مؤتمر برلمانيون لأجل القدس يطالب بدعم جهود محاكمة الاحتلال على جرائم الإبادة بغزة    الخليفي.. إجادة وإشادة    إصابة شخصين برصاص مليشيا الحوثي في محافظة إب    الشيخ الأحمر: أكرمه الأمير سلطان فجازى المملكة بتخريب التعليم السعودي    قيادية بارزة تحريض الفتيات على التبرج في الضالع..اليك الحقيقة    مع استمرار الحوثيين بمنع اللقاحات.. أكثر من 50 ألف إصابة بالحصبة في اليمن خلال عام واحد    قبل شراء سلام زائف.. يجب حصول محافظات النفط على 50% من قيمة الإنتاج    غزو اليمن للجنوب.. جرائم لا تسقط من الذاكرة    الحكومة تدين اختطاف مليشيا الحوثي للصحفي العراسي على خلفية تناولاته لفضيحة المبيدات القاتلة    هل يُخفي البحر الأحمر مخططًا خطيرًا؟ القيادي المؤتمري ابوبكر القربي يُحذر!    مجزرة مروعة في محافظة تعز واستشهاد 5 نساء بقصف حوثي على المدنيين    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    الدوري الالماني ... بايرن ميونيخ يحقق الفوز امام فرانكفورت    البريميرليج ... ليفربول يواصل السقوط    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    "نجل الزنداني" يكشف عن رسالة من ايران لأسرتهم ..ماذا جاء فيها    اختطاف خطيب مسجد في إب بسبب دعوته لإقامة صلاة الغائب على الشيخ الزنداني    فريق طبي سعودي يصل عدن لإقامة مخيم تطوعي في مستشفى الامير محمد بن سلمان    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    ارتفاع إصابات الكوليرا في اليمن إلى 18 ألف حالة    أسفر عن مقتل وإصابة 6 يمنيين.. اليمن يدين قصف حقل للغاز في كردستان العراق    استشاري سعودي يحذر من تناول أطعمة تزيد من احتمال حدوث جلطة القلب ويكشف البديل    مقاتلو المغرب على موعد مع التاريخ في "صالات الرياض الخضراء"    مركبة مرسيدس بنز ذاتية القيادة من المستوى 3    "نهائي عربي" في بطولة دوري أبطال أفريقيا    الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    اليوم السبت : سيئون مع شبام والوحدة مع البرق في الدور الثاني للبطولة الرمضانية لكرة السلة لأندية حضرموت    القبض على عصابة من خارج حضرموت قتلت مواطن وألقته في مجرى السيول    ضبط المتهمين بقتل الطفل الهمداني في محافظة إب بعد تحول الجريمة إلى قضية رأي عام    لماذا يخوض الجميع في الكتابة عن الافلام والمسلسلات؟    جماعة الحوثي توجه تحذيرات للبنوك الخاصة بصنعاء من الأقدام على هذه الخطوة !    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    حادث مروع .. ارتطام دراجة نارية وسيارة ''هليوكس'' مسرعة بشاحنة ومقتل وإصابة كافة الركاب    بعد القبض على الجناة.. الرواية الحوثية بشأن مقتل طفل في أحد فنادق إب    كان يرتدي ملابس الإحرام.. حادث مروري مروع ينهي حياة شاب يمني في مكة خلال ذهابه لأداء العمرة    السلفيون في وفاة الشيخ الزنداني    تعرف على آخر تحديث لأسعار صرف العملات في اليمن    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    ما الذي كان يفعله "عبدالمجيد الزنداني" في آخر أيّامه    قوات دفاع شبوة تحبط عملية تهريب كمية من الاسلحة    رفض قاطع لقرارات حيدان بإعادة الصراع إلى شبوة    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    ريال مدريد يقترب من التتويج بلقب الليغا    عاجل: إعلان أمريكي بإسقاط وتحطم ثلاث طائرات أمريكية من طراز " MQ-9 " قبالة سواحل اليمن    أكاديمي سعودي يتذمّر من هيمنة الاخوان المسلمين على التعليم والجامعات في بلاده    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    حزب الإصلاح يسدد قيمة أسهم المواطنين المنكوبين في شركة الزنداني للأسماك    لا يوجد علم اسمه الإعجاز العلمي في القرآن    - عاجل شركة عجلان تنفي مايشاع حولها حول جرائم تهريب وبيع المبيدات الخطرة وتكشف انه تم ايقاف عملها منذ6 سنوات وتعاني من جور وظلم لصالح تجار جدد من العيار الثقيل وتسعد لرفع قضايا نشر    إيفرتون يصعق ليفربول ويعيق فرص وصوله للقب    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    لحظة يازمن    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مونديال العالم .. ثمانون عاما من المتعة(2)
نشر في المؤتمر نت يوم 01 - 06 - 2010


1978م الأرجنتين تحقق لقبها الأول :
وفي غمرة احتفالات بلد "التانغو" بنشوة الفوز، كان الهولنديون يتحسرون على فشلهم للمرة الثانية على التوالي في الظفر بالكأس، بعد هزيمتهم في المباراة النهائية على أرضية "استاديو مونيمونتال" بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد. فبعد عودته إلى المباراة من خلال رأسية "ديرك نانبنغا" التي رد بها على هدف "كيمبيس" في الشوط الأول، كان المنختب البرتقالي قاب قوسين أو أدنى من تحقيق النصر عندما صد القائم كرة من تسديدة"روب رينسنبريك" في الوقت الميت من المباراة، إلا أن الأقدار شاءت أن تنتصر الأرجنتين في الأشواط الإضافية بفضل هدفي "كيمبيس" و"دانييل بيرتوني".
وكان "كيمبيس" اللاعب الأرجنتيني الوحيد الذي يمارس اللعبة خارج بلاده، إذ عاد من "فالنسيا" بلقب هداف بطولة الدوري الإسباني، ليضيف إلى رصيده ستة أهداف في نهائيات كأس العالم، رغم أنه لم يجد طريقه إلى الشباك في كل مباريات الدور الأول. ولكن "كيمبيس" لم يكن وحيدا تحت ضغط البداية المتعثرة، حيث وجد فريق "سيزار لويس مينوتي" متاعب كبيرة في طريقه إلى النهائي. فبعد الفوز على المنتخب المجري في المباراة الأولى، وقف الحظ إلى جانب منتخب الأرجنتين عندما انتزع فوزا صعبا أمام نظيره الفرنسي بهدفين مقابل هدف واحد، ليتجرع بعد ذلك أصحاب الأرض طعم الهزيمة بهدف دون مقابل على يد المنتخب الإيطالي. وقد جنى "مينوتي"، الذي استثنى من تشكيلة فريقه ابن 17 ربيعا "دييغو ماردونا"، أفضل ثمار فلسفة كروية تعتمد المهارة والهجوم، جسدها لاعب وسط الميدان المتألق "أوسفالدو أرديلس".
أول انتصار لأفريقيا وأداء متذبذب لاسكتلندا:
سجلت المرحلة الافتتاحية أول فوز لمنتخب أفريقي في تاريخ نهائيات كأس العالم، حيث تغلب المنتخب التونسي على نظيره المكسيكي بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد، في حين تعادل القادم الجديد إلى المونديال المنتخب الإيراني مع نظيره الاسكوتلندي. واستعاد الممثل الوحيد للكرة البريطانية في البطولة توازنه في آخر مباراة عن دور المجموعات في قرطبة، حيث فاز على المنتخب الهولندي بثلاثة أهداف مقابل اثنين، حمل إحداها توقيع "أرشي دجميل" الذي توغل بانسيابية وسط ثلاثة مدافعين مسجلا هدفا غاية في الروعة. ورغم الفوز فقد ودع المنتخب الاسكوتلندي النهائيات باكرا، بعد تأهل هولندا بفارق الأهداف.
صحيح أن المشوار الاسكوتلندي قد تأثر سلبا بثبوت تعاطي لاعبه "ويلي جونستن" للمنشطات، لكن هذه النهائيات أثارت جدلا أكبر كونها نظمت على خلفية النظام العسكري القمعي الذي كان يقوده الجنرال الأرجنتيني "خورخي فيديلا"، بالإضافة إلى استياء لاعبي المنتخب البرازيلي بعد أن أطلق الحكم الويلزي "كلايف توماس" صافرة النهاية قبل لحظة فقط من عبور رأسية "زيكو" خط المرمى في اللقاء الذي انتهى بالتعادل 1-1 بين منتخب "السامبا" ونظيره السويدي في الدور الأول. كما كان المهاجم الأرجنتيني "ليوبولدو لوكي" قد قرر مواصلة مشاركته في البطولة بغض النظر عن وفاة شقيقه في حادثة سير.
وربما كان المنتخب الفرنسي أفضل فريق يودع النهائيات باكرا، وهو المنتخب الذي سرق الأضواء بفضل أدائه الرائع في مباراته أمام نظيره المجري. وعلى غير عادتها، خاضت فرنسا هذه المباراة بزي مخطط بالأخضر والأبيض، اقترضته من الفريق المحلي "كيمبيرلي" لتجنب أي لبس قد ينتج عن تشابه أقمصة الفريقين. كما استعرض "ميشال بلاتيني" مهاراته الخارقة مع منتخب بلاده، حيث تمكن ابن الواحد وعشرين ربيعا من تسجيل أول هدف له في المنافسات العالمية في مرمى المنتخب الأرجنتيني.
وعلى غرار نهائيات 1974، انقسمت الفرق الثمانية المؤهلة إلى الدور الثاني إلى مجموعتين. فعن المجموعة الأولى، تأهل المنتخب الهولندي بقيادة المدرب النمساوي "ارنيست هابل"، الذي سبق أن توج على الصعيد الأوربي مع نادي "فيونورد" الهولندي. وجاء إنجاز المنتخب البرتقالي بالرغم من غياب مصدر إلهامه "يوهان كرويف"، الذي اختار عدم المشاركة في النهائيات، إضافة إلى انسحاب "ويم فان هاناجم" في آخر لحظة. لكن الهولنديين استفادوا من تواجد المهاجم "رينسينبرينك"، الذي احتل المرتبة الثانية في ترتيب هدافي البطولة بعد الأرجنتيني "كيمبيس". وقد استطاعت هولندا الانتصار على النمسا ثم على حامل اللقب منتخب ألمانيا الغربية، قبل تحقيق فوز صعب على المنتخب الإيطالي في المباراة الأخيرة والحاسمة عن دور المجموعات، والتي سجل خلالها الهولندي "إرني برانت" هدفين، كان أحدهما في مرمى الخصم والآخر في شباك فريقه، قبل أن يمنح مواطنه "أري هان" بطاقة التأهل للمنتخب الهولندي بتسديدة محكمة من خارج منطقة العمليات. وفي ذات اليوم، قاد "هانس كرانكل" منتخب النمسا لتسجيل أول انتصار له منذ 47 عاما على ألمانيا الغربية التي كانت قد أقصيت من المنافسة.
