سورية ساحة جزء من صراع اوسع بين السنة والشيعة سيحدد وجه الشرق الاوسط.. ودول الخليج يمكنها عمل اكثر من مجرد تمويل السلفيةلندن 'القدس العربي': واشنطن تعترف بجماعة سورية وتقرر وصم جماعة اخرى يعتبر مقاتلوها 'ابطالا' بانها ارهابية. ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون تقلق 'شهيته' الزائدة للتدخلات الاجنبية بال قادته العسكريين. وفي انتظار المعركة الاخيرة للنظام يفر الارمن من بيوتهم، ويخشى من اندلاع حرب طائفية حيث يتساءل زعيم حزب الليبراليين الديمقراطيين السابق بادي اشادون ومبعوث الامم المتحدة سابقا في البوسنة عن اي طرف يجب على الغرب دعمه في الحرب الطائفية. اذا لم يمنع غياب وزيرة الخارجية الامريكية،هيلاري كلينتون عن مؤتمر مجموعة اصدقاء سورية عن مؤتمر مراكش امس من عدم اعتراف الولاياتالمتحدة رسميا بالائتلاف الوطني الذي كانت واحدة من شهود ولادته القيصرية في قطر الشهر الماضي. وسيفتح الاعتراف الباب امام هذا الائتلاف لتلقي السلاح والدعم المالي من واشنطن ان قررت الاخيرة دعمه، خاصة انها ظلت تتعلل بعدم التسليح خشية وقوع الاسلحة في يد منظمات اسلامية متشددة. وفي الوقت الحالي تقود بريطانيا الى جانب دول الخليج الحملة لتسليح المعارضة حيث كشف يوم الثلاثاء عن طلب كاميرون من قادته اعداد الخطط العسكرية لتوفير الدعم الجوي والبحري للمعارضة ان اقتضى الامر، واستضافت لندن اجتماعا سريا الشهر الماضي حضره قادة من دول صديقة للمعارضة في مقدمتها فرنساوقطر والامارات وتركياوالاردن وثلاثة عسكريين امريكيين. وعقد الاجتماع في التاسع من تشرين الثاني (نوفمبر) حيث حضره مشعل الزبن، رئيس هيئة الاركان في الجيش الاردني حيث نوقشت قضايا تتعلق بسورية لكن لم يتم التطرق الى خيارات محددة للتدخل العسكري. وقال مصدر حكومي نقلت عنه 'ديلي تلغراف' ان المجتمعين لم يناقشوا تفاصيل ولم يتحدثوا عن من يسلح من ، لكن اللقاء هو جزء من مناقشات مستمرة. واكد المسؤول انهم لا يزالون يبحثون عن حل دبلوماسي مع الاخذ بعين الاعتبار ان كل الخيارات لا تزال مفتوحة. وتربط لندن تحركها بتحرك من واشنطن اذ انها ترغب العمل ضمن تحالف دولي. وفي ضوء الضغوط التي يمارسها 'دوانينغ ستريت' مقر الحكومة عبر عدد من القادة العسكريين عن قلقهم من الضغوط المتزايدة عليهم، على الرغم من تأكيد المسؤولين ان تدخلا عسكريا ليس مطروحا الان وان واشنطن هي التي تقود الجهود. ومع ذلك يقول العسكريون البريطانيون ان التدخل في سورية سيكون مختلفا عن التدخل العام الماضي في ليبيا. وفي تحليل في صحيفة 'الغارديان' جاء فيه ان الجيش والحكومة ليسا متفقين بشكل كامل على استراتيجية سورية. ويقول التقرير ان مجرد اعداد السير ديفيد ريتشاردز، قائد القوات البريطانية يجب ان لا ينظر اليه على انه 'شهية' من الجيش للتدخل. وقد يجبر الجيش على القيام به ولكنه لا يريد هذا، ذلك ان قادة الجيش وفي