كتب - نشأت أمين: أكّد عددٌ من علماء الدين أن هناك 22 حالة ترث فيها المرأة أكثر مما يرثه الرجل أو ترث المرأة ولا يرث الرجل، في حين أن 4 حالات فقط هي التي ترث فيها المرأة نصف الرجل، مشيرين إلى أن الإسلام يُقسم الميراث ضمن منظومة تشريعيّة متكاملة تولّى رب العزة جلّ وعلا تقسيمها بحكمته وعلمه. وأشاروا إلى أن الإسلام ألزم الرجل بالإنفاق على المرأة بشكل عام سواء كانت زوجة أو أمًا أو أختًا أو ابنة، وإنها في حالة الميراث تأخذ نصيبها كاملاً مكملاً لأن الشرع الحنيف لم يلزمها بهذه النفقات. ونبهوا إلى أن النساء كنّ مظلومات في شتى بقاع الأرض لدرجة أن بعض المجتمعات كانت تبحث في أصل المرأة هل هي إنسان أم لا، حتى جاء الإسلام العظيم وردّ لها اعتبارها، مؤكّدين أنه حتى العرب قبل الإسلام لم يكونوا يورثونها بحجة أنها لا تركب الفرس ولا تحرز الغنائم. وقال علماء الدين الذين استطلعت الراية آراءهم إن الأعداء في الغرب أرادوا الكيد للإسلام فاستغلوا سلوكيات المسلمين السيئة في الطعن في الإسلام، حيث راحوا يردّدون أن الإسلام ظلم المرأة، في حين أن الإسلام بريء من تلك الافتراءات والأباطيل تمامًا، وأشاروا إلى أن موضوع الميراث كان من المحاور المركزيّة في الحرب التي يشنّها الأعداء على الإسلام، زاعمين أنه ظلمها ظلمًا بينًا عندما أعطاها نصف الرجل في الميراث. وأكّدوا ضرورة التفرقة بين الإسلام والمسلمين، موضحين أن الإسلام كدينٍ إنما جاء لنصرة الضعفاء وأن صورة النساء إنما نزلت لنصرة الضعيفين وهما اليتامى والنساء. علم المواريث يقول د. إبراهيم الأنصاري الأستاذ بكلية الشريعة جامعة قطر : المستقرئ لعلم المواريث في الإسلام يجد أن هناك 22 حالة ترث فيها المرأة أكثر مما يرثه الرجل أو ترث المرأة ولا يرث الرجل، في حين أن 4 حالات فقط هي التي ترث فيها المرأة نصف الرجل، حالة تأخذ فيها المرأة مثل الرجل، أو أكثر منه، أو ترث هي ولا يرث نظيرها من الرجال، في مقابل أربع حالات محدّدة ترث فيها المرأة نصف الرجل...فهل يُعقل بعد هذا أن يأتي أحدهم فيقول: إن الإسلام ظلم المرأة في الميراث؟ وأضاف : الإسلام يقسم الميراث ضمن منظومة تشريعيّة متكاملة، فهو ألزم الرجل على سبيل المثال بالنفقة على بيته وأسرته وكذلك دفع الديات والمهر وما إلى غير ذلك من الأمور، في حين أن المرأة ليست ملزمة بذلك. وقال : مع الأسف فإن موضوع المرأة كان من المحاور المركزيّة في الحرب التي يشنّها البعض على الإسلام، معتبرين أن التشريعات الإسلاميّة قد ظلمتها ظلمًا بينًا عندما جعلت القوامة للرجل دونها، وجعلت للرجل دونها حق تعدّد الزوجات، وحبستها وراء الأسوار، ومنعتها من الولاية العامّة، وأعطتها نصف الرجل في الميراث. على الرغم من أن الحقيقة غير ذلك تمامًا حيث إن هناك أربع حالات فقط ترث فيها المرأة نصف الرجل وفي المقابل فإن هناك 22 حالة ترث فيها المرأة إما أضعاف ما يرثه الرجل أو ترث المرأة ولا يرث الرجل. التمايز في الميراث وأضاف : هناك دراسة قام بها الداعية المصري د. صلاح الدين سلطان تؤكّد أن التمايز في الميراث في الإسلام لا تحكمه الذكورة والأنوثة، وإنما هو محكوم بمعايير ثلاثة: الأول هو درجة القرابة بين الوارث، ذكرًا أو أنثى، وبين الموروث المُتوفَى. فكلما اقتربت الصلة زاد النصيب في الميراث. والثاني : هو موقع الجيل الوارث من التتابع الزمني للأجيال .. فالأجيال التي تستقبل الحياة عادة يكون نصيبها في الميراث أكبر من نصيب الأجيال التي تستدبر الحياة، وذلك بصرف النظر عن الذكورة والأنوثة للوارثين... فالبنت ترث أكثر من الأم، وكلتاهما أنثى، بل وترث أكثر من الأب. والابن يرث أكثر من الأب، وكلاهما من الذكور. أما المعيار الثالث فهو : العبء المالي الذي يوجب الشرع على الوارث القيام به حيال الآخرين.. وهذا هو المعيار الذي يثمر تفاوتًا بين