تسبب إلغاء سقف الزيادة الإيجارية في أبوظبي في رفع الإيجارات السكنية بنسب متفاوتة، وصلت في حالات إلى 128%. وقال مستأجرون إن إيجار الوحدات السكنية ارتفع بنسب راوحت بين 33 و128% بعد إلغاء سقف الزيادة الإيجارية، وإنهم لا يجدون شققاً بديلة بأسعار مناسبة، لافتين إلى أن الارتفاعات الإيجارية طالت المناطق المحيطة بمدينة أبوظبي. وأكدوا أن المشكلة تكمن في غياب نظام معين يتم على أساسه زيادة الإيجار، مطالبين بوضع حد أقصى للزيادة الإيجارية، وعدم السماح للمالك بزيادة الإيجار كل عام، وتوفير وحدات سكنية لذوي الدخل المحدود. من جانبهم، قال ملاّك إنهم تعرضوا لخسائر كبيرة، نظراً لتحديد سقف الزيادة ب5% على الأكثر، مشيرين إلى أن عائدات الإيجارات تكفي بالكاد للإنفاق على الخدمات وعمليات صيانة المباني. زيادات إيجارية وتفصيلاً، قال المستأجر أنور حسان، إن المالك قرر رفع إيجار الشقة التي يسكن فيها في منطقة «بين الجسرين» بأبوظبي من 30 ألفاً إلى 45 ألف درهم سنوياً، بنسبة زيادة بلغت 50%، ما اضطره للبحث عن شقة أخرى بعد أن أمهله المالك شهراً للدفع أو إخلاء البيت. وطالب حسان بتوفير وحدات سكنية لذوي الدخل المحدود، مشيراً إلى أن نسبة قليلة من السكان قادرة على تحمل هذه الزيادة، إذ يحصلون على مرتبات عالية أو يأخذون بدل سكن من الجهة الحكومية التي يعملون لديها. من جهته، قال المستأجر، سامر موفق، إنه يسكن في شقة مكونة من غرفتين وصالة في منطقة «مصفح»، بإيجار يبلغ 35 ألف درهم سنوياً، إلا أن المالك أبلغه برفع الإيجار إلى 80 ألف درهم دفعة واحدة، بزيادة نسبتها 128%. وأضاف أن المالك طلب منه أن يتخذ قراراً حتى أغسطس المقبل، موعد تجديد العقد، قائلاً بحيرة إنه خرج من مدينة أبوظبي بعد ارتفاع أسعار الشقق السكنية فيها بشكل مبالغ فيه، ولجأ إلى «مصفح» باعتبارها أقل أسعاراً. وعرضت المستأجرة (أ.د) تجربتها مع السكن، قائلة إن المالك رفع إيجار الشقة السكنية من 60 ألف درهم إلى 80 ألفاً سنوياً، بزيادة نسبتها 33%، مؤكدة أن مبلغ الزيادة كبير ولا يمكن تحمله. وأضافت أنها بحثت في منطقة «بني ياس» خارج مدينة أبوظبي، فوجدت وحدة سكنية مناسبة بإيجار سنوي يصل إلى 60 ألف درهم سنوياً، ما يدفعها إلى تكبد مصروفات تنقل كبيرة، مشيرة إلى أن الزيادات طالت مناطق عدة في الإمارة بشكل تقلصت فيه خيارات البحث المختلفة. وكشفت عن أنها قررت ترك عملها، والتوجه إلى دبي بحثاً عن عمل وسكن أرخص من أبوظبي. أما المستأجر جورج نجيب، فقال إن المالك رفع إيجار شقته السكنية في منطقة الكورنيش من 70 ألفاً إلى 130 ألف درهم، بنسبة 85%، ما سبب له أزمة كبيرة، مؤكداً أنه يفكر جدياً في إعادة عائلته إلى بلده، لخفض كلفة السكن. ولفت إلى أن من الصعب عليه اتخاذ هذا القرار، في وقت يجد فيه صعوبة في إيجاد بديل بسعر معقول، نظراً إلى أن الارتفاع شمل مختلف المناطق. وفي السياق نفسه، قالت المستأجرة سارة محمد، إن المالك رفع إيجار شقق البناية التي تقيم فيها في منطقة الخالدية بجوار «كورنيش أبوظبي» من 70 إلى 120 ألف درهم، بنسبة زيادة تبلغ 71%، وإنها تبحث منذ فترة عن بديل في المنطقة نفسها، لقربها من مقر عملها، إلا إنها لم تجد حتى الآن بديلاً بسعر