إيران تبدأ بإطلاق الصواريخ الثقيلة    مباراة تاريخية للهلال أمام ريال مدريد    الهلال السعودي يتعادل مع ريال مدريد في كأس العالم للأندية    إصابة 3 مواطنين إثر 4 صواعق رعدية بوصاب السافل    الخطوط الجوية اليمنية... شريان وطن لا يحتمل الخلاف    مليشيا الحوثي تختطف عريساً قبل يوم واحد من زفافه    الحوثي والرهان الخاسر    اشتداد حدة التوتر بين مسلحين قبليين ومليشيا الحوثي في ذمار    الجيش الإيراني يدشن هجوم المُسيرات الخارقة للتحصينات    الصبر مختبر العظمة    مواطنون يشكون منع النقاط الامنية ادخال الغاز إلى غرب محافظة الضالع    الفريق السامعي: ما يحدث ل"إيران" ليس النهاية ومن لم يستيقظ اليوم سيتفاجأ بالسقوط    إيران تعلن اطلاق موجة صواريخ جديدة وصحيفة امريكية تقول ان طهران ستقبل عرض ترامب    اعتقال صحفي في محافظة حضرموت    إغلاق مطار "بن غوريون" يدفع الصهاينة للمغادرة برا .. هربا من الموت!    كندة: «ابن النصابة» موجّه.. وعمرو أكبر الداعمين    لأول مرة في تاريخه.. الريال اليمني ينهار مجددًا ويكسر حاجز 700 أمام الريال السعودي    مجلس الوزراء يشدد على مواجهة تدهور العملة للتخفيف من معاناة المواطنين    فعالية ثقافية للهيئة النسائية في الأمانة بذكرى رحيل العالم الرباني بدر الدين الحوثي    حدود قوة إسرائيل    عدن بين الذاكرة والنسيان.. نداء من قلب الموروث    حجة .. إتلاف مواد غذائية منتهية الصلاحية في مديرية المحابشة    اجتماع بصنعاء يناقش جوانب التحضير والتهيئة الإعلامية لمؤتمر الرسول الأعظم    روسيا تحذر أمريكا من مساعدة تل أبيب «عسكريا»    لملس يزور الفنان المسرحي "قاسم عمر" ويُوجه بتحمل تكاليف علاجه    رسميا.. برشلونة يضم خوان جارسيا حتى 2031    انتقالي شبوة يتقدم جموع المشيعين للشهيد الخليفي ويُحمّل مأرب مسؤولية الغدر ويتوعد القتلة    البيضاء : ضبط ستة متهمين بجريمة قتل شاب من إب    الرهوي يناقش التحضيرات الجارية للمؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم    ترقية اليمن إلى عضوية كاملة في المنظمة الدولية للتقييس (ISO)    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الاربعاء 19 يونيو/حزيران 2025    مأرب.. مقتل 5 اشخاص بكمين استهدف شاحنة غاز    مدارج الحب    صراع سعودي اماراتي لتدمير الموانئ اليمنية    لاعبو الأهلي تعرضوا للضرب والشتم من قبل ميسي وزملائه    أزمة خانقة بالغاز المنزلي في عدن    شرب الشاي بعد الطعام يهدد صحتك!    بن زكري يقترب من تدريب عُمان    ألونسو: لاعبو الهلال أقوياء.. ومشاركة مبابي تتحدد صباحا    شرطة صنعاء تحيل 721 قضية للنيابة    بين صنعاء وعدن .. على طريق "بين الجبلين" والتفاؤل الذي اغتالته نقطة أمنية    الحديدة.. فعاليتان في المنيرة والزهرة بذكرى يوم الولاية    ترامب يؤكد ان مكان خامنئي معروف ويستبعد استهدافه وإسرائيل تحذّر من انه قد يواجه مصير صدام حسين    الإمارات توضح موقفها من الحرب بين إيران وإسرائيل وتحذر من خطوات "غير محسوبة العواقب"    الصحة العالمية: اليمن الثانية إقليميا والخامسة عالميا في الإصابة بالكوليرا    من يومياتي في أمريكا .. بوح..!    