صحيفة امريكية تنشر تفاصيل عن عملية الموساد في إيران    اغلاق السفارة الامريكية في اسرائيل وهجوم جديد على طهران وترامب يؤمل على التوصل لاتفاق مع إيران    وزيرا الخارجية والصحة يلتقيان مبعوث برنامج الأغذية العالمي    القبائل والحكومة والتاريخ في اليمن .. بول دريش جامعة أكسفورد «الأخيرة»    الأمم المتحدة.. الحاضر الغائب!!    تبعات الضربة الإيرانية على إسرائيل    خلال تفقده الانضباط الوظيفي في وزارتي النقل والأشغال العامة والنفط والمعادن    الكيان الصهيوني و «تدمير الذات» سيناريو الحرب الكبرى وعبث نتنياهو الأخير!!    أكد تأييد اليمن للرد الإيراني على العدوان الصهيوني .. قائد الثورة : الأمة بحاجة لاستعادة معادلة الردع في مواجهة العدو الإسرائيلي    ثابتون وجاهزون لخيارات المواجهة    الفريق السامعي: الوطنية الحقة تظهر وقت الشدة    عراقجي: امريكا واوربا تشجع عدوان اسرائيل والدبلوماسية لن تعود إلا بوقف العدوان    الصحة العالمية: ارتفاع حالات الوفاة والإصابة بحمى الضنك في محافظتين يمنيتين    إب.. إصابات وأضرار في إحدى المنازل جراء انفجار أسطوانة للغاز    العقيد العزب : صرف إكرامية عيد الأضحى ل400 أسرة شهيد ومفقود    حصاد الولاء    مناسبة الولاية .. رسالة إيمانية واستراتيجية في مواجهة التحديات    مرض الفشل الكلوي (8)    الرزامي: أكبر صرح طبي في اليمن ينهار    تعيين غاتوزو مدرباً للمنتخب الإيطالي    من يومياتي في أمريكا .. صديقي الحرازي    إيران تستهدف اسرائيل برشقة صاروخية جديدة    الاطلاع على سير العمل في الوحدات التنفيذية التابعة لمصلحة الضرائب    الحلف والسلطة يخنقون الحضارم بقطع الكهرباء    شعب حضرموت يفسخ عقد الزريقي    بدء حملة كلورة للمياه في ذمار    رئيس الوزراء يوجه بسرعة إطلاق العلاوات للجامعات والتربية والتعليم والصحة    البكري يرأس اجتماعًا لوكلاء القطاعات العامة ويناقش إعداد خطة ال (100) يوم    هيئة الآثار :التمثالين البرونزيين باقيان في المتحف الوطني    يوفنتوس يجهز عرضًا ضخمًا لجيوكيرس    وزيرا الخارجية والصحة يلتقيان مبعوث برنامج الأغذية العالمي    معهد وايزمان تدميره أفقد إسرائيل مكاسب كثيرة    نائب وزير الخدمة المدنية ومحافظ الضالع يتفقدان مستوى الانضباط الوظيفي في الضالع    قوات الجيش تعلن إفشال محاولة تسلل شمال الجوف وتكبّد المليشيا خسائر كبيرة    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الأحد 15 يونيو/حزيران 2025    محافظ ابين يوجه بمعاينة طريق ثرة والرايات البيضاء تواصل حوارتها لفتح الطريق    وزير الصحة يترأس اجتماعا موسعا ويقر حزمة إجراءات لاحتواء الوضع الوبائ    انهيار جزئي في منظومة كهرباء حضرموت ساحلا ووادي    الضالع.. رجل يفجّر قنبلة داخل منزله ويصيب نفسه وثلاثاً من أسرته    أهدر جزائية.. الأهلي يكتفي بنقطة ميامي    كسر وجراحة.. إمام عاشور خارج المونديال    العرب ومآلات الحرب الإيرانية الإسرائيلية:    اسبانيا تخطف فوزاً من رومانيا في يورو تحت 21 عاماً    اليغري كان ينتظر اتصال من انتر قبل التوقيع مع ميلان    حضرموت.. خفر السواحل ينقذ 7 أشخاص من الغرق ويواصل البحث عن شاب مفقود    بعد أيام من حادثة مماثلة.. وفاة 4 أشخاص إثر سقوطهم داخل بئر في إب    صنعاء.. التربية والتعليم تحدد موعد العام الدراسي الجديد    صنعاء تحيي يوم الولاية بمسيرات كبرى    - عضو مجلس الشورى جحاف يشكو من مناداته بالزبادي بدلا عن اسمه في قاعة الاعراس بصنعاء    سرقة مرحاض الحمام المصنوع من الذهب كلفته 6ملايين دولار    - اليك السلاح الفتاك لتقي نفسك وتنتصر على البعوض(( النامس))اليمني المنتشر حاليآ    اغتيال الشخصية!    