الأهداف تخون نجوم البرازيل:
اكتسب المنتخب الإيطالي على الأراضي الأرجنتينية خبرة كبيرة في المنافسات استفاد منها بشكل إيجابي في دورة إسبانيا بعد أربع سنوات، حيث كانت الأهداف الثلاثة التي وقعها "باولو روسي" كافية لإعلان ميلاد مهاجم كبير. لكن "الأزوري" أخفقوا في الفوز بالميدالية البرونزية، بعدما عجزوا عن تجاوز المنتخب البرازيلي، الذي كان يفتخر بوجود مهاجم يدعى "روبيرتو ديناميت"، فضلا عن قلب الدفاع "نيلينيو" المعروف بقدرته الخارقة على قيادة المرتدات الهجومية. وجدير بالذكر أن منتخب "السامبا" هو الوحيد من بين فرق البطولة الذي لم ينهزم في هذه الدورة، إلا أنه اضطر إلى المنافسة على المرتبة الثالثة بعد إخفاقه في تجاوز غريمه التقليدي المنتخب الأرجنتيني في إجمالي مباريات المجموعة الثانية، ليتأهل أصحاب الأرض إلى المباراة النهائية بفارق الأهداف.
وبعدما انتهت الموقعة التي جمعت الفريقين بلا غالب ولامغلوب، توجه منتخبا أمريكا الجنوبية إلى المباراة الأخيرة وفي حوزة كل منهما ثلاث نقاط. ونتيجة لفوز منتخب "السامبا" على بولندا بثلاثة أهداف لواحد، توجب على أصحاب الأرض التغلب على منتخب البيرو بفارق أربعة أهداف لحجز بطاقة التأهل إلى المبارة النهائية. وللإشارة فقد كان البيروفيون، بقيادة نجمهم "تيوفيلو كوبيياس"، قد ألحقوا الهزيمة بالمنتخب الاسكوتلندي قبل كبح جماح المنتخب الهولندي في الدور الأول، لكنهم لم يستطيعوا الوقوف في وجه الآلة الأرجنتينية. فقد ودع المنتخب البيروفي البطولة بخسارة ثقيلة أمام البلد المضيف بسداسية نظيفة، ساهم في صنعها كل من "لوكي" و"كيمبيس" بمعدل هدفين لكل منهما، حيث بدا وكأن "كيمبيس" قد استعاد شهية التهديف بعدما انتقل الفريق إلى مسقط رأسه، روزاريو، لخوض مباريات الدور الثاني. وبعد الأحداث التي شهدتها تلك الليلة تقرر مستقبلا انطلاق المباريات الختامية ضمن دور المجموعات في نفس الوقت.
وتقابل المنتخب الأرجنتيني ونظيره الهولندي في المباراة النهائية في 25 حزيران/يونيو 1978. وعشية المباراة الحاسمة أشارت صحيفة "ليكيب" الفرنسية إلى قدرة الفريق البرتقالي على انتزاع الكأس من قلب "بوينوس آيرس". لكن الأمور سارت في الاتجاه المعاكس، حيث كان للهولنديين موعد آخر مع الدموع بعد أن أصبح قائد فريق البلد المضيف "دانييل باساريلا" أول أرجنتيني يحمل عاليا أغلى لقب في عالم كرة القدم.
1982م إيطاليا تعود لمنصة التتويج وتحصد لقبها الثالث :
وأصبحت إيطاليا بطلة للعالم للمرة الثالثة في بطولة عام 1982، إذ تميز إنجاز الأزوري على التراب الإسباني بتسجيل المهاجم باولو روسي ستة أهداف كاملة، فضلاً عن طريقة احتفال ماركو تارديللي التي ستبقى راسخة في أذهان الجماهير. وربما يكون المتعاطفون مع المنتخبين الفرنسي والبرازيلي قد ذرفوا الدموع على سوء الطالع الذي حرم الفريقين من بلوغ النهائي، حيث خانهما الحظ في اثنتين من أجمل مباريات كأس العالم على الإطلاق. ولكن كان هناك القليل ممن استاءوا من تغلب أبناء إينزو بيرزوت على صلابة المنتخب الألماني بنتيجة 3-1 في المباراة النهائية، والتي ضمن من خلالها روسي لقب الحذاء الذهبي، ليكمل أجزاء قصة درامية شخصية كانت أكثر إثارة حتى من الطريقة التي عاد بها المنتخب الإيطالي بعد بداية متعثرة.
وكان روسي قد عاد للتو من مدة إيقاف دامت سنتين، بسبب ضلوعه في فضيحة تلاعب بنتائج إحدى المباريات. وقد تعذر عليه إيجاد طريقه نحو الشباك في المباريات الثلاث الأولى التي تعادل المنتخب الإيطالي في المجموعة التي تأهل منها المنتخب الإيطالي إلى الدور الثاني بفارق هدف وحيد عن المنتخب الكاميروني. ولكن المنتخب الإيطالي تقدم بشكل بارز في المراحل التالية حيث أقصى المنتخب البرازيلي المرشح للفوز باللقب في الدور الثاني بفضل ثلاثية روسي الذي سجل هدفان في نصف النهائي أمام بولندا.
وضم المنتخب الإيطالي نجوما آخرين غير روسي بما فيهم قائد الفريق وحارس المرمى دينو زوف ذو الأربعين عاماً بالإضافة إلى قلب الدفاع جيوسيبي بيرغومي ذو الثامنة عشر من العمر. وبينما أصبح بيرغومي أصغر لاعب إيطالي يشارك في نهائيات كأس العالم فإن لاعب أيرلندا الشمالية نورمان وايتسايد كسر الرقم القياسي الذي كان بحوزة الأسطورة البرازيلية بيليه حيث أصبح أصغر لاعب في تاريخ البطولة عن عمر سبعة عشر سنة وإحدى وأربعين يوماً. وحقق منتخب بلاده أيضاً إحدى أكبر مفاجآت البطولة بفوزه على أسبانيا بنتيجة 1-0 ليصل إلى الدور الثاني.
وكانت النسخة الثانية عشر من نهائيات كأس العالم FIFA آخر بطولة تجرى فيها المباريات بكرة مصنوعة من الجلد بشكل كامل، ولكنها كانت البطولة الأولى التي تضم أربع وعشرين منتخباً عوضاً عن ستة عشر. كما شهدت البطولة نظاماً جديداً يشمل ثلاث مراحل مختلفة: دور أول يضم ست مجموعات مكونة من أربعة منتخبات ويتأهل فريقان عن كل مجموعة، دور ثان من أربع مجموعات تضم ثلاث منتخبات يتأهل منها المتصدر إلى نصف النهائي وبعد ذلك المباراة النهائية.
الجزائر تحبط ألمانيا :
كان المنتخب الهولندي، وصيف بطل العالم عامي 1974 و1978، أهم ضحايا التصفيات والتي شهدت تأهل ست منتخبات للمرة الأولى هي الجزائر والكاميرون والسلفادور وهندوراس والكويت ونيوزيلندا. وحقق منتخبان من هذه المنتخبات نتائج مميزة في الدور الأول والذي انطلق بهزيمة مفاجئة لحامل اللقب المنتخب الأرجنتيني أمام نظيره البلجيكي بهدف دون رد في برشلونة.
بعد ذلك حققت الجزائر أكبر مفاجآت الدورة بفوزها على بطل أوروبا المنتخب الألماني بنتيجة 2-1 في مباراتها الأولى بفضل هدفين من رابح مادجر وأفضل لاعب في أفريقيا في ذلك العام لخضر بلومي. وعلى الرغم من فوزه على تشيلي أيضاً، إلا أن المنتخب الجزائري خرج من البطولة الأهداف نظراً للأهداف التي تلقتها شباكه بعد فوز ألمانيا المريح على النمسا والذي سمح لكلا المنتخبين الأوروبيين بالتأهل معاً. وقد أدت هذه النتيجة المثيرة إلى حدوث تطور في البطولات التالية وهو اختتام مباريات الدور الأول بمباريات تقام في نفس التوقيت.
كما ندب منتخب الكاميرون حظه بعد خروجه من البطولة بدون تلقي أي خسارة حيث تعادل مع كل من إيطاليا وبولندا ليحتل المركز الثالث في المجموعة. وتعادل منتخب هندوراس مع مستضيف البطولة المنتخب الأسباني الذي لم يقدم المستوى المطلوب ولكن كانت نتائج الوجه الجديد الآخر منتخب السلفادور أكثر من محرجة. حيث أصبح أول منتخب تتلقى شباكه عشرة أهداف في مباراة في نهائيات كأس العالم FIFA حيث خسر بنتيجة 10-1 أمام المجر في مباراة سجل فيها البديل لازلو كيس ثلاث أهداف في زمن قياسي (بين الدقيقة التاسعة والستين والدقيقة السادسة والسبعين).
البرازيل تتألق:
كان أبناء مدرب المنتخب البرازيلي تيلي سانتانا أبطال الدور الأول بدون منازع. وكانت البرازيل في نظر العديد من المراقبين أفضل فريق في أمريكا الجنوبية منذ عام 1970، وتمثلت قوة الفريق في خط وسطه المتميز الذي كان يضم كلا من زيكو وفالكاو بالإضافة إلى الثنائي سقراط وإيدر الذي سجل كل منهما هدفاً رائعاً في المباراة الأولى للمنتخب البرازيلي والتي قلب فيها تخلفه بهدف ليفوز بنتيجة 2-1 على روسيا.
