أكد وزراء ونواب عراقيون خلال جلسة خاصة للبرلمان اليوم أن محافظة الأنبار الغربية تواجه وضعًا مأساويًا في المجالات الأمنية والصحية والغذائية والتعليمية، فيما تعذر بحسب وزراء إيصال المساعدات إلى سكان المحافظة المليون و300 ألف نسمة، بسبب استمرار العمليات العسكرية، في وقت قاطعت الجلسة كتلة المالكي، بذريعة عدم مناقشتها مشروع الموازنة العامة للبلاد.. في حين اندلعت اشتباكات عنيفة في مناطق متفرقة من المحافظة. أسامة مهدي: عقد مجلس النواب العراقي الأربعاء جلسة، شارك فيها 165 نائبًا من مجموع عدد الأعضاء، البالغ 325 نائبًا، غالبيتهم من كتلتي العراقية والتحالف الكردستاني، وبمقاطعة ائتلاف دولة القانون، بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي، أزمة محافظة الأنبار من الجانب الإنساني مع وزيري الصحة مجيد حمد أمين والتجارة خيرالله بابكر ووكيل وزارة الهجرة والمهجرين ومدير صحة الأنبار. تحديات وزارة الصحة وقد أكد وزير الصحة خلال الجلسة التي تابعتها "إيلاف" استمرار عمل أجهزة وزارته في محافظة الأنبار الغربية "وسط تحدي الأوضاع الصعبة الراهنة" من خلال توفير الخدمات والمواد الطبية التي توفرها للنازحين. وأشار إلى وجود 12 مركزًا صحيًا في عموم المحافظة، إضافة إلى المستشفيات الرئيسة، وفتح 5 مراكز صحية في المدينة السياحية القريبة، موضحًا أن العمليات العسكرية الدائرة في المحافظة بين القوات الحكومية والمسلحين تقف عائقًا أمام تقديم كامل الخدمات الصحية إلى مواطني المحافظة. من جانبه أوضح وزير التجارة أن وزارته تعمل على توفير مفردات البطاقة التموينية للمواطنين في المحافظة الأنبار، مشيرًا إلى أن القائمين على إيصال هذه المقدرات يتلقون تهديدات لمنع إيصالها إلى داخل المحافظة، مؤكدًا خطورة الأوضاع، وخوف سائقي الشاحنات من مخاطر الطريق. ولفت إلى أن عدد سكان محافظة الأنبار، بحسب إحصاء وزارة التجارة، يبلغ مليون وثلاثمئة ألف نسمة، منهم 65 ألف عائلة نازحة داخل المحافظة وخارجها، أي حوالى نصف مليون شخص. وأقرّ وزير التجارة أن عملية إيصال المواد الغذائية إلى المحافظة صعبة، حيث يتم نقل المواد من بغداد وميناء أم قصر الجنوبي وكركوك الشمالية إلى داخل الأنبار، مشيرًا إلى وجود مخزون من الحنطة في مخازنها يكفي لمدة أربعة أشهر، ومبيّنًا تضرر عدد من المطاحن الموجودة في المحافظة. وأوضح أن مادة الأرز يتوافر منها مخزون يكفي لشهرين مخصصة للمحافظة، مخزنة خارجها، لكنه أكد وجود مشاكل في إيصال المواد الغذائية إلى داخل محافظة الأنبار، بسبب تخوف سائقي الشاحنات من نقلها. بدوره كشف وكيل وزارة الهجرة والمهجرين عن تشكيل خلايا للطوارئ، تعمل على تقديم المساعدات إلى أكثر عدد من النازحين بالتعاون مع بعض المنظمات الدولية الإنسانية وجهات حكومية، مثل مجلس النواب والوقف السني، للتخفيف من الأزمة. وقال إن الوزارة تقدم منحة مالية إلى العوائل النازحة المنتشرة داخل المحافظة وخارجها، بقيمة 300 ألف دينار (30 دولارًا). النازحون يفترشون الأرض لدى فتح باب المناقشة للنواب، أكدت النائبة