تستعد المحكمة الجنائية الدولية لفتح تحقيق مبدئي في مزاعم انتهاكات ارتكبتها قوات بريطانية بحق محتجزين عراقيين في محافظة ميسان. العراق (العالم الجديد) ومن المقرر أن يبحث التحقيق التمهيدي جرائم منسوبة للقوات المسلحة البريطانية التي كانت منتشرة في العراق بين عامي 2003 و2008، وهذه ستعتبر المرة الأولى التي ستكون فيها بريطانيا موضع تحقيق للمحكمة الجنائية الدولية. وقال النائب العام البريطاني، دومينيك غريف، إن الحكومة تنفي تماما مزاعم الانتهاكات. من جهته، أعرب رئيس النيابة العسكرية البريطانية، اندرو كايلي، استعداد هيئته للتعاون مع المحكمة الدولية. لكنه استبعد أن تسعى المحكمة لإجراء تحقيق رسمي كامل، حيث أن الحكومة البريطانية تحقق بالفعل في مزاعم انتهاكات لجنودها في العراق. ويأتي قرار المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا بإعادة فتح التحقيق الذي كان قد أغلق عام 2006 بعد أن قدمت مجموعة من المحامين ملفا يتضمن معلومات جديدة في شهر كانون ثاني يناير الفائت. وتضمن الملف أدلة على ما وصفه المحامون بحالات سوء معاملة أو قتل غير مشروع بلغ عددها 400 حالة. وقال النائب العام البريطاني في بيان اصدره إنه سوف يتعاون بشكل كامل مع المحكمة الجنائية الدولية كي تتأكد أن العدل البريطاني سوف يأخذ مجراه، وقال إن الحكومة "تنفي بشدة وجود تجاوزات ممنهجة اقترفتها القوات البريطانية في العراق". ولفت الى أن "الجيش البريطاني هو من أفضل جيوش العالم ويتوقع منه أن يكون سلوكه على أعلى المستويات، وأعتقد أن سلوك الغالبية العظمى من أفراده لا ينزل عن هذا المستوى". واعرب عن اعتقاده أن عمل فريق المحققين مستقل ومتقن ودقيق، وأن مهمته التأكد من أن هذا سيستمر بهذا الشكل. وفيما أكد النائب العام البريطاني، دومينيك غريف أن الحكومة البريطانية كانت دائما وستبقى تدعم عمل المحكمة الجنائية الدولية. وكان محامو عدد من العراقيين طالبوا بالتحقيق في عمليات قتل غير قانونية لجرحى بعد اعتقالهم وممارسات تعذيب لمعتقلين اخرين، اضافة الى مزاعم التمثيل بعدد من جثث القتلى من جانب جنود بريطانيين، الا أن وزارة الدفاع البريطانية نفت بشدة جميع هذه المزاعم. ويرتبط التحقيق بأحداث اعقبت حادث اطلاق نار في منطقة المجر الكبير عام 2004. وتوصف مزاعم سوء المعاملة التي مارسها الجنود البريطانيون بأنها "غير مسبوقة"، وبأنها وقعت إثر "معركة شرسة" بين القوات البريطانية ومجموعة مسلحة نصبت كميناً لهم في بلدة المجر الكبير التابعة لمحافظة ميسان الى الشمال من محافظة البصرة. وكانت المحافظتان تحت سيطرة القوات البريطانية بعد سقوط نظام صدام عام 2003. ونشبت في 14 أيار 2004 بنشوب معركة بين جنود بريطانيين ومجموعة مسلحة في نقطة تفتيش تابعة للجيش البريطاني تعرف بنقطة "داني بوي"، وصدر أمر بعد انتهاء المعركة بتحديد هويات القتلى من المسلحين العراقيين، وفي إجراء غير مسبوق تم نقل الجثث من مكان حدوث المعركة إلى القاعدة العسكرية القريبة والتي تسمى "معسكر أبو ناجي". بدأت التحقيقات الأولى في هذه القضية في 2009 قبل أن يصدر القرار بإجراء تحقيق رسمي علني، الا أن التحقيق في هذه الادعاءات مشابه للتحقيقات الجنائية التي تقوم بها الشرطة. وكانت المحكمة قد اعتبرت تحقيقات الشرطة العسكرية الملكية التابعة للجيش البريطاني غير كافية، إثر شكوك بوجود محاولة تغطية على ممارسات غير قانونية اضافة إلى أن رد وزارة الدفاع لم يقنع المحكمة التي اجازت اجراء التحقيق العلني. سمي التحقيق اصطلاحاً ب "تحقيق السويعدي" وذلك اشارة الى حميد السويعدي وهو احد الذين قضوا نحبهم في الحادث وكان يبلغ من العمر 19 عاماً. وكان خضر السويعدي عم المتوفي وعدد من المعتقلين الذين قيل إنه اسيئت معاملتهم خاضوا معركة قانونية طويلة لجلب الانتباه إلى هذا الحادث وللبدء بإجراء تحقيق حول ممارسات الجنود البريطانيين. وتمنع قوانين الجيش البريطاني الحالية أفراده من استخدام اساليب الضغط الجسدية على المعتقلين ومن ضمنها وضع الكيس على الرأس أو وضع الأصفاد على اليدين ووضعهما الى الخلف اثناء الجلوس ولساعات طويلة، كما تمنع وضع المعتقلين لساعات طويلة تحت الشمس. وتحظر اتفاقيات جنيف جميع هذه الممارسات اصلاً. / 2811/ وكالة انباء فارس