انهيار كارثي.. الريال اليمني يتراجع إلى أدنى مستوى منذ أشهر (أسعار الصرف)    الريال ينتظر هدية جيرونا لحسم لقب الدوري الإسباني أمام قادش    إنريكي: ليس لدينا ما نخسره في باريس    أول تعليق من رونالدو بعد التأهل لنهائي كأس الملك    جامعة صنعاء تثير السخرية بعد إعلانها إستقبال طلاب الجامعات الأمريكية مجانا (وثيقة)    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    جريدة أمريكية: على امريكا دعم استقلال اليمن الجنوبي    بن الوزير يدعم تولي أحد قادة التمرد الإخواني في منصب أمني كبير    وفي هوازن قوم غير أن بهم**داء اليماني اذا لم يغدروا خانوا    الرئيس الزُبيدي يُعزَّي الشيخ محمد بن زايد بوفاة عمه الشيخ طحنون آل نهيان    محلل سياسي: لقاء الأحزاب اليمنية في عدن خبث ودهاء أمريكي    أولاد "الزنداني وربعه" لهم الدنيا والآخرة وأولاد العامة لهم الآخرة فقط    15 دقيقة قبل النوم تنجيك من عذاب القبر.. داوم عليها ولا تتركها    الخطوط الجوية اليمنية توضح تفاصيل أسعار التذاكر وتكشف عن خطط جديدة    الانتقالي يتراجع عن الانقلاب على الشرعية في عدن.. ويكشف عن قرار لعيدروس الزبيدي    سفاح يثير الرعب في عدن: جرائم مروعة ودعوات للقبض عليه    مقتل واصابة 30 في حادث سير مروع بمحافظة عمران    خطوة قوية للبنك المركزي في عدن.. بتعاون مع دولة عربية شقيقة    يمكنك ترك هاتفك ومحفظتك على الطاولة.. شقيقة كريستيانو رونالدو تصف مدى الأمن والأمان في السعودية    احتجاجات "كهربائية" تُشعل نار الغضب في خورمكسر عدن: أهالي الحي يقطعون الطريق أمام المطار    العليمي: رجل المرحلة الاستثنائية .. حنكة سياسية وأمنية تُعوّل عليها لاستعادة الدولة    الكشف عن قضية الصحفي صالح الحنشي عقب تعرضه للمضايقات    الحوثيون يعلنون استعدادهم لدعم إيران في حرب إقليمية: تصعيد التوتر في المنطقة بعد هجمات على السفن    مخاوف الحوثيين من حرب دولية تدفعهم للقبول باتفاق هدنة مع الحكومة وواشنطن تريد هزيمتهم عسكرياً    غارسيا يتحدث عن مستقبله    مبلغ مالي كبير وحجة إلى بيت الله الحرام وسلاح شخصي.. ثاني تكريم للشاب البطل الذي أذهل الجميع باستقبال الرئيس العليمي في مارب    الرئيس الزُبيدي يعزي رئيس الإمارات بوفاة عمه    رئاسة الانتقالي تستعرض مستجدات الأوضاع المتصلة بالعملية السياسية والتصعيد المتواصل من قبل مليشيا الحوثي    مكتب التربية بالمهرة يعلن تعليق الدراسة غدا الخميس بسبب الحالة الجوية    مأرب ..ورشة عمل ل 20 شخصية من المؤثرين والفاعلين في ملف الطرقات المغلقة    عن حركة التاريخ وعمر الحضارات    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    مياه الصرف الصحي تغرق شوارع مدينة القاعدة وتحذيرات من كارثة صحية    بعد شهر من اختطافه.. مليشيا الحوثي تصفي مواطن وترمي جثته للشارع بالحديدة    رئيس الوزراء يؤكد الحرص على حل مشاكل العمال وإنصافهم وتخفيف معاناتهم    إبن وزير العدل سارق المنح الدراسية يعين في منصب رفيع بتليمن (وثائق)    الذهب يهبط إلى أدنى مستوى في 4 أسابيع    الشيخ الزنداني يروي قصة أول تنظيم إسلامي بعد ثورة 26سبتمبر وجهوده العجيبة، وكيف تم حظره بقرار روسي؟!    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و568 منذ 7 أكتوبر    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    هربت من اليمن وفحصت في فرنسا.. بيع قطعة أثرية يمنية نادرة في الخارج وسط تجاهل حكومي    التعادل يحسم قمة البايرن ضد الريال فى دورى أبطال أوروبا    كأس خادم الحرمين الشريفين ... الهلال المنقوص يتخطى الاتحاد في معركة نارية    وزير المالية يصدر عدة قرارات تعيين لمدراء الإدارات المالية والحسابات بالمؤسسة العامة لمطابع الكتاب المدرسي    تنفيذية انتقالي لحج تعقد اجتماعها الدوري الثاني لشهر ابريل    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    السامعي: مجلس النواب خاطب رئيس المجلس السياسي الاعلى بشأن ايقاف وزير الصناعة    هذا ما يحدث بصنعاء وتتكتم جماعة الحوثي الكشف عنه !    