لقاء وردي رئيس لجنة الهجرة والمهجرين على أن المشكلة كبيرة تكمن في وجود أكثر من نصف مليون نازح في ظروف صعبة، حيث يفترش النازحون الأرض، ويسكنون الخيم والهياكل والمدارس، في ظروف جوية سيئة، مع الافتقار إلى أبسط مستلزمات الحياة كمياه الشرب. من جهته عبّر النائب سليم الجبوري رئيس لجنة حقوق الإنسان عن قلقه من عدم توافر أبسط مستلزمات الحياة، فضلًا عن النقص الحاد في الأدوية، موصيًا بضرورة إدخال المواد الغذائية والأدوية واحتساب السنة الدراسية "عدم رسوب" بالنسبة إلى الطلبة وإعادة الموظفين إلى وظائفهم، الذين انقطعوا عن دوائرهم بسبب الأحداث. أما النائب جمال الكيلاني عن لجنة الصحة والبيئة فقد أشار إلى أن عدد الأضرار بين المدنين كبير، سواء على مستوى الشهداء أو المصابين، فضلًا عن تضرر العديد من المراكز الصحية وتوقفها عن العمل جراء ذلك، وتضرر جزء من مستشفى الفلوجة ونقص الكوادر والملاكات الطبية. من جانبه أشار النائب مهدي حاجي عن لجنة الأقاليم إلى حاجة النازحين إلى توفير مواد البطاقة التموينية والأدوية والبدلات النقدية، التي تمكنهم من التغلب على المشاكل التي يعانونها. لتفهم أوضاع الطلاب بدوره اعتبر النائب عبد الذياب العجيلي رئيس لجنة التعليم العالي والبحث العلمي أن هناك مشكلة في جامعة الأنبار والكليات الأهلية التي توقف الدوام فيها بشكل كامل، مطالبًا رئيس الوزراء نوري المالكي باعتبار العام الحالي عام عدم رسوب. وكشفت النائبة سميعة محمد خليفة عن لجنة التربية تعرّض الأنبار لانتكاسة كبيرة في المجال التربوي نتيجة توقف المدارس بسبب القصف، مطالبة وزير التربية بإيجاد الحلول المناسبة والكفيلة بعدم تفويت هذه السنة على الطلبة. وأشارت النائبة إيمان المحمدي عن لجنة الخدمات والإعمار إلى تعرّض شبكة الطرق والجسور إلى انهيارات، حيث تم تدمير 19 جسرًا حيويًا، البعض منها يربط محافظة الأنبار بالمحافظات الأخرى، فضلًا عن تدمير بعض المدارس وتخريب محطات تصفية المياه وتصريف المجاري. من جهته، شدد صفاء الدين الصافي وزير الدولة لشؤون مجلس النواب على ضرورة مسارعة الحكومة وبكل وزاراتها القطاعية وملاكاتها الخدمية إلى تخفيف أزمة النازحين، من خلال تقديم مبالغ عاجلة لمعالجة حالة الطوارئ وتشكيل لجان قطاعية برئاسة رئيس الوزراء لمحاصرة الأضرار وتقديم الحلول المناسبة. جهود حكومية لا تتناسب وحجم الأزمة واعتبر النائب سلمان الجميلي أن الجهود التي قدمها الوزراء كبيرة، ولكنها لا تتناسب مع حجم الأزمة في الأنبار، مطالبًا باستضافة القيادات الأمنية في جلسة أخرى لمعرفة حقيقة ما يجري في الأنبار، وأهمية توقف قصف المدن وتوفير ممرات للعودة إلى المحافظة. وأكد النائب فؤاد معصوم أهمية إنهاء الوضع المأساوي، الذي يعيشه نازحو الأنبار، مبينًا أن الحل يكمن في تكاتف القوى السياسية وتفعيل المصالحة الوطنية وتحقيق مصلحة الوطن. وطالب النائب فرات الشرع الوزراء المعنيين بأن يقوموا بواجباتهم تجاه الشعب في الأزمة الحالية لمحافظة الأنبار، داعيًا إلى التصدي للإرهاب والهجمة الشرسة التي تطال