د. عبد العزيز حسين الصويغ * يمكن أن أقبل كل الحجج الممكنة وغير الممكنة، العقلانية وغير العقلانية، التي يتحدّث أصحابها عن خطورة قيادة المرأة للسيارات.. وأذهب حتى إلى تلمس العذر لأصحاب مثل تلك الآراء المتشددة.. لكن من الصعب على أي إنسان عاقل أن يقبل اتهام المرأة السعودية باتهامات تطال شرفها وعفتها! فبأي منطق يقول أحدهم، استمعت إلى مقولته حديثًا، عندما سُئل عن قيادة المرأة: (المرأة إذا ملكت سيارة صارت تذهب لما شاءت في ليل أو نهار معها مفتاح سيارتها لا أحد يمنعها وليس للرجل عليها سلطة وقد يتصل بها فاجر أو فاسق يواعدها، تأخذ مفتاح السيارة تشغلها وتروح يم الموعد، لأنها أخذت حريتها).!! *** شخصيًا أعتقد أن الاستماع إلى مثل هذه الآراء فيه مفاسد عظيمة تتجاوز تلك التي يحملها البعض في رأسه عن مجتمعنا.. وهي مفاسد قد تجعل من يمتلكون نفس عقلية صاحب الرأي، يشككون في حرائرهم، فيصبح المجتمع قائمًا على الشك والريبة وهو ما قد يقود إلى أوخم العواقب. بل ويمكن أن ينساق حتى بعض النساء من نفس هذه العقليات، إلى التشكيك في بعضهن البعض. في حين أننا تعلّمنا من مشايخنا أن الشَّكُّ وسوء الظَّنِّ وجهان لعملة واحدة، وداء قاتل إن استفحل في الإنسان، وسبيل حتميٌّ للوقوع في الأمراض النَّفسيَّة. *** يقول فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله- الواجب على المسلم ألا يُسيء الظّن بأخيه المسلم إلّا بدليل، فلا يجوز له أن يتشكك في أخيه ويسيء به الظّن إلاّ إذا رأى عليه أمارات تدل على سوء الظّن فلا حرج، الحرج عليه إذا رآه يقف مواقف التّهم ويصاحب الأشرار فهو محل السوء محل ظن السوء، أمّا إنسان ظاهره الخير والاستقامة ثمّ يُسيء به الظّن فلا يجوز له ذلك. وهكذا فإننا وفق هذا المفهوم.. نرى فيما يقوله البعض، ويصلون فيه إلى التشكيك في أخلاق المرأة السعودية، تجنِّي على المرأة.. إلا إذا كان لدى هؤلاء دليل على أن المرأة السعودية يصل فيها تدني الأخلاق إلى فعل ما يظنونه بها ما أن تُمسك في يدها مقود السيارة وكأن السيارة شيطان يقودها لارتكاب المعاصي والموبقات؟! *** إن هذا الرأي حول سواقة المرأة يُذكرني بالتصريح الذي صدر عن المُتحدِّث الرسمي السابق باسم هيئة الأمر بالمعروف الدكتور عبدالمحسن بن عبدالرحمن القفاري، الذي قال فيه: أنه لولا تشدد هيئة الأمر بالمعروف في التعامل مع الناس لتعب المجتمع السعودي من اللقطاء!! فكلاهما يُشكِّك في عفّة المجتمع السعودي. لذا فإن سؤالي إلى أصحاب مثل هذه الآراء المتجنية على المجتمع السعودي، والمرأة السعودية: بأي عقلية ينظرون إلى محارمنا.. وكيف تخول لهم أنفسهم اتهام الحرائر دون دليل أو أمارة؟! وإذا كان لبعض هؤلاء تجارب سيئة مع نساء يعرفونهم أو يطّلعون على أمورهم.. فإن مثل هذه التجارب الشخصية يجب أن لا تُعمم على بقية النساء.. ويجب أن يبقونها لأنفسهم. وهنا أسأل كل عاقل: - هل يجوز أن نشك بالآخرين، ويكون الشك والريبة أول ما يتبادر إلينا حين نُقيِّم سلوك الآخرين أو نفسر سلوكهم؟! - وهل يجوز للمسلم أن يقع في عرض أخيه بحجة أن سوء الظن من حسن الفطن؟! - وأين نحن من قول: (التمس لأخيك سبعين عذرًا).. - وخير الناس أعذرهم للناس! * نافذة صغيرة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ) الحجرات: 12. [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (6) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain صحيفة المدينة