قالت مجلة "إيكونوميست" البريطانية إن مصر أصبحت في خضم حرب إعلامية وثقافية صاخبة، مضيفة أن التبارز السياسي على الشبكات الإعلامية الأمريكية يعتبر لعب أطفال مقارنة بصراع الألعاب النارية المشتعل حاليًّا بانتظام على شاشات وسائل الإعلام المصرية. وأضافت المجلة أن هذه الحرب لا تدور فقط بين المحافظين ضد الليبراليين، ولكن أيضًا بين الحداثة ضد التقليدية، والحياة الحضرية ضد النمط الريفي، وتيار الإسلام السياسي ضد التيارات ذات التوجه الديني الأقل. وتابعت أن هذا التبارز لا يتكشف فقط في صناديق الاقتراع، حيث من المقرر أن تبدأ المرحلة الثانية من الاستفتاء على الدستور يوم السبت، ولكن أيضًا في اشتباكات الشوارع المتكررة بين المؤيدين والمعارضين لجماعة الإخوان المسلمين. كما أنه يتم تضخيمه عبر الموجات الهوائية أيضًا. فبعض وسائل الإعلام، بما في ذلك القنوات المملوكة للدولة التي لا تحظى سوى بنسبة مشاهدة ضئيلة، تحاول اختلاق الحيادية من خلال دعوة ضيوف من جانبي الانقسام السياسي الصارخ في مصر. لكن الأخبار والبرامج الحوارية على القنوات الخاصة التي تجذب الآن جمهورًا أكبر تقوم بمجهود أقل في إظهار الحيادية، أو لا تهتم بذلك على الإطلاق. وأوضحت المجلة البريطانية أنه لا توجد تقييمات دقيقة، ولكن كمية الإعلانات تشير إلى أن القنوات الأكثر شعبية هي التي تجذب المزيد من الإعلانات، حيث تقدم برامج بشكل حديث وسمة علمانية بمذيعات غير محجبات ومذيعين يتحدثون في مسائل مثل حقوق الإنسان ومعنى المواطنة. وفي المقابل، تتردد رسالة أخلاقية مشابهة على القنوات الفضائية الدينية التابعة للسلفيين، والتي تضم عددًا هائلاً من الشيوخ الملتحين الذين يرتدون الجلباب. بينما جماعة الإخوان المسلمين لديها البوق الإعلامي الخاص بها، قناة مصر 25، التي تفضل مظهرًا أقل ريفية وخطابًا أكثر هدوءًا. وأشارت المجلة إلى أنه كثيرًا ما رثى منتقدو الإعلام في الغرب تراجع الحيادية في التغطية الإخبارية الأمريكية، حيث إن الموضة أصبحت انحياز القنوات لانتماءات حزبية؛ مما أدى إلى تدني مستوى الحوار وانقسام جمهور الناخبين إلى معسكرات متصارعة ضيقة الأفق، أو لا ترى سوى نفسها. ولفتت إلى أن هؤلاء النقاد لم يروا الأسوأ. فالتبارز السياسي على وسائل الإعلام الأمريكية يعتبر لعب أطفال مقارنة بالألعاب النارية المشتعلة حاليًّا بانتظام على شاشات وسائل الإعلام المصرية. ورأت ال "إيكونوميست" أن ما يحدث في مصر يعد أمرًا طبيعيًّا بالنظر إلى تاريخ الإعلام المصري، حيث طالما احتكرت الدولة قنوات التليفزيون الأرضي المملوكة لها منذ بدأ البث في مصر لأول مرة عام 1960. كما حافظت دائمًا وزارة الإعلام المصرية على قبضة حديدية على القنوات الفضائية الخاصة، لكن بعد ثورة يناير 2011 التي أنهت عقودًا من الديكتاتورية وجدت وسائل الإعلام الخاصة طريقها لتحدي الرسالة الإعلامية الرسمية أحادية اللون. وقالت المجلة إن هذا الاتجاه نحو تقديم رسالة إعلامية أكثر جرأة يسارع بقوة مع ضعف سلطة الرقابة الحكومية وتنامي النزعة الجدلية لدى المشاهد المصري. أخبار - دولي - البديل