شغلت قضية مراقبي منظمة الأمن والتعاون في أوروبا المحتجزين لدى الموالين لروسيا في شرقي أوكرانيا الساحة السياسية في هذا البلد، وعمد الانفصاليون إلى عرض المراقبين على الصحفيين بصفتهم "سجناء حرب" . وفي إطار الاتهامات المتبادلة بين روسيا والدول الغربية، عاد الرئيس الأمريكي باراك أوباما وحذر موسكو من ضرورة وقف "الاستفزازات" في شرقي أوكرانيا، ملوحاً ب"عواقب ستزداد حدتها"، وقال إن العقوبات التي تدرسها مجموعة السبع حالياً هدفها أن "نفهم روسيا بأنه يجب وقف الأعمال الرامية لزعزعة الاستقرار في أوكرانيا"، وأضاف أنه فيما تعمل أوكرانيا على تطبيق اتفاق جنيف ونزع سلاح المجموعات المسلحة من أجل الخروج من الأزمة "لم ترفع (روسيا) إصبعاً واحدة لمساعدتها"، وتابع أن أي قرار بخصوص فرض عقوبات على قطاعات من الاقتصاد الروسي ستتوقف على قدرة الولاياتالمتحدة وحلفائها على التوصل لموقف موحد، وأوضح "إذا قلنا على سبيل المثال إننا لن نسمح ببيع أسلحة معينة إلى الروس فإن المتعاقدين الدفاعيين الأوروبيين سيقضون على ما نفعل، وحينئذ لن يكون الأمر فعالاً" . وصرح طوني بلينكين نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي لشبكة "سي .إن .إن" بأنه "ابتداء من هذا الأسبوع، وبالتنسيق مع حلفائنا وشركائنا، سنمارس مزيداً من الضغوط على المقربين منه (الرئيس الروسي فلاديمير بوتين)، والشركات التي يسيطر عليها وصناعة الدفاع، وكل ذلك"، وأوضح أن واشنطن لن تلبي مطالب أوكرانيا بالحصول على الأسلحة رغم التدريبات العسكرية الروسية على حدودها، وبدلاً من ذلك ستركز واشنطن على المساعدات الاقتصادية، ويجرى جمع مبلغ 37 مليار دولار من واشنطن وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي . وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ إن جولة جديدة من العقوبات على روسيا ستكون توسعة لإجراءات قائمة تشمل حظراً على إصدار تأشيرات لأفراد وتجميد أصولهم، وأضاف أنه في الوقت الذي ما زال المسار الدبلوماسي لنزع فتيل الأزمة مفتوحاً تعمل أوروبا والولاياتالمتحدة على اتخاذ إجراءات تشمل عقوبات اقتصادية وتجارية ومالية إذا لم تتراجع روسيا، وتابع "هذه من أجل المستقبل، ما سنسمع عنه في الأيام المقبلة وما سنتفق عليه، هو توسعة للعقوبات القائمة وإجراءات ضد أفراد أو كيانات في روسيا" . وأكد هيغ أن بريطانيا وحلفاءها سيكونون مستعدين لقبول العواقب المحتملة على بلادهم جراء تنفيذ المزيد من العقوبات الاقتصادية أو التجارية . وقال مسؤول أمريكي إن "كل بلد سيحدد ما هي العقوبات محددة الأهداف التي سيفرضها"، ومن المفترض أن يجتمع دبلوماسيون من دول الاتحاد الأوروبي ال28 اليوم الاثنين، في بروكسل، بهدف تبني لائحة إضافية من عقوبات "المرحلة 2" على موسكو مثل تجميد أرصدة وحظر سفر . وفي ما يتعلق بقضية مراقبي منظمة الأمن والتعاون في أوروبا المحتجزين في سلافيانسك، معقل الحراك الانفصالي، أعلنت المنظمة الأوروبية إرسال فريق من المفاوضين إلى المدينة سعياً وراء الإفراج عن مراقبيها، ورد الانفصاليون على لسان زعيمهم في سلافيانسك فياتشيسلاف بانوماريف بأن المراقبين هم "سجناء حرب"، وأشار إلى إطلاق سراح السائق فقط، أما ال12 الآخرين فهم ثمانية أوروبيين وأربعة عسكريين أوكرانيين، وأضاف "في مدينتنا التي تعيش حالة حرب، يعتبر أي عسكري لا يحمل إذناً منا سجين حرب"، وكرر الموقف السابق بأنه لن يتم الإفراج عن المراقبين سوى مقابل إطلاق سراح معتقلين . ورفض بانوماريف عبارة "رهائن"، مشدداً على أنهم "ضيوف وليسوا رهائن"، وقال إنه سيلتقي وفداً من الوسطاء في طريقهم للتفاوض بشأن إطلاق سراح المراقبين المحتجزين، وأضاف أنه تحدث هاتفياً السبت، مع منظمة الأمن والتعاون في أوروبا ووافق من حيث المبدأ على لقاء الوفد . وقال أحد المراقبين إن المجموعة