الذكر والأنثى... لأن الذكر الوارث هنا في حالة تُساوي درجة القرابة والجيل، مكلف بإعالة زوجة أنثى، بينما الأنثى الوارثة إعالتها فريضة على الذكر المقترن بها. وحالات هذا التمييز محدودة جدًا إذا ما قيست بعدد حالات المواريث. وقد تناولت الدراسة العلاقة بين الميراث والنفقة للبنت ثم للأم ثم للأخت ثم للزوجة، وهي الحالات التي ترث فيها المرأة نصف الرجل أحيانًا، مع حالات أخرى تظهر أخيرًا من مقرّرات الشريعة توازنًا دقيقًا بين حقي المرأة في الميراث والنفقة بشكل يجعلها إما تساوي الرجل أو هي أحظى منه مراعاة لضعفها عن مسايرة الرجل في التكسّب والتربّح. كما تظهر الدراسة أن المرأة تساوي الرجل في حق الميراث أو تأخذ أكثر منه عندما يقلّ ضمان كفالتها، ولا ترث نصفه إلا إذا تضاعفت أوجه كفالتها بشكل يجعلها في مأمن من العوز والحاجة. وأشار د. الأنصاري إلى أنه يجب على الناس أن يعلموا أن المال إنما هو أداة وليس غاية ويجب أن نجعله وسيلة لجلب السعادة وليس جلب العداوات والخلافات لأن الحياة قصيرة لا سيما في العلاقة مع الإخوة، فخير للمرء أن يقضي أوقاته معهم في سعادة بدلاً من أن يقضيها في المحكمة. الإسلام والمسلمون ويقول الشيخ هلال مبروك سعيد : هناك فرق بين الإسلام والمسلمين، فالإسلام كدينٍ إنما جاء لنصرة الضعفاء، كما أن سورة النساء إنما نزلت لنصرة الضعيفين وهما النساء واليتامى لأنهم كانوا مظلومين في الجاهلية العربيّة وكذلك في جميع البقاع الأخرى، لا سيما في أوروبا والهند لدرجة أن بعضهم كان يناقش هل المرأة إنسان أم لا .. إلى هذا الحد وصل مستوى الظلم الذي كانت تتعرّض له المرأة قبل مجيء الإسلام. لدرجة أن العرب قبل الإسلام لم يكونوا يورثونها بحجة أنها لا تركب الفرس ولا تحرز الغنائم وجاء الإسلام ليجعل لها نصيبًا في الميراث بقسمة عادلة وضعها المولى عزّ وجلّ بحكمته. وأضاف: إن خواتيم آيات المواريث في سورة النساء تركز على صفة العلم عند الله عزّ وجلّ وهذه القسمة تختلف بحسب اختلاف الأعباء والنفقات بين المرأة والرجل. فالرجل مطالب بالمهر وإكرام الضيف والإنفاق على المرأة عمومًا سواء كانت زوجة أو أمًا أو أختًا أو ابنة، فهي في أي وضع هناك من هو مكلف بالإنفاق عليها وهي تأخذ نصيبها كاملاً مكملاً والإسلام لا يلزمها بشيء. قصة واقعية وروى الشيخ هلال قصة واقعيّة حدثت بالفعل في أيامنا الحاليّة فقال : كان هناك رجل لديه ولد وبنت فقام بكتابة جميع ممتلكاته باسم ابنه وحرم ابنته من الميراث تمامًا ومرّت الأيام والسنون وتزوج الرجل بامرأة مسنّة وأصيب بعدها بالشلل ولم تخدمه في مرضه سوى ابنته التي حرمها من الميراث وكأن المولى عزّ وجلّ قد أراد أن يؤدّبه (آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا). ويضيف : لقد أراد الأعداء في الغرب الكيد للإسلام فاستغلوا سلوكيات المسلمين السيئة في الطعن في الإسلام، حيث راحوا يردّدون أن الإسلام ظلم المرأة والإسلام بريء من ذلك الافتراء تمامًا. وقال: إن المرأة ترث أحيانًا أكثر من الرجل ولكن الأعداء لم يركزوا إلا على حالات قليلة التي ترث فيها المرأة نصف الرجل. داعيًا المسلمين إلى العودة إلى دينهم والبُعد عن الجشع، مشيرًا إلى أن البعض يرتكبون تلك التصرّفات بسبب الجهل والارتباط بعادات وتقاليد الأقدمين أو بدافع الجشع. ويقول د. أحمد الخضر : المشهور عند الناس أن المرأة ترث نصف الرجل لكن هذا يحدث في حالات قليلة في حين أن هناك حالات أخرى كثيرة ترث المرأة فيها أكثر من الرجل. وأشار إلى أن المولى عزّ وجلّ هو الذي تولى تقسيم الميراث ولا توجد أحاديث نبويّة تقسم الميراث ولكنها تفسر تلك الآيات فقط. وحذّر من أكل حقوق النساء في الميراث، مشيرًا إلى أن هذا جرم كبير "إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نارًا وسيصلون سعيرًا". جريدة الراية القطرية