المواطنين في المحافظة. وكشف النائب أياد السامرائي عن فشل الحكومة في معالجة أزمة الأنبار، متسائلًا عن إمكانية مناقشة الوضع الإنساني في الأنبار بمعزل عن الوضع العسكري. وتساءل النائب سردار عبدالله عن مدى تأثير الوضع في الأنبار على عموم العراق، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات، والتي يحق لكل مواطن المشاركة فيها. واعتبر النائب عواد العوادي القضية مسؤولية وطنية وقانونية وشرعية في مناقشة أزمة الأنبار، والنظر إليها من الناحية الإنسانية، مستغربًا من عدم الاستماع من الوزراء إلى الحلول المناسبة والمهمة لحلحلة الوضع، وما هو المطلوب من مجلس النواب تقديمه في الأزمة. ووصفت النائبة عتاب الدوري أزمة الأنبار بأنها في غاية الخطورة، مطالبة إخراج الجيش من المدن وإيقاف القصف العشوائي، وترك تحقيق الأمن للشرطة المحلية وأبناء العشائر المشهود بدورهم في التصدي للإرهاب. لعدم انتهاج معالجات ترقيعية ورأى النائب أحمد المساري أن حجم الكارثة في الأنبار يحتاج مزيدًا من الجهود والإمكانات لمعالجة الوضع الخطر وعدم انتهاج معالجات ترقيعية، مطالبًا بجلسة خاصة يحضرها القائد العام للقوات المسلحة والقادة الأمنيين لمناقشة الشق الأمني لهذه الأزمة وما ينذر به من أخطار جسيمة، ستنعكس سلبًا على الوحدة الوطنية للعراق واستقراره. من جانبه نوه النائب محمود عثمان بتأخر مجلس النواب في عقد جلسة لمناقشة هذه الأزمة، محمّلًا المجلس مسؤولية عدم تلبية رئيس الوزراء والقادة الأمنيين دعوة المجلس إلى مناقشة الأزمة وتطويقها. وتساءلت النائبة فيان دخيل عن موقف الحكومة تجاه الوضع الإنساني لإغاثة نازحي الأنبار.. فيما دعا النائب حميد الزوبعي وزارتي التجارة والصحة إلى تنسيق العمل مع القوات الأمنية لضمان إيصال المواد الغذائية والأدوية إلى مناطق أطراف محافظة الأنبار. وشدد النائب صباح الساعدي على ضرورة وضع الحلول السريعة لإيقاف تدهور الوضع في محافظة الأنبار، من خلال تحديد سقفي زمني لحل الأزمة المتعاظمة. وطالب النائب محسن السعدون الحكومة بتوضيح نتائج العمليات العسكرية الجارية على مدى ثلاثة أشهر في محافظة الأنبار لإطلاع الرأي العام على النتائج المتحققة. من جهته أكد رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي على حق المجلس في استضافة رئيس الوزراء ومحافظ الأنبار ورئيس مجلس المحافظة لمناقشة ملف الأنبار. مجددًا الدعوة لهم إلى الحضور للمجلس وإطلاع ممثلي الشعب على الحالة الإنسانية لأبناء المحافظة. ائتلاف المالكي يبرر مقاطعة جلسة الأنبار وقد بررت كتلة ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي مقاطعته لجلس البرلمان اليوم بعدم إدراج مشروع قانون الموازنة العامة للعام الحالي في جلسة اليوم. وطالب رئيس الكتلة دولة القانون النيابية خالد العطية رئاسة مجلس النواب بإدرج قانون الموازنة ضمن جدول أعمال المجلس في الجلسة المقبلة. وقال في مؤتمر صحافي في مبنى البرلمان إن هيئة رئاسة مجلس النواب يجب أن تلتزم بواجبها بتشريع القوانين وإدراج قانون الموازنة وأزمة