اقترح الرئيس الأمريكي باراك أوباما في وارسو، أمس، خطة أمنية بقيمة مليار دولار لطمأنة حلفائه في أوروبا الشرقية القلقين من سلوك موسكو في أوكرانيا، حيث كثف الجيش هجومه على الانفصاليين الموالين لروسيا . وتنص "مبادرة طمأنة أوروبا" التي ينبغي أن تحظى بموافقة الكونغرس، على نشر قوات أمريكية جوية وبرية وبحرية في أوروبا الشرقية، كما يفترض أن تسهم في بناء قدرات الدول غير الأعضاء في حلف شمال الأطلسي بما فيها أوكرانيا وجورجيا ومولدافيا، بحيث تعمل مع الولاياتالمتحدة والحلفاء الغربيين لبناء دفاعاتها . وفي كلمة أمام الصحفيين، دعا أوباما روسيا إلى الضغط على الانفصاليين لوقف هجماتهم على القوات الحكومية في شرق أوكرانيا، محذرا من أن أي "استفزازات" روسية إضافية في أوكرانيا يمكن أن تدفع إلى زيادة العقوبات الاقتصادية على موسكو . ودعا أوباما نظيره الروسي إلى التقاء الرئيس الأوكراني المنتخب، وقال انه سينقل هذه الرسالة إلى بوتين عندما يلتقيه في فرنسا، كما دعاه إلى الاعتراف بشرعية الانتخابات الأوكرانية . وخلال مؤتمر صحفي مع نظيره البولندي برونيسلاف كوموروفسكي، انتقد أوباما خفض العديد من الحكومات الأوروبية لميزانية الدفاع على مدار أعوام قائلاً "لا بد لهذا الأمر أن يتغير"، وأوضح أنه على كل عضو من أعضاء الحلف ال28 أن يسهم "بنصيب عادل" في مسألة الدفاع . وأعلن الحلف الأطلسي أن روسيا سحبت الجزء الأكبر من نحو 40 ألف جندي كانت حشدتهم قرب الحدود مع أوكرانيا، وأن القوة المتبقية تستعد للمغادرة . وفي إشارة إلى الدعم القوي للحكومة الجديدة في أوكرانيا، سيلتقي أوباما الرئيس الأوكراني المنتخب بيترو بوروشينكو اليوم الأربعاء، ويمكن أن يبحث معه مساعدة عسكرية إلى أوكرانيا، وفي إشارة أخرى إلى الدعم الغربي، أعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أنه سيتوجه إلى كييف لحضور مراسم تنصيب بوروشنكو . ويتوقع أن يكون الأسبوع حافلا إذ سيشهد الاحتفال بالذكرى السبعين لإنزال الحلفاء في النورماندي (غرب فرنسا) التي دعا إليها هولاند الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وسيجري رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في المناسبة محادثات مع بوتين "للتشديد على أهمية الحوار بين الحكومة الروسية والحكومة الأوكرانية الجديدة" . وقرر البرلمان الأوكراني أن يؤدي بوروشينكو اليمين كرئيس جديد للبلاد السبت المقبل . في أوكرانيا، كثف الجيش النظامي هجومه على الانفصاليين حول معقل الموالين لروسيا في سلافيانسك، ما أدى إلى تبادل مكثف للنيران، وكذلك في لوغانسك التي شهدت معارك عنيفة الاثنين، فيما قام الطيران الأوكراني ب"تصفية" عدة إرهابيين حسب الرئيس الأوكراني الانتقالي اولكسندر تورتشينوف . وبعد المواجهات، نددت وزارة الخارجية الروسية ب"جريمة" ترتكبها السلطات في كييف "ضد شعبها"، وتحدث الرئيس المؤقت اولكسندر تورتشينوف عن مقتل "العديد" من الانفصاليين قرب مدينة سيفيرودونتسك في لوغانسك، وقال أمام البرلمان: "تم القضاء على العديد من الإرهابيين بالقرب من معقلهم السري في سيفيرودونتسك" . من جهة أخرى، صرح رئيس الوزراء الأوكراني ارسيني ياتسينيوك بأن قطع الغاز الروسي عن أوكرانيا الذي من شأنه أن يهدد إمدادات أوروبا "لا يزال واردا"، معربا عن أمله في التوصل إلى اتفاق بحلول نهاية الأسبوع، وقال إن "قطع الغاز الروسي لا يزال وارداً، روسيا ستشن الحرب على أوكرانيا عبر كل الوسائل بما يشمل سلاح الغاز"، وأضاف: "نأمل في إنهاء المفاوضات مع غازبروم خلال هذا الأسبوع"، وأعلن أن أوكرانيا لن تدفع "أبداً" 500 دولار لكل ألف متر مكعب الذي تطالب به موسكو، وقال "هذا ليس سعر السوق، إنه سعر سياسي، إن مثل هذا السعر غير موجود في أي مكان آخر في أوروبا" . وأعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس عشية قمة مجموعة السبع في بروكسيل أن تعليق مشاركة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مجموعة الثماني التي أصبحت مجموعة السبع، لضمه القرم، أمر طبيعي لكنه ليس "بالضرورة" نهائياً، وأضاف أن "ذلك لا يعني أنه ليس هناك علاقة مع بوتين، إنه مدعو إلى الاحتفالات بذكرى الإنزال وهذا طبيعي في السياق التاريخي، وسيلتقي (الرئيس الفرنسي) فرنسوا هولاند الرئيس بوتين والرئيس أوباما، وكذلك الرئيس بوروشينكو" . وأعرب مساعد مقرب من الرئيس الروسي عن خيبة أمله بسبب تأييد اليابان لموقف الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة من الأزمة في أوكرانيا، وقال رئيس مجلس النواب الروسي سيرغي ناريشكين إن الإجراء "غير مجد" ولن يؤدي إلى تهدئة الوضع في أوكرانيا، وأضاف "اليابان دولة كبرى وقوية يتعين عليها اتباع سياسة أكثر استقلالية" . وتعهدت وزيرة الدفاع الألمانية أورزولا فون دير لاين مجددا للدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بتضامن الحلف معها في الأزمة الأوكرانية، وعن تعزيز الوجود العسكري للناتو في دول البلطيق وبولندا قالت في مستهل اجتماع وزراء دفاع الدول الأعضاء في الناتو "أعتقد أنه من المهم جداً العثور على المعيار السليم في الثقة بالنفس والتعقل أيضاً" . ورحب راسموسين بإعلان الرئيس أوباما اعتزام بلاده تخصيص مليار دولار للقيام بنقل تدريجي لقوات أمريكية إلى دول الحلف الواقعة شرقي أوروبا، وقال مسؤول في الحلف إن وزراء دفاع الحلف وافقوا على تطوير جاهزية دول الحلف رداً على التحديات الأمنية الجديدة التي تشكلها روسيا في الوقت الذي تخطط ألمانيا والدنمارك وبولندا لتعزيز وجودها في أوروبا الشرقية . (وكالات) الخليج الامارتية