تضمّنت فعاليات اليوم الثاني والأخير من مؤتمر الشارقة الأول "رأس المال البشري والتنمية المستدامة"، العديد من المحاور الحيوية التي تهدف إلى تعزيز مكانة رأس المال البشري الوطني في العملية التنموية . وحملت الجلسة الأولى من المؤتمر عنوان "العلاقة بين تطوير الموارد البشرية وتحقيق التقدم الاقتصادي المستديم"، واستضافت مجموعة من الأكاديميين المتخصّصين في مجال تنمية الموارد البشرية، وتحدّث فيها الدكتور آندي كلين، الأستاذ المساعد في الإدارة في الجامعة الأمريكية في الشارقة، عن الواقع مقابل الثقافة التنظيمية المثالية، مركّزاً على نتائج دراسة ميدانية أجريت في دولة الإمارات، بهدف عرض وصف مفصل وتحليل لأنواع الثقافات السائدة في شركات الإمارات، ومن ثمّ مناقشة أسباب ونتائج هذه الأنواع من الثقافات، من وجهة نظر كلّ من موظّفي الشركات ومديريهم على حدّ سواء . أمّا الدكتورة بينا سالم ساجي، الأستاذة المشاركة في إدارة الاستراتيجية، في كلية الأفق الجامعية، فتحدّثت عن دور هيئة تنمية الموارد البشرية في تطوير الموظفين من مواطني الإمارات، وعرضت ورقة عمل ركّزت فيها على برامج التدريب والتطوير المختلفة والمبادرات التي قامت بها هيئة تنمية الموارد البشرية في الشارقة، وإدراك ذلك بين المواطنين الإماراتيين في المنطقة . إضافة إلى تحليل البيانات الثانوية المتعلقة ببرامج التدريب المقدم في السنوات الثلاث الأخيرة من قبل هيئة الموارد البشرية، وأهمية هذا الأمر بالنسبة للمنظمات . السيدة لآلئ العالي، طالبة تعدّ رسالة الدكتوراه في جامعة مانشستر، تحدّثت عن تنفيذ استراتيجيات التوطين في منطقة الخليج العربي، مشيرة إلى أنّ توطين العمل هو عملية استبدال للعمال الأجانب من خلال خلق فرص عمل جديدة للمواطنين المحليين، وأنّ من الضرورة بمكان دراسة مفاهيم وأسباب مقاومة استراتيجيات التوطين في دول مجلس التعاون الخليجي من منظور صاحب العمل والموظف . بينما ركّز الدكتور فاروق مالك الأستاذ المشارك في جامعة زايد، في حديثه على السياسات الحالية والمقترحة لزيادة حصة المواطنين في القطاع الخاص، مشيراً إلى أنّ تنمية رأس المال البشري هو أمر حيوي لنجاح أي بلد وشعبه، والإمارات العربية المتّحدة تواجه حالياً تحدّيات رئيسة في هذا المجال، وأكّد أنّ مفتاح التحدّي على المدى الطويل يتمثّل في النسبة الكبيرة من السكان المغتربين في بلد ما، في حين أنّ مفتاح التحدّي على المدى القصير، هو النسبة الضئيلة جداً من المواطنين في ميدان القطاع الخاص، ولكن هذه التحدّيات توفّر فرصة جيدة وفي الوقت المناسب لتطوير رأس المال البشري . وتحدّثت الدكتورة ماريا جيد أوبولينسيا، الأستاذة المشاركة في كلية الأفق الجامعية، حول بناء القدرات للتنمية البشرية الفعالة والمستدامة، متخذة من الفلبين حالة للدراسة . حيث أشارت إلى دراسة في برامج تدريب مختارة ليتمّ تنفيذها لإحداث تغيير في الأفراد، ساهمت في أداء وإنتاجية مؤسسات مصائد الأسماك في الفلبين، وأظهرت نتائجها أنّ هذه البرامج التدريبية كانت فعّالة في إحداث تطور على صعيد معارف الموظفين ومهاراتهم في العمل . وركّزت الجلسة الخامسة من المؤتمر على دور الشباب في الاقتصاد القائم على