من يومياتي في أمريكا .. بوح..!    حوادث السير تحصد حياة 33 شخصاً خلال النصف الأول من يونيو الجاري    استعدادًا لكأس الخليج.. الإعلان عن القائمة الأولية لمعسكر منتخب الشباب تحت 20 عاما    على خلفية أزمة اختلاط المياه.. إقالة نائب مدير مؤسسة المياه والصرف الصحي بعدن    طبيب يفند خرافات شائعة عن ورم البروستاتا الحميد    بالأدلة التجريبية.. إثبات وجود ذكاء جماعي لدى النمل!    صنعاء .. التربية والتعليم تعمم على المدارس الاهلية بشأن الرسوم الدراسية وعقود المعلمين وقيمة الكتب    القائم بأعمال رئيس المجلس الانتقالي يتفقد مستوى الانضباط الوظيفي في هيئات المجلس بعد إجازة عيد الأضحى    تعز.. مقتل وإصابة 15 شخصا بتفجير قنبلة يدوية في حفل زفاف    علماء عرب ومسلمين اخترعوا اختراعات مفيدة للبشرية    وزير الصحة يترأس اجتماعا موسعا ويقر حزمة إجراءات لاحتواء الوضع الوبائ    اغتيال الشخصية!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مختارات من نصوص التراث( 10) بقلم ياسين الشيخ سليمان
نشر في الجنوب ميديا يوم 21 - 02 - 2014


السلام عليكم ورحمة الله،
من موقع "الوراق" أنقل لكم موعظة، بل مواعظ مما كتب على شواهد بعض قبور أهل الشام قام بتدوينها الأستاذ أحمد يوسف الظاظا الميداني رحمه الله وأحسن إليه، وذلك بطلب من ابنه الأستاذ زهير ظاظا(1) مد الله في عمره وجزاه كل خير، حيث نشرها الأستاذ زهير على موقع " الوراق"، ورتبها وعلق عليها؛ وقت أن كان مشرفا عليه . ولا أدري إن كان الأستاذ زهير قد جمعها في كتاب مطبوع. وكان الأستاذ المرحوم الميداني قد أطلق على ما جمعه عنواناً جميلاً، وهو: " نَشْرُ البَشام(2) فيما هو مكتوب على قبور أهل الشام من رقائق الشعر ولطائف الكلام".
وهاؤم بعض ما فيه من موعظة، اخترته لكل من يلين قلبه للاعتبار، وتهيم نفسه بمغفرة الواحد القهار، وأرجو ان اكون أحسنتُ الاختيار، على ضآلة علمي و قلة حيلتي، وكفى بالموت واعظاً لأهل هذه الدار:
قبر المرحوم فادي بن زهير شورى ، توفي عام 1398ه الموافق 1978م:
قبرُ شابٍّ في عمره ما تهنّى .. خطفته أيدي المنية منا
كان فينا مثل الهلال فلما .. صار بدرا بتمّه غاب عنا
قبر الشهيدة جهان بنت صادق الحجار، توفيت يوم 24/ ذي القعدة/ 1355ه:
زُرْ مرقدا حلّت به جهانٌ .. من في النِّفاس نالت الشهادهْ
ذات العفاف والهدى مصونة .. قضت صباها الغضّ في العبادهْ
ومما نقلت عن قبر شاهدته مكسورة:
إن الطبيب له في الطب معرفة.. ما دام في أجل الإنسان تأخيرُ
حتى إذا ما انقضت أيام مدته .. حار الطبيب وخانته العقاقيرُ
قبر المرحوم صالح بن عمر زريق، توفي غرة ربيع الثاني عام 1378ه
زُرْ صالحا بكت العيونُ لفقده .. واذكر شمائله مدى الأيام
واشرحْ حديثا جاء عن خير الورى.. ومصححا عن سادة أعلام
الله يستحيي يعذب في لظى .. ذا شيبة قد شاب في الإسلام
نوادر القبور:
من نوادر ما رأيت على القبور في مقبرة الدحداح شاهدة قبر مكتوب عليها بلا تاريخ:
هذا قبر المرحوم عبد المجيد الفوال: مات من كثرة شربه للسيكارة
وعلى قبر آخر: هذا قبر المولود صبري بن جبر، من بطن أمه إلى القبر.
