كييف - اف ب: وقع الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش ومسؤولو المعارضة بحضور وسطاء أوروبيين أمس اتفاقًا لإخراج أوكرانيا من أزمة هي الأسوأ منذ استقلالها بعد ثلاثة أيام من أعمال عنف خلفت نحو 100 قتيل وتحول وسط كييف إلى ما يشبه ساحة حرب. وينص الاتفاق على تقديم تنازلات كبيرة للمعارضة بينها انتخابات رئاسية مبكرة وتشكيل حكومة ائتلافية وإجراء تعديلات دستورية. واستقبلت تنازلات يانوكوفيتش بتشكك من عشرات الآلاف من المتظاهرين في الساحة الرئيسية في كييف في إطار الاحتجاجات التي بدأت قبل ثلاثة أشهر تحديدًا. وجرى التوقيع على الاتفاق في القاعة الزرقاء في القصر الرئاسي بحضور مبعوثين أوروبيين. ووقّع عليه الرئيس يانوكوفيتش وثلاثة من كبار زعماء المعارضة من بينهم النائب والمصارع السابق فيتالي كلتشكو. إلا أن ممثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعمد عدم حضور مراسم التوقيع، وجرى رفع اسمه عن الطاولة التي تجمع حولها القادة للتوقيع. ويلبي الاتفاق المطالب التي حددتها المعارضة في بداية الاحتجاجات وهي إعادة صلاحيات سياسية الى البرلمان كما كان الوضع قبل تولي يانوكوفيتش الرئاسة في 2010 وقاد الدولة البالغ سكانها 46 مليونًا باتجاه روسيا بدلا من الغرب. كما يقضي الاتفاق بتشكيل حكومة مع المعارضة تتمتع بسلطة إلغاء القرار الذي اتخذه يانوكوفيتش في نوفمبر للتخلي عن الاتفاق التاريخي الذي كان يضع أوكرانيا على طريق الانضمام الى الاتحاد الأوروبي والذي يعتبره الأوكرانيون خلاصًا لهم من قرون من الهيمنة الروسية. وتوجه ثلاثة وزراء خارجية من الاتحاد الأوروبي ومبعوث روسي إلى كييف لإجراء محادثات طارئة الخميس وسط تزايد القلق بشأن الأزمة التي حولت أوكرانيا الى ساحة حرب بين موسكو والغرب. وأجرى وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وبولندا محادثات منفصلة مع قادة المعارضة في محاولة لإقناعهم بالتوقيع على الاتفاق. وعقب التوقيع على الاتفاق صوت البرلمان الأوكراني الجمعة لصالح العودة للعمل بدستور 2004 الذي يحد من سلطات الرئيس ويمنح البرلمان الحق في تعيين وزراء رئيسيين في الحكومة. وصوت البرلمان المؤلف من 450 مقعدًا على هذا التغيير الدستوري بأغلبية 386 صوتًا. وكان وزراء الخارجية الأوروبيون المجتمعون في بروكسل قرروا منع تأشيرات الدخول وتجميد أرصدة المسؤولين الأوكرانيين "الملطخة أيديهم بالدماء". كذلك توعدت واشنطن بفرض عقوبات على "المسؤولين الحكوميين المسؤولين عن أعمال العنف" في رسالة نقلها نائب الرئيس جو بايدن مباشرة الى الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش، فيما دعا وزير الخارجية جون كيري الى وضع حد لأعمال العنف و"القتل الجنوني". وكتب وزير الخارجية البولندي رادوسلاف سيكورسكي على حسابه على تويتر بعدما التقى الرئيس الأوكراني"إنه وقت حساس بالنسبة للتوصل الى اتفاق من أجل حل الأزمة في أوكرانيا. كل الأطراف يجب أن تدرك أنه لا يمكن الوصول الى تسوية مرضية بنسبة مئة بالمئة للجميع". وبلغت حصيلة المواجهات بين المتظاهرين والشرطة التي استخدمت الرصاص الحي، 77 قتيلاً منذ الثلاثاء بحسب حصيلة وزارة الصحة. وأصيب حوالي 577 شخصًا بجروح بينهم 369 أدخلوا الى المستشفيات. واتهمت وزارة الداخلية الأوكرانية متظاهرين بفتح النار صباح الجمعة على شرطيين أثناء محاولتهم خرق الطوق الأمني في طريقهم الى البرلمان. وكتبت الوزارة في بيان إن "إطلاق النار متواصل" متهمة المتظاهرين "بانتهاك الهدنة". وأضاف البيان أن "مثيري الشغب فتحوا النار على عناصر في الشرطة وحاولوا خرق الطوق في طريقهم" إلى البرلمان. إلا أن عاملين طبيين من المعارضة قالوا إن أكثر من 60 متظاهرًا قتلوا برصاص الشرطة يوم الخميس وحده، وهو ما يرفع عدد القتلى الى نحو المئة. وقال سيرغي يانشوكوف (58 عامًا) إن "هذه الخطوات هي ما كنا نحتاجه، ولكن أعتقد أن الآوان قد فات بعد كل الدم الذي سال". وأضاف "هذه جريمة ضد الإنسانية ويجب أن يمثل يانوكوفيتش أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي". وأعلن مساعد رئيس هيئة أركان الجيش الأوكراني يوري دومانسكي أمس استقالته احتجاجًا على محاولات إقحام الجيش في النزاع. وقال "اليوم نقحم الجيش في نزاع أهلي، هذا يمكن أن يؤدي الى سقوط قتلى بأعداد كبرى". من جهة ثانية صوت البرلمان الأوكراني أمس الجمعة بأغلبية كبيرة لصالح العودة للعمل بدستور عام 2004 الذي سيفقد بموجبه الرئيس فيكتور يانوكوفيتش بعض سلطاته. والعودة للدستور القديم جزء من اتفاق وقع بوساطة الاتحاد الأوروبي بين يانوكوفيتش وزعماء المعارضة لإنهاء الأزمة التي أشعلت احتجاجات واسعة وأعمال عنف في العاصمة كييف. جريدة الراية القطرية