وأقصى المنتخب البرازيلي غريمه التقليدي المنتخب الأرجنتيني في الدور الثاني بفوزه بنتيجة 3-1 في المباراة التي شهدت استياء كبير من دييغو مارادونا والذي ضرب باتيستا ليتلقى البطاقة الحمراء. ودخل المنتخب البرازيلي بهذا الفوز مباراته التالية أمام إيطاليا وهو بحاجة إلى تعادل فقط لضمان التأهل إلى نصف النهائي. ولكن على الرغم من هدفي كل من سقراط وفالكاو، إلا أن ثلاثية روسي أقصت المنتخب البرازيلي من البطولة. ولم يواجه المنتخب الإيطالي أي مقاومة من المنتخب البولندي الذي افتقد لخدمات زبينيو بونييك الموقوف في نصف النهائي الذي شهد أيضاً ملحمة كبيرة بين فرنسا وألمانيا في مدينة أشبيلية.
وتأثرت هذه المباراة سلباً بالتصرف العنيف للحارس الألماني هارالد شوماخر والذي لم ينل على إثره أي عقوبة حيث اعتدى على البديل الفرنسي باتريك باتيستون الذي فقد وعيه. وكانت المباراة هي الأولى في تاريخ نهائيات كأس العالم FIFA والتي تحسم نتيجتها بالضربات الترجيحية بعدما قلب المنتخب الألماني تخلفه بنتيجة 3-1 في الشوط الإضافي. وبعد أن تصدى شوماخر للركلة الترجيحية التي سددها ماكسيم بوسيس، سجل هورست روبيخ الركلة الحاسمة لينهي آمال المنتخب الفرنسي الذي وصل إلى نصف النهائي للمرة الأولى منذ عام 1958 بقيادة نجوم خط الوسط ميشيل بلاتيني وجون تيغانا وألان جيريس.
وبعد المباراة المتعبة في نصف النهائي، فشل فريق المدرب يوب ديروال في مجاراة المنتخب الإيطالي في المباراة النهائية التي أقيمت على ملعب سانتياغو بيرنابيو. ولم يتأثر المنتخب الإيطالي بركلة الجزاء التي أهدرها أنطونيو كابريني في الشوط الأول ليمطر كل من روسي وماركو تارديللي وأليساندرو ألتوبيلي المرمى الألماني في الشوط الأول. وسجل برايتنر هدف الشرف الوحيد للمنتخب الألماني ولكن قبل ذلك، كان تارديللي قد رسم الفرحة الإيطالية حيث احتفل منطلقاً بسرعة وفاتحاً ذراعيه وصرخ بأعلى صوته مظهراً فرحته وفرحة المنتخب الإيطالي للعالم.
1986م ماردونا يسرق الأضواء ويمنح الأرجنتين اللقب الثاني :
أصبحت المكسيك آنذاك أول دولة تنظم نهائيات كأس العالم FIFA مرتين، بعدما كانت قد استضافت دورة 1970 التي شهدت تتويج منتخب البرازيل. غير أن الكأس هذه المرة كانت من نصيب نجوم الأرجنتين، بعدما تحملوا حرارة الجو والارتفاع الشاهق عن سطح البحر في سبيل تحقيق نصر مؤزّر، مستمدين الإلهام والروح القتالية من قائدهم "دييجو مارادونا"، الذي سيطر على البطولة بطريقة لم تشهدها النهائيات من قبل، اللهم إذا استثنينا الدورات التي شهدت تألق الجوهرة السوداء "بيليه".
وتقول الإحصائيات أن النجم الأرجنتيني "مارادونا" سجل خمسة أهداف كاملة في هذه الدورة، بينما ساهم في صنع خمسة أخرى من إجمالي أهداف منتخب بلاده، والتي بلغت 14 هدفا في مشواره إلى الفوز في المباراة النهائية بنتيحة 3-2 على ألمانيا الغربية التي اكتفت بالمركز الثاني. غير أن كل ذلك لا يعدو أن يكون نصف القصة، إذ أن السحر والبراعة الذي اتصف بهما أحد أهداف مارادونا، إضافة إلى الخبث والخديعة الذي اتسم بهما الهدف الآخر جعلا جريدة "ليكيب" الفرنسية تنعته ب"نصف ملاك ونصف شيطان".
وقد سُجِل الهدفان في مباراة الدور ربع النهائي أمام إنجلترا، والتي انتهت بفوز الأرجنتين بنتيجة 2-1 في إستاد "أزتيكا" الذي أصبح بعد ذلك تحفة فنية في عالم كرة القدم. وكان الهدف الأول، كما ورد على لسان "مارادونا" نفسه، بمثابة هدية من "يد الله"، حيث ارتقى اللاعب عاليا رغم قصر قامته، ثم رفع ذراعه ونقر الكرة بيده لتتجاوز الحارس "بيتر شيلتون"، الذي كان قد تقدم عن خط المرمى بغية إبعاد الخطر. و لم تمر إلا ثلاث دقائق حتى جاء الهدف الثاني من قدم العبقري "مارادونا"، إذ بدأ كل شيء عندما التقط صانع الألعاب الأرجنتيني الكرة في نصف ملعب فريقه، ليتقدم باتجاه مرمى الخصم في سلسلة من المراوغات السريعة خلفت وراءها خمسة من لاعبي إنجلترا، ومن بينهم حارس المرمى "شيلتون"، قبل أن يودع الكرة في الشباك.
ولقد تمكنت المكسيك من الحصول على حق استضافة بطولة كأس العالم 1986، بعد اعتذار كولومبيا نتيجة لأسباب مالية. وكانت العاصمة مكسيكو سيتي قد تعرضت إلى هزة أرضية عنيفة في سبتمبر\أيلول عام 1985 كانت بمثابة مقدمة مأساوية - حيث خلفت وراءها حوالي 20 ألف قتيل. إلا أن الزلزال لم يؤثر على الملاعب، إذ سرعان ما استعادت البلاد قوتها لتنظيم بطولة ستبقى راسخة في الأذهان.
لينيكر، ماكينة الأهداف الإنجليزية :
إذا كان "مارادونا" هو النجم الذي انجذبت إليه الأضواء، فقد كان هناك غيره من الأبطال في هذه الدورة، حيث كان المهاجم الإنجليزي "جاري لينيكر" ماكينة الأهداف في البطولة دون منازع. وفاز "لينيكر" بجائزة الحذاء الذهبي، بعدما نجح في تسجيل ستة أهداف - ثلاثة منها كانت حاسمة في مباراة فريقه أمام بولندا ضمن دور المجموعات، حيث ساعدت المنتخب الإنجليزي العريق على التعافي من البداية الهزيلة وغياب قائد الفريق "برايان روبسون" بداعي الإصابة. ومع خسارة إنجلترا بنتيجة 2-0 أمام الأرجنتين، نجح "لينيكر" في تضييق الفارق بينما كان قاب قوسين من إدراك التعادل في الأنفاس الأخيرة من المباراة.
ومن جانب آخر، فقد برزت الدنمارك، الوافدة الجديدة إلى جانب كل من كندا والعراق، في منافسات الدور الأول بأسلوبها الجذاب الذي مكّنها من تحقيق ثلاثة انتصارات متتالية، كان أحدها على حساب ألمانيا الغربية، لتنال بذلك لقب "القنبلة الدانمركية". وكان خط هجوم الفريق يضم كلا من "مايكل لاودروب" و"بريبين إلكيار"، حيث نجح هذا الأخير في تسجيل ثلاثية في المباراة التي سحق فيها الدنماركيون منتخب الأوروجواي بستة أهداف مقابل هدف واحد.
وقام الاتحاد السوفييتي بتحقيق أكبر انتصار في الدور الأول على المجر بنتيجة 6-0. ورغم أن مدرب الفريق "فاليري لوبانوفسكي" قام بتجميع لاعبيه في وقت وجيز، إلا أن المنتخب قدم عروضا رائعة البطولة، إذ كان يتشكل من مجموعة من لاعبي نادي "دينامو كييف" الفائز بلقب كأس UEFA للأندية أبطال الكأس - ومن أبرزهم "إيجور بيلانوف"، الذي رُشح فيما بعد للفوز بجائزة أحسن لاعب في أوروبا لعام 1986.
وعلى غرار الدنمارك، فإن السوفييت تصدروا مجموعتهم في الدور الأول، غير أن الفشل لازمهم في الدور الثاني عندما خسروا أمام بلجيكا 4-3. وبتسجيله ثلاثية في تلك المباراة على ملعب ليون، كان "بيلانوف" ثالث لاعب في تاريخ كأس العالم FIFA يتمكن من إحراز ثلاثة أهداف في مواجهة تنتهي بهزيمة فريقه. وقد كانت نهاية الدنمارك أكثر مأساوية، حيث هُزمت أمام أسبانيا بنتيجة 6-1 في المباراة التي نجح فيها "إيميليو بوتراجوينو" في هز الشباك أربع مرات.
المغرب يصنع التاريخ :
شهدت بطولة كأس العالم FIFA تغيّرًا كبيرًا من حيث الشكل، حيث تم تعويض نظام المجموعات في الدور الثاني بنظام دور الستة عشر الذي ينتهي بخروج المهزوم وصعود الفائز إلى الدور الموالي. وكان هذا يعني تأهل أفضل أربع فرق حققت المركز الثالث في مجموعاتها. ولكن المغرب لم يكن في حاجة إلى تلك 'الفرصة الثانية‘، حيث أصبح أول فريق أفريقي يصعد من الدور الأول كمتصدر لمجموعته، وذلك بفضل فوزه على البرتغال بنتيجة 3-1، قبل أن يستسلم أمام ألمانيا الغربية.
واحتاج الألمان بعد ذلك إلى ضربات الجزاء الترجيحية للتغلب على الفريق المضيف، الذي سجّل له "مانويل نيجريتي" قبل ذلك أحد أروع أهداف النهائيات، بضربة مقص هوائية في المباراة التي جمعت المكسيك بمنتخب بلغاريا. وقد انتهت ثلاثة من مباريات الدور ربع النهائي على هذا النحو. وبينما تغلبت بلجيكا على أسبانيا بفضل تألق حارسها "جين ماري بفاف"، قامت فرنسا بالقضاء على أحلام البرازيل في مباراة وصفها بيليه ب"التاريخية".
وكانت فرنسا قد تمكنت من إخراج حامل اللقب المنتخب الإيطالي، إلا أن أبطال أوروبا واجهوا بعد ذلك منافسًا أكثر ضراوة تمثل في منتخب "السامبا". وضيعت البرازيل فرصة ثمينة للفوز بالمباراة، عندما كان الطرفان متعادلان بهدف لكل منهما، إذ نجح حارس المرمى "جويل باتس" في التصدي لركلة جزاء سددها "زيكو". ورغم إخفاق "ميشال بلاتيني" في التسجيل خلال سلسلة ضربات الجزاء الترجيحية، فقد ناب عنه زميله " لويس فيرنانديز" ليقود فرنسا إلى دور الأربعة. لكن الحظ خان الفريق الأزرق في مباراة الدور قبل النهائي، بعد سقوطه مرة أخرى أمام المنتخب الألماني، ليكتفي بالتنافس على المركز الثالث.