وعلى قبر آخر: هذا قبر المرحوم صبحي بن راتب البنا، توفي عام 1840م طيلة حياته عمل في البناء (صبحي بن راتب البنا عاش مائة وخمسين سنة وما تهنّى)
قبر المرحوم جعفرآغا بن سعيد آغا، توفي عام (1281ه)
ضريح قد تضمن خير شهم .. قضى نحبا فجر العير زاخر
دعاه الحق أن: أقبل علينا.. فلبى مسرعا وأتاه شاكر
وفي حسن الختام حباه فضلا .. وكان لجعفر أرختُ غافر
قلت أنا زهير: والله هذا من بدائع تاريخ الجمل، فإن (غافر) حسب تاريخ الجُمّل (1281)
الغين (1000) والراء (200) والفاء (80) والألف (1)
وقوله في البيت الأول (فَجَرّ العير) كذا في الأصل ? ولعلها فَفَجْرُ العيد.
قبر المرحومة رسمية الحمصي:
بنت عبد الغني، من عائلة رجب علي آغا، توفيت عام (1310ه) والملاحظ أن شاهدة قبرها مكتوبة باللهجة العامية والفصحى في أبيات سألت عنها ولدي زهير، فسألني أن أكتبها كما قرأتها، وهي مكررة حرفيا على شواهد قبور كثيرة في مقبرة باب الصغير:
يا زائري قف على قبري شويّ
واقرأ لروحي الفاتحة
وهبةً منك إلي
بالأمس كنت مثلك
أقرا القرآن حيا
وغدا تصبح مثلي = ليس بعد الله شي
قلت أنا زهير: ويصح وزن هذه الأبيات مع المحافظة على بعض العامي فيها بأن نقول:
أيها الماشي بقبري.. قف على قبري شُوَيْ
واقرأ الذكر لروحي وُهْبَةً منك إلي
فأنا مثلك يوما كنت أتلو الذكر حي
وغدا تصبح مثلي ليس بعد الله شي
أقول انا ياسين: وأعرف ما يشبه ذلك:
أيها الزائر قبري.. قف على قبري شويّا
واقرَ لي سورة تباركْ.. هِبةً منك إليّا
قبر الكوكبي:
يقول الأستاذ زهير: هذه المشاركة لا علاقة لها بكتاب" نشر البشام..." ، وقد تفضل به أستاذنا أبو البركات منصور مهران(3)
عبد الرحمن بن أحمد بن مسعود الكواكبي ، صاحب ( أم القرى ) و ( وطبائع الاستبداد ) توفي سنة 1320 هج الموافقة سنة 1902 م ، على قبره بيتان كتبهما شاعر النيل حافظ إبراهيم يقول :
هنا رجل الدنيا هنا مهبط التقى.. هنا خير مظلوم هنا خير كاتب
قفوا واقرؤوا أم الكتاب وسلموا.. عليه فهذا القبر قبر الكواكبي
(منصور مهران 27 - سبتمبر - 2006 )
قبر المرحوم المربي موفق بن يحيى الشربجي تللو:
مولده بدمشق يوم 6/ 5/ 1916م ووفاته يوم الجمعة 29/ رمضان/ 1417ه الموافق 7/ شباط/ 1997م
لا تقل مات فالشذى لن يزولا.. عن معانيه والضحى لن يميلا
لا تقل مات فالخلود وجودٌ .. يتحدى على الردى المستحيلا
يهزم اللحد والفناء ليبقى .. في جبين الحياة سفرا جليلا