المعرفة، حيث تحدث فيها الدكتور معتز خورشيد، الوزير السابق للتعليم العالي والدولة للبحث العلمي في مصر، مركّزاً على الربط بين مخرجات التعليم العالي، وأسواق العمل العربية، حيث قدّم ورقة عمل تهدف إلى دراسة العوامل المؤثرة في تعاظم نسبة البالغين العاطلين عن العمل من الحاصلين على درجات جامعية في الدول العربية، مع الأخذ في الحسبان قوى العرض (مخرجات العملية التعليمية) ومعطيات الطلب (فرص العمل المتاحة بالأسواق) . وأكّد في معرض حديثه إلى أنّ ارتفاع معدلات البطالة لا ينشأ من عدم القدرة على توفير فرص عمل كافية للخريجين فحسب، ولكن أيضاً من تقصير مؤسسات التعليم العالي العربية في إعداد خريج يتلاءم مع خصائص أسواق العمل في الألفية الثالثة . أمّا الدكتور هاني إبراهيم عطا، رئيس قسم دعم القرار في دائرة المعلومات والحكومة الإلكترونية، في حكومة الشارقة، فتحدّث عن التكامل بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل، مؤكّداً أن التنمية المستدامة تعتمد في إطارها الشامل على مدى الخبرات المكتسبة وصناعة المعرفة والمهارات التي يمتلكها رأس المال البشري من جهة، وعلى مدى التوظيف الجيّد للموارد المالية والبشرية من جهة أخرى، وذلك لتحقيق هدفها النهائي المتمثل في تحسين جودة حياة الإنسان . وبدوره شارك الدكتور كونراد غونيش، الأستاذ الجامعي في كليات التقنية العليا، في الجلسة، وتناول في حديثه الجهود التعليمية في مختلف دول العالم والإمارات تحديداً، حيث ركّز على مسألة ملء الفجوة القائمة في ما كتب دولياً حول الشباب في اقتصاد المعرفة، مضيفاً رغم وجود الكثير من المؤلفات حول اقتصاد المعرفة، إلاّ أنّ استعراض دور وعلاقة الشباب في الاقتصاد القائم على المعرفة نادر . وقدّم ورقة عمل تهدف إلى تقديم دروس وأفكار تربوية للممارسين، والمديرين، وصنّاع السياسات كاقتراحات من أجل تعزيز القدرة التنافسية لشباب الإمارات العربية المتحدة على الصعيد العالمي في مجال اقتصاد المعرفة . إضافة إلى دعم استراتيجية دولة الإمارات العربية المتحدة ورؤية ،2021 في دفع الإمارات نحو الاقتصاد القائم على المعرفة، وتعزيز القدرة التنافسية لشبابها على المستوى العالمي . وتناول الدكتور حميد الهاشمي، الباحث في الإنثروبولوجيا وعلم الاجتماع، من المركز الوطني للبحوث الاجتماعية، في لندن، التوجهات القيمية التي تتداخل في اختيار التخصصات العلمية، من جهة التخصص وصلته بالجنس أحياناً، وتوجهات الناس إلى بعض التخصصات، إضافة إلى توجهات مماثلة لاحقة تتعلق بعمل الخريجين، منها ما يتعلق بالعمل ب "مستوى" الشهادة الدراسية أو التطلع إلى منصب إداري وما إلى ذلك . وهو ما يؤثر في خطط التنمية بالإجمال ويخلّ بعملية المواءمة بين مدخلات التعليم ومخرجاته . وتحدّث الدكتور عبد الكريم درويش استشاري الإدارة في إدارة الاستراتيجية وتطوير الأداء، بالقيادة العامة لشرطة الشارقة، عن دور إدارات الموارد البشرية في إدارة رأس المال البشري في ظل الاقتصاد المعرفي، حيث أشار إلى أنّ المجتمعات الحديثة تشهد تحولاً كبيراً نحو التوظيف الأمثل للمعارف لتقديم منتجات وخدمات جديدة تتصف بالتركيز المعرفي وبات الاقتصاد يعتمد عليها بصورة جوهرية