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    بنوك هائل سعيد والكريمي والتجاري يرفضون الانتقال من صنعاء إلى عدن    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    وزارة الأوقاف بالعاصمة عدن تُحذر من تفويج حجاج بدون تأشيرة رسمية وتُؤكّد على أهمية التصاريح(وثيقة)    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    القرءان املاء رباني لا عثماني... الفرق بين امرأة وامرأت    يونيسيف: وفاة طفل يمني كل 13 دقيقة بأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إسقاطات الصراع الروسي الأمريكي على القضية الجنوبية (دراسة علمية واقعية موجزة )
نشر في الجنوب ميديا يوم 24 - 05 - 2014

بقلم : م. علي نعمان المصفري
محاولة الغرب بزعامة الولايات المتحدة في اوكرانيا لتطويق روسيا الاتحادية سياسيا واقتصاديا وعسكريا لم تكن وليدة الصدفة بل تم التحضير لها منذ فترة مابعد انهيار الاتحاد السوفيتي وهدفت الى أطباق كل منافذ خروج روسيا الى العالم أذا ماتعافت من فترة تخلفها عن الغرب الاقتصادي والعلمي وأحكام القبضة عليها أمنيا بزرع الصواريخ الباليستية عند مردم روسيا بعد ان نجحت الولايات المتحدة والناتو على ذلك في بولندا ولتوانيا وملدافيا.
وردا على ذلك قدرت روسيا بوتين من النهوض وملاحقة الغرب بل وأصبحت على قدر من الكفاءة للمنافسة ودخول السوق العالمية وتثبيت نفسها على الساحة الدولية كواحدة من أهم الدول الصناعية في العالم بدخولها الثمانية الكبار.
وعلى الرغم من الإعلان على انتهاء الحرب الباردة بسقوط سور برلين وتفكك الاتحاد السوفيتي في العام 1991 فقد تم تجميدها من طرف واحد اي روسيا بينما الولايات المتحدة ظلت تحشد مكاناتها في مناطق عديدة من العالم الممكن من خلالها اضعاف روسيا ومن ثم سقوطها كما حدث للاتحاد السوفيتي من قبل.
ولم يغب على روسيا بوتين من عودتها لتكون قطبا آخر يوازي الغرب. وكان أول اختبار حقيقي لها في سوريا فرضها واقع سياسي عارض الولايات المتحدة وقوض نهجها المعمول به في الوطن العربي من خلال الفوضى الخلاقة بصورة ثورات الربيع العربي وتغيب روسيا الاتحاد السوفيتي عن الشرق الأوسط حيث مثل تواجده حجر الزاوية في الصراع الدولي وأثر على ميزان القوى الدولية طوال عهد الاتحاد السوفيتي.
وبقت الولايات المتحدة تتعربد في دول الشرق الأوسط مع حليفاتها الغربية تعجن سياسة البلدان الشرق أوسطية بماتراه مناسبا لها وتغير خميرة عجينتها وفق متغيرات واقع تلك البلدان لتنتج في المحصلة ثمار تجنيها الولايات المتحدة بالعبث بثروات ومقدرات تلك البلدان واستغلالها وكذا المواقع الاستراتيجية والعسكرية المهمة بفرض سيطرتها على أتجاه السياسة الدولية واستثمارها لمنافعها.
وعملت الولايات المتحدة في عهد جورج دبليو بوش الأبن على رسم الفوضى الخلاقة لإعادة تقسيم المنطقة العربية تأسيسا على سياساتها الجيوسياسية والجيوأستراتيجية الهادفة الى اشتمال تأمين الأمن القومي لإسرائيل وهو ما نتج الى السطح بصور ثورات الربيع العربي التي حملت الى بلدان الشرق الأوسط مشاريع الحروب الأمريكوماسونية الخمسة المتسلسلة. الهادفة الى أنتاج الفوضى الخلاقة بوصول تلك البلدان الى دول فاشلة وغياب الدول فيها.