الاشهر الماضية عبروا عن عدم ارتياحهم للمنظور لاي مسؤول عنده استعداد للاستماع اليهم ولكن كاميرون ليس واحدا من هؤلاء، فهو الذي يشعر بالنشوة لنجاحه في ليبيا والقلق على مصير السوريين، يملك قضية مقنعة لما يسميه البعض 'الحمى الاجنبية'، فهو يطلب من الجيش 'عمل المزيد' لكن لا يعرف ماذا يعني بقوله هذا. ففي اجتماع لمجلس الامن القومي الشهر الماضي، وبعد عودة كاميرون من الشرق الاوسط، حيث قدم سير ريتشاردز الخيارات والاحتمالات. قرار سياسي ويخلص التقرير الى ان الجيش لا يزال مترددا، حيث يدعو القادة الى ارادة سياسية واضحة وواحدة اضافة الى استراتيجية خروج في حالة حدث التدخل. ويظل السبب الوحيد الذي سيدفع بريطانيا للتدخل هو السيناريو الكيماوي الذي تراجع تهديد الولاياتالمتحدة فيما يتعلق به، وتراجع تلويحها بالحرب ضد الاسد. وحالة حدوث هذا فمشاركة بريطانيا لن تتعدى توفير قوات خاصة لتأمين مواقع السلاح الكيماوي. وفي الوقت الحالي فسيواصل ريتشاردز تحذيره من الحرب في وقت يحتاج فيه الجيش لاعادة تشكيل وذلك بعرض بعض الافكار التي ترضي غرور كاميرون. في مستشفى تشرين وما لا يقوله القادة العسكريون هو ان التدخل يعني الغوص في وحل الحرب الاهلية الجارية في سورية، ففي تقرير كتبه من دمشق اشار فيه لموقف جنود النظام من الحرب حيث قابل عددا منهم في مستشفى تشرين العسكري بعد ان اصيبوا في المواجهات مع المقاتلين. وينقل التقرير وجهة نظر هؤلاء من الحرب. وينقل عن ضابط في الجيش اصيب بعشر طلقات في رجله في مواجهة مع مقاتلين تساؤله عن سبب دعم الحكومات الاوروبية لمقاتلين من القاعدة. ويشير التقرير الى ان كل جانب في الحرب يعتقد انه المحق وان النظام لديه مؤيدون. ويقول انه على الرغم من فشل الحكومة في دمشق الا ان الجميع متفقون على ان البديل عنها سيكون اسوأ. ويعتبر مستشفى تشرين باسرته الالف اكبر مستشفى في الشرق الاوسط، حيث يقول مديره برتبة جنرال ان الطوارىء تستقبل كل يوم ما بين 15- 20 جنديا، معظمهم اصيبوا بطلقات رصاص ونسبة 20 بالمئة منهم يموتون متأثرين بها. ويضيف المدير وهو مسيحي من حمص ان ستة اطباء واربعة سائقين لسيارات اسعاف قتلوا منذ العام الماضي. وشهدت المنطقة حول المستشفى بداية الاسبوع معركة حامية حيث تم جرف البنايات المحيطة به من اجل منع القناصة من استخدامها. وفي المستشفى عدد كبير من الجنود الذي اصيبوا وهم يحرسون البنايات، وينقل عن ابراهيم (25 عاما) كان يتدرب في الكلية العسكرية، واصيب بكتفه قوله ان ما يحدث هو ثورة حقيقية حيث يدمر المقاتلون ما بناه الناس وكل شيء من مدارس الى محطات كهرباء اضافة للخطف. الارمن السوريون في تقرير من يريفان عاصمة ارمينيا رصد تقرير لصحيفة 'نيويورك تايمز' جاء فيه ان عددا من ارمن سورية عادوا الى 'وطنهم الام'. ونقلت عن مديرة مدرسة افتتحت حديثا، تدرس المقرر السوري، ويظهر العلم السوري فيها، والطلاب هم سوريون