عزيز نسين ( 1915 1995 ) كاتب متنوع الإبداع، جال قلمه كما هو معروف عنه في القصة والمسرحية والمقالة، والكتابة السيريّة، والسياسة، والمقالات الصحفية، كل ذلك معروف عنه لدى قرائه ومحبيه بعد ترجمة أعماله إلى عشرات اللغات في العالم. لكن ماهو غير معروف عنه كثيرا كتابته للشعر، الذي بدأ به في شبابه، ونشر محاولاته تلك باسم مستعار (بديعة نسين)، والطريف ان الروائي التركي المعروف أورهان كمال،الذي كان في المعتقل مع ناظم حكمت وآخرين في تلك الفترة، أعجب كثيرا بتلك القصائد، وبدأ بإرسال رسائل غرامية للشاعرة، والذي هو في الأصل عزيز نسين بشحمه ولحمه.وقد أصبحت هذه الذكرى مثار للتندر في الوسط الثقافي التركي، بعد أن كشف عزيز نسين النقاب عنها في إحدى لقاءاته. هذه القصائد كتبها نسين قبل وفاته بسنوات معدودة، أي أنها لا تعود إلى بداياته، هذه القصائد التي تنفرد إيلاف بنشرها، تترجم للعربية كذلك لأول مرة. كونشرتو من الآن أعلم أن كل شيء سيحدث فجأة أن شريانا من شراييني سيتوقف وان عصبا في مخي سيعطب في لحظتها سينقطع وتر كمان متوتر من العزلة أو أن نغيمة ستنطلق من بيانو مهجور ومعطوب في الظلام استمع في ظل وحدتي إلى حفلة رجل ودّ تقديمها طيلة حياته وهي حفلته الأولى والأخيرة. أصوات في زمن من الليل عندما تسمع صوت المفتاح ستعلم بأنك وحيد عندما تدير زر المصباح وتسمع صوت ذلك (تك ) ستعلم بأنك وحيد عندما تتمدد في الفراش أرقا من صوت قلبك ستعلم بأنك وحيد عندما تحس بالزمن في غرفتك وهو ينهش الأوراق والكتب ستعلم بأنك وحيد عندما تسمع صوت الماضي يدعوك للأيام الراحلة ستعلم بأنك وحيد كونشرتو اليد اليسرى بلا كتابة بلا قراءة بلا كلام يمكن الحياة لكن لن تحيا دون حب لا أحيا لأنني أعيش لكني أعشق لأعيش لا أستطيع تحريك ذراعي وقدمي ولساني لكن ثمة حب في أعماقي يدفعني كي أبقى على قيد الحياة أحبكِ يا وردتي حتى لو لم أكتب، ولم أتكلم أحبكِ لأنني أفكر أعيش كلما أحببت أعيش لأحبكِ أكثر! الانحناء صوب الموت لا أذهب للنوم بل أتجه صوب أحلامي هناك أعيش كما أهوى كل من رأيتهم في اليقظة كانوا في منتهى الوسامة تحملت كل مشاق السنين بالحب لا أذهب صوب الموت بل أتجه نحو الأبدية هناك سأرتاح ملء القلب كما لم أسترح في حياتي لا يفارقني قلمي وأوراقي رأسي الذي سيتداعى في نومته الأبدية لم ينحنِ في الحياة لمخلوق قط لا وددت أن أهديكِ كتابي نظرت إلى عينيكِ كنتِ بلا عينين وددت تقبيلك تأملت وجهكِ كنتِ بلا وجه وددت لمس يديكِ كنتِ بلا يدين لم أسمع كلماتكِ التي مكانها القلب كنتِ بلا لسان وددت أن أهديكِ كتابي لم يكن لكِ اسم أعادت الحمامة أشعاري وقالت : ليس ثمة امرأة في العالم كالتي تتحدث عنها. إذن أنا أعيش أشتاق إلى نفسي كثيرا هل حدث لي شيء ما هذا النهار طرق بابي أنا الذي فتحت الباب صاحب الوجه الباسم الذي رأيته أمامي كان وجهي آه كم هو نهار عذب هذا النهار إذن أنا حي ليس ثمة أحد غيري يهمه أمري هذا العالم ابقي معي منحتَ حبةً فانتظر زهرتها منحتَ بذرةً فانتظر شجرتها منحتَ غصنا فخذ غابته منحتِ لي دنياي فابقي معي جاذبية العمق (1) أنظرٌ من الأعالي أرتعد رعبا العمق يجذبني إلى أحضانه يدور رأسي في الأعالي أسحب نفسي الى أعماقي (2) أعمق نقطة في العالم هي هاويتي يدور رأسي في مهاوي الذات في يوم سأرفع رأسي وأقذف بنفسي في داخل ودياني