لتوليد القيم المضافة في المجتمع، ولذلك أصبح يطلق على هذا الاقتصاد مصطلحات جديدة مثل الاقتصاد المبني على المعرفة أو الاقتصاد المعتمد على المعرفة أو الاقتصاد المعرفي . مؤكّداً أنّ العنصر البشري يعدّ محور ارتكاز العملية التنموية للاقتصاد المعرفي، حيث إنّه العنصر القادر على إدارة العمليات الإنتاجية والخدمية، فهو القادر على الدراسة، والتحليل، والتفكير والتأمل والتخيّل والتصوّر، والابتكار، والتخطيط، والتنفيذ، والمتابعة، والتقويم، والتحديث بصورة مستمرة . أمّا الدكتور نامدي أو ماديتشي، الأستاذ المشارك في التسويق، بجامعة الشارقة، فركّز على تنمية المواهب في دولة الإمارات العربية المتحدة، مقدّماً دراسة تهدف إلى تسليط الضوء على بعض المفاهيم الخاطئة حول إمكانات وتطلعات الطلاب الجامعيين في جامعات الإمارات العربية المتحدة . والتي يمكن أن تترك آثارها في تنمية المواهب في البلاد، وعلى نطاق أوسع في منطقة الخليج العربي . وركّزت الجلسة الأخيرة في المؤتمر على استراتيجية وسياسة الموارد البشرية والتحدّيات التنظيمية، حيث تحدّث فيها الدكتور عبدالمنعم المرزوقي، مستشار التنمية المستدامة، في الحصن للغاز، حول آلية تطبيق معايير المسؤولية المجتمعية في الحصن للغاز حسب معايير مواصفة الأيزو ،26000 وعلاقتها بالتنمية المستدامة، مشيراً إلى أنّ المنشآت في جميع أنحاء العالم إضافة إلى أطرافها المعنية، أصبحت على دراية كبيرة بالحاجة إلى سلوك مسؤول مجتمعياً والفوائد الناجمة عن تطبيق هذا السلوك، كون الهدف الرئيس للمسؤولية المجتمعية هو المساهمة في تحقيق التنمية المستدامة بصفة عامة والتنمية البشرية لأفراد المجتمع بشكل خاص والمساهمة في تحقيق الاستغلال الأمثل لطاقاتها . أمّا الدكتور نادر كولاشي، الأستاذ المشارك في كلية الأفق الجامعية، فتحدّث عن الماركات التجارية التنافسية ونموذج التنمية، متخذاً من نهج الإمارات العربية المتحدة لرأس المال البشري في عام ،2020 نموذجاً . وقدّم ورقة عمل ركّزت على العلامات التجارية المنافسة على المستوى الفردي، وعلى المستوى القطري، من أجل تطوير رأس المال البشري المطلوب في السنوات الخمس أو السبع المقبلة . حيث تدرس الورقة معايير الكفاءة من خلال العلامة التجارية عبر النموذج المقترح المسمّى نموذج العلامات التجارية التنافسية والتنمية(CBD) وهو نموذج يتحدّث عن العوامل المهمّة للعلامة التجارية والاختصاص . بدوره ركّز الدكتور جاي سكالي، الأستاذ المشارك في الاقتصاد، بالجامعة الأمريكية في الشارقة، على عوائد التعليم والخبرة المتوقعة في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث قدّم ورقة عمل مستندة إلى دراسة استخدمت عينة من 043 .30 عاطلاً عن العمل معظمهم من الإماراتيين، وعينة فرعية من 376 من الإماراتيين العاملين، مستمدة من قاعدة بيانات هيئة "تنمية" لتقدير العوائد المتوقعة على التعليم والخبرة في دولة الإمارات . وتحدث الدكتور ميراج نعيم، الأستاذ المساعد، في كلية الأفق الجامعية، عن روّاد الأعمال الاجتماعيين الذين يعدّون وكلاء التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة، وأشار إلى أنّه لا يمكن لأهمية خلق القيمة الاقتصادية أن