قولها ان من فر من الارمن الى ارمينيا يريدون العودة فمع ان لغتهم هي الارمينية الا ان ثقافتهم سورية ومن الصعب العيش هنا. وتقول الصحيفة ان تدفق الارمن السوريين يضع اعباء جديدة على الحكومة التي تعتمد على الارمن في المهاجرين وتحويلاتهم، كما ان خروج الارمن يضع اسئلة حول مستقبل سورية كبلد ذي تنوع اثني وثقافي وديني. وفي الوقت الحالي تقوم الحكومة الارمينية بارسال المساعدات للارمن في سورية كي تساعدهم على البقاء، كما انها تساعد من يرغب للقدوم اما مؤقتا او بشكل دائم من خلال استخراج التأشيرات المستعجلة لهم ومنحهم الاقامة او الجنسية. ونقلت عن مسؤول في الرئاسة الارمينية ان سياسة الدولة تقوم على مساعدتهم بالطريقة التي يرغبون فيها المساعدة. وحتى الآن وصل عدد الارمن الذين لجأوا الى ارمينيا حوالي 6 الاف. ويتدفق اسبوعيا عدد جديد، يقرر القليلون منهم العودة لانهم يخشون على ممتلكاتهم وبيوتهم في سورية. ويقدر عدد الارمن بحوالي 120 الفا غالبيتهم تعيش في حلب. وفي الوقت الذي وقف فيه الارمن على الحياد في الازمة الحالية الا انهم يخشون من التغير وما سيحمله معه. مع اي طرف نقف؟ في مقال لبادي اشداون، في صحيفة 'التايمز' قال فيه ان 'صديقا عراقيا تحدث اليه قبل فترة معلقا ان من اهم اثار ازاحة صدام حسين عن الحكم هو توسيع حدود ايران 400 ميل للغرب' مما يعني سيطرة على العراق الذي تمتثل الحكومة فيه لرغبات طهران. ويعلق اشداون ان صديقه ربما كان يتحدث سياسة ولكن 'اظن انه كان يتحدث عن الدين ايضا'. ومن هنا يرى ان النزاع في سورية لا ينحصر فيمن يسيطر عليها بل هو 'جزء من صراع اوسع، وسورية جزء منه بين السنة والشيعة'. واضاف ان تاريخ السياسة الغربية تجاه العالم الاسلامي حافل بالامثلة التي 'نتصرف فيها بناء على ما يحدث وليس بناء على ما نطمح ان يحدث'. ومن الامثلة على ذلك ان الغرب اراد التخلص من السوفييت في الثمانينات من القرن الماضي فانتهى به الامر لدعم جماعات جهادية عالمية، كما انه دعم صدام العلماني ضد ملالي ايران ليطيح به. والان يقول 'اكتشفنا اننا ساعدنا في توسيع تأثير ايران بطريقة لم نردها'. ويمضي اشداون بالقول ان الغرب آمل ان يقود الربيع العربي الى نشوء حكومات علمانية ليشهد 'صعود السلفية السنية التي تمتد من مالي في افريقيا الى ليبيا ومصر الى الجماعات والفصائل المائلة للتشدد وبشكل كبير في سورية'. وقال ان هذه الثورة المضادة المتطرفة الطابع 'يتم تمويلها ودعمها من اثرياء في دول عربية نعتبرها صديقة في المعركة ضد الاسد مثل السعودية وقطر ودول خليجية اخرى'. وتساءل ان كانت اللعبة تتكرر، ام ان تهديدا مرعبا يبرز في عالم الاسلام السني. ويقول ان النظرة الاولى لنتائج الربيع العربي كانت تشير الى امكانية نشوء ديمقراطيات متعددة على غرار النموذج التركي، حيث ظهرت الحكومة التي انتخبت في مصر بداية الربيع العربي انها ستحذو حذو تركيا، اي