وقد قام "مارادونا" بإضافة هدف آخر إلى رصيد أهدافه الخرافية عندما فاز منتخب الأرجنتين على نظيره البلجيكي في مباراة نصف النهائي. غير أن قائد الأرجنتين وجد الأمر أقل سهولة في المباراة النهائية، حيث لازمه " لوثر ماتيوس" كظله في كل فترات اللقاء. لكن فريق المدرب "كارلوس بيلاردو" تمكن من افتتاح حصة التسجيل بواسطة "خوسي لويس براون"، لاعب الوسط الدفاعي الذي لم يكن يلعب لأي ناد آنذاك. وقام "خورخي فالدانو" بمضاعفة النتيجة، إلا أن الألمان لم يستسلموا وعادوا إلى أجواء المباراة عندما نجح كل من" كارل هاينز رومينيجي" و"رودي فولر" في تسجيل هدفين في ست دقائق.
ولم يفلح "ماتيوس" في كبح جماح "مارادونا" طوال الدقائق التسعين، إذ لم تدم فرحة الألمان بهدف التعادل سوى ثلاث دقائق، حيث أرسل "مارادونا" كرة بينية انفرد على إثرها "خورخي بوروشاجا" بالمرمى ليحرز ثالث أهداف الأرجنتين في الدقيقة 83، وهو الهدف الذي كان كافيا لتحقيق ثاني تتويج عالمي لنجوم "التانغو .
1990م ألمانيا تسرق اللقب من روما :
ونجحت ألمانيا الغربية في حمل كأس العالم FIFA للمرة الثالثة عام 1990، حينما انتقمت لهزيمتها أمام الأرجنتين في المباراة النهائية قبل أربع سنوات، وذلك بالفوز على أصحاب اللقب في روما بهدف دون رد. ولقد كان فوزهم هذا بمثابة نصر مؤزر للقيصر "فرانس بيكنباور"، وهو ثاني من توّج بكأس العالم كلاعب ومدرب.
وقد سجلت نهائيات 1990 أرقاما غير مشجعة، حيث شهدت الدورة أفقر بطولة من حيث عدد الأهداف، بمعدل تهديفي بلغ 2.21 هدف في المباراة الواحدة، إلا أنها لم تخل من الإثارة والتشويق. فالمباراة الافتتاحية وحدها كانت كفيلة بأن تكون إحدى أكبر الانقلابات الكروية المحفورة في ذاكرة بطولات كأس FIFA، وذلك حينما فازت الكاميرون على الأرجنتين بملعب "سان سيرو" الذي أعيد تجهيزه خصيصا لاستضافة أكبر حدث كروي في العالم. وبينما كان "روجير ميلا" يعيش أفضل موسم في مسيرته الرياضية، كانت الأسود الكاميرونية على استعداد لمواصلة التقدم وصنع التاريخ.
وكانت هذه هي المرة الثانية التي تستضيف فيها إيطاليا بطولة كأس العالم FIFA. فبعد مضي 56 سنة على تتوجيهم على أرضهم وأمام جماهيرهم في دورة 1934، لم يدخر الإيطاليون أي جهد لإنجاح البطولة، إذ أعيد تجهيز عشرة ملاعب منتشرة في مختلف أرجاء شبه الجزيرة الإيطالية، في حين تم بناء ملعبين جديدين في مدينتي تورينو وباري. وسرعان ما فقد "تشاو"، الرجل الخشبي الذي شكل تميمة البطولة، شهرته في أوساط الجماهير الإيطالية، إذ تحولت كل أنظار المتتبعين المحليين إلى "سالفاتوري 'توتو‘ سكيلاتشي"، ذلك المهاجم الذي كان سجله خاليا من أي هدف دولي قبل يونيو\حزيران 1990.
الأسود تسرق الأضواء :
مضى الدور الأول في طريقه وفق التوقعات بشكل عام، باستثناء إنجاز الوافد الجديد منتخب كوستاريكا، الذي أفلح في هزم كل من اسكوتلندا والسويد ليتمكن من الوصول إلى دور الستة عشر. كما نجح منتخب جمهورية أيرلندا، بقيادة المدافع الإنجليزي السابق "جاك شارلتون"، في إضافة لمسة جمالية لتلك الدورة، تمثلت في وصول الفريق إلى دور الثمانية في أول ظهور له في تاريخ المسابقة. لكن أكبر إنجاز في الدورة تجسد في المسيرة الناجحة للمنتخب الكاميروني، والذي سار بثبات نحو بلوغ الدور ربع النهائي. وكانت "الأسود التي لا تقهر" الفريق المفضل للجماهير المحايدة خلال البطولة، حيث كان "ميلا" نجمًا متألقًا حقيقيًا استطاع قيادة منتخب بلاده بكل عبقرية عن عمر يناهز 38 عامًا.
وكان من الضروري إقناع المهاجم المخضرم بالعدول عن قرار الاعتزال، بعدما اختار حط الرحال في جزيرة لاريونيون، ليرافق زملاءه في الرحلة إلى الديار الإيطالية. وما إن غادر دكة الاحتياط في مباراة الكاميرون أمام رومانيا، حتى نجح في تسجيل هدفين تمكن بفضلهما ممثل الكرة الأفريقية من بلوغ الدور الثاني. وبعدما تكرر الإنجاز أمام كولومبيا أدى "ميلا" رقصته الشهيرة عند علم الزاوية، محتفلا بوصول أول فريق أفريقي إلى الدور ربع النهائي في تاريخ النهائيات.
وقد كانت الأسود قاب قوسين من الصعود إلى الدور قبل النهائي، إلا أن "جاري لينكر" كان له رأي آخر، إذ أحرز المهاجم الإنجليزي هدفين من نقطة الجزاء، لينعش آمال منتخب بلاده في المنافسة على البطولة بعدما كانت الكاميرون متقدمة بنتيجة 2-1، على بعد عشر دقائق من نهاية المباراة. وكان لإنجاز أسود الكاميرون في أبرز حدث كروي في العالم فضل كبير في حصول القارة الأفريقية على حق المشاركة بفريق ثالث ابتداء من النهائيات الموالية عام 1994.
أما إنجلترا، فقد صعدت إلى الدور قبل النهائي لأول مرة منذ عام 1966، مستفيدة بشكل كبير من مهارات وحماسة "بول جاسكوين". غير أن الحظ لم يحالف الإنجليز أمام ألمانيا الغربية في مباراة رائعة انتهت بضربات الجزاء الترجيحية، إذ لا يزال الجميع يتذكر دموع "جاسكوين" عقب المواجهة. وقد شكلت تلك المباراة أصعب اختبار للألمان في طريقهم للفوز بالبطولة. وكان تواجد ثلاثة من نجوم نادي "إنتر ميلان" في تشكيلة منتخب ألمانيا الغربية (قائد الفريق "لوثر ماتيوس" و"يورجن كلينسمان" و"أندريا بريهم") سببا في نيل تعاطف جماهير ملعب "سان سيرو"، كما لو كان الفريق يلعب على أرضه، لاسيما في اللقاءات الخمس الأولى، والتي انتهى أحدها بفوز ساحق 4-1 على يوغسلافيا، فضلا عن الفوز في الدور الثاني على المنتخب الهولندي الذي كان أداؤه مخيبا للآمال.
توتو مفاجأة الدورة :
لم يكن الإيطايون يدركون أن ميزة الأرض ليست وحدها كافية لإحراز لقب البطولة. ومن أبرز ما مميز مشوار أصحاب الأرض نحو الدور قبل النهائي ذلك الهدف الرائع الذي سجله "روبيرتو باجيو" أمام تشيكوسلوفاكيا، بالإضافة إلى الرقم العالمي الجديد في بطولات كأس العالم FIFA الذي سجله حارس المرمى "والتر زينجا"، حيث حافظ على نظافة شباكه لمدة 517 دقيقة في خمس مباريات. وبالرغم من ذلك، فقد كان "سكيلاتشي" بحماسته وروحه القتالية بطلا قوميا بدون منازع، إذ لم يكن أحد يتوقع له الظهور بهذا المستوى، خاصة وأنه لم يسبق له المشاركة مع منتخب "الأزوري" إلا في مباراة واحدة قبل تلك البطولة. وسجل "سكيلاتشي" ستة أهداف كاملة في الدورة، ليحرز لقب هداف البطولة ويفوز بجائزة أديداس للحذاء الذهبي. لكن أحلام منتخب "الأزوري" ومدربه "أزيليو فيتشيني" بإحراز اللقب على أرضهم وبين جماهيرهم تحطمت على صخرة الأرجنتين في مدينة نابولي.
وكانت تشكيلة الأرجنتين مختلفة عن تلك التي أحرزت اللقب عام 1986، إلا أن "دييجو مارادونا" كان مايزال حاضرا، إذ أحدث وجوده انقساما كبيرا في صفوف مشجعي نابولي الذين يعشقونه إلى درجة العبادة، لما قدمه من خدمات لفريق المدينة، حيث قاد النادي إلى الفوز بلقب الدوري الإيطالي في ذلك الموسم. وقد برزت أيضًا مواهب زميله المهاجم "كلاوديو كانيجيا"، ذلك القناص الذي أحرز هدف الفوز الرائع على البرازيل في الدور الثاني. كما شهدت البطولة تألقا لافتا لحارس المرمى الأرجنتيني "سيرخيو غويكوشيا"، الذي حل بديلاً للحارس المصاب "نيري بومبيدو"، بعدما تعرض هذا الأخير لكسر في الساق في ثاني مباريات منتخب "التانغو" في البطولة. ودافع "غويكوشيا" عن عرينه بكل قتالية، إذ أنقذ مرمى الأرجنتين من أهداف محققة أمام البرازيل، قبل أن يتألق خلال ضربات الجزاء الترجيحية أمام الفريق اليوغسلافي العنيد في الدور ربع النهائي. كما لعب دورا حاسما في تغلب منتخب بلاده على إيطاليا، حيث ساهم إنقاذه لضربتي جزاء في صعود الأرجنتين للمباراة النهائية بعد انتهاء الموقعة بالتعادل 1-1.