معقول. وأوضحت أن المشكلة تكمن في غياب نظام معين يتم على أساسه زيادة الإيجار، إذ إن الأمر متروك لرغبة كل مالك على حدة من دون قانون أو نظام يحدد ذلك. من جانبه، قال المستأجر سمير محمد، إن مالك البناية التي يسكن فيها وسط أبوظبي رفع إيجار الشقة التي يستأجرها منذ سبع سنوات من 50 ألفاً إلى 100 ألف درهم، بنسبة زيادة وصلت 100%. وطالب محمد بوضع حد أقصى للزيادة الإيجارية، وعدم السماح للمالك بزيادة الإيجار كل عام، نظراً لأن ذلك يوّلد أزمات مالية خانقة بالنسبة لمعظم سكان المدينة من الوافدين، ما قد يجبرهم على الرحيل وترك أعمالهم. ارتفاعات كبيرة الزيادات وفق رغبة الملاك قال الوسيط العقاري، مصطفى عويضة، إنه لا يوجد نظام معين استند إليه الملاك في الزيادات الإيجارية، مؤكداً أن الزيادات كانت وفقاً لطبيعة ورغبة الملاك أنفسهم. وأضاف أنه بينما طلب ملاك زيادات تجاوزت 100%، قرر آخرون عدم رفع الإيجار خلال العام الجاري، لاسيما في الإيجارات الحديثة، بينما طلب آخرون زيادة ال5%. إلى ذلك، قال استشاري العقارات في شركة «الزعيم» للوساطة العقارية، غيث السكري، إن «القيم الإيجارية تشهد ارتفاعات كبيرة في أبوظبي، بعد إلغاء سقف الزيادة، خصوصاً بالنسبة للإيجارات القديمة التي مضى عليها فترة تزيد على خمس إلى سبع سنوات، إذ ارتفعت من 40 أو 50 ألف درهم، إلى 100 ألف درهم دفعة واحدة، بنسب ارتفاع تصل إلى 100%، وأحيانا تزيد على ذلك». وأضاف أن «ارتفاع الأسعار وصل إلى المناطق المحيطة بأبوظبي»، معتبراً ذلك نتيجة طبيعية لارتفاع الطلب بشكل كبير، ورغبة كثيرين في الخروج من المدينة بعد ارتفاع الأسعار فيها، باعتبار أن أسعار الشقق في المناطق الخارجية كانت تقل بنسب تزيد على 30% عن نظيرتها داخل المدينة. خسائر مالك إلى ذلك، قال المالك صقر بن سيف، إنه يمتلك أربع بنايات في أبوظبي، وإنه تعرض لخسائر فادحة نتيجة للقانون السابق بعدم الزيادة السنوية على 5%. وأضاف أنه اشترى بناية من بنك بسعر 70 مليون درهم، في وقت كان فيه الإيجار الكلي للبناية أربعة ملايين درهم سنوياً، بينما هو ملتزم بدفع سبعة ملايين درهم سنوياً للبنك، ما يضطره إلى دفع الفارق بصعوبة كبيرة، مؤكداً أن عائد البناية من الإيجارات يغطي بالكاد مصروفاتها، وينفق على عمليات الصيانة من دون تحقيق أرباح. وأفاد بأن كلفة البناء ازدادت بشكل كبير خلال السنوات الماضية، إذ وصلت كلفة بناء بعض البنايات إلى 50 مليون درهم، ما يجعل الاستثمار في مجال العقارات غير مجدٍ. أما المالك سليم الهاجري، فذكر أن عدداً من الوحدات السكنية في البناية التي يمتلكها خالية منذ سنوات، لعدم وجود طلب كبير على السكن في أبوظبي. وقال إن «نظام (مواقف) للسيارات والغرامات الكبيرة التي لحقت بالمستأجرين دفعت عدداً كبيراً منهم لتفضيل السكن في دبي والشارقة، والسكن في جزيرة الريم في أبوظبي». في السياق نفسه، قال المالك راشد محمد، إن الآلاف من الوحدات السكنية في أبوظبي خالية تماماً، نتيجة لرفض ملاك تأجيرها بأثمان لا تتناسب مع حجم الاستثمار، مؤكداً أن إلغاء سقف الزيادة سيساعد على زيادة الاستثمارات في المجال العقاري، وإضافة آلاف الوحدات السكنية إلى السوق العقارية في الإمارة. الامارات اليوم