لكن الاكثر طرافة تمثل في اجاباته عن فضول بعض الصحفيين الذين اظهروا اهتماما باخبار ابنتيه, وبما يقال حول تدهور حالته الصحية, وبموقفه من حلول نهاية, وقوله الفصل تجاه محاولات بعض مسلمي روسيا فرض الحجاب في المدارس. فماذا قال بوتين ؟ علي مدي ما يزيد علي اربع ساعات ونصف الساعة وفي معرض رده علي81 من اسئلة الصحفيين الروس والاجانب الذين تجاوز عددهم1260 صحفيا جاء معظمهم من شتي بقاع الدولة الروسية المترامية الاطراف تنقل الرئيس بوتين بين السياسة العالمية وحتي ابسط قضايا وهموم مواطنيه في مجاهل سيبيريا مستعرضا قدرات ومهارات ضابط المخابرات القديم, وحنكة وحصافة رجل الدولة القادر علي تجاوز ما يتناثر علي طريقه من عراقيل دون خسائر تذكر. حتي فضول الغرباء لمعرفة تفاصيل حياته العائلية, تصدي له بقدر هائل من البساطة التي أحرجت سائليه مثلما فعل مع من حاول التندر بعدم معرفته بما يتناقلونه عنه من نكات ودعابات. وكان احد الصحفيين الروس بادره بسؤال حول اخبار عائلته, وما اذا كانت ابنتاه جعلتاه جدا لمرة او مرتين, وهو ما رد عليه متسائلا عن الأسباب التي تدعو الصحفيين الي الخوض في سير الاخرين, ومكتفيا بالقول ان ابنتيه تعيشان في موسكو وتعملان علي ما يرام, وهو ما اراد به اخراس الالسنة التي كانت تناولت سيرة احدي ابنتيه وما تناقلته من شائعات حول خطبتها لشاب من كوريا الجنوبية. وحول ما اذا كان مرءوسوه ينقلون اليه ما يقال عنه من دعابات ومنها انه اختار يوم عشرين ديسمبر لاقامة مؤتمره الصحفي حتي يتسني له استعراض انجازاته قبل حلول نهاية العالم في اليوم التالي حسبما كان يتردد آنذاك, قال بوتين وباريحية شديدة انه لا يثق في مثل هذه الشائعات لانه وببساطة يعرف تاريخ اليوم الذي ستحل فيه نهاية العالم. وحين ادرك تاثير ما قاله علي مستمعيه, انطلق بوتين ليقول مستعرضا معلوماته: ما الخوف من هذا الأمر اذا ما كان محتوما. انني أعلم ان نهاية الكون ستحل بعد أربعة ونصف مليار سنة. واستعرض الرئيس الروسي بعضا من المعلومات العلمية المبسطة حول دورة قيام الشمس بوظائفها التي قال انها تبلغ من9 إلي10 مليارات سنة, والان وبعد ان انقضي نصف هذه المدة, فان ذلك يعني ان نهاية هذه الدورة ستحل بعد4.5 مليار سنة, حين تخمد الطاقة وتتحول الشمس الي كوكب قزم صغير أبيض, مشيرا إلي أن هذه هي نهاية العالم. ومن العلوم الي العادات والتقاليد ذات المرجعية الدينية, انتقل بوتين ليصب جام غضبه علي من يحاول استغلال الدين لاثارة القلاقل الاجتماعية في جنوبروسيا في معرض تناوله لمشكلة حظر ارتداء عدد من الفتيات المسلمات للحجاب في احدي مدارس مقاطعة ستافروبول في جنوبروسيا. اعرب الرئيس الروسي عن اعتراضه علي ارتداء الحجاب في المدارس الروسية, قائلا: في ثقافتنا اقصد الاسلام التقليدي لم يكن الحجاب موجودا. واضاف: تقول الشخصيات ذات الحيثية والتأثير في دول العالم الإسلامي, بانه لا حاجة لارتداء الحجاب, ونحن نحاول إدخال تقاليد غريبة عنا. لماذا؟ واعاد بوتين الي الاذهان ما قاله أحد المتحدثين من المشاركين في اجتماع منظمة المؤتمر الإسلامي الذي عقد في ماليزيا في عام2005 والذي كان اقر قبول روسيا كعضو مراقب في هذه المنظمة: نحن نعمل ونمنع بناتنا ونساءنا من التعلم ونجبرهن علي ارتداء الحجاب, نحن نخلق الظروف لكي نبقيهن علي تخلفهن, ان هذا خطأ. واضاف بوتين لقد تحدث الرجل عن ذلك علانية وبكل الثقة. واذ اشار الي ضرورة الحيلولة دون غرس ما يخالف تقاليد وعادات مسلمي روسيا, اكد بوتين ان روسيا دولة علمانية متعددة الاديان والقوميات, مدعوة الي إرساء قواعد العدالة بين مواطنيها. وكان الرئيس الروسي سبق, واشار في خطاب سابق الي ضرورة احترام التقاليد الموروثة والعودة الي النظم السابقة ابان سنوات الاتحاد السوفيتي السابق والتي كانت تفرض الزي المدرسي الموحد الذي قال بامكانية تباينه بحكم تباين المواقع الجغرافية والتاريخية للمناطق والاقاليم.وبهذا الصدد نذكر ان بوتين كان اشار ايضا الي تجارب بعض البلدان الاوروبية التي واجهت مثل هذه المشكلة, فيما توقف عند الجانب الاجتماعي لهذه القضية, مشيرا الي ان القضية تبدو ايضا ذات ابعاد حياتية وهو ما قصد به اغفال بعض اولياء الامور من ذوي الجاه والثروة للجوانب النفسية والاجتماعية للعملية التعليمية,في معرض تأكيده لضرورة الحيلولة دون أي تمييز بين طلبة المدارس في اشارة غير مباشرة الي ابناء الطبقات الفقيرة, وإن كان في المؤتمر الاخير اكثر حسما في الافصاح عن موقفه المعارض لارتداء الحجاب. وحول ما تردد من شائعات حول تدهور اوضاعه الصحية وماهية المستفيدين من هذه الشائعات, قال بوتين في سخرية متعمدة: انها لمنفعة المعارضين السياسيين الذين يسعون الي التشكيك في شرعية السلطة وقدرتها علي العمل. وأضاف ان الاجابة عن السؤال حول حالتي الصحية هي عبثا.. لن تعيشون حتي ترون ذلك. ونصح بوتين الصحفيين عدم اضاعة الوقت كثيرا في مشاهدة مواقع الانترنت التي تروج مثل هذه الشائعات. وفي رده علي سؤال لاحد الصحفيين تضمن انتقادات مبطنة حول رد موسكو علي قانون ماجنيتسكي الصادر عن الكونجرس الامريكي ويفرض قيودا علي كبار رجال الدولة في روسيا, بمرسوم عن مجلس الدوما يقيد تبني الامريكيين للاطفال الروس قال بوتين: اننا في موسكو مستاؤون ليس بسبب اتخاذ الولاياتالمتحدةالامريكية اجراءات ضد المسئولين الفاسدين في روسيا, بل من تبديلها لقانون معاد للاتحاد السوفيتي بآخر جديد.بل وعلي العكس فاذا ساعدنا زملاءنا الاجانب في الكشف عن الذين ينتهكون القوانين في روسيا, فاننا سنكون شاكرين لهم بل وحتي مكافأتهم علي ذلك. لكن القضية ليست في منع الموظفين من إيداع الأموال في البنوك الأجنبية وتملك العقارات في البلدان الأجنبية وإنما في سن القانون المعادي لروسيا الذي حل محل قانون آخر معاد للاتحاد السوفيتي, في الولاياتالمتحدةالأمريكية( تعديل جيكسون فينيك). فهم لا يمكنهم من دون ذلك. ان هذا بحد ذاته يسمم علاقاتنا. ونختتم جولتنا بين ثنايا هذا المؤتمر الصحفي بالاشارة الي ان احدي الصحفيات الشيشانيات التي كانت توجهت بسؤالها الي بوتين واثارت قدرا كبيرا من الهمهمات الساخرة فوجئت وقبل عودتها الي الشيشان بقرار اغلاق جريدتها طريق قادروف.