قبر المرحوم الطبيب أسعد الحكيم:
ابن المرحوم الحاج أحمد الحكيم توفي يوم 25/ صفر/ 1399ه الموافق 24/ 1/ 1979م
سقى الله قبرا قد تضمّن أسعدا .. شآبيبَ عفوٍ لا تغبّ سواكبهْ
وفي جنة الفردوس لا زال رحمة .. من الله تغشى سفحه وتواكبهْ
ضريح المجاهد الكبير فخري البارودي، توفي يوم 2/ 5/ 1966م:
قفوا أيها الزوار قربي هنيهةً .. وقولوا سلاما أيها الميتُ الحرُّ
وطوفوا حيال القبر صحبي وفكروا .. بموتٍ أكيدٍ ثم يتبعه الحشرُ
رأيت كؤوس الموت حقا على الورى .. وكلٌّ له يوم وإن ألّفَ العمرُ
ضريح الحبر الهمام علاء الدين ? :
الاسم على القبر غير واضح، وتاريخ الوفاة 11/ شوال/ 1306ه وهو يوافق يوم 9/ حزيران/ 1889م
زر ضريح الحبر الهمام علاء الد .. دين تظفر بنيل أقصى المرام
فهو من بيت أشرف الرسل طه.. فعليه والآل أزكى السلام
قد قضى نحبه فحل بأبهى .. روضة في جوار قوم كرام
قدّس الله روحه وحباه .. من جنان الفردوس أعلى مقام
قد دُعي للقا فلبى مجيبا .. أرخوا (يا فوزي بحسن الختام)
قلت أنا زهير: التاريخ المذكور صحيح وفق حساب الجُمّل (1306) 114 + 120 + 1072= 1306
قبر المرحومة خديجة ? :
شاهدة القبر مكسورة ومطمورة في التراب، أزحت عنها التراب فرأيت هذه الأبيات، ولم أستطع قراءة اسمها ولا تاريخ وفاتها:
بهذا القبر خديجة قد توارت .. وباتت في حمى رب كريم
وأمست وهي في جنات عدن..جوار الحور في دار النعيم
قلت أنا زهير: البيت الأول مكسور، والكسر عند الاسم، (خديجة) وهذا يعني أن البيتين لم يكتبا لها أصلا.
فلو قلنا: (بهذا القبر ليلى قد توارت) لصح الوزن.
قبر المرحوم الشيخ محمود السيد :
ابن الشيخ محمد السيد، توفي في محرم عام 1365ه:
يا قبر حسبك فخرا من شرفت به .. ثوى بك البر والإخلاص والجود
قد كان في الحي مفضالا يشار له .. وسيدا طاب منه الغرس والعود
واحسرتي سار والأعناق تحمله .. والدمع منهمر والرشد مفقود
وحين حل الثرى أرخت طاب له .. حاز الهنا في رياض الجود محمودُ
قلت أنا زهير: التاريخ خطأ، لأنه حسب الجمّل (1393) والله أعلم، هل أخطأ الوالد في النقل أم الشاعر في الحساب.
قبر المرحوم أحمد بكار التقي الطاهر ابن أحمد بكار أبي حسن توفي في جمادى الأولى عام 1381ه:
هنيئا يا ابن بكار هنيئا .. لقد نوديت باسمك فزت أحمد
دعاك لبابه الغفار فضلا .. فعدتَ ملبيا والعود أحمد
قلت أنا زهير: فهل بعد هذا كلام في تمكن محبة الشعر من قلوب أهل الشام !
