يستعد المجلس التأسيسي التونسي (البرلمان) بعد المصادقة قريبا على مشروع قانون الانتخابات لمساءلة وزيرة السياحة، والوزير المكلف بالملف الأمني بشأن أنباء عن دخول عشرات السياح الإسرائيليين الأراضي التونسية بجوازات إسرائيلية، وهو ما أثار ضجة واسعة في تونس. وقد وقع أكثر من ثمانين نائبا على عريضة لمساءلة وزيرة السياحة آمال كربول والوزير المكلف بالملف الأمني بوزارة الداخلية رضا صفر بشأن هذه الأنباء التي دفعت بعض النواب للمطالبة بحجب الثقة عن هذين الوزيرين، بسبب ما سموه تطبيعا للعلاقات مع الكيان الإسرائيلي. وتأتي الحادثة بينما تستعد السلطات لاستقبال المئات من السياح اليهود الذين يتوافدون سنويا منتصف مايو/أيار للاحتفال بطقوس الحج لكنيس الغريبة في جزيرة جربة جنوبي تونس، حيث سيتم تشديد الرقابة الأمنية لحمايتهم وحماية المعبد الذي تعرض لهجوم عام 2002. وزيرة السياحة تربط نجاح الموسم السياحي بنجاح موسم حج اليهود (الجزيرة) سياسة قديمة وزيرة السياحة آمال كربول في أول تعليق لها بشأن استدعائها للمساءلة قالت في مؤتمر صحفي أمس إنها على استعداد لذلك، موضحة أن "قرار السماح للسياح الإسرائيليين بالدخول إلى تونس إجراء دأبت على تطبيقه الحكومات السابقة بطريقة شفاهية وغير موثقة". وكشفت أنها طلبت من وزارتي الداخلية والخارجية إصدار مكتوب ينظم بشفافية دخول السياح الإسرائيليين أثناء موسم حج اليهود على خلفية مطالبة بعض وكالات السفر العالمية بتوضيح الإجراءات لتمكين السياح الإسرائيليين من زيارة كنيس الغريبة أقدم معبد يهودي بالبلاد. وفي موقف مطابق لموقف رئيس الحكومة مهدي جمعة قالت الوزيرة إنها تعلق آمالا كبيرة على نجاح حج اليهود، معتبرة أن نجاحه "سينعكس إيجابيا" على بقية الموسم السياحي وعلى صورة تونس بالخارج، بدعوى أنه "سيكون مؤشرا على حالة الأمن والاستقرار في البلاد". لكن زعيم كتلة حركة وفاء عبد الرؤوف العيادي قال للجزيرة نت معقبا على هذه التصريحات "أظن أن ثورة الكرامة لا تستسيغ أن نلوث لقمة عيشنا بالتطبيع مع كيان إرهابي اغتصب أرض فلسطين"، مشددا على أن تبرير التطبيع على حساب القضايا العربية موقف "مشين". من جهته، يقول النائب عن حزب المؤتمر سليم بن حميدان للجزيرة نت "أنا أؤمن بأن الكرامة قبل الخبز، هذا شعار تونس بعد الثورة، وقضية التطبيع خط أحمر لا يمكن السماح بها إطلاقا"، مؤكدا أن هناك إجماعا في تونس من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار بشأن تجريم التطبيع. في الاتجاه نفسه، يقول النائب عن حركة النهضة الإسلامية بدر الدين عبد الكافي إن تجريم التطبيع في تونس مع الكيان الصهيوني مسألة "لا نقاش فيها"، مؤكدا للجزيرة نت أن نجاح الموسم السياحي الحالي "لا يرتبط مطلقا بقدوم السياح الإسرائيليين". وبحسب هؤلاء النواب، فإن مساءلة وزيرة السياحة والوزير المكلف بالملف الأمني في وزارة الداخلية لتقديم توضيحاتهما أمام المجلس التأسيسي أمر مفروغ منه، مؤكدين أن لدى النواب سلطة رقابية على الحكومة، ولن يسمحوا بانحراف الثورة أو الإضرار بالقضايا العربية. عبد الكافي: تجريم التطبيع مع إسرائيل مسألة لا نقاش فيها في تونس (الجزيرة) مزايدة سياسية في المقابل، يقول النائب عن الجبهة الشعبية اليسارية منجي الرحوي للجزيرة نت إن الجدل القائم لا يعدو أن يكون "مزايدة سياسية"، مؤكدا أن النواب الموقعين على عريضة المساءلة "رفضوا سابقا النص على بند يجرّم التطبيع مع الكيان الصهيوني عند مناقشة الدستور". وحمّل حركة النهضة صاحبة الأغلبية مسؤولية عدم المصادقة على تضمين الدستور نصا صريحا يجرّم التطبيع، لكن بدر الدين عبد الكافي يؤكد أن موقف حركة النهضة كان على الدوام ضد التطبيع، مضيفا أن أغلب النواب رأوا النص على تجريم التطبيع في قانون خاص. أما من وجهة نظر النائب عن حزب المؤتمر سليم بن حميدان فإن مسألة عدم تجريم التطبيع في الدستور حكمتها "توازنات سياسية"، مؤكدا أنه كانت هناك خشية لدى البعض من "حدوث متاعب كبيرة للاقتصاد التونسي الذي ما زال هشا ويقوم على مساعدة المنظمات الدولية". ومن المنتظر أن يعقد المجلس الوطني التأسيسي إثر الانتهاء من المصادقة على مشروع قانون الانتخابات مطلع الأسبوع المقبل جلسة عامة للخوض في مسألة تجريم التطبيع ومساءلة الوزراء المعنيين بشأن علاقتهم بقدوم السياح الحاملين الجنسية الإسرائيلية إلى تونس. ريتاج نيوز