الأستاذ جسار مكاوي المحامي ينظم إلى مركز تراث عدن    قهوة نواة التمر.. فوائد طبية وغذائية غير محدودة    حينما تتثاءب الجغرافيا .. وتضحك القنابل بصوت منخفض!    الترجمة في زمن العولمة: جسر بين الثقافات أم أداة للهيمنة اللغوية؟    اليابان.. اكتشاف أحفورة بتيروصور عملاق يقدر عمرها ب90 مليون عام    فشل المطاوعة في وزارة الأوقاف.. حجاج يتعهدون باللجوء للمحكمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخطيفة
نشر في الجنوب ميديا يوم 23 - 03 - 2014


* * * *
ميرفت البلتاجي
الملخص الداخلي
في سن التاسعة كانت عروسه.. وعندما شبت عن الطوق عرفته على خطيبها.. وبعد غروب الشمس عادت له زوجته... وقبل أن تُزف إليه هربت لتجد نفسها خطيفته...
سوريانا وفراس
وقصة عشق مستحيلة تتحكم بها أعراف وتقاليد رسمت خطوطها بالدماء على رمال الصحراء...
هل تهرب سوريانا لتنجو بحياتها.. أم تسلم بيدها قيدها لخاطفها؟؟
ليلة من الحمى ضاعت من ذاكرته فاتهمها في شرفها.. وكانت رصاصة أخوها هي جائزة وعقاب الخطيفة....
الفصل الاول
كانت كفرات السيارة الرينو تنهب الأسفلت الأسود الملتهب بفعل حرارة شمس الظهيرة نهباً عندما التفت سائق السيارة نحو رفيقته بابتسامة ناعمة بينما كانت تحرك شعرها الكستنائي الذي التمعت خصلاته النحاسية تحت شعاعات ضوء الشمس المتسرب من نافذة السيارة.. وكانت تبعده عن عنقها لتسمح بمرور بعض الهواء ليرطب حرارة جسدها..
علق ضاحكاً:
محترة كتير حبيبتي؟.. أفتح لك التكيييف البارد؟..
تطلعت له بعينيها المدورتين والشبيهتين بعينيّ قطة شيرازي شرسة:
بتتضحك على لكان!!.. يا ليتني ما سمعت كلامك وكنت سافرت بالطيارة.
تحبي أنعش ذاكرتك حياتي, لا تنسي إنكِ إنتِ اللي خربتِ التكييف.. نصحتك وما سمعتيني, ما بتسمعي إلا اللي براسك وبس... قلتلك لازم التكييف يرتاح شوي, ركبتِ راسك تتبردي حتى احترق...
وليه ما تقول إن سيارتك هي اللي خربانة وما منا رجا؟..
وصاحب السيارة..ِ شو رأيك في؟...
رفعت عينيها لسقف السيارة:
يا الله منك يا معتز!!...
شووووو!!... بدي اسمعا من تمك... من حقي سوريانا أعرف أديش بتحبيني... أنا رايح أطلبك من أهلك...
ردت بزفرة حانقة:
ووجودي معك هلا شو معناته؟... متحملة الحر والزهق ميشان شو؟...الله يرضى عليك يا معتز ما تسألني إياه لهادا السؤال مرة تانية خاصة وأنا محترة وزهقانة, وإلا بفش خلقي فيك...
آه... يئبرني ها اللسان ما أطوله بس... شو ما بتعملي معي.. بموت فيكِ بعشقك يا بنت الأكرمي!!..
ردت بملل:
يعني باختصار ما في منك خلاص!!..
نوووو... للقبر يا حياتي... هيك حبي إلك.. ما إله علاج ولا فاكسين!!... من هون على أمك وبيك, أطلبك منون قبل ما يطلع راس فارس من فرسان ضيعتكم وياخدك...
قهقهت ضاحكة:
كنت أعمل فيني معروف واتركني لإله.. بلكي يطيرني معه على حصانه الأبيض... ويعيشني ملكة عقلبه...
تمتم ساخراً:
شو.. ملكة عقلبه!!.. ولا شغيلة عنده؟!!.. من بكرة الصبح كنس وتنضيف, وروحة عالسوق.. وبالليل... جارية تحت إجلين حضرته!!...