وتوالت بعد تونس اليمن وليبيا وسوريا وقبلها العراق بينما تعثرت في عمان والأردن والبحرين.
و عندما فشل تغيير نظام مصر بسيطرة الإخوان المسلمين على مقاليد السلطة جراء نتائج سياساتهم الكارثية في بحر عام توجهت مصر بثورة 30 يونيو2013 الى الطريق الصحيح لتطورها بإقرار شعبي واسع منقطع النظير في تاريخ الثورات في العالم بخروج 35 مليون مصري وتنجح مصر بمؤازرة القوات المسلحة ودعم مالي من ثلاث دول خليجية رائدة السعودية والكويت والأمارات، مما فرض واقع آخر فشلت فيه خطة الولايات المتحدة في أعادة تقسيم العالم العربي وبذلك اتخذت الولايات المتحدة جملة من العقوبات على مصر من ضمنها أيقاف المساعدات المالية العسكرية المقررة سنويا لمصر وفق اتفاقية كامب ديفيد. وردا على ذلك وبقوة ذهبت مصر الى روسيا لتعيد وتحيي علاقاتها القديمة من عهد الزعيم عبد الناصر وتتويج هذه العلاقة في صفقة تسلح ضخمة وتعاون عسكري مهم مما أضاف حاجة ماسة الى عودة الدب الروسي الى المنطقة، ليحتل مكانته من جديد وتكشف ذلك من خلال التصريحات الصحفية المختلفة للقيادة الروسية وما كشف عنه السفير الروسي في لبنان في الحوار الذي أجرته معه قناة الميادين في شهر فبراير الفائت, حيث أظهر السفير الإحداثيات الجيوسياسية والاستراتيجية لروسيا في الشرق الأوسط واتجاهات إسقاطاتها على مختلف بلدان الشرق الأوسط ومنها اليمن, بما يدلل قيام تحالف خليجي روسي مصري, تدخل فيه الصين وإيران مع سوريا.
ولما وجدت الإدارة الأمريكية هذا الاتجاه الروسي قد بات في حكم المهم والخطير المنافس قامت بالالتفاف بزرع مخلب في صدر الدب الروسي واستغلال التأزم الروسي الأوكراني في أشغال روسيا عن بقية مناطق العالم والتركيز على مناورات الفأر الأمريكي بين رجلي الدب الروسي.
لذلك كان لزاما على الولايات المتحدة ضرورة تقدمها في مشروع السيطرة على اوكرانيا باستغلال الفساد وحالة الناس المعيشية ومن ثم القبض على اهم مفاصل العملية السياسية بالتحكم بالمعارضة وتوجيهها حسب خبرات الغرب السابقة بانتهاز واستغلال فترة انهيار النظام الاشتراكي والكتلة الشرقية في أوربا, حيث كانت الفرصة مواتية لأن يحدث ماحدث وتصل المعارضة الى سدة الحكم وفق رؤيتها في أيقاف وتحجيم دور الدب الروسي المرتقب..
لكن وفي شبة جزيرة القرم ذات الأغلبية الروسية كان الروس قد حسموا أمرهم باتخاذ جملة من الإجراءات لحماية أنفسهم مقابل انقلاب المعارضة الأوكرانية على الرئيس الشرعي لاستغلال المعارضة الاتفاق المبرم مع الرئيس الأكراني, وبذلك تم احتلال كل المؤسسات الحكومية وتنظيم استفتاء عام للالتحاق بروسيا وهو ماتم لاحقا لتصبح شبة الجزيرة القرم جمهورية تابعة لروسيا.
وتزامنا مع ذلك كان على روسيا أتباع خيار واحد لا غير عمد حد الأزمة في فرض أمر واقع والتحرك عسكريا ليقع شرق اوكرانيا تحت السيطرة الروسية بحجة حماية الأقلية الروسية هناك ومصالح روسيا في شبة جزيرة القرم كونها المنفذ البحري لروسيا على البحر الأسود ومنه الى العالم وأصبح كل شيء ممكن بالنسبة لروسيا من خلال مركز قوتها وعافيتها الاقتصادية بعد سقوط الاتحاد السوفييتي وعلاقتها القوية مع التحالف الاقتصادي الدولي المعروف بالبريكس والذي يشمل 50% من سكان العالم و40% من اقتصاده, واستغلال الغاز الروسي سلاحا على رقاب دول أوربا الغربية وخنق الاقتصاد الأوكراني, بهذا عادت روسيا البوتينية للعب دورها بعباءة جديدة تختلف عن سابقتها في الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي والغرب, وتهديد روسيا على لسان قيصرها الجديد في أعادة خريطة أوربا الى عهد نهاية الحرب الكونية الثانية وفق اتفاقية بوتسدام بين الحلفاء..
