يعتبر اسم الفرنسي، الجزائري الأصل، زين الدين زيدان، كابوساً مزعجاً لجماهير الكرة البرازيلية، لأن نجم المنتخب الفرنسي السابق كان اللاعب الأبرز الذي حرم البرازيليين تحقيق لقب مونديال 1988، وأسهم بشكل كبير في الهزيمة المذلة لسحرة السامبا في النهائي، وكانت أول مرة يسقطون فيها بثلاثة أهداف نظيفة في مباراة نهائية في تاريخهم، كما أن اللاعب نفسه كان وراء إقصاء البرازيل من ربع نهائي مونديال ألمانيا 2006. باولو روسي.. جلاد آخر باولو روسي. أرشيفية يعتبر البرازيليون منتخب 1982 أفضل ما مرعلى تاريخ الكرة في بلاد السامبا، على الرغم من أن هذا المنتخب لم ينجح في إحراز الكاس العالمية، بل خرج مبكراً من ربع النهائي، وهو ما يجعل البرازيليين يصفونه بالبطل غير المتوج. وكان اسم آخر تحفظه ذاكرة البرازيليين جيداً حاسماً في خروج زملاء سقراط وزيكو من البطولة التي اقيمت في إسبانيا. وحين واجه الايطاليون منتخب الأحلام البرازيلي بقيادة زيكو، أحد اقوى المرشحين للفوز باللقب، كان باولو روسي كلمة السر في الفوز التاريخي، فافتتح التسجيل مبكراً، ثم تعادل البرازيليون من خلال سقراط، فعاد روسي وسدد كرة قوية مسجلاً الهدف الثاني، لكن المنتخب البرازيلي أدرك التعادل منتصف الشوط الثاني عبر فالكاو. وفي الدقيقة 75، ومن كرة من ركنية، فشل الدفاع البرازيلي في ابعادها، سدد ماركو تارديللي بقوة، ووسط المدافين تلقى روسي الكرة وتابعها داخل الشباك، مسجلاً هدفه الثالث الذي قضى به على أحلام البرازيل (3-2)، ونصب نفسه ملكاً على التشكيلة الإيطالية، ورمزاً لجماهير بلاده. وواصل روسي تألقه في مباراة الدور نصف النهائي امام بولندا (2-صفر) وسجل الهدفين، وأهل منتخب بلاده الى المباراة النهائية أمام ألمانيا الغريبة، ليسجل أحد أشهر مستوياته التاريخية ويفوز على الألمان برأسية ستظل عالقة في ذاكرة الإيطاليين طويلاً. دعابة برازيلية من حي الهزائم في دعاية نشرت، أخيراً، في البرازيل، نرى رجلاً يحلق لحيته عند حلاق برازيلي، ولحظة الدفع، اكتشف الحلاق من بطاقة الائتمان أن الزبون هو باولو روسي، صاحب الثلاثية (هاتريك) التي أقصت المنتخب الرائع للسيليساو (زيكو، سقراطيس، جونيور، فالكاو...) عام 1982. وبعدما تذكر الخسارة المؤلمة التي كانت بمثابة فشل اللعب الجميل أمام الواقعية، رأى الحلاق أن زبونا آخر يدخل محله: زين الدين زيدان. وعنون موقع «يو أو إل» على الإنترنت مقالة عقب إقصاء البرازيل من طرف فرنسا في ربع نهائي 2006 ب: «زيدان الجلاد يبكي البرازيل للمرة الثانية»، وذلك بعد ثمانية أعوام من ثنائيته في المباراة النهائية لمونديال 1998، ليسطر بذلك صفحتين رائعتين في مسيرته الاسطورية. وفي المباراة النهائية لمونديال 1998، كانت البرازيل حاملة اللقب، بقيادة رونالدو، تتصور أنها ضامنة الفوز باللقب على حساب فرنسا التي لم يسبق لها حتى ذلك التاريخ رفع الكأس الغالية. لكنها تلقت درساً في فنون اللعبة وخسارة مذلة (صفر-3)، بفضل ثنائية بالرأس لزيدان. كانت الخسارة الثانية للبرازيل في نهائي العرس القاري، بعد انتكاسة ماراكانا عام 1950 أمام الاوروغواي. وفي الدور ربع النهائي لمونديال 2006، مرة أخرى التقت البرازيل حاملة اللقب مع فرنسا، وصبت الترشيحات في مصلحة السيليساو ونجومه، رونالدو وكاكا وجونينيو وغيرهم، للثأر من المنتخب الفرنسي وزيدان الذي كان في ختام مسيرته الكروية. حتى إن صحيفة برازيلية نشرت كاريكاتور لزيدان، مشيراً إلى صناديق التقاعد. وجاءت النتيجة بفوز فرنسا 1-صفر، بهدف سجله تييري هنري، إثر تمريرة حاسمة من زيدان، الذي خاض بالمناسبة إحدى أفضل المباريات في مسيرته الاحترافية. وكتب وقتها أحد المعلقين الرياضيين الأكثر احتراماً في البرازيل، جوكا كفوري، غداة الخسارة: «اعتبر نفسي سعيداً كوني أحد الشهود في الملعب على أحد أفضل العروض الفردية في التاريخ للاعب عبقري»، في إشارة الى زيدان. بيليه، رونالدو، روبرتو كارلوس، والبرازيل بأكملها، لم تبخل بالإشادة بزيدان، وفي حديث ل«فيفا»، أعرب زيدان عن تأثره بمديح زاغالو (بطل العالم لاعباً ومدرباً مع البرازيل ومديرها الفني عام 1998) «عندما قال لي: إذا كان يتعين علينا اختيار لاعب من خارج البرازيل للدفاع عن ألوان المنتخب، فسأختارك». لأن زيدان لا يفرض احترامه فقط من خلال انتصاراته، بل أيضاً وعلى الأرجح لموهبته الفنية، وأسلوب اللعب الذي يضعه البرازيليون دائماً أهم من النتائج. ويطلق لقب «زيدان»، الذي ينطق البرازيليون اسمه ب«زيداني»، في الساحات العامة، يعني أن تكون «ساحراً»، للدلالة على موهبة هذا اللاعب أو ذاك. وزيدان نفسه اعترف في حديثه ل«فيفا» بأنه «استوحى» و«أشبع» باللمسات الفنية للاعبين البرازيليين عندما كان يلعب كرة القدم في الصغر: «عندما كنت صغيراً، وعندما كنت ألعب مع رفاقي في الحارة، كنا ننظم كؤوس عالم وهمية. أما المنتخب الذي كنا نرغب في تمثيله كل مرة فهو البرازيل»، مشيراً إلى أنه قدم دائماً مباريات ناجحة ضد البرازيل. وقال: «أمام البرازيل، نجحت دائماً في رفع مستوى اسلوب لعبي وزملائي أيضاً. في كل مرة واجهنا السيليساو، كنا نعرف بأننا قادرون على فعل كل شيء. لم نكن أبداً مرشحين، وفي مثل هذه الحالات دائماً نحقق أفضل الأشياء». وأكد النجم الفرنسي أنه على الرغم من ذلك يحظى باستقبال جيد دائماً في البرازيل، وقال «لم أشعر أبداً بأنهم يرغبون النيل مني. كلما جئت الى هنا، يعطيني الاشخاص انطباعاً بإعجابهم الكبير بما قدمته أمام منتخب بلادهم، في الوقت الذي كنا نفكر في أننا سنستقبل بالضرب بالحجارة». الامارات اليوم