الجمعة 23 مايو 2014 02:42 مساءً عزيزي الأستاذ / عبد السلام , نادراً ما أرُدُ على مقالات تُنشر في الموقع الذي أكتب فيه (عدن الغد) , ولكني خرجتُ عن هذه القاعدة الصارمة لسببين (1) إن موضوع مقالك المنشور الخميس 22 مايو 2014م على عدن الغد نت , ليس بالموضوع العادي الذي يمكن المرور عليه مرور الكرام , لأنه قد يضُر بأحد أعمدة نجاح شعب الجنوب لتحقيق هدفه الأسمى اليوم وهو إقناع العالم بقبول حقه في تقرير مصيره فهو وحده من يقرر هل يريد البقاء في دولة موحدة مع أشقائه في الشمال أو في إستعادة دولته الشرعية (ج ي د ش) التي لم تُحذف أبداً (كما يتهيأ للبعض) وإنما كانت قد دخلت إختيارياً مُمَثلة في قيادتها الشرعية الرجل الأول في تسلسل جهازها السلطوي الذي وقَّع على إتفاقية الوحدة مع الدولة الشقيقة (ج ع ي) وهو الأخ / علي سالم البيض (هكذا كان لقبه وأسمه كما كان نِده الأخ / علي عبدالله صالح بدون جدَلٍ على الألقاب التي لن تفيد جوهر القضية بشيء. فلو كان بقية منافسيه على الزعامة وأنت تعرفهم فهم كُثُر و مُنتقديه أمثالك , لوكانوا يمتلكون قليلاُ من الحصافة السياسية وقليلاُ من فهم القانون الدولي , لبادروا هُم بدفعه دفعاً لقيادة مسيرة المُطالبة بحق الجنوب في تقرير مصيره لأنه أولاً مُمثل دولة الجنوب التي وقعت على الوحدة وتوقيعه نيابةً عنها ما زال محفوظاً في إرشيفات جميع المنظمات الإقليمية والدولية ذات العلاقة , ولذلك يسهل على تلك المنظمات أن تقول لغيره من أنت وما هي صِفتُك الرسمية لكي تتحدثَ بإسم دولة (ج ي د ش) وشعبها ؟, عفواً أسمُك وتوقيعُك ليسا على الوثائق الرسمية المُعترف بشرعِّيتها (من الجميع) والتي بحوزَتِنا , فنحن بهذا الخصوص لن نستطيع أن نتحدثَ إلا مع من لدينا توقيعه وهو السيد / علي سالم البيض . وثانياً ليتم تحْميله مسؤوليته التاريخية أمام الشعب الواحد (جنوباً وشمالاً) لأن كليهما تأثرَ سلباً بما جرَّته تلك الوحدة الإندماجية وغير المدروسة على كافة مناحي حياتهم (وليس الجنوبيون وحدهم وإن كانوا الأكثر مُعاناة بالطبع) وأهمها في إعتقادي هو إنفصام عُرى الأُخوة والمحبة التي تشاركَ بها أبناء الشطرين على مر التأريخ . (2) الدافعُ الثاني لهذا الحوار الأخوي معك , هو تقديري الكبير لثفافتك العالية وإدراكك لما تقرأ وما تقول وما تكتب فهذا وإن كان من بدَهِّيات الأمور ومن نافِلة القول في زمان مضى , فإنه اليوم على النقيض تماماً فالكثيرون يهْرِفون بما لا يعرفون , وكذلك لأن ردك على خطابي إليك إذا تنازلتَ طبعاً سيكونُ منطقياً راقياً ومؤدباً كما عودتنا دائماً بغض النظر عمَّن سيشتموني " هنا " ويتهمونني بخيالاتٍ غير موجودة إلا في أوهامهم , أو قد يفعلون المثل معك " هناك " ! فهذا مُتوَقَعٌ بالتأكيد , ولكن قبل أن أضع النقاط على الحروف في جوهر ردي المُختصر على مقالك الطويل الذي أنا متأكد أنك كتبتَه بمشاعرك قبل أناملك , أن تُدرك جيداً إنني لا أرومُ المُزايدة عليك أو مسحَ جوخٍ لأبي عدنان أو تملُقاً لمُحِبيه ومُناصريه أو مُنتظِراً لمكأفأة ما , فخصومه هُمُ الأقدر والأثْرى على مكافأتي أضعافاً , وهدفي الوحيد هو خيرُ شعبي في الجنوب الذي وُلِدتُ وأبي وجدي بين ظهرانيهم , وكذلك خيرُ ومصلحة أرومتي التي لا أُنكرُها في الشمال , لأنني متأكداً تماماً بأن ما هُما فيه ليس وحدةً حقيقية كما حلمتُ بها أنا , حتى ولو حاول المُستفيدون والمُتمصلِحون على إبقائها ولو بحدِّ السيف , وهم يمتلكون ماكنات إعلامية ضخمة , ويملكون أكثر من ذهبِ المُعِّزِ وسيوفاً أمْضى من سيفه ! فهم ليسوا حمقى كما يتوهم البعض , بل يُدركون أكثر من غيرهم , أنهم يمكن أن (يتشعْبطوا) بتلابيبِ وحدة مُهترِئة , ولكن إلى متى ؟ هم يعرفون أنه إلى حين , ولكن همَّهم الأكبر كم سيَهْبُرون في الوقت الضائع من بقائها المؤقت الشاذ , وبعدها سيفِرون من السفينة الغارقة , فقد فرَّ سابقوهم وكَمنوا زمناً , ثم عادوا يُحدثونا عن المُثُلِ العليا , مُستغلين أن الشعوب سريعاً ما تنسى . أرجو أن نكون مُتفقين على المبدأ . (أ) أي ثورة أو مَطالِب جمعية لابد لها من قائد ربان جنرال , فقل لي من في خِضَم الرؤوس المتصارعة على الزعامة من الموجودين حالياً أجْدَرُ وأصلَحُ , ولا أقول أفضلُ فقد يكون هناك عشرات أفضلُ من البيض ولكن المرحلة الدقيقة والحاسمة الحالية لن تُعطي الشعب رفاهية البحث والتنقيب وقراءة السير الذاتية للمرشحين , وربما تجربتُهُم في أمور نضالية لفترة , حتى تتأكد الجماهير أنه الأفضل والأجدر أو الأفضلُ والأصلح معاً من البيض ؟! إنه قائد الضرورة , هكذا خبِرنا من إطِّلاعِنا على تجارب شعبنا التأريخية وتجارب الشعوب الأخرى في نضالاتها لنيل حريتها أو إرادتها الحُرة . أنا مُتفق مع ما ذكرته وفصَّلتَ في شرحه , إنه كان المسؤول الأول عن المصير الحالي للجماهير التي خرجتْ صفوتُها حاملةً صوره , نعم صور علي سالم البيض يا عبدالسلام , فلماذا تتملَق هذه الجماهير التي خذلتَكْ وسفهَّتْ نظريتَك القاصِرة يا عزيزي ؟! كلنا نُخطى , فما نحنُ إلا بشراً , ولكن هل من الحصَافة وسَوْسِ الأمورِ أن نرفض رُباناً تسبَب في عَطَبِ سفينته , بادَرَ وتقدَّمَ عارِضاً إصلاحَ ما أفسَدَهُ ؟! ألا تعلم أنِّ مسيرة الحراك كانتْ راكِدة وفي حالة موات قبل ظهور البيض التاريخي على " قناة الحرة " لأول مرة منذ (15) عاماً من غيبَتِهِ , كان فيها الجنوبيون كالأيتامِ على موائدِ اللئِامِ ! وبعدها حصَلَ تصاعُدٌ تدْريجيٌّ , لكنه دراماتيكي في مُنْحَنَى الحراك , هل تستطيعُ إنكارَ ذلك ؟. أنا هنا , أعترفُ لكَ وللجميع , أنني من يومِها بدأتُ أنظرُ للوحدة التي كانتْ في مصَافِ المُقدس لديَّ , ونظرتُ مليئاً في أساليب أخرى أفضل لتحقيق التكامُل (مثل الكونفدرالية كما الأمارات) أتَعْرِفْ لماذا ؟ لأنني لِستُ مُكابِراً مثل البعض الذين تأخُذهم العزةُ بالإثْمِ ! فكرتُ لماذا مثل هذا الوحدوي والقومي المعروف أي البيض, يُقرِّرُ أنِّ هناك خطأ في الوحدة , ويُقرر أنه شريكٌ رئيسي في ذلك الخطأ , وأعتذرَ لشعبهِ وقبلتْ الأغلبيةُ إعتذاره , ألم يُعلمنا رسولنا عليه الصلاة والسلام : " أنَّ أُمتَهُ لا تجْتمِعُ أبداً على ضلالةٍ " , فلماذا البعضُ وأنت منهم يتعالَوا على الشعب ويوسوس لهم غرورهم أنهم أفْقَهُ وأعلَم من عامة الشعب ؟ صدقني أنه من يومها , لو لم تتكالَبْ الزعامات الجنوبية على موقعِ ومكانةِ البيض , لكانت قضية الجنوب قد حُلت منذ ردْحٍ ليس بالقليل من الزمن . أتركوه يقود المسيرة وعاونوه جميعاً ولا تضعوا عصيانكم في دولابه لأنها أغلظ وأشد من عِصي غير الجنوبيين , هذا الكلام موجَّه لمن كان صادقاً حقاً في إيجاد حل حقيقي للقضية الجنوبية وسيتبين حينها الخيط الأبيض من الخيط الأسود . (2) سأوافقك على كثيرٍ مما أعتقد أنك تجنِّيت به على الرجل وأعتذر لك في حالة واحدة فقط وهي : إذا خلف البيض وعده بأن يوصِّل الشباب لأول خط الحرية وبعدها سيترك لهم إدارة دفة الوطن , وأنا أُضيف ليس لوحده ولكن ليصحب معه كل القيادات التي تجاوزت عمرها الإفتراضي ويمكن أن يظلوا كمستشارين لجيل الشباب , كما فعل العظيم مانديلا . وأهمسُ في آذانهم : أنه بالتأكيد ليستْ مُحرِّكاتهم أفضل ولا أصلب من موتورات " الرولز رويس " !؟ . ودمتم . عدن الغد