تتقوض بالمقارنة مع القيمة الاجتماعية، ولكن هناك حاجة إلى تحقيق التوازن بينهما، كما أكّد ضرورة وجود ارتباط بين الأسباب والأعمال الاجتماعية لتحقيق "النمو الاقتصادي المستديم" . مشيراً إلى أنّ أكثر الطرق فعالية في تحقيق التنمية المستدامة تتمّ من خلال أروقة "الريادة الاجتماعية" . بدورها تحدّثت الدكتورة لينزي كيمب، الأستاذ المساعد في الجامعة الأمريكية في الشارقة، حول الآثار المترتبة على التوظيف في المؤسسات متعددة الجنسيات، متخذة من إحدى مؤسسات الإمارات العربية المتحدة، العاملة في مجال الصناعة، نموذجاً لدراستها . مشيرة إلى الأساليب الممكنة لتحسين فعالية نهج هذه المؤسسة في التوظيف، عوضاً عن الاتصال مع وكالات التوظيف عن بعد، أو مع مكاتب العمل الحكومية . اتفاقية بين "العمل" و"الموارد البشرية" في الشارقة شهد سمو الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي ولي عهد ونائب حاكم الشارقة توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة العمل ودائرة الموارد البشرية بحكومة الشارقة بهدف تعزيز قدرات المواطنين ودعم سياسة توظيفهم وتنسيق وزيادة مجالات التعاون المشترك بينهما في مجالات الاختصاص كافة . كما شهد توقيع مذكرة التفاهم صقر غباش وزير العمل، وذلك على هامش أعمال مؤتمر الشارقة الأول "رأس المال البشري والتنمية المستدامة" . وقع المذكرة مبارك سعيد الظاهري وكيل وزارة العمل وطارق سلطان بن خادم رئيس دائرة الموارد البشرية بحكومة الشارقة بحضور الدكتور بيتر هيث مدير الجامعة الأمريكية بالشارقة ورؤساء ومديري الدوائر الحكومية في إمارة الشارقة . وتنص مذكرة التفاهم على وضع إطار عام للتعاون الشامل بين الطرفين في المجالات كافة المهنية والعلمية بما يساهم في تحقيق الرؤية الاستراتيجية لوزارة العمل ودائرة الموارد البشرية والعمل على تعزيز القدرات التنافسية للكوادر البشرية المواطنة ودعمها لدخول سوق العمل في القطاع الخاص . وتهدف المذكرة إلى دعم سياسة توظيف المواطنين في وحدات القطاع الخاص كافة بما يساهم في تحقيق الرؤية الإستراتيجية لدولة الإمارات العربية المتحدة 2021 . كما تهدف إلى تنسيق الجهود بين الطرفين بما يضمن إتاحة الفرصة للباحثين عن عمل المسجلين بقاعدة البيانات لدى دائرة الموارد البشرية بالشارقة للحصول على وظائف في القطاع الخاص . (وام) الموارد البشرية رافد أساسي للتنمية في ختام اليوم الأخير من فعاليات مؤتمر الشارقة الأول رأس المال البشري والتنمية المستدامة ، أكد العديد من خبراء التنمية البشرية المشاركين في المؤتمر، نجاح المؤتمر وتمكنه من ملامسة واقع التنمية في الإمارات، حيث قال الدكتور اندي كلين أن علم الموارد البشرية أصبح من أهم أدوات تقدم مجتمعات العمل في الكثير من دول العالم بما فيها الإمارات، وأصبحت الموارد البشرية رافداً أساسياً من روافد تحقيق التنمية المنشودة لأي مجتمع، لما لها من قدرة على تسويق الكوادر البشرية وتمكينها من المنافسة على الحصول على فرص عمل تلبي تطلعات تلك الكوادر، خاصة وانه أصبح هنالك ما يعرف بالاقتصاد المعرفي الذي يركز على تنمية المورد البشري باعتباره من أهم الموارد التي يمكن لها أن تنهض بالمجتمعات .