شهقت:
إييييه فشرت... سوريانا الأكرمي ما بتكون جارية لأي زلمة مفكر حالو رجال بنوب..
رد بفخر:
ولهيك يا بنت الأكرمي جيتك من آخر البلاد لأنقذك من مصيرك الأسود....
حاجة عاد.... بيكفيك غرور وكأنك بتعمل فيني معروف... وأنا اللي أصلاً راح أرأف بحالك وأقبل فيك احسان ونبل أخلاق مني, بدل ما أبتلي فيك وتقتل حالك يا عمري....
هز رأسه باعتراض:
ما تعذبي حالك خانو... الصبايا من كترهم طق الموبايل من كتر مسداتون... بس أنا ما مافي جوات قلبي غير سوريانا وبس...
لعبت بعينيها متنهدة:
آه... خلاص يا معتز, حزنت قلبي... راح أوافق وأمري لله... أديش باقي تنوصل؟...
حوالي عشرين كيلو بس.. خبرتِ أهلك إني معك؟...
لا.. ما حكيت مع حدا... حبيت تكون مفاجاة.. أمي راح يطير عقلا...
طبعاً من وين راح تلاقي عريس متلي!!...
لا يا قلبي مو من شانك... بس ميشان بنتها حبيبتها بدا تتزوج... طول عمرا بتحلم بيوم زواجي..
ليش تركتك لكان تتعلمي بعيد في العاصمة, والمدينة القريبة من ضيعتكم فيا جامعة منيحة؟!!..
ما بعرف.. هي أصرت على بابا أني أكمل دراستي في العاصمة, ما بتذكر السبب, بس بابا كان معصب كتير وكان معترض.. بس ماما إلها دلال كبير على الشيخ حامد الأكرمي.. ما بيقدر يردلها طلب ولو شو ما صار... فاهم يا معتز بيك... أنا هيك اتربيت..
لا.. لا يا عيوني... أنا في بيتي أرجل من أي رجال.. فتحي عيونك منيح أنا معتز السوالمي...
حدجته بنظرة مذهولة وعندما لمحت ابتسامته الشريرة غمغمت وهي تشيح بعينيها في الإتجاه الآخر:
أووووف.. أديشك غليظ.. ما بعرف كيف بتحمل سخافاتك هاي!!...
لأنك بتموتي فيني.. واضح وضوح الشمس...
تنهدت بصعوبة إذ أصبح الجو خانقاً مع ازدياد الحرارة داخل السيارة.... وفجأة أصدر الموتور أصوات غريبة وبدأت السيارة تتباطئ حتى توقفت تماماً...
حدقا ببعضهما, فتساءلت:
شو صار... ليش وقفت؟
هز أكتافه:
ما بعرف.... ما سمعتِ صوت الموتور؟!.. الله يستر...
كام باقي تنوصل؟..
شي.. عشرة كيلو... راح افتح الكبوت وإنتِ اقعدي ورا الدريكسيون, لما أعطيكِ إشارة, دوري الموتور..
ردت بتأفف:
أوك... بلكي الموضوع بسيط.
ردد وهو يخرج من السيارة:
إن شاء الله...
اختفى خلف غطاء الموتور وسمعت أصوات احتكاك أشياء ببعضها ثم ظهر رأسه من خلف الغطاء المعدني:
سوريانا حياتي.. دوري الموتور...
أدارت المفتاح في الكونتاكت.. أصدر الموتور نفس الحشرجة التي تدل على استحالة إكمال الطريق وهو على هذا الحال....
صاحت بصوت ملول:
شو يا فارس الفوارس... صلحت الموتور؟!!...
أغلق غطاء الكبوت بانزعاج واضح ووقف جوارها وهو يمسح يديه مما علق بها من شحوم بخرقة قديمة:
ما بعرف... بظن محتاجة ميكانيك متخصص...
وضعت رأسها متأوهى على عجلة المقود:
آه... يا ربي شو ها الورطة هاي... اتطلع حواليك بلكي تلاقي حدا يساعدنا...
لوح بيديه بعصبية:
أتطلع حواليي!!.. اتطلعي إنتِ منيح وشوفي, ولا شي على مد البصر غير الجبال والصخور.. وكأنا مقطوعين عن العالم... كيف أهلك لساتهم عايشين في ضيعة متل هاي؟!!...
