شدد الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة أمس، عقوباتهما على روسيا المتهمة بدعم الانفصاليين في شرق أوكرانيا، تزامناً مع تصاعد التوترات ميدانياً في الدولة السوفييتية السابقة ومواصلة احتجاز مراقبين من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، فيما ردت موسكو بالتلويح بالرد بالمثل على العقوبات التي هاجمتها بشدة . وفرضت الولاياتالمتحدة عقوبات على 7 مسؤولين روس و17 شركة على علاقة بالدائرة المحيطة بالرئيس فلاديمير بوتين، لمعاقبة موسكو على ما وصفته بأنه "أنشطة استفزازية" في أوكرانيا، وشددت واشنطن أيضاً على التراخيص المطلوبة لبعض الصادرات عالية التقنية إلى روسيا والتي يمكن أن تستخدم عسكرياً، وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما قال "سيصدر إعلان يستند إلى العقوبات المفروضة أساساً"، وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني إن "الولاياتالمتحدة اتخذت إجراء إضافياً للرد على مواصلة روسيا تدخلها غير الشرعي في أوكرانيا، وعلى أنشطتها الاستفزازية التي تقوض الديمقراطية، كما تهدد السلام والأمن والاستقرار والسيادة وسلامة الأراضي"، وأضاف أن روسيا لم تفعل شيئاً لتنفيذ اتفاق جنيف . أما الشخصيات المستهدفة بحظر السفر وتجميد الممتلكات فمن بينها اوليغ بيلافانتسيف، مبعوث الرئاسة الروسية إلى شبه جزيرة القرم، وسيرغي شيمزوف مدير عام شركة روستيك المملوكة للدولة والمعنية بالصادرات عالية التقنية، ونائب الدوما أليكسي بوشكوف، وايغور سيشين رئيس مجلس إدارة شركة "روزنيفت" شركة البترول الأولى في روسيا . أما الاتحاد الأوروبي فقرر عقب اجتماع لسفراء دوله ال28 في بروكسيل فرض عقوبات على 15 شخصية إضافية من روسياوأوكرانيا، وكانت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية بيا ارينكيلدهانسن قالت إنه "لا يوجد أي تهدئة، نعتقد أن إجراءات جديدة هي الرد المناسب، فيما يتواصل العمل على المرحلة الثالثة، وفي حال عدم حصول تهدئة، فمن المحتمل أن ننتقل إليها" . في المقابل، قال سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي "سنرد بالطبع، ونحن متأكدون من أن هذا الرد سيكون له تأثير مؤلم في واشنطن"، مضيفاً "سنرد بالطبع، نحن لم نخفِ مرّة أن لدينا قدرات لمثل هذا الرد، فضلاً عن مجموعة من التدابير الكبيرة، التي سيتم استخدامها"، ووصف بيان كارني بأنه "مقزّز"، ورأى أن الولاياتالمتحدة "خسرت حسها بالواقع" . وكشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، عن وجود خلافات جذرية في وجهات النظر بين الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي، في ما يخص فرض عقوبات على روسيا، ونقلت عن مسؤولين في الإدارة الأمريكية قولهم إنه على الرغم من أن بعض مستشاري الرئيس باراك أوباما، يريدون منه أن يفرض عقوبات على كامل قطاعات الاقتصاد الروسي، قرر أوباما الامتناع عن ذلك في الوقت الحالي، علماً منه بمقاومة البلدان الأوروبية التي ستعاني أكثر بكثير من الولاياتالمتحدة، في حال فرض عقوبات إضافية على روسيا . ونقلت عن مسؤولين مطلعين أن وزير الخزانة الأمريكي جاكوب ليو، ومسؤولين آخرين، دعوا لاتخاذ الحيطة بشأن العقوبات، مؤكداً أنه رغم أن على الولاياتالمتحدة التحرك، فإن توسيع الإجراءات من دون الدعم