– تقرير – خاص يتجاهل كثيرون الحرب الدائرة في مناطق ومحافظات شمال اليمن ، دون نظرهم إلى خطورة تلك الحرب الطائفية الانقسامية التي تهدد النسيج الاجتماعي في اليمني الشمالي والمنقسم اصلاً ، وتهدد الدول المجاورة والأمن العام . وتعد تطورات تلك الحرب مخزن البارود الذي سيؤدي بعده الطائفي الى انفجارا عظيما باليمن الشمالي . ولعل اقل ما توصف به تلك الحرب الطائفية ، بأنها ليست كمثل الحرب المناطقية التي شهدتها دولة الجنوب في ثمانينيات القرن الماضي ، بل هي أضعاف تلك الحرب واخطر منها عشرات المرات ، رغم ان الشعب الجنوبي استطاع ان يلملم صفوفه ويطلق مبدأ التصالح والتسامح كنهج اجتماعي وقيمي يطمس اثار الحرب المناطقية الطاحنة ، إلا ان في اليمن الشمالي لا يبدو ان شيئاً من ذلك سيحدث ، فالحرب وتداعياتها متوسعة وباتت ذا فرز طائفي ومناطقي وقبلي في آن واحد . ما الذي يحدث في اليمن الشمالي ؟ (حرب طائفية) ، هي تلك التي تحدث في اليمن الشمالي ، وتتخذ اشكالاً متعددة من الصراع بين فصائل مسلحة إحداها تسعى للتمدد للسيطرة على الحكم ، والأخرى تتخذ من الجيش اليمني وانخراطها فيه سبيلاً لمواصلة الحروب وإشعال الأزمات التي دأبت عليه منذ عقود في شمال اليمن . يحدث ان الحوثيين كحركة مسلحة تعبوية لها إيدلوجيات ومشاريع توسعية ، يتقاتلون مع فصيل مسلح داخل الجيش اليمني ، وليس يقاتلون الجيش اليمني ، بل هو فصيل تابع للجنرال العسكري " علي محسن الاحمر " وحزب الاصلاح الذي يرى ان الحوثيين خطرا عليه ويشكلون إعاقة كبيرة أمامه للسيطرة على حكم صنعاء وفرض الامر الواقع . التوسع الحوثي بات لا يقتصر على صعدة وعمرانوذمار ، بل وصل الى اعماق اليمن في المناطق الشافعية ، كمحافظات " إب وتعز " بعد ان تجاوز " ذمار ومأرب " وتمت فيها مبايعة الحوثيين على الولاء ، وهو ما يراه الإخوان " حزب الاصلاح " خطرا عليهم وعلى مشاريعهم الساعية للحكم والسيطرة على تلك المناطق . ويستخدم الاصلاح والأحمريون اللواء 310 الذي يقوده اللواء " حميد القشيبي " المقرب من " آل الاحمر" وصهر اللواء علي محسن الاحمر ، ونسيب رجل الديني الاخواني " عبدالمجيد الزنداني " مؤخراً ، يستخدمونه كذراع عسكرية مغروسة داخل الجيش اليمني لمواجهة الحوثيين وإشعال الحرب معهم في عمران . الحرب بين الحوثيين وحزب الاصلاح ، يمكن تصنيفها الى نمطين ، الاول هو نمط طائفي معتمدة على العداء الطائفي ، رغم قرب الزيدية والشيعة إلا ان التغيرات التي حدثت بعد 90 باتت مشكلة تتوسع بتوسع التشدد المتلبس بالسنية من قبل الإصلاحيين وهو في الأصل تشدد هدفه الوصول الى الحكم لا غير . بينما يأتي الشكل الثاني ، كصراع قبلي مرتبط بخلفية تاريخية وثأر عتيق بين الحوثيين وأولاد الأحمر المرتبطين بالتجمع اليمني للإصلاح عبر رجل الأعمال والنافذ " حميد الأحمر " ، سعيا للحفاظ من قبل الفئة الاولى على ما يمكننا ان نطلق ( منجزات توسعية ) ، وحفاظ الفئة الثانية على هيبتهم ونفوذهم خاصة بعد ان باتوا يشعرون بأنها مهدد من قبل الحوثيين . وبين