تدعم البراغماتيين الاسلاميين وتؤمن بالتعدد والتسامح في نظرتهم وفوق كل هذا ديمقراطيون. لكنهم يعتبرون ولنفس الاسباب من نفس السعودية وملوك الخليج على انهم تهديد كبير. السلفية الصاعدة ويقول ان النموذج السلفي المتشدد واضح الآن في مالي المعروفة بنموذجها الصوفي، حيث تحول السلفيون هناك الى القوة المتسيدة، ونفس الامر في الجارة ليبيا التي يسيطرون فيها على عدد من العصابات المسلحة خارج عن سلطة الحكومة. وفي مصر، فالتردد واضح من خلال استطلاع للرأي اجري قبل فترة واظهر ان 60 بالمئة من المصريين يؤيدون حكومة سلفية على الطريقة السعودية. وفي سورية فتصاعد دور الجهاديين بدأ يؤثر على استقرار الدول المجاورة بمن فيها تركيا. وفي الاردن 'هناك تزايد ملحوظ للمعارضة السلفية للملك الذي ينظر اليه على انه مستغرب اكثر من اللازم'. وعلى الرغم من كل هذا يقول انه من الخطأ النظر الى هذه التطورات على انها شكل من اشكال العداء للغرب، فالعداء للغرب هي اثر ثانوي وليس رئيسيا، فالايام التي كان يعرف فيها الوهابيون انفسهم بالعلاقة مع الغرب ولت. فكما اظهرت حربا افغانستان والعراق، كذب اسطورة الحضور الغربي في المنطقة ' فنحن لسنا مهمين في الشرق الاوسط'. سني ضد شيعي ويعتقد الكاتب ان العالم السني اليوم 'لا يعرف نفسه كما فعل بن لادن من خلال العلاقة مع 'الشيطان الاكبر' بل من خلال علاقته مع 'الهرطقة الكبيرة' للشيعة. وهذا هو الصراع الذي يحضر الغرب نفسه ويساعد فيه على الاقل بدون رغبة. ومن هنا يقول ان الغرب يتعامل مع ما يحدث في سورية بطريقة مبسطة اي كفاح بين الحرية والديمقراطية ولكن الصراع اعقد من هذا. فبالنسبة للسلفية المتصاعدة والمضادة للثورة فالنزاع لا علاقة له بالديمقراطية او الديكتاتورية. فسورية هي المقصورة التي سيتم من خلالها قيادة العالم السني وبالتالي مواجهة الخطر الشيعي. واشار الى التقارير التي تحدثت عن الدعم العسكري الامريكي للمقاتلين، وكذا فرنسا، وليس بريطانيا التي تقدم الدعم والتشجيع للمقاتلين. وهذا الدعم ليس مهما اكثر من اهمية وعي الغرب للنزاع الاقليمي ومخاطره وان ننشط اكثر في اقناع 'اصدقائنا الملكيات العربية من ان افضل رد على الربيع العربي هو التصدي لتحدياته وليس اضعافه'. لن يحل السلام وقال 'نأمل بحلول السلام في سورية، ولكن حتى لو سقط الاسد قريبا، فهناك سبب كبير يدعونا للقول ان السلام لن يحل، لان سورية ليست النزاع بل هي جبهة في امر اكبر، صراع طويل المدى ويتوسع بين السنة والشيعة سيحدد مستقبل الشرق الاوسط'. وختم بالقول ان 'الروس واعون لهذا، فدعمهم للاسد لا ينبع من كونه 'رجلهم' وانه الوحيد الباقي لهم في المنطقة، بل نابع من مخاوفهم ان يمتد داء السلفية الى جمهورياتهم الاسلامية في داغستان والشيشان، فيما يخشى الصينيون من تزايد مظاهر التشدد بين المسلمين اليوغور'. وكل هذه المخاوف تدعو الغرب للحذر وان يعرف الطرف الذي يدعمه.