في انعطافة مباغتة في سياسة المستشارة الألمانية الحديدية تجاه أزمة القرم، قالت انجيلا ميركل انها "لا تعارض" استمرار علاقات الشركات الألمانية مع نظيرتها الروسية. وجاء هذا التصريح بعد لقاء المستشارة مع رئيس اتحاد الصناعة الألماني، وبعد لقاء رئس شركة سيمنز العملاقة مع الرئيس الروسي بوتين. أقرت ميركل، بعد لقائها مع الرئيس الكوري الجنوبي بارك غوين هاي، بان العلاقات الاقتصادية مع روسيا مستمرة كما هي في السابق "ولكن على الجانب الروسي ان يفهم ان المزيد من التجاوز على الأعراف الدولية سيؤدي إلى ردود فعل قاسية". وجاء تصريح ميركل بعد استفسار لأحد الصحافيين حول ما إذا كانت تعارض لقاء جو كريسر، رئيس عملاق الصناعة الألمانية سيمنز، مع الرئيس بوتين. وأضافت انها التقت للتو مع اولريش غريللو، رئيس اتحاد الصناعة الألمانية، الذي أكد لها "ان للقيم تأثيراً كبيراً على الاقتصاد أيضاً، لأن الاقتصاد يعتمد على الثقة"، وهو ما يكشف معارضة اتحاد الصناعة الألماني للمقاطعة الاقتصادية. وعبرت ميركل عن أملها ان يجري تجنب المقاطعة الاقتصادية لروسيا بسبب أزمة القرم، وأكدت انها تعمل على تخفيف حدة الموقف. وتشير احصائيات وزارة الخارجية الألمانية، بشأن العلاقات الاقتصادية الألمانية الروسية، أن الشركات الألمانية تعتمد إلى حد كبير على التعاون الاقتصادى مع روسيا، حيث يزيد حجم التبادل التجارى بينهما عن 76 مليار يورو فى 2013. هذا فضلاً عن 6000 شركة ألمانية تقدر استثماراتها فى روسيا بنحو 20 مليار يورو، وتوفر 300 ألف وظيفة للشباب الألمانى. "لحسن الحظ" وخففت ميركل من حدة العقوبات التي ينتظر فرضها على روسيا بالقول "لحسن الحظ لم تبلغ العقوبات الدرجة التي تشمل بها روسيا، وتشمل حالياً مقاطعة المنتجات من شبه جزيرة القرم". وقالت ان الهدف من العقوبات ليس تصعيد الموقف، وانها تعمل على تخفيف حجدة التوتر في الموقف بين الغرب وروسيا. وتعتبر ألمانيا من أكبر دول الاتحاد الأوروبى المصدرة لروسيا، ترتفع دخول الشركات العاملة في ألمانيا إلى أكثر من 40 مليار يورو. ويمكن للمقاطعة أن تؤثر في صادرات المكائن، وخصوصا السيارات والسكك والكومبيوترات. وكانت شركة فولكس فاجن الألمانية تتطلع بأمل إلى اتفاقيات تتيح لها توظيف 1.8 مليار يورو فى أوروبا الشرقية في مجال السيارات حتى سنة 2018، وسبق لشركة أوبل أنها قد باعت 80 ألف سيارة لروسيا فى 2013، وما زالت تؤمل النفس بمبيعات أكبر عام 2014. "مطبات جوية طارئة" وصف جو كريسر، رئيس شركة سيمنز، الخلافات الاقتصادية الألمانية الروسية بأنها ليست أكثر من"مطبات جوية طارئة" لن تؤثر في الهدف البعيد لطائرة الاقتصاد الألماني. وقال كريسر للقناة الثانية في التلفزيون الألماني (زدف) ان زيارته تم التخطيط لها بدقة وان المستشارة انجيلا ميركل كانت على اطلاع بالزيارة، وعلى لقائه مع الرئيس بوتين في موسكو. وقيّم كريسر العلاقات الاقتصادية الألمانية الروسية على أنها علاقات "ملؤها الثقة". وأشار إلى ان سيمنز تحتفظ بعلاقات مع الشركات الروسية منذ 160 سنة، وخصوصاً في مجالات السكك الحديد والمكائن والتقنيات الإلكترونية. وأثار هذا التصريح العديد من التساؤلات حول قائمة الحظر الاميركية التي شملت اسم فلاديمير ياكونين، رئيس شركة السكك الحديد الروسية، الا انه لم يصدر أي رد فعل أميركي حتى الآن حول هذا الموضوع. علماً ان سيمنز تصدر منتجات تزيد قيمتها عن 3 مليار سنوياً إلى الشركات الأميركية. وعبر كريسر عن ثقته أن تحل المشاكل مع روسيا عبر الحوار مضيفاً "يجب أن نبقى على اتصال، أن نتحاور، وان نتوصل إلى حلول". المقاطعة الاقتصادية "أداة غبية" قبل تصريحات ميركل "المرنة" تجاه المقاطعة الاقتصادية لروسيا، تحدث المستشار العجوز هيلموت شميدت عن"تفهمه" لسياسة روسيا تجاه القرم. وامتدح شميدت، الذي انتخب مرة كأفضل مستشار في تاريخ ألمانيا، موقف انجيلا ميركل "الحذ" تجاه المقاطعة، لكنه انتقد سياسة الولاياتالمتحدة وحلفاءها الغربيين تجاه روسيا. ووصف الثعلب الاشتراكي العجوز سياسية المقاطعة بال "أداة الغبية"، مشيراً إلى أنها، وان كانت ذات طبيعة "رمزية"، إلا انها تضر بالغرب قدر ما تضر بروسيا. وجاءت تصريحاته تلك في مقابلة مع جريدة "تزايت" الاسبوعية، الواسعة الانتشار، والتي يترأس مجلس تحريرها رغم تخطيه سن التسعين. وكان المستشار الاشتراكي السابق جيرهارد شرودر أول من انتقد سياسة المقاطعة الاقتصادية ضد روسيا وطالب بانهائها. ويعتبر شرودر مهندس اتفاقية الغاز بين ألمانياوروسيا، كما انه يحتل مقعد شرف في المجلس التنفيذي لشركة غازبروم الروسية التي تصدر الغاز إلى ألمانيا وأوربا عبر الأنابيب الستراتيجية التي تمر عبر اوكرانيا. ايلاف