المحتجزة بصحة جيدة، وأضاف الكولونيل الألماني أكسل شنايدر إنه "لم يمسه أحد" وأن المجموعة لم تتعرض لأذى جسدي، وتابع "كل الضباط الأوروبيين بصحة جيدة ولم يمرض أحد، ليس لدينا دلائل متى سنعود لبلداننا" . وكان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري وصف المراقبين ب"الرهائن"، طالباً دعم روسيا "من دون شروط" لإطلاق سراحهم . وفي وقت لاحق عرض الانفصاليون المراقبين الأوروبيين الثمانية على الصحفيين، حيث اقتيدوا، وهم غير مصابين على ما يبدو، إلى القاعة الرئيسية في مقر البلدية حيث تواجد نحو 60 صحفياً، وقال المراقبون "نحن ضيوف لا سجناء حرب" . وأعلنت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا إرسال فريق من المفاوضين إلى سلافيانسك سعياً إلى الإفراج عن مراقبيها، وقالت المتحدثة باسم المنظمة تاتيانا بايفا "نأمل تزويدنا بمعلومات أكثر فور وصولهم وحين يبدأون المحادثات، في حال بدأت المحادثات" . ونفت زيارة أمينها العام لامبرتو زانييه إلى أوكرانيا، وقالت متحدثة باسم المنظمة "الأمين العام لن يتوجه إلى أوكرانيا"، وكان وزير الخارجية الأوكراني أندري ديشتشيستا أعلن أن الأمين العام للمنظمة سيصل إلى كييف للتفاوض بشأن الإفراج عن مراقبي المنظمة . وطالب الرئيس الألماني يواخيم جاوك المسؤولين في روسياوأوكرانيا بالإفراج عن المراقبين، وأضاف "أنا أدعو جميع المسؤولين هناك إلى تغليب العقل"، وأوضح أن روسيا تأتي في طليعة الأطراف المدعوة إلى إنهاء هذا الوضع الذي لا يمكن الصبر عليه . ووصفت بولندا عملية خطف مراقبي منظمة الأمن والتعاون بأنها "وسائل إرهابية غير مقبولة"، في بيان نشره مكتب الأمن القومي لدى الرئيس برونيسلاف كوموروفسكي، وقال إن "محاولات تحقيق الأهداف الخاصة بوسائل إرهابية، مثل خطف أشخاص ينتمون إلى طرف ثالث كرهائن، غير مقبولة وتسقط أهلية الانفصاليين كمحادثين سياسيين" . وعلى الرغم من هدوء نسبي في سلافيانسك، إلا أن الأمر لم يخل من حراك بالقرب من الحواجز المحيطة بمقر الأجهزة الأمنية التي يواصل الانفصاليون تعزيزها، وتحدث بانوماريف عن "توقيف" ثلاثة ضباط أوكرانيين اتهمهم بالتجسس، وقالت أجهزة الأمن الأوكرانية إن مهمة العسكريين كانت "توقيف مواطن روسي يشتبه بقتله مستشاراً في بلدية" غورليفكا، إلا أن "مجرمين مسلحين هاجموا أعضاء الأجهزة الأمنية، وألقوا القبض عليهم" . وليست سلافيانسك وحدها من يواجه توترات ميدانية، إذ أكد الانفصاليون في دونيتسك أيضا، أهم المدن الصناعية في الشرق، عزمهم تنظيم استفتاء في 11 أيار/مايو حول "إعلان استقلال" . واحتشد بضع مئات من النشطاء الموالين لروسيا في دونيتسك دعما لإجراء استفتاء على "الاستقلال"، قائلين إنهم يريدون الانفصال عن أوكرانيا، وقال محتج يدعى يوري "أنا هنا لتأييد الاستفتاء في 11 مايو وكل هؤلاء الناس أتوا إلى هنا لإظهار (دعمهم)"، وقالت محتجة أخرى تدعى لودميلا "نعيش لحظة تاريخية وأحداثا تاريخية، سيكون لدينا استفتاء في 11 مايو، نريد أن نكون جمهورية دونيتسك المستقلة، نريد الاستقلال عن أوكرانيا، عن طغمة الفاشيين الذين لم يعودا مقبولين" . واستولى ناشطون مؤيدون لروسيا على محطة التلفزيون الإقليمية في دونيتسك، من دون أن تتدخل الشرطة لمنعهم، وانتشر العشرات بلباس عسكري وهم يحملون مضارب بيسبول، داخل مبنى المحطة وحرسوا مدخل المبنى ومنعوا الدخول إليه، وقد تم وضع ملصق يحمل عبارة "جمهورية دونيتسك" المعلنة من طرف واحد، عند لوحة على مدخل المبنى . وأوضح ستانيسلاف أحد الناشطين "سيكون بإمكان الصحفيين مواصلة العمل، لكن يتعين عليهم قول الحقيقة"، مضيفاً أن المبنى "سيكون تحت الحراسة ليلاً ونهاراً"، وأن "الشبكات الروسية (التي تتهمها كييف بالدعاية المناهضة لأوكرانيا المحظورة في البلاد) تقول الحقيقة" . (وكالات) الخليج الامارتية