لذلك فأن روح روسيا روح أخرى وفي جسدها الحقيقي روح اليوم برأسمالية روسيا المدجنة اشتراكيا تستجر بعضها من تاريخ الاتحاد السوفيتي دخان الترسانة النووية على حساب مصالح تشترك فبها مع اقتصاد السوق الرأسمالي.
ولكن الأمنية تنبت على جذور مع واقع آخر وتربة قديمة استنزفتها أشجار صنوبر المافيا وبقايا الكيه جي بي بديلها منكه بقيصرية بوتينية مزدوجة، جمعت مزايا فترات متعاقبة من تاريخ روسيا بأبعادها الثلاثة القيصرية والسوفيتية وما بعدهما.
روسيا أصبحت بتلك المقومات المزدوجة تمتلك كل مقومات العودة للعب على مسرح السياسة الدولية ولكن لا أعتقد أن تكون خارج تأثير التطور الرأسمالي مع فارقها في الصين بوضعها الإداري الاشتراكي ونفسها الخارجي الرأسمالي التجاري الدولي.
بالنظر الى الحرب الباردة فلقد بدأت بين الولايات المتحدة والصين في فترة سابقة من بدايتها مع روسيا، لهذا شكلتا روسيا والصين هذه المرة كماشة قوية في ثنائي عملاق سمح لهما اعتلاء المكانة الدولية اللائقة ظهر ذلك خلال الموقف الموحد يوم أمس في الفيتو الصيني الروسي حول تحويل سوريا الى محكمة الجنايات الدولية, ذلك لاستعادة التوازن مع الولايات المتحدة في حرب باردة طقسها السيبيري القارس أختفى ليتحول بفعل ارتفاع حرارة الارض الى نعمة مضافة في الكشف عن مصادر للطاقة تمكن روسيا من تعزيز مكانتها الاقتصادية. وهي الوضعية التي افتقدتها روسيا في مواجهة الولايات المتحدة في فترة غيابها عن المسرح السياسي الدولي منذ 1991 لكن بأوزون يتلاءم مع حاجة شعوب العالم لتفرد مرحلة جديدة أمامها وتجاوز مرحلة كانت الولايات المتحدة بالعولمة قد تمكنت من افتراس ضحايا بالجملة. لهذا هل عودة روسيا سيزلزل فيها الديناصور الأمريكي لتظلم الدنيا علية ويعمى ليحتضر كما جرت عوامل زلزال الأرض في عصر الديناصورات لتنقرض ولو بعد حين لعدم ملائمتها البيئية وحرمانها من تغذية نفسها بعيد فقدانها النظر للوصول الى مراعيها المعتادة, هذا ما تفصح عنه قادم الأيام؟.
وكما أشرنا سلفا فأن روسيا فقدت الكثير من مواقعها الدولية الحساسة خلال العشرين السنة الماضية لتحل محلها الولايات المتحدة وتحاول فرض سيطرنها على كل دول العالم, لكن ماحدث كان معاكسا تماما لأطماع الولايات المتحدة التوسعية, لعدم امتلاكها الخبرة الكافية في التعامل مع الوضع الجديد الناشئ جراء غياب الاتحاد السوفيتي وتحولت كثير من البلدان من النهج السوفيتي والصيني الى الرأسمالي والتعامل مع النظام العالمي الجديد المسيطر عليه أمريكيا الأمر الذي دفع بالولايات المتحدة الى أن تدخل دائرة من الجشع والتسلط والغرور باستخدام البنك الدولي وصندوق النقد العالمي, بتشجعها على أنتهاج سياسة عدوانية و دخول الولايات المتحدة في حروب عدة في مناطق النفط والثروات وبالتالي أصبحت تواجه النقمة العالمية عليها ومعاناة الشعوب المتضررة من سياساتها في العديد من المشاكل التي فرضت على الولايات المتحدة من تمويل الحروب وتواجدها العسكري مع أن أمكانية أنتهاجها للسلم طريقا متوفرة الى تطوير ذاتها ومما يجعل أيضا من الممكن توفير تلك الطاقات المهدورة وتوظيفها في استثمارات نهضوية تعوض مافقدته في حروبها خلال تاريخها العدائي بتقاطع مصالحها مع الأمم والشعوب تحت مبدأ لاضرر ولاضرار.
