مواضيع ذات صلة سميح صعب إذا ما عطفنا كلام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن ان موسكو لا تدعم بقاء الرئيس السوري بشار الاسد في السلطة بأي ثمن، على كلام مبعوثه الشخصي الى الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف قبل أيام عن ان النظام السوري يفقد المزيد من الأرض وان المعارضة المسلحة يمكن ان تنتصر عسكرياً وان روسيا أرسلت سفناً لاجلاء محتمل لرعاياها، فإننا نتلمس بداية انتقال في الموقف الروسي قد يكون مبعثه ملاقاة المواقف الاميركية والاوروبية والعربية والتركية التي ترفض أي تسوية في سوريا تتضمن بقاء الأسد في السلطة. وقد لا تكون ملاقاة الغرب والعرب وتركيا، هي الباعث الوحيد وراء اللغة الروسية الجديدة حيال سوريا. فروسيا ربما تأثرت بالتطورات الميدانية التي حصلت على الأرض السورية منذ صدور بيان جنيف في 30 حزيران الماضي. يومذاك كانت موسكو تقدم قراءة مختلفة لبيان جنيف. وردت واشنطن وأوروبا وتركيا والعرب المتحمسون لحسم عسكري (ولعل أكثرهم حماسة الامين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي) بدعم المعارضة السورية المسلحة التي حققت مكاسب على الارض أملت على موسكو تقديم قراءة مختلفة لذلك البيان. وتبدو القراءة الروسية الجديدة لبيان جنيف أقرب الى تطبيق الحل اليمني في سوريا، الامر الذي كانت موسكو ترفضه بشدة منذ نشوب الأزمة في سوريا. لكن السؤال الأكثر إلحاحاً في لحظة التحول الروسي، هل ان الكرملين مقتنع بان أي تسوية سياسية للأزمة السورية تنص على رحيل ولو تدريجياً للاسد عن السلطة، يمكن ان تضمن الحفاظ على المصالح الروسية في سوريا؟ ذلك انه من الصعب تخيّل اعارة الحكم الجديد الذي سيقوم في سوريا أي انتباه للمصالح الروسية. فالحكم الناشئ سيكون مديناً للولايات المتحدة وتركيا وأوروبا وقطر والسعودية، وموالياً لهذه الدول التي أتت به الى الحكم. ومن هنا يبرز التباس في الموقف الروسي المستجد. هل هو مجرد مناورة في انتظار انقلاب في الموازين العسكرية في سوريا، ام هو بداية تغيير فعلي حيال النظام في سوريا املاً في ألا تخسر موسكو في سوريا بالقدر الذي خسرت فيه في ليبيا بعد سقوط معمر القذافي؟ وما يزيد الامر التباساً ان الغرب لا يقدم القدر نفسه من التنازل الذي تقدمه روسيا من أجل التسوية في سوريا. ومنذ بداية الازمة قال الغرب إن لا حل إلا باسقاط الاسد وإنه يمكن التفاهم على بقاء البعث في السلطة كما بقي حزب المؤتمر الشعبي في الحكم بعد علي عبدالله صالح. وأي تنازل روسي الآن سيفسره الغرب بأنه علامة ضعف وتالياً لا مكان للضعفاء في الصراعات الدولية. ولا بدّ ان بوتين يدرك ذلك أكثر من غيره.