هذا وذاك ، يأتي الصراع والخلاف التأريخي كثأر بين الجانبين عن احداث جرت في منتصف القرن الماضي لما سمي حينها حرب " الجمهوريين " ممثلين بالقوى القبلية التابعة ل"عبدالله بن حسين الاحمر " ، وبين الملكيين الذي حكموا اليمن الشمالي وسموه ب" المملكة المتوكلية اليمنية " وما دار حينها من صراع ،استطاعت فيه قوى الاحمر " الجمهوريين " الإطاحة بنظام الملكيين وقتل منهم من قتل وشرد البقية في أصقاع الأرض ونهبت ممتلكاتهم وأموالهم ، وهم يسعون هذه الأيام لاستعادتها عبر " الحوثيين " الذين ينتمون أصلا الى نفس الفكر والنهج والطائفة والتي هي زيدية في الأول والاخير وقريبة من الشيعة . لماذا يرفض هادي إدخال الجيش بالصراع الطائفي : أعلنها " هادي " ووزير دفاعه ، مؤخراً ان الجيش اليمني لن يدخل صراع او حروب بين الحوثيين والاصلاح ، باعتبارها حرب غير رسمية ولا دخل للجيش اليمني الوطني بها . كما أعلنها رئيس جهاز الأمن القومي " علي الأحمدي " صراحة ، بأنهم لن يزجوا بالجيش في مواجهة الحوثيين في الحرب الدائرة ، بينما في الجهة الأخرى يضغط " علي محسن الاحمر " وقوى حزب الاصلاح محاولين تحويل الحرب بينهم وبين الحوثيين ن إلى حرب بين الجيش اليمني والحوثيين ، وهو ما فشلوا به حتى اللحظة . والرفض الرسمي من قبل الرئيس اليمني واجهزته المخابراتية ، للدخول في تلك الحرب ، إنما في الأصل ياتي كون تلك الحرب هي حرب فصائل مسلحة تمتلك السلاح بصورة غير شرعية سواء من جانب الحوثيين او الاصلاحيين . ويرى مراقبون ، وسياسيون ، ان محاولة " الاحمر " وحزب الاصلاح ، ودعوات رجال الدين فيه ، الى ضرورة دخول الجيش في الحرب ضد الحوثيين ، إنما يراد منها إشغال الجيش اليمني الذي اعلن حربه المفتوحة ضد تنظيم القاعدة في اربع محافظات هي " شبوة وأبين والبيضاء ومأرب " . ويؤكد المراقبون ، ان أي جبهة جديدة يتم فتحها من قبل الجيش اليمني ، فهي تخفف الضغط على تنظيم القاعدة ، وتمنحهم قوة لتكبيد الجيش خسائر فادحة ، وربما هزيمته وهو الامر الذي سيكون كارثي على " هادي " وسلطته . أبعاد لمواقف هادي من حرب الحوثي والاصلاح : على أقل تقدير ، ووفقا لمؤشرات واقعية ، ان هادي يسعى لتدمير القوتين وإضعاف مواقفهما ، وانهاكهما بالحرب ضد بعضهما ، فالحوثيين الذين يشكلون خطراً على النظام الجمهوري في اليمن الشمالي ، والإخوان " حزب الاصلاح " الذين يشكلون خطرا على المملكة السعودية ودول الخليج ، جميعهم جماعات مسلحة لا يمكن مواجهتهم من قبل هادي ونظامه الذي لا يزال حتى اللحظة " توافقي " . ولكن الأسلوب الذي اتخذه هادي ، بدافع وخطه خارجية ربما تكون سعودية ، تسعى لضرب الطرفين المسلحين الأكثر خطراً على السلم والأمن في المنطقة ، عبر صراع بعضهما ، وهو أسلوب ربما يضعف مواقف الطرفين ويقلص من امتلاكهما السلاح ، خاصة اذا لم يتم تموينهما من مخازن الجيش اليمني ، وإيقاف ما كان يتم من قبل أثناء نظام صالح ، والذي كان يجعل الأطراف تتحارب بسلاح يخرج من مخازن الجيش اليمني . * عن يافع نيوز الورقية يافع نيوز