ومنذ أن حطت الحرب الكونية الثانية رحالها لازالت الولايات المتحدة تدفع من مال قلبها ثمن تدخلاتها بشئون بلدان العالم. مما نتج عن تراكم خسائرها لتتحول الى وزر قاسي وحمل قاتل لها وخصوصا في العقدين الأخيرين بعد احتلالها لفيتنام وخروجها منها خاسرة في منتصف سبعينيات القرن الفائت, حيث تكررت مأساة تواجدها العسكري السياسي في الصومال وأفغانستان والعراق وتمويلها للعديد من الحروب الظالمة ضد شعوب البوسنه والهرسك ومايتم تجرع أحداثه في البلدان العربية تحت مسمى الفوضى الخلاقة بصورة ثورات الربيع العربي والتي حقا لاتمت بصلة الى الثورات بالرغم من حاجة شعوبها لها و لكنها وظفت في الفوضى الخلاقة بهدف أعادة ترتيب البيت العربي وفق مصالح الولايات المتحدة وحلفائها.
لم يعد ممكن للولايات المتحدة من التفرد بالعالم بعد الآن وبذلك فأن التوازن في المصالح يضع العالم في خريطة معدلة تراعى فيها مصالح اللعابين الأساسيين فيها وتحدث أستقطابات جديدة مما لاشك فيه أن منطقتنا هي الأخرى تتعرض اليوم الى حضور دولي قوي بهدف التسابق على مصادر الطاقة وتأمين المواقع الاستراتيجية العسكرية والتجارية التي تشرف عليها , مما يعيد النظر في صياغة جديدة للواقع السياسي والعسكري لما تقتضية حاجة البلدان بتقاطع المصالح لا بتجييرها لصالح طرف دون الآخر لما نلاحظه من تواجد ما يزيد عن 300 بارجة تجوب خليج عدن والبحر العربي, لدول لم نسمع عنها أصبحت وسط هذا التسابق ومنها البرازيل والهند والمانيا وفرنسا وكندا وهولاندا والكوريتان, تضاف الى هذه الأساطيل العالمية قطع بحرية تابع لدول أقليمية كإيران.
وهو الوضع الذي لازال غير مستقر من حيث تحالفات القوى وكيف تكون خريطة العشق الرأسمالي الجديد بين كل هذة القوى الدولية والأقليمية في المنطقة؟.
لذا فأن الجنوب واليمن سيقعان تحت التأثير المباشر للسياسات الجديدة للحرب الياردة التي تختلف كثيرا عن السابقة وهو ما يدفع شعوب المنطقة على أتخاذ الوضع المناسب لها لضمان وحماية ذاتها جراء الأخطار الماثلة مما يجعل الدول العظمى مضطرة لمراجعة حساباتها في علاقاتها مع شعوبنا والتفكير بعقلانية على أعادة النظر في سياساتها في المنطقة وبالنتيجة سيكون للجنوب قسط وافر في هذا التغيير الجديد لما يتيح لشعبة من الخروج من شرنقة سياسات الدول الغربية وبالتأكيد من الوضع المفروض عليه بألحاقه باليمن كما هو الحال وخروج الجنوب أرض وشعب وتاريخ الى الحياة تعيد الروح فيه وتصبح حقيقة واقعة تجسد فيها الحقوق الوطنية وثوابت نضال شعب الجنوب عمليا على الأرض باستعادة الهوية الجنوبية العربية وبناء الدولة الوطنية الفيدرالية الحديثة سبيلا ونهجا وأداة لتعويض الجنوب ومافاته من سنوات عزله القسري عن ملاحقة التطور الإنساني منذ 30نوفمبر 1967وماتلتة من مراحل ركد فيها الجنوب وتم تعطيله وشلت حركته لأن يصبح بيمننته خلف التاريخ ويعود الحق الى أهله وناسة وضمان حريته واستقلاله وتطوره المشروع.
لكن هذه المرة تختلف كثيرا عن طبيعة الصراعات السابقة وبتحالفات استراتيجية وتكتيكية جديدة.