قبر المرحوم درويش بن محمد عيون، توفي في رجب عام 1379ه:
يا إلهي أنت علام الغيوب .. غافر الزلات ستار العيوب
يا عليما بالطوايا والقلوب .. لا تعذبْ في جهنمْ مؤمنا
رب لطفا في تصاريف القضا .. نرتجي رحماك حقا والرضا
فامحُ عنا كل ذنب قد مضى .. من أنا في عفو ربي من أنا
الأبيات موجودة أيضا على قبر المرحوم شمدين بن خليل ظاظا المتوفى يوم 23/ محرم/ 1380ه ولكن صاحب الترجمة سبقه بها بستة أشهر
قبر المرحومة المعمرة ثريا حمادة ليس على قبرها تاريخ وفاتها، ونقلت ما هو مكتوب لندرته:
هذا قبر المرحومة ثريا بنت عبد الله حمادة توفيت وعمرها مائة وأربعون سنة:
ما عرفت أمي ولا أبي
منذ ولادتي يتيمة عقيمة
فاقرأ لروحي الفاتحة
واعتبر من حالتي
قبر المرحوم خليل بن إبراهيم بن أحمد ظاظا، توفي يوم 30/ 6/ 1949م ونزل على محمود بن علي ظاظا
يا زائري لا تنسني .. من دعوة لي صالحة
وارفع يديك إلى السما .. واقرأ لروحي الفاتحة
هذه الأبيات موجودة على عشرات القبور في هذه المقبرة وهي مقبرة الشيخ خالد النقشبندي أكبر مقابر حي ركن الدين
قبر المرحومة: بنت يوسف كم نقش، توفيت يوم 18/ ذي الحجة/ 1385ه
كلٌّ إلى أجلٍ، وعُقبى .. كلِّ طالعةٍ غروبُ
لك في النهى بعد الهوى.. شفقٌ ولكن لا يغيبُ
قلت أنا زهير: وهذا من فائق الشعر، اختلط به الغزل بالرثاء
قبر المرحومة سعدة بنت أحمد اليوسف العزام، توفيت يوم 2/ رجب/ 1315ه
حللتُ بروض ذات حسن وأعطار .. وحور وولدان وأشراف أنوار
حبانا بها الديان منه تكرما .. بما جل من عفو وغفران أوزار
وكيف أرى ضيما إذا كنت مذنبا .. ومدال أمري إلى كريم وغفار
قلت أنا زهير: يلاحظ أن الشطر الأخير بالعامية و(مدال) بمعنى (مازال)
أقول أنا ياسين :لعل " مُدال " هنا قُصد بها معنى المآل والنهاية . و مُدال اسم المفعول من أدال.
قبر المرحوم ? :
اسم صاحب هذا القبر غير واضح أبدا، ووفاته عام 1368ه وعلى الشاهدة:
دُفن الجسم في الثرى.. ليس في الجسم منتفَعْ
إنما النفع بالذي.. كان بالجسم وارتفعْ
أصله جوهر نفيس .. وإلى أصله رجعْ
قبر المرحومة الشابة لميا بنت محمد قره كجي، توفيت يوم 29/ شعبان/ 1391ه الموافق 18/ 10/ 1971م:
لميانا نادينا فلم تسمعي .. لا تعجلي، ردّي، قفي، ودّعي
سيري إلى الرحمن يا فلذتي .. وما سوى الرحمن من مرجع
قلت أنا زهير: وهذا من رقيق الشعر وعذبه، وبحره البحر السريع
قبر المرحومة مكرَّم بنت المرحوم أسعد غزال، توفيت في 9/ شعبان/ 1269ه
لله قبرٌ ضم فيه مكرَّما .. لبت نداء الراحم المتفضل
في جنة أضحت غزال أمها .. نالت مع الشهداء أرفع منزل
أمكرما بنت الغزالة فاهنئي .. في رحمة الباري العلي الأفضل
ولتنعمي في عيشة مرضية .. وجوار خير الرسل أعظم مرسل
أطفالك اليتم الصغار قلوبهم .. تبكي عليك بحرقة وتذلل
خلفت زوجا والشقاء يلفه .. يبكيك مشتاقا محمد برغل
قال الأستاذ زهير: "علق الوالد بعد صفحات بكلام يخص هذه القطعة قال: (تأثرت كثيرا بتنقلي بين هذه الشواهد ولكن شاهدة المرحومة مكرم غزال كان أثرها كبيرا علي، فلم أكد أفرغ من نقلها حتى انهالت الدموع من عيني، وحين عدت للبيت وقرأتها لزوجتي صارت تبكي أيضا بصوت مرتفع".
