أحمد عمر باحمادي الانتقال الى صفحة الكاتب بصوت مبحوح وآهات تتهدج؛ سمعتها تئنّ شاكية وتقول : " عاثت في جوانبي السنون، وتعاركت في أحشائي الأعوام، ووطأتني أرجل الزمن حتى احدودب ظهري، وتشقق جلدي، ولانت بشرتي. إنكم تشهدون بين فينة وأخرى أجزاء مني تتساقط، معلنة قرب أوان الرحيل، وأن ساعة الفراق قد أزفت، نعم .. إني أحسّ بنظرات الإشفاق على حالي باديةً على أعين من يحبني ويراني مَعلماً من معالم هذه القرية الرائعة، ولكن ما عساها تفعل لي تلك النظرات الحانية!. رحماك إلهي! فإني قد أديت وظيفتي، وقمت بمهمتي على أكمل وجه، ولم يعد لوجودي أيّ معنى، ولكنني رباه أخاف أن ينال أحد ضرراً حينما أسقط وأموت، لأن الناس أغلى مني إليك وأكرم، فقد كرمت بني آدم في البر والبحر، فأدعوك إلهي أن يكون سقوطي آمناً، ورحيلي هادئاً، لا يسبب إزعاجاً لأحد، ويا حبذا لو أموت واقفة كما النخيل، فالنخيل إن جاءت ساعة رحيله مات واقفاً شامخاً. تعلم يا إلهي، ويشعر الجميع أنني قد كنت أزمعتُ الرحيل إلى مجاهل الماضي صامتة من غير شوشرة، فوداعاً نقعتي الحبيبة .. وداعاً أرض ميلادي وعطائي ومستقر رحلتي. "نظرتُ إليها بدموع تأبى أن تتكفكف، وقلت لها:" وداعاً منارتنا العالية الغالية فقد أجاب الله دعاءك وها أنت تموتين واقفة شامخة كالنخيل" . * جامع النقعة مسجد تراثي عريق بُني في العام 707ه. الحضرمي اليوم الحضرمي اليوم