ولم ينجح "غويكوشيا" في تكرار أدائه البطولي في روما، عندما فشل في صد ضربة جزاء من رجل "أندرياس بريهم" في الدقيقة 85 من عمر المباراة النهائية، والتي شهدت أداءً فنيًا ضعيفًا من الجانبين. وافتقدت الأرجنتين خدمات مهاجمها "كانيجيا" بسبب الإيقاف، لتصبح أول فريق يعجز عن التهديف في النهائي ويكمل المباراة منقوص العدد، بعد طرد كل من "جوستافو ديزوتي" و"بيدرو مونسون". وفي المقابل، عاد الفوز في النهاية للفريق الأفضل، إذ أحرزت ألمانيا اللقب للمرة الثالثة في تاريخها، لتنضم إلى كل من إيطاليا والبرازيل كأكثر الدول تتويجا بكأس العالم FIFA. فبعد مرور 16 عامًا من قيادة فريق ألمانيا الغربية لإحراز اللقب كلاعب، عاد القيصر "بيكنباور" ليتوج بالبطولة كمدرب.
1994م البرازيل تعود للذهب المونديالي من أمريكا :
كانت الولايات المتحدة مسرحا لأنجح بطولة في تاريخ كأس العالم FIFA من حيث الحضور الجماهيري، حيث انتهت الدورة الخامسة عشرة بصعود البرازيل إلى منصة التتويج وإحراز أول لقب عالمي لها منذ عام 1970. ولا يتجادل اثنان في أن المباراة النهائية كانت مخيبة لآمال عشاق الساحرة المستديرة، حيث فازت البرازيل على إيطاليا بضربات الجزاء الترجيحية عقب انتهاء المواجهة بالتعادل السلبي. إلا أن الجميع يتفق أيضًا على أن الجماهير استمتعت بعروض كروية شيقة طوال البطولة.
فقد شهدت البطولة سيلاً من الأهداف - إذ اهتزت الشباك 141 مرة في مختلف المباريات، وهو أكبر إجمالي لعدد الأهداف شهدته بطولات كأس العالم FIFA منذ عام 1982. كما لم تخل البطولة من الإثارة والتشويق، فقد فجر منتخب بلغاريا قنبلة من العيار الثقيل بتغلبه على حامل اللقب منتخب ألمانيا، قبل بلوغ الدور نصف النهائي، علما أن الفريق لم يسبق له الفوز بأي مباراة من مباريات كأس العالم على مدار 16 مشاركة في النهائيات. كما شهدت البطولة إبعاد الأسطورة الأرجنتيني "دييجو مارادونا"، الذي قاد منتخب بلاده إلى الفوز باللقب عام 1986، حيث أثبتت الاختبارات تعاطيه للمخدرات. وسرعان ما لحق نجوم "التانجو" بنجمهم الأول، بعد انهزام الأرجنتين أمام منتخب رومانيا، بقيادة النجم المتألق "جورجي هاجي"، في مباراة مثيرة شهدت تسجيل خمسة أهداف.
كما عاشت الدورة حدثًا مأساويًا، إذ تم اغتيال المدافع الكولومبي "أندريس إسكوبار" لدى عودته إلى أرض الوطن، وذلك بعدما سجل هدفًا في مرماه بطريق الخطأ أدى إلى خروج المنتخب الكولومبي بشكل مبكر بعد الهزيمة أمام الولايات المتحدة في مرحلة المجموعات. وكان الإقصاء غير المتوقع للكولومبيين سببا في تأهل منتخب الولايات المتحدة إلى الدور الثاني ليخسر بصعوبة كبيرة في ثمن النهائي بهدف وحيد أمام البرازيل التي واصلت طريقها بثبات نحو اللقب.
حضور جماهيري غفير:
لم تحظ كرة القدم في الولايات المتحدة مطلقًا بما حظيت به كرة السلة أو البيسبول أو كرة القدم الأمريكية من شعبية على نطاق واسع، حيث استغرب العديد من المتتبعين لمنح الولايات المتحدة شرف استضافة بطولة كأس العالم FIFA. ومع اختيار الولايات المتحدة الأمريكية، كان رئيس FIFA "جواو هافيلانج" يراهن على اجتياز آخر الحواجز التي تقف أمام انتشار رياضة كرة القدم في أمريكا الشمالية، وقد أثبتت الأحداث والوقائع أن القرار كان صائبا، حيث نجحت الدورة في تسجيل إجمالي عدد حضور جماهيري بلغ 3,587,538 مشجعًا.
وكان من بين الأرقام القياسية التي ارتبطت بهذه البطولة مشاركة 147 دولة في التصفيات التأهيلية، إلا أن بعض المنتخبات الأوروبية الكبرى لم تفلح في حجز بطاقة التأهل، كما كان الحال بالنسبة للدنمارك، بطلة أوروبا، وإنجلترا وفرنسا، التي أقصيت من التصفيات بسبب هدف بلغاريا في الثانية الأخيرة من عمر آخر مباراة تأهيلية. وشهدت البطولة العديد من المفاجآت، خاصة في الدور الأول الذي أصبح الفوز فيه يساوي ثلاث نقاط. فقد منيت إيطاليا بالهزيمة 0-1 أمام أيرلندا في المباراة الافتتاحية للفريقين، لتتأهل بعد ذلك إلى دور الستة عشر كواحدة من أفضل الفرق التي أحرزت المركز الثالث.
وإذا كان إخفاق كولومبيا أمرا غير متوقع، فلم يكن أحد يتصور أن تصمد المملكة العربية السعودية في مجموعتها، إلا أنها حققت فوزين من أصل ثلاث مباريات. كما قام المهاجم السعودي سعيد العويران بإحراز أفضل وأجمل أهداف البطولة، عندما انطلق من منتصف الملعب متخطيًا كل اللاعبين في مهارة فائقة، لتعانق كرته الشباك البلجيكية، ويقود الأخضر إلى الفوز على الشياطين الحمر. ودخل الروسي "أوليج سالينكو" سجل هدافي كأس العالم من بابه الواسع، وذلك بتسجيله رقمًا قياسيًا جديدًا بعدما نجحت تسديداته في معانقة الشباك خمس مرات في مباراة انتهت بفوز منتخب روسيا على الكاميرون 6-1. أما الهدف الكاميروني في تلك المباراة، فقد أحرزه المخضرم "روجيه ميلا"، والذي حطم به رقمه القياسي ليصبح أكبر الهدّافين سنًا في تاريخ بطولات كأس العالم FIFA- عن عمر بلغ 42 عامًا وثمانية وثلاثين يومًا.
تسريحة ذيل الحصان :
أما العملاق الأفريقي الآخر، منتخب نيجيريا، فلم يكن يفصله عن تحقيق فوز تاريخي على إيطاليا سوى 90 ثانية في دور الستة عشر حتى جاء "روبيرتو باجيو" لينقذ فريق "الأزوري" من هزيمة محققة، بعدما كان الفريق يلعب بعشرة لاعبين. وقد تمكن أبطال أفريقيا من التربع على قمة مجموعتهم، وأوشكوا على إحداث صدمة كبيرة في الأوساط الكروية، قبل أن يتمكن "باجيو" من إحراز هدف التعادل ثم الفوز في الوقت الإضافي. وبدا واضحا أن صاحب تسريحة "ذيل الحصان" كان في قمة عطائه، حيث أخرج أسبانيا من البطولة في دور الثمانية بهدف في اللحظات الأخيرة، قبل أن يسجل هدفين في المرمى البلغاري في مباراة نصف النهائي، كانا كافيين لقيادة المنتخب الإيطالي إلى المباراة النهائية. وفي المقابل، كان النجم البلغاري "خريستو ستويشكوف" قد ساهم بشكل كبير في إنجاز منتخب بلاده المتمثل في إخراج المنتخب الألماني حامل اللقب.
وفي نهاية الأمر تقاسم كل من "ستويشكوف" و"سالينكو" جائزة الحذاء الذهبي التي تقدمها adidas لهدّاف البطولة. أما بالنسبة للمهاجم البرازيلي المتألق "روماريو"، الذي كان واحدًا من أبرز نجوم البطولة، فقد كانت تنتظره جائزة أكبر من ذلك، حيث تمكن هو وزميله "بيبيتو" من الوصول إلى الشباك ثلاث مرات أمام هولندا في مباراة ربع النهائي التي فازت بها البرازيل بنتيجة 3-2. وشهدت تلك المباراة طريقة جديدة في التعبير عن الفرحة بتسجيل الأهداف، حيث احتقل "بيبيتو" على شرف ولادة ابنه الجديد بعدما وقع الهدف في المرمى الهولندي . ثم قام روماريرو بعد ذلك بتسجيل هدف الفوز الوحيد في مباراة نصف النهائي أمام المنتخب السويدي، الذي قدم هو الآخر أفضل أداء له منذ عام 1958، وذلك بحصوله على المركز الثالث.
والآن إلى المباراة النهائية في ملعب باسادينا بولاية كاليفورنيا، حيث كان اللقاء نسخة مكررة من نهائي عام1970، كما جمع بين منتخبين أحرز كل واحد منهما اللقب ثلاث مرات. ومن الناحية النظرية، فقد كان النهائي بمثابة الحلم الذي كان يراود معظم المتتبعين، إلا أن الواقع أثبت عكس ذلك. فبعد انتهاء المباراة بالتعادل السلبي، تحدد مصير الكأس لأول مرة من خلال ضربات الجزاء الترجيحية، تلك الضربات التي قست بشدة على النجم الإيطالي "روبرتو باجيو". فبعدما بذل الغالي والنفيس لوصول إيطاليا إلى المباراة النهائية، لم يستطع ساحر "الأزوري" تحقيق حلم أبناء بلده. فقد أضاع "باجيو" ضربة الجزاء الحاسمة، عندما قام بإرسال الكرة عاليًا لتعانق سماء كاليفورنيا وتفوز البرازيل باللقب بعد مرور 24 عامًا عن آخر تتويج لأبناء "السامبا".
ومع وجود القائد "دونجا"، ذلك المدافع الصلب المعروف بالأداء القتالي والالتحام القوي، افتقدت البرازيل للمهارات التي ميزت العهود السابقة. إلا أن المدير الفني "كارلوس ألبرتو بيريرا" كان قد أعد تشكيلة متميزة، حيث كان الفريق يزخر بثنائي هجومي رائع تمثل في النجمين "روماريو" و"بيبيتو". وفي ظل وجود قوة هجومية ضاربة، فضل "بارييرا" الإبقاء على "رونالدو" في دكة الاحتياط، إذ لم يكن عمره آنذاك يتجاوز 17 ربيعا. إلا أن النجم الصاعد كان يحمل في جعبته العديد من المفاجآت، إذ شكلت الدورات الموالية فرصة كبيرة لاكتشاف مهاراته وعروضه الفنية.
