حاتم جمال الدين «مذيعين تحت الحصار» مصطلح جديد لم تره الاوساط الاعلامية إلا فى مصر، فلم تر من قبل تيارات سياسية تفرض حصارها على استوديوهات لقنوات ومحطات إذاعية، وكان اعتصام أتباع الشيخ حازم أبوإسماعيل المنتمى للتيار السياسى السلفى أمام مدينة الإنتاج الإعلامى، وحصارهم لأبواب المدينة المؤدية للاستوديوهات أثار حالة من القلق التى عاشها كثير من المذيعين والمذيعات، والذين حرصوا على التعبير عن هذا القلق، والاشارة فى نهاية كل حلقة بأنهم إن لم يظهروا فى الحلقة التالية فسيكون ذلك بسبب منعهم من الدخول أو تعرضهم لمكروه على يد المعتصمين، الذين أعلنوا عن قوائم سوداء ورفعوا شعارات ضد مقدمى التوك شو المخالفين لهم فى الرأى، ووضعوا صورهم على أسوار المدينة. وكان منهم يوسف الحسينى المذيع بقناة أون تى فى، الذى غاب عن الظهور فى برنامجه لعدة أيام بعد تلقيه تهديدا بالقتل، وأكد الحسينى أنه غاب لأنه لم يكن على يقين من دخول الأستوديو والخروج منه بشكل آمن، فى ظل تواجد أتباع التيار الدينى حول مدينة الإنتاج. وأكد الحسينى عبر برنامجه أنه كى يستمر فى عمله يقوم بمناورات حول أبواب المدينة ليتمكن من الدخول، وأنه مستمر فى عمله طالما توافر له الوصول للأستوديو، مشيرا إلى أنه يؤدى عمله بمهنية، ويقوم بعرض كل الآراء، حتى أنه دعا من الشيخ حازم أبوإسماعيل ليحل ضيفا على برنامجه ليناقش معه وجهة نظره وأسباب اعتصامه أمام المدينة. أما الإعلامية لميس الحديدى فقد أشارت لحالة القلق فى برنامجها «هنا العاصمة» على قناة سى بى سى، عندما قالت: «لو ما لقيتوناش فى أى يوم على الشاشة اعرفوا أننا اصابنا مكروه»، بينما أكدت استمرارها فى تقديم رسالتها الإعلامية كما هى، والضغوط لن تغير موقفها من عملها، وقالت: «لن نسمح لأحد بحصارنا فكريا». وتقول جيهان منصور مقدم برنامج «صباحك يا مصر» على قناة دريم إنها تدخل لمدينة الإنتاج شبه متخفية كى تتجنب التعرض لمكروه على يد المعتصمين أمام المدينة، والذين أكالوا الاتهامات لكل مقدمى التوك شو والسباب لهم بالاسم، وهى أجواء لا يمكن للإعلامى العمل بحرية فيها، وأشارت إلى أنها تجرى اتصالات مكثفة كل يوم من الصباح الباكر لتعرف كيف ستدخل المدينة، وذلك بعد أن أغلق اتباع الشيخ ابو اسماعيل بابى 2 و4. فيما أكدت منصور أن تلك الضغوط لم تؤثر على أدائها فى البرنامج، وأنها تقدم برنامجها وفق معايير مهنية ولا تقبل أن تخضع لأى نوع من الضغوط، وتقول لنفسها كل يوم: «قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا»، ثم تتوجه للأستوديو لتقديم البرنامج، وأشارت إلى أن برنامجها يتابع كل يوم أخبار اعتصام حازمون أمام المدينة باعتباره أحد الاحداث الموجودة فى الشارع السياسى. وأضافت أن مصدر الخوف فى الموقف الذى تعيشه، هو أن بين هؤلاء المرابطين على ابواب المدينة يرون فى قتل الإعلاميين واجبا دينيا، وتقربا إلى الله، وهذا وفق تصريحات لهم المسجلة على اليوتيوب، وانهم ينتظرون إشارة ساعة الصفر، فضلا عن الشكل الغريب للاعتصام والذى يتضمن ذبح عجول وجمال وبناء دورات مياه، وممارسة التمارين الرياضية، واستيقاف الداخلين والخارجين على أبواب المدينة وتفتيشهم. وتذكر جيهان منصور أحد المواقف الصعبة التى مرت بها تحت هذا الحصار، وتقول: «تملكنى الرعب عندما استوقف بعض المعتصمين سيارتى وسألوا السائق عن وجهته، وظللت أدعو الله ألا يتعرفوا على شخصيتى، والحمد لله مر الموقف بسلام». وتعيش المذيعة دينا عصمت حالة من الرعب منذ تلقى زميلها فى برنامج «صباح أون» يوسف الحسينى لرسائل التهديد، وتقول إنها اصبحت تشعر بالقلق وهى تسير فى الشارع خوفا من تعرضها لإيذاء، بعد أن أصبح الاعتداء على مذيع أو مذيعة لأنه لا يقول ما يريده البعض فكرة مطروحة فى تلك الاجواء. وأضافت أنها فى البداية لم تكن تعير الامر اهتماما كبيرا ولكنها علمت بعد ذلك أن صورتها موجودة فى مدخل المدينة و«متشخبط» عليها، فبدأت تأخذ بعض الحذر مثل وضع نظارة سوداء. واشارت إلى الموقف الذى تعرضت له الاثنين الماضى عندما أخبرها الامن بأن خروجها فيه خطر عليها بسبب وجود مظاهرة وربما يتعرضون لأى من المذيعين، وأصرت البقاء داخل المدينة لأكثر من ثلاث ساعات حتى تمكن الأمن من تأمين مخرج لها من بوابة جانبية. وتضيف هذه الاجواء تشكل ضغطا كبيرا على أعصاب الإعلامى الذى يريد أن يقدم عمله بشكل مهنى يحترم المشاهد، وقالت إن يومها الذى يبدأ فى الخامسة صباحا تبدأه بمطالعة الصحف والمواقع الاخبارية، وتحدد الاخبار التى يمكن أن تعلق عليها، والتى تقترحها على فريق الاعداد الذى يكون على اتصال بها من السادسة صباحا، وفى تلك الايام يبدأ التجهيز للمناورات التى ستقوم بها لدخول الاستوديو، مشيرة إلى أنها كانت تتلقى اتصالات وهى فى الطريق لتغير المسار. أكدت دينا أنها تنفصل تماما عن مشاعر القلق بمجرد بداية الحلقة، مشددة على التزامها باحترام المشاهد الذى ينتظر منها تناول مختلف للأخبار، والربط بين الأخبار والتصريحات والاحداث التى تجرى فى الشارع، وهذا يستلزم منها تركيزا كبيرا على الهواء.