رغم أن الإنسان يقضي حوالي ثلث حياته نائماً، وهناك اعتقاد سائد بأن النوم عبارة عن خمول في وظائف الجسم الجسدية والعقلية يحتاجه الإنسان لتجديد نشاطه، إلا أن الواقع المثبت علمياً خلاف ذلك تماماً، حيث إنه يحدث خلال النوم العديد من الأنشطة المعقدة على مستوى المخ والجسم بصفة عامة وليس كما يعتقد البعض، بل على العكس، فإن بعض الوظائف تكون أنشط خلال النوم، كما أن بعض الأمراض تحدث خلال النوم فقط وتختفي مع استيقاظ المريض. أظهرت التجارب التي أجريت على الفئران أن المخ يستخدم النوم كوسيلة للتخلص من السموم التي تتراكم خلال عملية الاستيقاظ نتيجة لعمليات الاتصال بين الخلايا العصبية. دراسات عديدة تثبت أن خلايا المخ تنكمش أثناء النوم، ما يؤدي إلى فتح ثغرات بينها تسمح للسوائل «بغسل المخ»، وأن إخفاق هذا النظام في التخلص من بعض الفضلات قد يكون سبباً لبعض الأمراض التي تصيب المخ. وبينما كانت أبحاث سابقة قد أثبتت أن للنوم دوراً كبيراً في تعزيز الذاكرة والقدرة على التعلم. وقد أثبت فريق بحثي أميركي أن أحد الأسباب الرئيسية للنوم هو صيانة خلايا المخ، حيث لا يتوافر للمخ إلا كمية محدودة من الطاقة، لذا يتعين على الشخص أن يختار وضعين، إما أن يكون مستيقظاً ويفكر، وإما أن يكون نائماً ويقوم بأعمال الصيانة. ويأتي الاكتشاف الجديد مكملاً لذلك الذي حققه العلماء من قبل، باكتشافهم نظام صرف خاصاً بالمخ- يدعى النظام الغليمفاوي الذي يتولى مهمة تخليص المخ من الفضلات الضارة. وبرهن العلماء بتصوير أمخخة الجرذان أن فعالية النظام الغليمفاوي هذا تتضاعف عشر مرات، عندما تكون الجرذان في حالة نوم. ولاحظوا أن خلايا معينة في المخ- والأرجح أن تكون الخلايا الدبقية التي تبقي الخلايا الدماغية حية- تنكمش أثناء النوم، مما يزيد من حجم المجالات بين الخلايا، وتسمح بضخ كميات أكبر من السوائل التي تقوم بإزالة الفضلات المضرة. فعملية الغسيل هذه- حسب رؤيتهم- تعتبر حيوية جدا لديمومة الحياة، لكنها مستحيلة أثناء اليقظة. المهم، أن العلماء عادوا وقالوا: إن هذا كله محض افتراض، لكن يبدو أن المخ يستخدم كميات كبيرة من الطاقة في ضخ السوائل إلى أجزائه المختلفة، وهي عملية لا تتواءم مع عملية التعامل مع المعلومات، أي حالة اليقظة. ويحذر العلماء من قلة النوم المزمنة، لأنها تسبب الاكتئاب والسكري والسمنة، لأن الإرهاق الناجم عن قلة النوم يسبب ارتفاعاً في هرمون الكورتيزون، المسؤول عن عمليات الاستقلاب، وهو أمر يضر بصحة الإنسان كثيراً، كما يضر الإرهاق المتواصل الذي يتعرض له الجسد ليلاً ببقية أعضاء الجسم، خاصة الأوردة والشرايين الدموية، لأن في حالة الإرهاق الشديد، يبقى جزء من الجهاز العصبي مشدوداً، ما يعني أن الإنسان ينام بضغط مرتفع، والجسم ينتج مواد التهابية تنتقل عبر قنوات بيوكيماوية تتسبب في تصلب الشرايين، ما يؤدي إلى الإصابة باضطراب في الدورة الدموية وارتفاع ضغط الدم. وسلامتك. المحرر | [email protected] الاتحاد الاماراتية