معتز.. اترك أهلي بحالهم هلا, وشوف لنا حل لها الورطة...
طال الوقت بانتظار أن تمر أي سيارة أو أي مخلوق بلا جدوى... خرجت من السيارة زافرة الهواء الساخن بقوة من صدرها لعلها تشعر ببعض البرودة:
يا الله.. أديش الجو حر!!... أنا بمشي..
رد بملل:
لفين يا سمو البرنسيس؟!!..
لأي محل.. أكيد بنلاقي شي حدا...
سوريانا.. وقفي ما بصير هيك....
لم تستمع له وهي تمشي بسرعة مبتعدة عنه... لحق بها وأمسك بيدها:
حبيبتي.. اهدي شوي...
أهدا!!.. أهدا!!.. ما بدي أهدا.... بكفينا هدوئك الطافح وبزيد... أما أنا فبحمل حالي وبنقلع من هون... وأنت ما تعذب حالك, خليك هون ولما بوصل لمكان ببعت لك نجدة!!..
زفر بعصبية وهو يحكم إغلاق أبواب السيارة, ثم لحق بها يحاول إمساك يدها فدفعته بعيداً دون أن تنظر تجاهه... ظلا يسيران على الطريق بما يقارب الساعة حتى صاحت بارتياح:
معتز... اتطلع لهونيك...
وين؟
هونيك... شوف في خيمة... أكيد بنلاقي فيا شي أو حدا بيدلنا على الطريق وبيساعدنا..
أطرق معتز برأسه قائلاً بضيق:
وشو رأي حضرتك لو طلع قاتل متسلسل, بيذبحنا أنا وياك وبيقبرنا بمكانا ولا من شاف ولا من دري!!....
معتز حبيبي.. إنت بتشوف أفلام أمريكي كتير... بطل هاي العادة مش صحية بالمرة... عندي حل.. إنت خليك هون وأنا بروح للخيمة, لو صار وطلع الرجال قاتل متسلسل, بيقتلني وإنت بتلحق حالك وبتفل... شو رأيك بالخطة هاي؟؟
قالت كلماتها بغيظ وبدأت في السير باتجاه الخيمة المنصوبة بعيداً عن الطريق بعشرات الأمتار.. ابتسمت في نفسها عندما سمعت خطوات معتز خلفها بعد دقائق يرغي ويزبد...
وصلت للخيمة لاهثة وقد نال منها الحر والعطش....
نادت بصوت كاد أن يختفي من شدة الإنهاك:
يا أهل الخيمة... في حدا هون؟
رمقت معتز بنظرة فوجدت ابتسامته المقيتة المنتصرة تلوح على وجهه, فعلا صوتها بعناد:
يا أهل الخير... في حدا سامعني؟... يا....
كادت تدخل من باب الخيمة المفتوحة عندما اصطدمت بجبل صخري نبت فجأة في طريقها... شهقت متراجعة وكل كلمات معتز عن القاتل تعود لرأسها دفعة واحدة وهي تتطلع للرجل الطويل برهبة وخوف شديدين...
الفصل الثاني
بادلها النظرات المتعجبة, وراح يفصل جسدها بنظراته الوقحة متطلعاً لثوبها القصير وحمالاته الرفيعة وفتحة صدره المتسعة باستخفاف...
كان بدوره يملك مظهراً مرعباً بعمامته التي يلفها على رأسه بشموخ, وعينيه الضيقتين, فبدا لونهما في الظل أشبه بعيني أسد متربص بفريسته, وزادت لحيته السوداء الخشنة من مظهره المخيف...
أنزلت عينيها على قميصه المفتوح الصدر يظهر منه شعره الكثيف, ثم إلى سرواله الشامي المتسع والضيق عند الكاحلين... أفاقت من تحديقها على صوته الرجولي المتكامل والذي أصابها بصدمة أخرى:
شو... مين إنتو وشو بتعملوا هون؟
انعقد لسانها فجأة ولم تدري ما تقول.. وبدوره لم يبعد عينيه عنها لحظة واحدة حتى عندما تدخل معتز ليشرح ما حدث.. ولكنه لم يلتفت إليه أو يعلق على أي مما قال....
اضطر معتز مع هذا التجاهل للتدخل مرة ثانية ليمنع ما يحدث من إقصاء لوجوده فوقف بينه وبين سوريانا ليقطع سيل النظرات المتبادل بينهما ويعيد كلماته بصوت أعلى:
هاد يا شيخنا الكريم.. كنت بحكي لك إن سيارتي أنا وخطيبتي اتعطلت, وكنا بنسأل لو بتعرف بشغلات الموتور أو بتعرف حدا بيعرف؟...
