فرغم التنبؤات بأن تقود الصين قاطرة الاقتصاد العالمي في الفترة المقبلة إلا أن الداخل الصيني يعج بالعديد من المشاكل والتحديات التي تهدد استقرار البلاد إذا لم تتحرك القيادة الجديدة وتتخذ من الإصلاح منهاجا قبل فوات الأوان. ففي مشهد مهيب تابعه العالم, وقع اختيار المؤتمر ال 18 للحزب الشيوعي الحاكم علي نائب الرئيس الصيني تشي جين بينج ليكون خلفا للرئيس الحالي هو جينتاو كما تم اختيار ستة أعضاء جدد للجنة الدائمة للمكتب السياسي للحزب وذلك في إطار تغيير دوري في قيادة البلاد يحدث مرة كل عشر سنوات. ورغم أن هو جينتاو قد نجح خلال العشر سنوات الماضية في إحداث معجزة اقتصادية دفعت الصين إلي أن تصبح ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولاياتالمتحدة و انتشلت ملايين الصينيين من الفقر, إلا أن هذا التطور الاقتصادي صاحبه انتشار وبائي للفساد في مختلف قطاعات الدولة, واتساع كبير في الفجوة بين الأغنياء و الفقراء فضلا عن تصاعد الاحتجاج الشعبي بشكل حاد خلال السبع سنوات الماضية, حيث فقد المواطنون الصينيون الأمل في القضاء الذي لم يعد ينصفهم, وخرجوا غاضبين إلي الشوارع, غير عابئين بتهديدات السجن والقمع, للمطالبة بحل مشاكلهم التي تتركز أهمها في مصادرة اراضيهم وطردهم منها والمعاناة من التلوث البيئي المتفاقم والناجم عن زيادة انتاج المصانع, والظروف غير الآمنة للعاملين من المهاجرين, بالإضافة إلي القمع الحكومي للأقليات الطائفية في التبت و اقليم شينجيانج الذي تسكنه أقلية اليوجور المسلمة.وتشير أحدث التقديرات أن الصين شهدت 180 ألفا حادثة احتجاج في عام 2010 مقارنة ب 87 ألف قبل ذلك بخمس سنوات. ويؤكد اكاديميون صينيون أن هذا العدد ربما يكون تضاعف خلال العامين الماضيين. وفضلا عما سبق فإن أخطر ما يواجه الصين هو استمرار إصرار الحزب الشيوعي, الذي يسيطر علي الحكم منذ ستة عقود, علي سياسة القمع ورفض أي اتجاه للاصلاح السياسي.فالصين متهمه بأنها من أكبر الدول البوليسية في العالم إن لم تكن الأكبر, وقد أنشأ الرئيس هو جينتاو جهازا ضخما لمراقبة الأمن الداخلي أشبه بأجهزة أمن الدولة التي تتجسس علي جميع نواحي الحياة في أغلب الدول ذات النظام الشمولي بحجة الحفاظ علي استقرار البلاد. وتخصص الدولة لهذا الجهاز, الذي يطلق عليه اسم واي وين ويعد بمثابة يد السلطة لقمع الحريات, أموالا ضخمة من ميزانيتها لدرجة أن الجهاز حصل هذا العام فقط علي 110 مليارات دولار من أموال الدولة للتعامل مع كل أوجه المعارضة في البلاد بدءا من القمع الشرطي للاحتجاجات والسجون السرية التي تضم السجناء السياسيين وصولا إلي جيوش المراقبين لشبكات الإعلام والإنترنت التي تتولي كبت أي محاولة للتعبير عن آراء معارضة أو مطالبة بالديمقراطية. وتشير توقعات المحللين إلي أن القيادة الصينية الجديدة لن تختلف كثيرا عن سابقتها في هذا الصدد فأهم أولويات الحزب الشيوعي هو البقاء في السلطة و الحفاظ علي استقرار البلاد ضد اي اضطرابات داخلية.فجميع مسئولي الدولة يعرفون جيدا أن ترقياتهم تعتمد في المقام الأول علي تجنب أي اضطرابات.