أقول أنا ياسين:
وأنا كثيرا ما تنهال دموعي عندما أسمع خبرا محزنا أو أشهد منظرا مُشجياً أو أطالع شعرا مؤلما. ولما طالعت بيتين للأستاذ زهير في حنينه إلى مسقط رأسه دمشق لم أتمكن من مغالبة دموعي. والبيتان:
يراودني الحنينُ إلى دمشقٍ.. حنينَ غصونها يُلوَيْنَ قسرا
ولو أني لُويتُ لعدتُ غصناً .. ولكني الوحيدُ كُسرتُ كسرا
وقد سبق وانهالت دموعي كذلك عندما طالعت (في عدد من أعداد مجلة العربي) لأول مرة قصيدة للمرحوم الأديب الشاعر المربي، الأستاذ الدكتور محمد رجب بيومي(4) في رثاء زوجته رحمها الله تعالى وفي حزنه عليها وعلى حاله وحال أولاده بعدها.. وإليكم القصيدة الباكية الملوّعة كاملة، أثبتها هنا لتكون ذكرى لمن فقد عزيزا عليه او فارق حبيبا من أحبابه، وما أكثر الفراق وما أشد لوعته! والقصيدة موعظة من خير الواعظين ألا وهو الموت. وهي في ديوان شاعرها (حصاد الدمع):
يقولون ماما كلما عنَّ مُشكلُ ..وأولى بهم أن يسكتوا لو تعقَّلوا!
يقولون ماما ما الذي أنا صانعٌ! ..ومن دون ماماهمْ ترابٌ وجَنْدلُ!
يصيحون بي هلاَّ ذهبتَ تعيدُها.. كأني بردِّ الراحلينَ مُوكّلُ!
شديدٌ على نفس الأبِ البَرِّ موقفٌ .. يُهيبُ به أطفالُه ثم يَنكُلُ
يعذبهُ إحساسُهم برحيلها ..وإحساسُه الدّامي أشدُّ وأهولُ
تفنَّن في جلب السرور إليهمو ..يحاولُ تخفيفَ الذي يتحمّلُ
ووالى فنونَ المغرياتِ تلهِّيًا ..فما راق ملبوسٌ ولا طاب مأكلُ!
وكان حريصاً أن يدومَ سرورُهم ..بها وَهْيَ بالأحرى أسرُّ وأجذَلُ
ولكنها الأقدارُ تفعل فعلَها ..ليسكتَ لا يدري الذي هو يفعلُ
يقولون ماما من يلوم مقالهم ..وقد غاب عنهم وجهُها المتهلِّلُ!
تَرَبَّوْا فراخاً في العِشاش تَزُقُّهم ..حمامةُ أيكٍ بالأهازيج تهدِلُ
يُحِسُّونَ فيضَ الحب تحت جناحها ..فما منهمُو إلا الأثيرُ المُدلَّلُ
إذا أشرقت شمسٌ بدفءٍ سعت بهم ..تِجاهَ الضِّفافِ الخُضْرِ لا تتمهَّلُ
وإن عصفت ريحٌ بغصنٍ تجمَّعتْ ..تقيهم هبوبَ الريح ساعةَ تُقبِلُ
رعَتهم وخلَّت نفسَها فهْيَ بينهم ..على غُلَواءِ الكدحِ تَضوَى وتنحَلُ
إلى أن مضت عنهم شهيدةَ جَهدِها ..فناحُوا عليها صارخينَ وأعولوا!
لِيَ اللهُ من ذي حسرةٍ برحيلها ..لها مَسربٌ بين الجوانح مُوغِلُ !
