احتضن متحف الشارقة للحضارة الإسلامية، صباح أمس، ندوة "الصيغ المتجددة في الفن الإسلامي المعاصر" التي تأتي في إطار البرنامج الفكري الموازي للدورة الخامسة عشرة من مهرجان الشارقة الإسلامي الذي تنظمه إدارة الفنون بدائرة الثقافة والإعلام. وشارك في الندوة هشام المظلوم رئيس إدارة الفنون بدائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، والباحث المصري الدكتور أحمد رجب صقر، والباحث التونسي الدكتور الحبيب بيدة، ومنسق الندوة الفنان محمد مهدي حميدة، وأدار الندوة الفنان الدكتور عبدالكريم السيد. واستهلت الجلسة الأولى من الندوة بكلمة لهشام المظلوم، قال فيها "جاء موضوع هذه الندوة متجاوباً مع رهانات الفن الإسلامي ومقدرته الفائقة على تجدد أنماطه، ليتواصل مع الطرح الفني في العالم المحيط، بكل ما تأتى له من إمكانات تقنية وسبل داعمة أسهمت في تجدد صيغ الفنون المعاصرة، ومنها الفن الإسلامي الذي حقق حضوراً لافتاً في هذا المنحى على المستوى العالمي". ثم قدم الدكتور أحمد رجب صقر بحثه الموسوم "النظرية الجمالية بين الروحي والمادي من خلال فنون الكتاب الإسلامى"، حيث تكلم عن الاتجاهات الفلسفية لكل من "أفلاطون وافلوطين وكروتشة"، مبيناً كيف تأثرت نظرية الجمال بالإطار العام للفلسفة، وكيف تكونت هذه النظرية بما أختاره الفلاسفة من مناهج اعتمدوا عليها في المعرفة؛ ف "منهم من اعتمد على العقل كي يكتشف الجمال، وذلك اتجاه افلاطون، ومنهم من حاول الوصول إليها بالعاطفة والذوق شأن الصوفية مثل افللوطين، أو الجانب الروحي مثل كروتشة، وإذ بالفنان المسلم بفطرته النقية وعقيدته السوية يؤكد وجهة نظر هؤلاء السابقين، فاختار عالم المعنى الأعمق عالم التجريد الرحب بإيمان وقناعة". المدخل الفلسفي ذاته، اعتمده الدكتور الحبيب بيدة في بحثه المعنون "أثر الفنون الإسلامية فكراً وممارسة في حوار الفنانين.. شرقاً وغرباً"؛ ولكنه أراد لحديثه أن يأتي في شكل رحلة صوفية بين الآراء والأفكار التي بذلها فلاسفة وكتاب من الشرق والغرب؛ وبدأ كلامه بالقول إن "ما ينقصنا في هذا الزمان عند الحديث عن فنوننا الإسلامية المعاصرة هو إظهار البعد الكوني للفكر الفلسفي والجمالي الذي أسس لهذه الفنون وبلورها برؤى وطرق جديدة". ومضى الباحث التونسي في رحلته مستهلاً بوقفة قصيرة مع كتاب "الإمتاع والمؤانسة" للتوحيدي الذي "أراد توحيد الإنسان من خلال اللهث نحو العلم" فهو القائل: "العلم يا أخي في العالم مبثوث ونحوه العاقل محثوث وإن هذا العلم مبثوث في العالم بين جميع من في العالم"، وتابع دكتور البردة في ثنايا كتاب "الإمتاع والمؤانسة"، مستخلصاً شذراته الدالة على مكانة العلم والتعلم والفن في الفلسفة الإسلامية؛ ومن ثم توجه إلى ربط تلك الرؤى الإسلامية بالمصادر الفلسفية الغربية المعروفة، ملمحاً إلى ما بينها من تماثل وتكامل، وواصل في الاتجاه ذاته مع كتاب "رسالة في الكتابة المنسوبة" لعساكر خليل عساكر، ومع كتاب "شرح ابن الوحيد على رائية ابن البواب" لهلال ناجي و"إخوان الصفاء؛ الرسائل". ودائماً كان يخلص إلى أن ثمة صلات حيوية بين المنتج الفني الغربي، في مراحله المختلفة، وذاكرة الفلسفة الإسلامية؛ ولم يسلم من هذا التعالق حتى فن "الأوب آرت"؛ الذي استلهم العديد من أشكال الزخرفة الإسلامية ومفرداتها التشكيلية، سعياً وراء "الحركة الذبذبية التي يلخصها التوحيدي في حديثه عن الخط، فهو يقول: والتماعه في مشاكلة بياضه لسواده" .