لذلك على من يعتقد أنه ضمن النصر من خلال تفرد الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين في تحديد اتجاهات حل القضية الجنوبية على النحو المأساوي بفرض الأقلمة على الجنوب واعتباره ضمن الحل العام في اليمن والمخالفة أساسا لما الواقع تحدث به بلغة الناس. ففي اليمن خرجت الملايين في ثورة للتغيير وبناء دولة حديثة حاملة وضامنة لعملية التغيير نهجا وفلسفة عن كل الأشكال التقليدية لمفهوم الدولة وتحقيق أهداف ثورة الشباب.
وأما في الجنوب فما حدث منذ 7 يوليو 2007 هو انطلاقة ثورة سلمية خرج فيها ملايين من أبناء الجنوب يبحثون عن وطن ضائع يريدون استعادته ليعيشون فيه ويضمنوا حياة حرة كريمة.
المبادرة الخليجية واليتها المزمنة والتي في ضوؤها عقد مؤتمر حوار موفينبيك صنعاء ومخرجاته البائسة شذت عن الفعل الثوري الوطني في كلا الثورتين وقفزت فوق أسوار الأرادات الشعبية للشعبين في اليمن والجنوب ولم تجد حتى الحدود الدنيا للتسوية غير الهروب الى الأمام بكل تلك القضايا وتعقيداتها وأركان الحلول الى زمن لايفقهه غير المخرج لكل هذه المسرحية العبثية.
لم يدر المخرج أنه اليوم ليس وحده في الساحة لاعبا أساسيا, ولهذا أذا لم يعدل من سياساته العبثية العدمية سينهدم المعبد على رأسه لهشاشة بناءة من قبل الإدارة الأمريكية وحلفائها لتجد نفسها خارج اللعبة بأملاء هذه البلدان المظلومة والجنوب أهمها فراغاتها الشاغرة تلك التي تتقاطع فيها مصالح التحالفات الجديدة المضادة للأمريكية وتبقيها بعيدا عن الممكن لا بالتأثير السياسي المباشر ولا التواجد الحاصل والنفوذ المفروض على اليمن والجنوب بوضع احتلاله القائم. لتصعد القضية الجنوبية الى كرسيها الحقيقي والجلوس عليه دون استئذان أمريكي ولا لفتة تذكر اليها, بل أنها أي الولايات المتحدة ستتعقد وتتصلب شرايينها لتنسد وتنشل حركتها بالقدر المعتادة عليه.
والى هنا نقول لمن لازال يفكر بصيغة تفكيره المنحلّة والكسيحة في صور مانسمعه ونشاهده على مر السنوات الماضية وحتى اللحظة من تطرف غير مبرر وقساوة الخطاب السياسي لهم. هؤلاء النفر الذين في سكونهم وصمتهم أنكروا وتنكروا أرادات الشعوب, عليهم الاتعاظ من التاريخ القريب والتسليم جدلا بحقوق شعبي اليمن والجنوب وعدم المزائدة بأسم فقاعات الوحدة أو الموت والدين واللغة والقومية, الوحدة التي قضوا عليها هذه القوى المتنفذة بأفعالهم وجرائمهم المشهودة.
أتركوا الجنوب وشأنه واليمن وشأنه كي تبنى الدولتان بهدوء والخروج من المأزق بسلام بديل رائحة الدم الكريهة وتعاد البيئة السياسية المخربة كما كانت, ليبقى الشعبان في تكافل وتعاضد ووئام وأمان يحبوا بعضهم بعض ويعيشوا عيشة حرة كريمة ضمان لحاضر ومستقبل الأجيال, دون ذلك سيلهب العالم والمنطقة من سعير نار الكارثة القادمة لو سمح الله وتتعطل كل مصالح الأطراف. فلا المهزوم يفنى ولا المنتصر ضامن بقاه.
وهنا لابد لمسيرة الحراك من لملمة شملها بتوحيد القيادة في عمل تحالفي موحد وخطابها السياسي ورؤيتها لتقديم القضية والدفاع عنها بما يمكن الحراك الجنوبي من اقتناص هذه المتغيرات الدولية والعوم وسط محيطها بما يحقق أهدافه؟ أم دوامة عذاب الجنوب أرضا وشعبا قدر محتوم يظل معلق في مهب الريح الى سديم المجهول؟.
عدن اف ام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.