تُذيبُ شَغافَ القلب ويلي فإن عَلَتْ ..إلى الحلق قَرَّت فيه والريقُ حنظلُ
ويُخلِفني ما اعتدتُ من راشد الْحِجَا ..فأُفحَمُ أثناء الحديثِ وأُذْهَلُ
وأهفو إلى أمسي وأمقتُ حاضري .. وأخشى غدي إذ ليس لي فيه موئلُ
فقدتُ التي كانت تَرُودُ سريرتي ..فما دونَها سترٌ على النفسِ يُسدَلُ
ترى غُصَصًا في غَوْرِ نفسي دفينةً ..فتعلَمُها علمَ اليقينِ وأجهلُ
فتغدو نِطاسياً يُعالجُ مُدْنَفًا ..ليُبرئهُ من دائهِ ، وهو مُعضِلُ
أجل هي كانت في البلايا طبيبتي ..فيا لَجِراحٍ بعدها ليس تَدْمَلُ !
نشدتُ علاجَ الروحِ في نكَساتها ..وأين وقد غابَ الطبيبُ المعلِّلُ !
أُروِّحُ عن نفسي بذكر نقائصي ..ليسكتَ عني من يلومُ ويعذِلُ
يلومونني أن صرت أبكي فِراقَها ..فهل بعد أن ضِعنا معاً أتحمَّلُ!
لكانت نعيمَ الله يُبهجُ منزلي ..وها هو ذا عن وِجهتي يتَحوَّلُ
لَعَمْرُ صباها الغَضِّ في موُحشِ الثَّرَى ..لقد كدتُ أهوِي للثَّرى فأُقبِّلُ!
هُيَاماً به إذ صار مَنْزِلَ حُسنها ..فما شاقني من بعده اليومَ مَنْزِلُ
إذا صاحتِ الأطفالُ : ماما، فإنني ..بوازوجتا ما بين نفسي أولولُ!
1 شاعر وأديب وباحث دمشقي من أصول كردية تعود أصوله إلى ديار بكر. ولد في صالحية دمشق عام 1957، ويعمل حاليا باحثا ومحررا في المجمع الثقافي في إمارة "أبو ظبي". تخرج في كلية الدعوة في دمشق وكانت فرعا لجامعة الازهر الشريف، وقد تتلمذ فيها على كبار مشايخ ذلك الوقت؛ إضافة إلى تتلمذه على أيدي كبار العلماء خارج كلية الدعوة ومصاحبته إياهم . وللأستاذ زهير جهود محمودة وذات قيمة كبيرة في تعريفه بالكتب التراثية على موقع الوراق تحت عنوان" قصة الكتاب"، وله على الوراق (نوادر النصوص)، وفي تعريف كتب الموسوعة الشاملة وكتب وشعراء الموسوعة الشعرية. أعرف له من المؤلفات: (ترتيب الأعلام على الأعوام ) في مجلدين، والأعلام هو أعلام الزركلي، وقد رتبه وعلق عليه الأستاذ زهير، وبذل فيه جهودا مضنية وكان ذلك أوائل الثمانينات من القرن الماضي. وقد صدر الكتاب عن دار الأرقم في بيروت. وله (جناح جبريل) لمحمد إقبال وقد صاغه الأستاذ شعرا تجدونه على هذا الرابط
http://www.urducl.com/Urdu-Books/969-416-204-016/p0003.php
وله (ضياء نامه)، ديوان شعر صدر عن هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث: المجمع الثقافي في 2009، وقد أهداني الأستاذ نسخة منه بارك الله فيه.
2 النشر: الرائحة الطيبة، والبَشام: شجر طيب الريح يُستاك به.(الصحاح).
3 منصور مهران، (السعودية) وفقه الله، من الأدباء وأهل اللغة وواحد من سُراة الوراق الكبار.
4 محمد رجب بيومي( 1923 2011)مصري، كان رحمه الله من أعلام الفكر والأدب في العصر الحديث . وكان يكتب في الرسالة الزياتية في مطلع شبابه وفي غيرها من المجلات.
دنيا الوطن


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.