ومع وجود القائد "دونجا"، ذلك المدافع الصلب المعروف بالأداء القتالي والالتحام القوي، افتقدت البرازيل للمهارات التي ميزت العهود السابقة. إلا أن المدير الفني "كارلوس ألبرتو بيريرا" كان قد أعد تشكيلة متميزة، حيث كان الفريق يزخر بثنائي هجومي رائع تمثل في النجمين "روماريو" و"بيبيتو". وفي ظل وجود قوة هجومية ضاربة، فضل "بارييرا" الإبقاء على "رونالدو" في دكة الاحتياط، إذ لم يكن عمره آنذاك يتجاوز 17 ربيعا. إلا أن النجم الصاعد كان يحمل في جعبته العديد من المفاجآت، إذ شكلت الدورات الموالية فرصة كبيرة لاكتشاف مهاراته وعروضه الفنية.
1998م زيدان يقود الديك الفرنسي لتحقيق اللقب للمرة الأولى بباريس :
شهد موطن "جول ريميه"، مؤسس وصاحب فكرة بطولة كأس العالم FIFA، صيفاً سيبقى راسخا في ذاكرة كرة القدم. فقد أوجدت فرنسا لنفسها أخيراً موطئ قدم على العرش العالمي. وبينما ستبقى دورة 1998 عالقة في أذهان حاملي اللقب الجدد، ستبقى محفورة في سجل البطولة العجوز، حيث أصبح عدد الفرق المشاركة فيها هو الأكبر في تاريخ المسابقة.
ضمّت النسخة السادسة عشرة من كأس العالم لكرة القدم FIFA 32 فريقاً للمرة الأولى في تاريخ البطولة. وشكلت زيادة عدد المشاركين فرصة لإقحام المزيد من المنتخبات من اتحادات أفريقيا وآسيا ومنطقة CONCACAF، مما أتاح الفرصة لتأهل كل من جنوب أفريقيا واليابان وجامايكا للمرة الأولى في تاريخ المنافسة. وتوزعت مباريات المجموعات الثمان على مختلف ملاعب المدن الفرنسية الكبرى، لكن مباراتيّ الافتتاح والختام جرت على أرضية ملعب فرنسا الدولي "ستاد دو فرانس" شمالي العاصمة باريس. وفي هذا الملعب بالذات افتتح حامل اللقب المنتخب البرازيلي البطولة بفوزه على اسكتلندا بنتيجة 2-1، بفضل هدف سجله اللاعب الاسكتلندي "توم بويد" في شباك فريقه.
وتمثلت أكبر مفاجآت مرحلة المجموعات في إخفاق أسبانيا في بلوغ الدور الثاني، حيث دفع منتخب "لاروخا" ثمن بدايته المتعثرة ضمن المجموعة الرابعة. فبعد خسارة أمام نيجيريا بثلاثة أهداف مقابل هدفين وتعادل سلبي مع باراجواي، حقق الأسبان ستة أهداف في شباك بلغاريا، لكن هذه النتيجة المبهرة في ختام المرحلة الأولى لم تعد بأي نفع على أبناء المدرب "خافيير كليمنتي"، بعدما تغلّبت باراجواي على نيجيريا في الليلة ذاتها. وتأهلت بذلك باراجواي على حساب أسبانيا، فيما أنهى أبطال أفريقيا الدور الأول على رأس المجموعة.
ومن جهة أخرى، أنهت رومانيا الدور الأول بتصدرها المجموعة السابعة، متقدمة على إنجلترا وكولومبيا. وكانت احتفالات الرومانيين سابقة لأوانها، حيث خرج الفريق بعد ذلك في أول مباراة عن الدور الثاني. وفي المجموعة الأولى، ضمنت النرويج تأهلها إلى ثمن النهائي بعد فوزها في الأنفاس الأخيرة على منتخب البرازيل بفضل ضربة جزاء نجح في تنفيذها "كيتيل ريكدال. وكان ذلك الهدف حاسما لمرور المنتخب النرويجي على حساب نظيره المغربي. أما الفريق الإيراني، فقد جمع حقائبه باكراً، حاملاً معه جائزة ترضية بفوزه على الولايات المتحدة. وبالنسبة لمشجعي كل من اسكتلندا وجامايكا، فقد حملوا معهم ذكريات سعيدة عن مشاركتهم في نهائيات كأس العالم رغم خروجهم المبكر من البطولة.
سانت إيتيان تعيش على أعصابها:
استضاف ملعب سانت إتيان موقعة حاسمة بين إنجلترا والأرجنتين ضمن مباريات الدور ثمن النهائي. وكان شوط المباراة الأول من الطراز الرفيع، فبعد هدف حققه كل من الفريقين من ضربتي جزاء في الدقائق العشر الأولى من المباراة، سدد النجم الصاعد "مايكل أوين" أفضل هدف في البطولة، مانحا التقدم لمنتخب بلاده، إلا أن "خافيير زانيتي" عادل الكفة لصالح الأرجنتين قبل فترة الاستراحة من ضربة حرة محكمة.
وجاء الشوط الثاني خاليا من الأهداف، حيث شهدت المباراة إثارة من نوع آخر. فقد تم طرد "ديفيد بيكام" بعدما اعتدى على الأرجنتيني "دييغو سيميوني"، ورفض الحكم بعد ذلك احتساب هدف "سول كامبل" الذي كان من شأنه أن يضمن الفوز للإنجليز، بدعوى خطأ في حق حارس المرمى. وانتهت المباراة بالتعادل بعد الوقتين الأصلي والإضافي، ليحتكم الفريقان إلى الضربات الترجيحية، التي صد فيها حارس الأرجنتين "كارلوس روا" الركلة الأخيرة من رجل "ديفيد باتي"، مانحا بذلك منتخب الأرجنتين بطاقة التأهل إلى الدور ربع النهائي.
وبدورها، عاشت فرنسا على أعصابها طوال مراحل البطولة حتى يصل فريقها إلى المباراة النهائية ويجابه قدره. ففي مباراة ثمن النهائي أمام باراجواي لم يتأهل أصحاب الأرض إلا بفضل هدف من رجل المدافع "لوران بلان" في الدقيقة 113 بعد انتهاء الوقت الأصلي بالتعادل، حيث أظهر دفاع باراجواي استماتة كبيرة بقيادة حارسه العملاق "خوسيه لويس تشيلافيرت". وفي ربع النهائي، تقابل المنتخب الفرنسي مع جاره الإيطالي، حيث وقف الحظ إلى جانب أصحاب الأرض هذه المرة، بعدما أفلتوا من هزيمة محققة بفضل العارضة الأفقية. فقد تنفس الفرنسيون الصعداء عندما مرت رأسية "روبيرتو باجيو" محادية للمرمى على بعد ثوان قليلة من انتهاء الوقت الإضافي. وفي سلسلة الضربات الترجيحية، أخفق "لويجي دي بياجيو" في هزّ الشباك عندما ارتطمت تسديدته القوية بالعارضة في آخر ركلة حاسمة، لتكون تلك المرة الثالثة على التوالي التي يسقط فيها منتخب "الأزوري" في فخ ضربات الترجيح بعد دورتي إيطاليا والولايات المتحدة.
سوكر يظفر بالحذاء الذهبي:
في نصف النهائي، كان للدولة المضيفة لقاء مع مفاجأة البطولة المتمثلة في منتخب كرواتيا، الذي كان يخوض أول مشاركة له في نهائيات كأس العالم FIFA منذ استقلال البلاد عن جمهورية يوغوسلافيا السابقة. وكان المدرب "ميروسلاف بلازيفيتش" قد قاد الفريق إلى تحقيق أكبر مفاجأة في ربع النهائي بتحقيق فوز كاسح بثلاثة أهداف نظيفة على بطل أوروبا المنتخب الألماني. وحبس ملعب فرنسا الدولي أنفاسه عندما حقق "دافور سوكر" هدفاً في الشباك الفرنسية بعد فترة قصيرة من بداية الشوط الثاني، مؤكدا بذلك أحقيته في الفوز بجائزة "الحذاء الذهبي". لكن الشخص المناسب أتى في الوقت المناسب عندما اختار الظهير الأيمن الفرنسي "ليليان تورام" اللحظة الصحيحة لمساندة الهجوم، حيث سجّل المدافع الفرنسي هدفه الأول في مباراة دولية، قبل أن يعود لهز الشباك مرة ثانية ويضمن مكاناً لفرنسا في المباراة النهائية.
أما مدينة مارسيليا، فقد عاشت على إيقاع مباراة نصف النهائي الأخرى بين البرازيل وهولندا، حيث كانت معنويات المنتخب البرتقالي عالية بعدما أقصى الفريق الأرجنتيني بفضل تسديدة متقنة للمهاجم "دينيس بيركامب". وبعدما أحرز "رونالدو" التقدم لنجوم السامبا، تمكنت هولندا " من تعديل النتيجة عن طريق "باتريك كلايفرت". لكن البرازيل فازت في النهاية بركلات الترجيح، ليخرج الهولنديون مرة أخرى قُبيل الوصول إلى المباراة النهائية.
وكان يوم الثاني عشر من يوليو/تموز "يوم مجد" بالنسبة للفرنسيين. فقد بدأت المباراة النهائية بلغز محير، حيث تأخّر مسؤولو الفريق البرازيلي في إدراج اسم "رونالدو" في قائمة اللاعبين بدل "إدموندو"، حيث أشارت بعض التقارير إلى أن عارضاً صحياً ألمّ بنجم منتخب السامبا قُبيل النهائي. وكان أداء رونالدو باهتاً في المباراة الحاسمة، حيث ظهر اللاعب بمستوى بعيد كل البعد عما عرف عنه. أما المنتخب الفرنسي، فرغم غياب "بلان" بسبب الإيقاف، إلا أنه سيطر على زمام الأمور بعد فترة قصيرة من انطلاق المباراة. وبفضل رأسيّتين اثنتين للنجم "زيدان" من ضربتين ركنيتين، انتهى الشوط الأول بتقدّم أصحاب الأرض على نجوم السامبا بهدفين نظيفين. ورغم طرد الفرنسي "مارسيل ديساييه" في الشوط الثاني، إلا أن فريق المدرب الفرنسي "إيمي جاكيه" نجح في إحراز هدف ثالث من هجمة مرتدة أنهاها "إيمانويل بيتي" في شباك البرازيليين، على بعد دقيقة واحدة من انتهاء الوقت الأصلي للمباراة.