رد الرجل بصوته القوي:
وإنتو لوين طريقكن؟...
رد معتز:
ضيعة ال... الشو..؟.. حياتي.. شو اسمها ضيعتكم؟
ردت بصوت خافت, محاولة تجاهل عينيّ الغريب المحدقتين:
ضيعة "أم الطنافس"
همهم الرجل رافعاً حاجبيه بتعجب:
أنت وياه من "أم الطنافس"؟.. متأكدين!!... أنا من هونيك, وما شفتكو من قبل
باشر معتز بالشرح:
إحنا كنا في....
قاطعته سوريانا بحدة مبالغ فيها:
معتز... ما تحكي حكي ما له طعمة... اتكلم في المفيد اسأله إن كان فيه يساعدنا بس...
غمغم معتز بإحراج:
معك حق... لو ممكن يا سيدي....
قاطعه الرجل برد فاجئهما معاً:
لأ.. ما فيني...
صاحت سوريانا بانفعال:
شو!!...
رد الرجل بشبح ابتسامة كان لها تأثير مدمر على ما تبقى من أعصابها:
اتطلعي وراك... الشمس غربت... وقبل ما يطلع الضو ما فينا نتحرك من هون...
نظرت خلفها وفوجئت بالليل وقد أسدل أستاره الثقيلة على الكون حولها فشهقت بذهول:
بالسرعة هاي!!... من شوي كان الضو مالي الدنيا... شو صار؟!...
رد الرجل بصوته الرخيم:
في الصحرا غير المدينة... في لحظة بيكون النهار, وقبل ما تفتحي عيونك وتغمضيون بتلاقي الليل إجا...
نظرت لمعتز وسألته:
شو بنعمل هلا؟..
رفع صديقها أكتافه بعجز لتدرك كم هو قليل الحيلة في المواقف الصعبة... تدخل الرجل الغريب:
تقدروا تتقبلوا ضيافتي ساعات الليل... الخيمة ممكن ما تكون قد المقام.... بس...
وافق معتز بالرغم من نظراتها المستاءة:
تسلم يا أخي... بس ما نكون راح نزعجك؟
كلياتون كام ساعة, فيني أتحمل.. اتفضلي أختى.. خِدي راحتك والعشا على النار...
تلفتت حولها متسائلة:
أي نار؟!!..
لكزها معتز هامساً:
مجازاً يا حبيبتي..
رد الرجل بصوت فيه نبرة غضب:
ولو يا خيو... العرب أهل كرم, ولو مافي بجيوبنا ولا قرش.. سفرتنا ما بتنضب بنوب للغريب قبل القريب...
تمتم معتز بوجه محمر من الإحراج:
والله ما قصدت الإهانة بس...
أومأ الرجل برأسه متفهماً:
ارتاحوا هلا... وبنحكي بعدين.. الليل لساته في أوله.... بعتذر منكو مضطر راح غيب شوي وارجع... اتضيفوا وارتاحوا, الخيمة فيها المي والشاي والقهوة...
رفع شاله ليلتف حول عنقه وانطلق ليبلعه ظلام الليل في ثواني...
دخلت سوريانا مع معتز للخيمة لتتهالك على الوسائد المحيطة بجدران الخيمة من الداخل وقد توسطها ركوة النار ووضع عليها أبريقان, أحدهما للقهوة والآخر للشاي..
جلست تئن من آلام قدميها التي لم تشعر بوجعهما إلا الآن..
سألها معتز بقلق:
إنت بخير حبيبتي, فيك شي؟
لا أنا منيحة... بس رجليا بتموتني, معتز.. شو بك سرحان؟...
هاد الرجال.. ما بعرف... نظراته غريبة... كان بياكلك أكل... والله لو ما كنا محتاجينه كان أكل مني قتلة... كانت نيمته في سريره أسبوعين!!...
ردت بنبرة ساخرة:
بالله جد!!.. من إمتى ها الشهامة والرجولية يا سبع الفلا؟!!...
صاح بانفعال:
سوريانا!!... شو قصدك؟!... إني ماني رجال!!...
ردت ضاحكة:
لا يا حبيبي.. إنت رجال ونص... بس كنت مستغربة.. من امتى بتغار؟
رد حانقاً:
ماشفت رجال اتطلع فيك بها الطريقة من قبل.. العمى يضربه خلا الدم يفور بعروقي.
