أقسام معينة من قصر الحصن، التي تخضع لأعمال الترميم واكتشاف روعتها للمرة الأولى منذ عدة سنوات. وسيشارك الزوار بجولات تعليمية وتثقيفية تعرفهم على أسلوب العمارة المذهل ضمن أقسام معينة في القصر، وسيطلعون على أعمال الترميم المستمرة، التي تنفذ بعناية تامة وفق أفضل المعايير الدولية التي تصدق عليها إدارة لجنة التراث العالمي. كما يتضمن المهرجان عرضًا فنيًا مذهلًا، يقام احتفاء بتراث دولة الإمارات وثقافتها ستقدمه إحدى أكبر الفِرق العالمية. وسيخصص اليوم الثاني من المهرجان فقط للنساء والأطفال دون 12 سنة. كفاليا في عرض أول ضمن فعاليات المهرجان سوف يتم تقديم أول عرض ل"كفاليا" في الشرق الأوسط، وهو الاستعراض العالمي الذي يشارك فيه فنانون عالميون و50 جوادًا. و"كفاليا في قصر الحصن" استعراض يعتمد على التقنيات المبتكرة، وإنتاج ضخم يجمع ما بين الفروسية والمهارات البدنية والأكروباتية والمؤثرات الصوتية والضوئية المبهرة، من إبداع نورماند لاتوريل، أحد مؤسسي سيرك دو سوليه الشهير. ويعد هذا الاستعراض أول حضور ل"كفاليا العالمية" في منطقة الشرق الأوسط، والذي سيضم عروضا تقام ضمن فعاليات مهرجان قصر الحصن. وأذهلت استعراضات كفاليا أكثر من 4 ملايين مشاهد عالميًا في كل من أميركا الشمالية وأوروبا وأستراليا، ويشارك في العرض 50 جوادًا و50 فنانًا من مختلف أنحاء العالم. ويحتفي "كفاليا"، العرض الفريد من نوعه، بفن الفروسية، الرمز الأصيل والعنصر الراسخ في صميم الثقافية الإماراتية، وبالعلاقة الوطيدة التي ربطت ما بين البشر والخيول على مر الزمان. فنانون وخيول يجمع "كفاليا في قصر الحصن" عرض الخيول وأداء الراقصين والفنانين أمام خلفية من الصور والأضواء المتغيرة باستمرار والتي تعرض على شاشة بقياس 60 مترا، تضع المشاهدين في أجواء مذهلة. وعلى نحو مختلف عن عروض الأحصنة التقليدية، فإن جمهور "كفاليا في قصر الحصن" سيستمتع بالاستعراض الذي سيقام على منصة يبلغ عرضها 50 مترا تمنح الجياد القدرة على الانطلاق بأقصى سرعة لها، كما أنها تكون في بعض الأحيان محررة بشكل كامل دون أي استخدام للجام أو الرسن. ويشارك في استعراض "كفاليا في قصر الحصن" 11 سلالة مختلفة من الخيول الأصيلة والتي تتضمن الخيول العربية والإسبانية والمهر ذات الحجم الصغير. وتجري العروض تحت خيمة عملاقة تمتد على مساحة قدرها 2440 متر مربع ويصل ارتفاعها إلى 35 مترا لتمنح الأحصنة مساحة واسعة لتنفيذ العروض مع المدربين والفنانين. وعادة ما تتضمن العروض القيم والصفات النبيلة والتي تشمل الاحترام المتبادل والتعاطف والصبر والثقة، والتي تترك أثرها المميز في نفوس المشاهدين من خلال لوحات ساحرة ومؤثرة يشترك في تقديمها الأحصنة والبشر. ايلاف