الأوروبي سيضر بمصالح رجال الأعمال الأمريكيين، من دون الأثر المطلوب في روسيا . كما نقلت عن رئيس منظمة (فريدوم هاوس) غير الحكومية، ديفيد كرامر، الذي قدم اقتراحاً للبيت الأبيض، قوله إن "عقوبات بمشاركة الاتحاد الأوروبي سيكون أمراً جيداً، غير أن الولاياتالمتحدة عليها أن تكون رائدة، وألا تضيّع الوقت في محاولة تقديم نهج موحد" . ميدانياً، امتد الحراك ليشمل مدينة كوستيانتينفكا القريبة من دونيتسك (شرق)، حيث سيطر مسلحون موالون لروسيا على مبنى البلدية، ووقف رجال بزي مدني من دون شارات أمام البلدية ومقر الشرطة لحراستهما، وعمد آخرون إلى بناء السواتر في محيط مبنى البلدية، حيث رفع علم "جمهورية دونيتسك"، ويبلغ عدد سكان كوستيانتينفكا 80 ألفاً وتقع بين سلافيانسك ودونيتسك . وفي سلافيانسك، بقي الوضع متوتراً رغم الإفراج مساء الأحد عن واحد من 12 من مراقبي منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، وأشارت المتحدثة باسم الانفصاليين ستيلا خوروشيفا إلى أن "المفاوضات مستمرة مع منظمة الأمن والتعاون في أوروبا" من أجل إطلاق سراح الأحد عشر الباقين، وهم سبعة أجانب وأربعة أوكرانيين، وأوضحت "أنهم بخير" . وأعلنت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا عقد اجتماع استثنائي لمجلسها الدائم في فيينا لبحث الأزمة في أوكرانيا، فيما تحدثت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في بيان عن محاولتها الوصول إلى المراقبين المحتجزين، مؤكدة ضرورة معاملتهم بطريقة "إنسانية" . في خاركيف، أصيب رئيس البلدية الموالي لروسيا غوانادي كيرنيس برصاصة في الظهر في اعتداء شنه مجهولون، وهو "يخضع لعملية جراحية في الظهر، ويكافح الأطباء لإنقاذ حياته"، وفق ما جاء في بيان البلدية . أما في دونيتسك، فعثر على جثة رجل في النهر تحمل آثار تعذيب شبيهة بجثتين عثر عليهما خلال الأيام الماضية وإحداها تعود إلى مستشار في البلدية موال للسلطات في كييف، وفق ما أعلنت الإدارة الإقليمية . واعتدى حوالي 300 ملثم من الموالين لروسيا على فرع لمصرف بريفات الذي يمتلكه الملياردير ايغور كولومويسكي، الذي عين مؤخراً حاكماً لمنطقة دنيبروبيتروفسك القريبة، وقال مراسل ل"رويترز" إن العديد من الناس أصيبوا حين انفجر ما يبدو أنه قنابل صوت أثناء مظاهرة تأييد لوحدة أوكرانيا في مدينة دونيتسك، وأصيب 5 أشخاص في الرأس حين حاول انفصاليون تعطيل المظاهرة التي شارك فيها حوالي ألفي شخص . وفي مدينة كراماتورسك القريبة، أفاد شهود عن سماع إطلاق نار قرب المطار، ودعا ضباط القوات الأوكرانية الصحفيين للابتعاد عن المكان . وباتت أكثر من 12 مدينة في شرق أوكرانيا أغلبيتها في منطقة دونيتسك، باتت تحت سيطرة الموالين للروس، هي سلافيانسك ودونيتسك ولوغانسك وكراماتورسك وغورليفكا وماكييفكا، وارتيميفسك، وايناكييفي، وخارتسيزك، وجدانيفكا، وكيروفسك، وتوريز، وكوستيانتينيفكا . وأكدت وزارة الخارجية الصينية معارضتها لفرض عقوبات على روسيا، وقال المتحدث باسم الوزارة تشين غانغ إن الصين "ظلت على اتصال" بكل الأطراف منذ اندلاع الأزمة في أوكرانيا، وأضاف "بالنسبة لمسألة العلاقات الدولية تعارض الصين دائماً فرض العقوبات أو التهديد بها، نرى أن العقوبات لا تؤدي إلى حل القضية وقد تزيد التوترات سوءاً" . (وكالات) الخليج الامارتية