حاجة بقى... راح أصدق حالي إنك فعلاً بتغار.... اسمع الظاهر إنو صاحبك رجع وكأني سمعت صوت حصان...
استمع حتى تأكد من صوت الحصان, وبعد قليل سمعا صوت نحنحة خشنة وكأنه ينبئ عن وجوده, ثم دخل يحمل بيده صرة كبيرة:
السلام عليكم... بعتذر اتاخرت عليكم... إن شاء الله مرتاحين...
تطلعت سوريانا حولها بتأفف ثم ردت بتكبر:
منو باوتيل فايف ستار.. بس ماشي حاله..
تطلع لها معتز مذهول من تصرفها, بينما كتم الرجل ضحكة أثارت غضبها أكثر, ثم فتح الصرة لتفاجئ بما لذ وطاب من أطعمة, جبنة.. وقشدة.. وخبز محلي..
كان منظر الطعام يسيل اللعاب, خاصة أنها تعشق رائحة جبن الماعز والقشدة ذات النكهة الغريبة والتي لا تجدها إلا في ضيعتها...
انقض معتز على الطعام بنهم شديد, حاولت مجاراته ولكن نظرات الغريب ظلت تنغزها, فراحت تتذكر إن كانت تعرفه من قبل... يبدو أنه من ضيعتها, فلا يوجد أي ضيعة أخرى بالجوار... أنهت تناول لقيماتها بعد أن تسببت نظراته لها بعسر هضم, وواجهته بشجاعة:
شو اسمك؟...
رد بصوت فخور:
فراس.... فراس القاسمي..
أومأت برأسها مفكرة..
"كنت بعرف... هيدا أخوا لزوجة أخي.. بس هلا هوا عرفني ولا لا؟... آخر مرة شافني كان عمري تسع سنين, يوم زواج أخي"
حبيبتي.... ليه ما أكلت؟
ردت دون أن تحيد بعينيها عنه:
شبعت...الحمد لله
مد فراس لها يده بالشاي:
اتفضلي الشاي.. بيدفيك...
كانت تمد يدها لتأخذه منه عندما لاحظت السخرية في جملته وهو يرمق ملابسها باستهانة, فردت بتبجح:
ليش عم تطلع فيني هيك؟... ما في بنات عندكو بالضيعة؟
رد باستخفاف وهو يرشف من كأس الشاي الذي تجاهلته:
أكيد عنا بنات... حلاوتون مخباية بحجابون... من شان هيك غلاوتون بزيادة في قلوب رجالهن..
انتفضت متعصبة:
شو بتقصد بالضبط؟..
ربت معتز على ذراعها مهدئاً:
اهدي حبيبتي.. الرجال ما قصدوا..
صرخت بحدة:
لا قصدوا.... إنت ما شفت كيف بيتطلع فيني, وكإنه بيخلع تيابي بعيونه.!!...
رد مقهقهاً:
تياب!!.. أي تياب؟!!... بتسمي القطع اللي عليكي تياب؟!... بالكاد ساترة حالك...
صاح معتز بتوتر:
سيد فراس أرجوك ما تتجاوز حدودك... خطيبتي معي, ولو جرحتا معناتو إنك بتقلل من قيمتي بعيونا.
أوما فراس برأسه:
آسف... يمكن تيابون لأهل المدن بتختلف عن تياب الضيعة, بس الرجال هنا وهنيك واحد... المفروض ما تسمح لخطيبتك تلبس هيك تياب ما بتترك شي للخيال.. ولا مانك رجال؟....
أطرق معتز برأسه بينما هم فراس بالخروج من الخيمة عندما سمع معتز يحدثها محاولاً تهدئتها ويديه تربتان برقة على ظهرها:
سوريانا حياتي... اهدي شوي....
تسمر فراس في مكانه ثم عاد يتطلع إليهما متسائلاً بحذر وكأن اجابتهما ستتوقف عليها دمار الكون:
اسمك... سوريانا؟.... من أي عايلة إنتِ؟...
ردت بفخر شامخة بأنفها:
من عايلة الأكرمي... أنا سوريانا الأكرمي....
ولم تفهم سر غضبه الشديد ولا سبب قبضتاه المنقبضتان بقوة حتى يكاد يعتصر الدماء منهما, وبصوت لم تسمع بحدته من قبل صاح لترتعد فصائلهما رعباً صرخ يحدث معتز:
إيم إيدك عن مرتي....
مواضيع متعلقة
بص وطل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.