أعربت الخرطوم عن خيبة أملها بحصد ثمار تقاربها مع جوبا الذي اعتبره مراقبون «شهر عسل» لدعمها شرعية رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت في وجه المتمردين بزعامة رياك مشار، فيما كشفت معلومات الاحد ان سلفاكير أبلغ نظيره الكيني أوهورو كنياتا عدم ممانعته في التنحي في حال ثبت ان ذلك في مصلحة بلاده وشعبه. الخرطوم (وكالات) وأشارت تقارير افريقية الى ان سلفاكير ابلغ كنياتا ان بقاءه في السلطة لا يعني له شيئاً اذا كان ذلك سيفقد الجنوب الأمن والاستقرار. وقال الرئيس الكيني في بيان إن زعماء دول شرق افريقيا (ايغاد) سيعقدون قريباً قمة في جوبا، عاصمة جنوب السودان، عقب محادثات مباشرة بين سلفاكير ومشار لحل الأزمة المستمرة في البلاد منذ أشهر. وقال كنياتا الذي اجرى محادثات مع سلفاكير ووزير الخارجية الإثيوبي تيدروس ادهانوم في نيروبي، إن «إيغاد» تتفهم جيداً الأزمة في جنوب السودان، وشدد على أن الهيئة لن تقبل بتعطيل المحادثات الجارية بشأن أزمة جنوب السودان. ونقل بيان صدر بعد الاجتماع عن الرئيس كنياتا قوله بصفته مقرر «إيغاد»، إنه بعد مطالب الهيئة فإن «المحادثات ستعقد في أقرب وقت ممكن». وكان سلفاكير اعلن عقب لقائه وزير الخارجية الأميركي جون كيري في جوبا استعداده للسفر الى إثيوبيا لإجراء محادثات مباشرة مع مشار وتشكيل حكومة انتقالية في إطار الجهود الرامية إلى إنهاء الأزمة في بلاده. في الخرطوم، كشفت مصادر رسمية مطلعة أنها كانت تأمل بحصد ثمار تقاربها مع جوبا الذي اعتبره مراقبون «شهر عسل»، لدعمها شرعية رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت في وجه المتمردين بزعامة رياك مشار خلال مرحلة الحرب منذ منتصف كانون الأول (ديسمبر) الماضي. وقالت المصادر ل «الحياة» أن سلفاكير وعد الرئيس عمر البشير خلال زيارته جوبا وزيارة الأول الخرطوم، بتسريع خطوات الاتفاق على «نقطة الصفر» الحدودية لإنشاء منطقة عازلة منزوعة السلاح وتحديد مراكز العبور بين البلدين، قبل فتح حدودهما المغلقة منذ نحو سنتين، غير ان سلفاكير ظل يراوغ. وذكرت أن سلفاكير استعان بخصم السودان الأول في المنطقة الرئيس يويري موسفيني الذي نشر قوات في جنوب السودان لمساعدته، ودفع مقاتلي تحالف «الجبهة الثورية السودانية» الذين تستضيف كمبالا قادتهم للقتال الى جانب قوات سلفاكير، ما زاد مخاوف الخرطوم وأثار شكوكها بوجود «أصابع اجنبية» تريد حرمان البشير من قطف ثمار تقاربه مع جوبا ودعم متمرديه. ومع أن الخرطوم أظهرت تأييداً لسلفاكير منذ بداية النزاع إلا أنها حاولت في الوقت ذاته، ألا تبدو منحازة في الصراع إلى جانب طرف ضد الآخر، خشية أن تجد نفسها متورطة في النزاع الداخلي بما يزيد علاقتها الملتبسة أصلاً مع الجنوب تعقيداً، ولكنها قررت لاحقاً أن تنهي ترددها ودخلت الى جانب سلفاكير مستفيدة من غطاء «إيغاد». وأفاد مراقبون أن الخرطوم التي وضعتها ظروف الحرب في جنوب السودان في صف واحد الى جانب عدوها موسفيني، وتحالف المتمردين السودانيين الداعمين لسلفاكير بدأت تراجع مواقفها، بتبني موقف متوازن تجاه طرفي الصراع في جنوب السودان، خصوصاً أن قبيلة النوير التي ينتمي اليها رياك مشار وتمثل غالبية سكان الولايات المتاخمة للحدود السودانية الممتدة اكثر من ألفي كيلومتر، كانت الحليف الرئيسي لها خلال مرحلة الحرب الأهلية واستعانت بمقاتليها في حماية حقول النفط التي تقع في مناطقها. ويعتقد محللون أن النخبة السياسية في دولة جنوب السودان أثبتت أنها ليست سوى الوجه الآخر للعملة ذاتها للنخبة السودانية التي أورثت السودان نظاماً سياسياً عاجزاً على مدار سنوات الحكم الوطني، مع كل الاختلافات التي كان يروج لها سبباً في الصراع بين الشمال والجنوب، والتي تعيد إنتاج صراعات في بلد لم يعرف الاستقرار خلال ستة عقود من استقلاله. /2819/ وكالة انباء فارس