الأنبار في جلسة البرلمان المقبلة لإنهاء معاناة الشعب العراقي، مشيرًا إلى أن كتلته "حريصة على تشريع قانون الموازنة ووقوفها مع الحكومة والجيش العراقي لتوجية الضربة القاضية إلى الجماعات الإرهابية، التي سفكت دماء أبنائنا في الأنبار". أضاف العطية إن جميع الكتل السياسية مطالبة بأن تضع يدها بيد الحكومة والجيش العراقي من أجل إنقاذ شعبنا في الأنبار، والقضاء على الجماعات المسلحة. وقال إن "مقاطعتنا لجلسة مجلس النواب اليوم لا تعني إهمال أو استهانة بالبرلمان، وإنما للوقوف مع أهالي الأنبار، ولإدراج أزمتها في جدول مجلس النواب"، مضيفًا إن كتلته على ثقة بأن الحكومة جادة في إغاثة أبناء الأنبار وفي القضاء على الإرهاب وإعادة إعمار المحافظة، بحسب قوله. وكانت كتلة المالكي اشترطت سابقًا لحضورها الجلسة عدم مناقشة أزمة الأنبار من منظورها الأمني، والاكتفاء بالبعد الإنساني، ولكن بعدما وافق البرلمان وعقد جلسته اليوم، التي اختصت بالأوضاع الإنسانية، فقد عاد وقاطعها. جلسة البرلمان ترافقت مع قصف مدفعي على الفلوجة خلال انعقاد جلسة البرلمان هذه فقد قصف الجيش العراقي مدينة الفلوجة في محافظة الأنبار، مما أدى إلى قتل 15 شخصًا، بينهم نساء وأطفال، وإصابة 40 آخرين بجروح، حيث تجدد تمواجهات عنيفة الأربعاء بين ثوار العشائر والقوات الأمنية في مدينتي الرمادي والفلوجة. وقال الطبيب أحمد شامي في مستشفى الفلوجة إن "15 شخصًا، بينهم نساء وأطفال، قتلوا، وأصيب أربعون بجروح، إثر تعرّض مدينة الفلوجة إلى قصف مدفعي ووقوع اشتباكات مسلحة خلال الساعات الماضية". وأكد أحد شيوخ عشائر الفلوجة وقوع قصف واشتباكات مسلحة أدت إلى وقوع ضحايا، خلال الساعات الماضية. وتشهد مناطق متفرقة من مدينة الرمادي عاصمة المحافظة اشتباكات عنيفة منذ فجر اليوم، حيث اندلعت مواجهات مسلحة استخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة المتوسطة والثقيلة بين ثوار العشائر وبين قوات جيش المالكي في مناطق حي الضباط وحي البكر.ويحاول رئيس الوزراء نوري المالكي أن يصوّر انتفاضة مدن الأنبار ضد سياساته على أنها تمرد يقوده تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" بدعم من الخارج. يذكر أن بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر أبدت الخميس الماضي "قلقها البالغ" من الأوضاع الإنسانية لآلاف النازحين والمهجرين المدنيين "قسرًا" في العراق عامة، والأنبار خاصة، وفي حين دعت الجميع إلى بذل جهود الإغاثة العاجلة والحوار المفتوح والصريح مع أطراف القتال كافة ضمانًا لحماية المدنيين وتحسين الامتثال للقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان بنحو يمهد الطريق لتحقيق المصالحة الوطنية، أكدت أن المرجع الديني الشيعي الأعلى آية الله السيد علي السيستاني دعاها إلى تقديم المزيد من المساعدات إلى النازحين. وكانت منظمة الهجرة الدولية أعلنت في نهاية الشهر الماضي عن تجاوز عدد النازحين من الأنبار نصف مليون مواطن، غالبيتهم بحاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية. ايلاف