GMT 0:00 2014 الثلائاء 22 أبريل GMT 0:50 2014 الثلائاء 22 أبريل :آخر تحديث ناجي صادق شراب في إصرار غير مسبوق يعكس روح التحدي للشخصية المصرية تسير مصر نحو إنجاز الركيزة الأساسية في خريطة الشرعية السياسية بإجراء الانتخابات الرئاسية، والتي باكتمالها ستغلق صفحة مهمة في ملف الشرعية السياسية . فهذه الانتخابات تأتي في بيئة سياسية داخلية مغايرة تماماً للانتخابات الرئاسية الأولى، فالأولى جاءت في ظل بيئة سياسية أكثر هدوءاً واستقراراً ولم يخيم عليها هاجس الأمن والإرهاب الذي تعيش مصر أخطر مراحله، وجاءت كرد فعل لنظام سابق اتهم بالفساد والسلطوية، وجاءت أيضاً استجابة لثورة يناير الأولى والتي أسست لبيئة سياسية جديدة تقوم على مبدأ التغيير الشعبي وعدم الخوف، وعلى مبدأ أساسي وهو أن الشعب المصري هو المسؤول عن التغيير، وتحقيق أهداف الثورة . ولذلك عندما ذهب المصريون لانتخاب الدكتور محمد مرسي لم يكن هدفهم إقامة حكم إسلامي يعيد إنتاج النظام السابق تحت مسمى جديد، ومن هنا جاءت الثورة الثانية وهذه المرة ضد نظام حكم لم يستوعب بيئة الثورة المصرية، وغض البصر عنها، وكانت الثورة التي جاءت لتأكيد أهداف ثورتها الأم في الحرية والديمقراطية والعدالة، وما صاحبها من أعمال عنف ازدادت وتيرتها في السنتين الأخيرتين أو بالأحرى مع إتجاه مصر لاكتمال شرعيتها السياسية المدنية، ولذلك كان التوقع أن تزداد هذه الوتيرة من العنف، وهذا ما يفسر لنا الخوف والقلق من ترشح الفريق السيسي، فالخوف منبعه النجاح، ونزع كل مبررات الإعادة بالحكم والسلطة التي تحددها الإرادة الشعبية متى أرادت ذلك، وهذا هو أول درس ينبغي أن يستوعبه المرشحون للرئاسة في الانتخابات المقبلة . الشعب هو المسؤول عن التغيير، وأن معيار التغيير مرتبط بالالتزام بالحكم المدني التعددي الذي يحقق المساواة بين المواطنين، ويرسي لحكم المؤسسات بعيداً عن حكم الحزب أو حكم الجماعة، أو حكم الشخص، وهذا هو الدرس الثاني الذي ينبغي استيعابه وفهمه من قبل المرشحين للرئاسة . فالمسألة هنا ليست في البرنامج الانتخابي للمرشح، فنحن في كل الانتخابات نكون أمام برامج مثالية، إنما المعيار هنا في الممارسة والالتزام والإصغاء لإرادة الشعب . وتأتي هذه الانتخابات أيضاً في ظل بيئة سياسية داخلية، يهدد وحدتها مسلسل العنف والإرهاب الذي تقوده جماعات متشددة ومتطرفة تهدف إلى إفشال كل محاولات البناء الديمقراطي، وإبقاء مصر دولة ضعيفة لأن مثل هذه الجماعات لا تعيش إلا في كنف دول ضعيفة، فاشلة، وهذا هو الدرس الثالث الذي على المرشحين إدراكه وهو استعادة دور مصر الدولة ومكانتها وهيبتها، وهذا لا يتحقق إلا من خلال إرساء أسس الحكم الديمقراطي، وإرساء دولة القانون، واستعادة روح مصر الحاضنة لجميع أبنائها، وإلغاء كل الإجراءات والقوانين التي تمس هيبة مصر الدولة الديمقراطية المدنية . وتأتي هذه الانتخابات أيضاً في ظل تحولات وتحديات إقليمية ودولية تريد أن تنال من دور مصر، وضرب وإفشال أية محاولة لاستعادة عناصر القوة الكثيرة المتاحة والمتجسدة في عقول أبنائها . لذا يجب تبني سياسة متوازنة متحررة من كل أشكال التبعية السياسية والاقتصادية، والاستفادة من عقول وخبرات أبناء الشعب المصري في كل المجالات، وهذا يتطلب تشكيل مجلس يضم هذه العقول كي يساعد الحاكم في حكمه . ولعل هذه الانتخابات وهذا ما يميزها عن سابقتها أنها تؤسس فعلاً للجمهورية الثالثة الثابتة والراسخة بمؤسساتها السياسية، وبدستورها المنفتح على تطورات المشهد السياسي المصري . دستور يرقى إلى مستوى ما تعنيه مصر من هوية ودور ومكانة . هذه المعطيات الجديدة للانتخابات تفرض نموذجاً جديداً للرئاسة، فمصر ليست بحاجة لرئيس تقليدي يشغل أعلى منصب سياسي، بل قد تكون في حاجة للأب الرئيس المخلص والمنقذ من العنف والإرهاب الذي يتربص بها، وتحتاج إلى الرئيس الزعيم القائد . هذه الانتخابات تأتي في ظل تركة مثقلة بالتحديات والأعباء والمسؤوليات لا يمكن للفرد الواحد أن يحققها بمفرده، وليتذكر الجميع إن الرئيس الجديد لا يحمل عصا موسى يضربها فتنفجر معه الحلول السحرية ذلك أن عصر النبوة والرسل انتهى . يبقى القول إن تاريخ مصر دائماً يؤكد أنها هي الأقوى في معادلة الحكم، ومعادلة التحديات، فمصر تبقى أكبر من أية جماعة، أو شخص أو حزب . ايلاف