وانطلقت الاحتفالات في كل أرجاء فرنسا مباشرة بعد صافرة النهاية التي أطلقها الحكم المغربي "سعيد بلقولة"، والذي دخل التاريخ بكونه أول أفريقي يقود مباراة نهائية في كأس العالم FIFA. وقد استقطبت جادة الإليزيه وحدها أكثر من مليون شخص احتفلوا بصخب ورقصوا حتى ساعات الفجر الأولى، حيث نجح المنتخب الفرنسي، الذي يُمثل خليطا متنوع الأعراق، في توحيد صفوف الأمة، ليصبح بذلك رمزا كبيرا من رموز فرنسا المعاصرة.
2002م كوريا واليابان تنظمان كأس العالم والبرازيل يحصدون الذهب من القارة الصفراء:
عَكست دورة 2002 لبطولة كأس العالم FIFA الطابع المتغير لعالم كرة القدم. فمع إجراء البطولة في قارة جديدة، تهاوت سريعاً المنتخبات المتمرسة والمعروفة. وبعد سلسلة من المفاجئات في المراحل الأولى، ضمّ دور ربع النهائي فرقاً من خمسة اتحادات كروية مختلفة للمرة الأولى في تاريخ النهائيات. لكن طرفي مباراة النهائي كانا وجهين معروفين على نطاق واسع، حيث تقابل منتخب ألمانيا مع نظيره البرازيلي، لتنتهي المواجهة بفوز الأخير وتحقيقه إنجازا غير مسبوق بتتويجه للمرة الخامسة على عرش الكرة العالمية.
أما "رونالدو"، الذي لم يكن في أوج عطائه خلال هزيمة منتخب بلاده على يد فرنسا في نهائي البطولة قبل أربع سنوات، فقد كان بمثابة البطل في أعين مدرب نجوم السامبا "لويس فيليبي سكولاري"، حيث سجل الهدفين اللذين جلبا لفريقه النصرفي مدينة "يوكوهاما" اليابانية. وكانت حصيلة "رونالدو" في ختام البطولة ثمانية أهداف بالتمام والكمال، وهو أفضل إنجاز في النهائيات منذ أن حقق الألماني "جيرد مولر" عشرة أهداف في البطولة التي استضافتها المكسيك عام 1970.
أسود السنغال تخلط الأوراق:
تحدّد الطابع الذي ستكون عليه البطولة منذ المباراة الافتتاحية في سيؤول، وذلك عندما حقق الوافد الجديد منتخب السنغال انتصارا مفاجئا أمام حامل اللقب المنتخب الفرنسي بهدف نظيف حمل توقيع "بوبا ديوب". لكن الفرنسيين لم يتعافوا طوال المرحلة الأولى من صدمة اللقاء الافتتاحي، وأنهوا دور المجموعات في الصف الأخير دون إحراز أي هدف في المباريات الثلاث التي خاضوها. وبالمقابل، لم تكن تلك المباراة سوى بداية المشوار بالنسبة لأسود السنغال، إذ تمكنوا بعد ذلك من التأهل إلى المرحلة الثانية، حيث هزموا المنتخب السويدي بفضل هدف ذهبي في الوقت الإضافي، قبل أن يسقطوا في ربع النهائي أمام منتخب تركيا بهدف ذهبي أيضاً هزّ شباكهم هذه المرة.
أما المنتخب الأمريكي فقد ألحق بدوره هزيمة غير متوقعة بمنتخب كانت تُعلّق عليه آمال عريضة للذهاب بعيدا في البطولة، حيث تغلب على البرتغال بثلاثة أهداف مقابل اثنين. لكن البرتغاليين عادوا بقوة إلى الساحة عندما هزموا بولندا في المباراة الثانية، لكنهم سرعان ما سقطوا مجدداً أمام المفاجئة الأخرى في المجموعة الرابعة والمتمثلة في منتخب جمهورية كوريا. وبذلك يكون المنتخب البرتغالي ثاني عملاق أوروبي يحزم حقائبه باكراً، بعدما كانت منتخب فرنسا أول مودعي البطولة.
لكن إقصاء الأرجنتين ونيجيريا من الدور الأول شكل مفاجأة من العيار الثقيل. فقد استهل فريق التانغو بقيادة "مارسيلو بيلسا" منافسات المجموعة السادسة بفوز صعب بهدف وحيد على نظيره النيجيري، لكنه خسر بالنتيجة ذاتها أمام خصمه اللدود الفريق الإنجليزي في مباراة جرت في مدينة "سابورو" اليابانية. وكانت تلك المباراة أكثر مباريات الدور الأول إثارة وحماسا، حيث سجل قائد الفريق الإنجليزي "ديفيد بيكهام" الهدف الوحيد في اللقاء من نقطة الجزاء، ليتمكن من طرد شبح الدورة السابقة، عندما تلقى البطاقة الحمراء في اللقاء الذي جمع الفريقين في فرنسا عام 1998. وكان تعادل الأرجنتين مع السويد في مباراتها الثالثة والأخيرة كفيلاً بانضمام نجوم التانغو إلى قائمة المنتخبات الكبيرة التي عادت أدراجها.
أصحاب الأرض يمضون قدماً:
رغم أن الدور الثاني سار في نهج متوقع أكثر من سابقه، إلا أن جمهورية كوريا، التي استضافت البطولة مناصفة مع اليابان، استمرت في تحدّي كل التوقعات. فقد فاجأ الشياطين الحمر تحت إدارة "جوس هيدينك" كل المتتبعين بإيقاع الهزيمة بالمنتخب الإيطالي في الدور ثمن النهائي بفضل الهدف الذهبي الذي حققه "آهن جونغ هوان"، قبل أن يحالفهم الحظ في ضربات الترجيح مع أسبانيا في مباراة ربع النهائي.
وكانت تلك المرة الأولى التي تستضيف فيها قارة آسيا بطولة كأس العالم FIFA. ولم تكن خسارة كوريا بهدف مقابل لا شيء أمام ألمانيا في مباراة النصف كفيلة بإخماد الحماسة الاستثنائية لأصحاب الأرض، والذين طافت شوارع بلادهم ببحر من الأعلام الحمراء في كل مباراة كان منتخب الدولة المستضيفة طرفاً فيها. وفي اليابان كانت الجماهير منشغلة بالاحتفال هي الأخرى. فمع الدعم الصاخب الذي لاقاه الفريق الوطني من مشجعيه الحماسيين، أنهت اليابان الدور الأول على رأس المجموعة الثامنة، حيث تمكن المدرب "فيليب تروسييه" من قيادة المنتخب إلى إحراز أول انتصار له في تاريخ مشاركاته في نهائيات كأس العالم FIFA، وكان ذلك في مباراته أمام روسيا قبل أن يعود لإحراز الفوز أمام المنتخب التونسي.
لكن مسيرة اليابان الحافلة في كأس العالم توقفت في دور الثمن أمام الفريق التركي الذي أظهر أداءاً ملفتا في أول مشاركة له في النهائيات منذ عام 1954. ولم يتأهل الأتراك إلى الدور الثاني إلا بفارق الأهداف، متقدمين على كوستاريكا. وبعد هزم اليابان، صعدت تركيا إلى الدور نصف النهائي بفضل الهدف الذهبي الذي حمل توقيع "إلهان مانسيز" في شباك السنغاليين، قبل أن تسقط بهدف وحيد في مباراة متكافئة المستوى أمام البرازيل، والتي كانت قد أزاحت إنجلترا في ربع النهائي.
الألمان يشقون طريقهم بثبات إلى النهائي:
لم تكن ألمانيا في قائمة أبرز المرشحين قبل انطلاق البطولة، كونها خسرت بخمسة أهداف مقابل هدف وحيد أمام إنجلترا في التصفيات التأهيلية، حيث احتاجت "المانشافت" إلى بطاقة الملحق الأوروبي لدخول البطولة. إلا أن انتصار الفريق في ثلاث مباريات متتالية بنتيجة هدف مقابل لا شيء في مباريات الدور الثاني ضَمِنَ وصول الماكينة الألمانية إلى المباراة النهائية. وتألق الألمان في مبارتي ربع النهائي ونصف النهائي أمام الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية على التوالي، إذ يرجع الفضل في ذلك لكل من "مايكل بالاك"، الذي سجل هدف الحسم في كلتا المبارتين، والحارس "أوليفر كان"، الذي كان بارعا في الحفاظ على نظافة شباكه. لكن البطاقة الصفراء التي رُفعت في وجه "بالاك" في مباراة النصف أمام كوريا حرمته من المشاركة في النهائي يوم الثلاثين من يونيو/حزيران في يوكوهاما اليابانية.
ومن سخرية الأقدار أن كان "أوليفر كان"، الفائز بجائزة الكرة الذهبية، هو من منح "رونالدو" شرف افتتاح حصة التسجيل لمصلحة البرازيل في منتصف الشوط الثاني، بعدما كان سجل الحارس الألماني خاليا من الأخطاء طوال مراحل البطولة. وعاد "رونالدو" لهز الشباك الألمانية بعد تمريرة مخادِعة من المتألق "ريفالدو"، ليؤكد عودة البرازيل إلى منصة التتويج. وبالنسبة ل"رونالدو" فقد كان ذلك الفوز بمثابة تكفير عن أدائه الباهت في نهائي عام 1998، كما شكل مناسبة لرد الاعتبار لنفسه بعد الإصابة التي عانى منها لفترة طويلة عقب ذلك.
وبعد شهر من بزوغ نجوم بشكل مفاجئ وخروج فرق بشكل غير متوقع، اختُتمت النهائيات في الشرق الأقصى بمشهد جد مألوف تمثل في اعتلاء أبطال "السامبا" منصة التتويج ليحملوا عالياً خامس لقب لهم في تاريخ البطولة. وبذلك يكون البرازيليون قد حافظوا على سجلهم الاستثنائي بالتربّع على عرش كرة القدم في جميع القارات التي استضافت البطولة حتى الآن.
