في مطلع تسعينيات القرن الماضي بدأ الشيطان يتسلّل إلى منازلنا ببطء وطول بال، والشيطان اليوم استوطن ديارنا وصار عضواً فعّالاً في الأسرة يربّي أبناءنا معنا، يربيهم على العنف والكراهية ويبعدهم بشطارة عن الدين والتقاليد الجميلة التي كبرنا على قواعدها. فتحنا بيوتنا مرحّبين ومهلّلين بالعضو الجديد، وتركنا أبناءنا وشبابنا في خلوة معه دونما الالتفات إلى الأفكار التي يتلقّاها فلذات أكبادنا من هذا الشيطان الجديد. إنها القنوات الفضائية التي كثرت كماً وكيفاً، قنوات دينية سنية وشيعية ومسيحية وقنوات إخبارية سياسية واقتصادية وأخرى فنية درامية وأغانٍ وسينما وقنوات خاصة بالأطفال....إلخ. كانت قنوات ال «ام بي سي» من أوائل القنوات الفضائية الخاصة؛ إذا ما ذكرنا قناة «المستقبل» اللبنانية التابعة للحريري رغم أنها لم تكن بشهرة ال «ام بي سي» منذ بدايتها رسمت القناة الوليدة حينذاك لنفسها منهجاً معيناً بدا واضحاً في السنوات التي تلت ميلادها كقناة عربية لم يتضح وقتها أنها خاضعة لرجل أعمال سعودي نظراً لانفتاح القناة والتي لم يكن يتفق مع سياسة المملكة السعودية حينذاك. فالقناة هي أول قناة عربية تبث مسلسلات مكسيكية مدبلجة، ثم بعد عقد من الزمن كانت أيضاً أول قناة عربية تبث مسلسلات مدبلجة تركية، كما أنها أول قناة تعرّب البرامج الأجنبية؛ أي تبث برامج عالمية بنسخة عربية مثل برنامج «عرب أيدول» و«ذا فويس» و«عرب قوت تالنت» وكلها مسلسلات وبرامج دخيلة على ثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا؛ وكل هذا تم ويتم تحت مظلة الانفتاح والتطور وتقبل ثقافة الآخر. ولكن الأسوأ من هذا التاريخ غير المشرّف للقناة التي تناسلت خلال سنوات قليلة لتصبح شبكة كاملة من القنوات المنوّعة؛ الأسوأ هي القناة المخصّصة للأطفال «ام بي سي3». في عام 2000م شهد الإعلام المرئي الفضائي أول قناة مخصّصة للأطفال وهي قناة «سبيس تون» التي تنطلق من دولة البحرين وتمضي على منهج هو الأفضل إلى الآن بين قنوات الأطفال التي تكاثرت في السنوات الأخيرة، فالقناة لاتزال تحافظ في مسلسلاتها وأناشيدها ما يجعلنا نأمن على أبنائنا وهم يشاهدونها اختلافاً مما يحدث في قنوات أخرى مثل قنوات «ام بي سي 3» و نيكلودين التي اشترت برامجها ومسلسلاتها لاحقا قناة «ام بي سي 3» بعد إغلاق القناة وقنوات أخرى مثل «كارتون نيتورك» العربية وغيرها، هذه القنوات تحديداًَ تبث مشاهد إيحائية جنسية خطيرة بطريقة مباشرة أحياناً..!!. إن مثل هذه القنوات بالمشاهد المخلّة التي تبثها تغرس ثقافة جنسية قذرة وخطرة على أبناء تركناهم بمفردهم أمام القنوات التي تهدف إلى هدم جيل بأكمله من شأنه أن يغيّر مستقبلاً بأسره، فأطفالنا يتربّون على أيدي هذه القنوات الخطيرة ليصيروا شباباً مراهقين تتلقفهم قنوات أخرى مثل «ام بي سي 2» و«ام بي سي ماكس» وغيرها من القنوات كقنوات «روتانا» وبعض القنوات المصرية الخاصة التي انتشرت كما ينتشر النار في الحطب. الكثير من أولياء الأمور يتركون أبناءهم لوحدهم مع التلفاز وثالثهم الرسيفر الذي ينقلهم بضغطة زر على الريموت كونترول إلى عوالم لا تتفق وبراءتهم، المهم أن يرتاح أولئك الآباء من شقاوة الأبناء فيرمونهم في أحضان الشيطان الأكبر. ثمة قنوات موجّهة إلى الأطفال يجب الإشادة بها كقنوات «طيور الجنة» وقناة «نون» التي تبث أناشيد تعليمية للأطفال وتبث مسلسلات قديمة تربّينا عليها وهي في الأصل روايات عالمية كرواية توم سوير للكاتب العالمي مارك توين ومسلسل فلونة التي هي أساساً رواية عالمية بعنوان روبنسون كروزو للكاتب العالمي دانييل ديفو وغيرها من المسلسلات الكارتونية المأخوذة من روائع الأدب العالمي. بقي أن أقول إن من الواجب علينا كأولياء أمور أن نضع المحاذير ونأخذ الحيطة، وألا نغفل المراقبة على أبنائنا؛ فهي مسؤولية كبيرة يحاسبنا عليها الله والمجتمع، فنحن فقط من يستطيع النهوض بمستقبلنا عبر الإخلاص في تربيتنا لجيل نعوّل عليه الكثير ولن يكون هذا الجيل كما يجب أن يكون وقد تركنا تربيتهم للشيطان الأكبر ومن يموّلونه لتدميرنا عبر تدمير أخلاقيات ونفسيات الجيل القادم..!!. زهرة اليمن