تجتاح موجة من التعصب القومي والعداء ضد الأجانب موسكو، منذ اجتياح القرم، والجملة على التعصب مدعومة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يسانده فيها الاعلام الرسمي. لندن: منذ اندلاع الأزمة الاوكرانية وضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا مع ما ترتب على ذلك من أزمة في علاقات روسيا بالغرب لم يُعرف مثيلها إلا في فترة الحرب الباردة، اجتاحت موسكو موجة من التعصب القومي والعداء للغرباء بتشجيع من الاعلام الرسمي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفسه. وكان بوتين قال في كلمته معلنًا خططه لابتلاع القرم "إن بعض السياسيين الغربيين يهددوننا بالعقوبات، وكذلك التلويح بإثارة مشاكل خطيرة على الجبهة الداخلية". ثم أشار بوتين إلى وجود ما سماه "طابورًا خامسًا من خونة الوطن" ومخططات لدفع روسيا إلى وضع اجتماعي واقتصادي صعب لاثارة نقمة المواطنين على الحكومة. صناعات اجنبية وكانت موسكو قبل الأزمة مدينة عالمية شبابها يرتدون قبعات اميركية ابتاعوها خلال زيارات للولايات المتحدة وشاباتها يحملن حقائب يد فرنسية أو ايطالية من زيارات قمن بها إلى باريس أو ميلانو. وتنتشر هواتف آيفون وكومبيوترات آيباد اللوحية في موسكو بقدر انتشارها في واشنطن. ولكن الأسابيع التي اعقبت ضم القرم شهدت ظهور غابة من الأعلام الروسية من نوافذ العمارات السكنية وفوق المتاجر في سائر أنحاء المدينة مثلما ظهرت الأعلام الاميركية بكثافة استثنائية بعد هجمات 11 ايلول (سبتمبر) 2001. روسيا ليست اوروبا وهناك ايضا موقع خاص على الانترنت اسمه الروسي يُترجم إلى "خائن نت" ينشر صور وتصريحات شخصيات روسية عامة انتقدت سياسة الكرملين تجاه اوكرانيا. ويدعو الموقع في زر خاص إلى اقتراح "خائن" لفضحه بالصورة والأسم. وبتوجيه من بوتين شُكلت لجنة خاصة برئاسة مدير مكتبه مهمتها "إعداد سياسة رسمية جديدة في المجال الثقافي". وتؤكد السياسة الجديدة التي من المتوقع ان يصدر قانون خاص بها ان "روسيا ليست اوروبا" وتدعو إلى "رفض مبادئ التعدد الثقافي والتسامح لصالح التشديد على حضارة روسيا المتميزة" ، كما أفادت تقارير صحفية روسية نقلا عن المستشار الرئاسي للشؤون الثقافية فلاديمير تولستوي. كما افاد موقع روسي جديد اسمه "زناك" بأن سلسلة شعبية من كتب الرياضيات المدرسية ستُلغى من القائمة المعتمدة رسميا للكتب المدرسية لأنها تستخدم الكثير من الحكايات والرموز غير الروسية. وحذرت وزارة الخارجية الروسية في بيان قبل أيام مواطنيها، من زيارة دول وقعت اتفاقيات لتسليم المطلوبين مع الولاياتالمتحدة قائلة إن ادارة اوباما تريد "اصطياد" الروس في بلدان ثالثة، من اجل تسليمهم إلى السلطات الأميركية وإدانتهم في الولاياتالمتحدة بتهم "مشبوهة". وتقترن لغة العداء للأجانب أحيانا بملاحقات ضد الخصوم السياسيين ومواقع إعلامية لا تمتثل لخط الكرملين. خونة روسيا ففي يوم توغل القوات الروسية واجتياحها القرم فُرضت الاقامة الجبرية على المعارض اليكسي نافالني الذي وجهت اليه تهم عديدة قبل انتقاده سياسة بوتين تجاه اوكرنيا. وتتصدر صورة نافالني الموقع الخاص بمن يُفترض انهم خونة روسيا الأم. وظهرت منظمة جديدة باسم "غلافبلاكات" قدمت نفسها للجمهور الروسي ببيان قالت فيه "ان الطابور الخامس من خونة الوطن في روسيا أصبح للأسف حقيقة لا مراء فيها". ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن بوريس نيمتسوف نائب رئيس الوزراء السابق والقيادي في المعارضة السياسية الروسية، قوله "ان الوضع يبدو اسوأ اليوم منه خلال فترة الحرب الباردة. وبرأيي فانه حتى الاتحاد السوفيتي لم يكن هكذا". وأكد مراقبون ان التلفزيون الروسي يستخدم أحيانًا لغة مشحونة لم يُعرف لها نظير في زمن الاتحاد السوفيتي. وعلى سبيل المثال أن مقدم البرامج التلفزيونية المعروف ديمتري كيسليوف أعلن في برنامج اخباري مؤخرًا "ان روسيا تبقى الدولة الوحيدة في العالم القادرة على إحالة الولاياتالمتحدة رمادًا مشعًا". وقال نيمتسوف ان اللافتة العملاقة التي ظهرت يوم الجمعة الماضي وسط موسكو وقد كتُبت عليها عبارة "طابور خامس: بيننا غرباء"، عُلقت بموافقة الكرملين بسبب الموقع الذي وقع عليه الاختيار، وهو شارع اربات الشهير الذي يفضي مباشرة إلى الساحة الحمراء وتنتشر دوريات الشرطة بكثافة فيه. وتساءل نيمتسوف في مقابلة تلفزيونية عما إذا كان بالامكان رفع لافتة بهذا الحجم تطالب بوتين بالرحيل أو الكف عن الكذب في مكان كهذا من العاصمة. ثم اجاب عن تسائله بالقول "طبعا لا". ايلاف