2006م إيطاليا تحصد لقبها الرابع كأخر ملك متوج :
عاد لقب كأس العالم FIFA 2010 للمنتخب الإيطالي بفضل تضامن عناصره وتعاون لاعبيه، ولعل البطاقة الحمراء التي تلقاها زين الدين زيدان لاعتدائه على ماتيرازي تُعتبر أهم صورة ميزت نهائي برلين، لكن الجماهير ستتذكر الإنجاز الإيطالي لسنوات طويلة نظراً لروح الفريق التي أظهرها أعضاء منتخب الأزوري والتضامن الكبير بين اللاعبين طوال مراحل البطولة، ليُتوجوا بعد ذلك بلقبهم الرابع في تاريخ النهائيات.
دخل الإيطاليون غمار البطولة بعدما عاشوا موسماً على إيقاع فضيحة أخرى من فضائح التلاعب بنتائج المباريات، ولعل ذلك كان عاملاً محفزاً لعناصر الأزوري لمحو السمعة السلبية التي التصقت بكرة القدم الإيطالية آنذاك، فظهروا عازمين أكثر من أي وقت مضى على تحقيق إنجاز تاريخي جديد، بقيادة المدرب المقتدر مارتشيلو ليبي، الذي أمضى مواسم طويلة على رأس الإدارة الفنية لنادي يوفنتوس، حيث أحرز معه العديد من الألقاب على المستوى المحلي، وقد أكد الإيطاليون بالفعل أنهم قادمون للمنافسة على اللقب العالمي، حيث شارك 22 لاعباً من أصل 23 في مختلف مباريات البطولة، تناوب عشرة منهم على هز شباك الخصوم.
ولا يتجادل اثنان في كون دفاع المنتخب الإيطالي، بقيادة الحارس "جيانلويجي بوفون" والكابتن "فابيو كانافارو"، الأفضل في تاريخ المسابقة، إذ لم يدخل شباكه سوى هدفان -سُجل أحدهما عن طريق الخطأ بينما جاء الثاني من ضربة جزاء، كما اتجهت أنظار المتتبعين إلى نجوم خط الوسط المتماسك (أندريا بيرلو وجينارو جاتوزو) والجناحين جانلوكا زامبروتا وفابيو جروسو.
إيطاليا تطرد النحس:
كان جروسو حاسما في المراحل الأخيرة من البطولة، حيث سجل هدفاً ثميناً في نصف النهائي أمام ألمانيا قبل أن يحرز ضربة الجزاء الحاسمة في سلسلة ركلات الترجيح خلال مباراة النهائي التي انتهت بالتعادل 1-1 بعد الوقتين الأصلي والإضافي. وبذلك تكون إيطاليا قد طردت نحس الضربات الترجيحية، التي كانت تشكل كابوس مزعج للإيطاليين على مدى تاريخ مشاركاتهم الدولية، حيث سقطوا بسببها في ثلاث مناسبات في المونديال، كانت أبرزها المباراة النهائية لدورة 1994 أمام البرازيل.
لكن نجاح بطولة 2006 لم يتوقف عند إنجاز منتخب الأزوري، حيث أبهر المنتخب الألماني كل المتتبعين بأدائه الرفيع وحسه الهجومي المتميز، بقيادة مدربه الشاب يورجن كلينسمان، فقد نال أصحاب الأرض لقب أفضل هجوم في الدورة بهزهم شباك الخصوم 14 مرة، سجل منها ميروسلاف كلوزه خمسة أهداف ليحرز جائزة الحذاء الذهبي التي تخصصها شركة "أديداس" لأفضل هداف في البطولة، في حين وقع زميله لوكاس بودولسكي ثلاثة أهداف نال من خلالها جائزة "جيليت" لأفضل لاعب شاب.
وقد تمكن كلينسمان من جعل فريقه الشاب في مركز الاهتمام خلال كل مراحل البطولة، حيث نجح في إحداث تغيير جذري على طريقة لعب المنتخب الألماني، الذي بات يميل أكثر إلى الهجوم واللعب المباشر، وفي المقابل، كان سلوك الجماهير الألمانية مثالياً جسد معه شعار البطولة "حان الوقت لكسب أصدقاء جدد"، حيث احتشد مئات الآلاف من الألمانيين في مختلف الساحات والحدائق عبر البلاد ليتقاسموا لحظات الفرح والاستمتاع مع ضيوفهم من مختلف بقاع العالم.
فعلى مدى شهر كامل، استقطبت ألمانيا 3,359,439 متفرجاً حضروا لمتابعة مباريات البطولة الموزعة على 12 ملعب من ملاعب المونديال الفاخرة، كما حظي هذا العرس الكروي الكبير باهتمام حوالي 30 مليار مشاهد حول العالم، تابعوا بشغف وأمل وترقب 32 فريقاً منافساً (من أنجولا إلى الولايات المتحدة) خلال 64 مباراة سُجل فيها 147 هدفاً.
زيدان يسترجع إيقاع التألق:
عاشت الجماهير لحظات ممتعة طوال أيام البطولة، ولعلها كانت سعيدة لرؤية زيدان يرقص على إيقاع التألق من جديد، عندما قاد النجم الفرنسي منتخب بلاده إلى فوز ثمين على أسبانيا والبرازيل في الطريق إلى نهائي برلين، ليستحق بذلك جائزة كرة "أديداس" الذهبية، إلا أن النهاية كانت حزينة هذه المرة، رغم بدايته الموفقة أمام إيطاليا في موقعة الملعب الأوليمبي بافتتاحه حصة التسجيل بضربة جزاء متقنة، بعد مرور ثمان سنوات من إحرازه ثنائية حاسمة في نهائي باريس.
كما شهدت الدورة تألق الجناح البرتغالي كريستيانو رونالدو، الذي قاد منتخب بلاده إلى نصف النهائي لأول مرة منذ عام 1966، لكن الهزيمة أمام فرنسا في المربع الذهبي جعلت مدرب البرتغال لويس فيليبي سكولاري يفشل في بلوغ ثاني نهائي له على التوالي، بعدما قاد البرازيل إلى إحراز اللقب في دورة 2002.
ورغم أن المربع الذهبي كان مؤلفاً بشكل كامل من منتخبات أوروبية، إلا أن فرقاً أخرى أبلت بلاء حسناً في هذه النهائيات، فبغض النظر عن هزيمته أمام ألمانيا بركلات الترجيح، إلا أن منتخب الأرجنتين قدم عرضاً رائعاً خلال الدور الأول، حيث سجل نجوم التانجو أفضل هدف جماعي في البطولة، عندما اختتم إستيبان كامبياسو هجمة منسقة شارك فيها معظم لاعبي الفريق الأرجنتيني وتخللتها 24 لمسة بالتمام والكمال قبل أن يودع نجم إنتر ميلان الكرة داخل الشباك الصربية، مؤكداً فوز منتخب بلاده بسداسية نظيفة، كما اعتبر أغلب المراقبين أن هدف ماكسي رودريجيز بتسديدة هوائية أمام المكسيك كان أفضل هدف فردي في الدورة.
مفخرة أفريقيا:
لم يخيب الوافدون الجدد من القارة السمراء آمال الجماهير الأفريقية، حيث زرع نجوم كوت ديفوار الرعب في نفوس الأرجنتينيين والهولنديين على حد سواء، رغم هزيمتهم في المباراتين معاً، فيما نجحت أنجولا في إدراك التعادل أمام كل من المكسيك وإيران، بينما قدم المنتخب الغاني عروضاً هجومية ممتعة، بقيادة نجميه ستيفان أبياه ومايكل إيسيان، حيث تمكنت النجوم السوداء من هزم جمهورية التشيك والولايات المتحدة، قبل السقوط أمام العملاق البرازيلي في دور ال16.
وعلى صعيد آخر، تمكن منتخب ترينيداد وتوباجو المتواضع من فرض تعادل أبيض أمام نجوم السويد في أول مشاركة لهم ضمن نهائيات كأس العالم FIFA، في حين نجحت إكوادور في التغلب على بولندا وكوستاريكا لتتقدم إلى الدور الثاني لأول مرة في تاريخها، أما المنتخب الأسترالي فقد استفاد من حماسة نجومه وعزيمتهم القوية ليقلب تخلفه أمام اليابان إلى انتصار بتسجيله ثلاثة أهداف في الدقائق العشر الأخيرة ليتأهل بذلك إلى مرحلة ثمن النهائي، كما استحق منتخب سويسرا كل التنويه بحفاظه على نظافة شباكه خلال مبارياته الأربع.
وكالعادة، كانت خيبة الأمل حاضرة في هذه البطولة كذلك، فرغم أن رونالدو دخل سجل الأرقام القياسية في تاريخ المونديال بإضافة الهدف الخامس عشر إلى رصيده في النهائيات، إلا أن نجوم البرازيل فشلوا في الذهاب بعيداً في البطولة، حيث سقط منتخب السامبا في دور الثمانية على يد زيدان ورفاقه، والأمر نفسه ينطبق على المنتخب الإنجليزي، الذي عاد إلى دياره بخفي حنين، كما فشلت المنتخبات الآسيوية في تأكيد تألقها الذي شهدته دورة 2002، فودعت المنافسات بشكل مبكر.
وكلما اقتربت المنافسات من مراحلها الأخيرة كلما تراجع عدد الأهداف (شهدت دورة ألمانيا تسجيل أقل معدل أهداف منذ نهائيات 1990م وتضاءلت إمكانيات وقوع المفاجآت، حيث اعتبر المتتبعون أن المفاجأة الوحيدة بعد انتهاء مرحلة المجموعات تمثلت في تأهل المنتخب الأوكراني إلى دور الثمانية، وهي المحطة التي شهدت خروجاً مشرفاً لرفاق شيفشينكو على يد منتخب إيطاليا، الذي واصل طريقه بثبات لإحراز اللقب عن جدارة واستحقاق.
2010م جنوب أفريقيا من يحسم اللقب من الأدغال الأفريقية :
وتستعد القارة السمراء لاحتضان العرس المونديالي لأهم وأغلى وأكبر البطولات الرياضية على الكرة الأرضية قاطبة 32 منتخبا تأمل في حسم اللقب كلا يسعى وفق هدفه المنشود نصفها بالتمام والكمال ستغادر من العرس العالمي من الدور الأول والنصف الأخر سيكمل المسيرة بهدف الصعود لمنصة التتويج والتربع على عرش اللقب العالمي .
المصدر:موقع الاتحاد الدولي لكرة القدم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.