قالت باحثة بحرينية إن أحداث احتجاجات شباط/ فبراير 2011 ليس الهدف منها الإصلاحات، بل هي "استفزاز سياسي وتطرّف"، وأكدت في حديثها لإيلاف تزامنًا مع إصدار كتابها الذي يوثق مرحلة الاحتجاجات أنها سيناريو يتكرر كل عشر سنوات. عبدالله آل هيضه من الرياض: وثقت الإعلامية والباحثة البحرينية وجدان فهد في كتابها "الإعلام والأزمات" الاحتجاجات التي عاشتها مملكة البحرين خلال شهري شباط/فبراير وآذار/مارس من العام 2011، وهو الكتاب الفريد من نوعه الذي يتناول الأزمة بحثًا وتحليلاً، انطلاقًا من أهمية الإعلام لكونه "ركيزة أساسية من ركائز عمل إدارة الأزمات". يحتوي الكتاب على جهد توثيقي للتعريف بمجريات الأحداث التي مرت بها المملكة، وكيفية تناولها في وسائل الإعلام الوطنية والأجنبية، ومدى تفاعل كل أطراف المجتمع معها، إضافة إلى مزج ذلك بأراء نخبة من كبار الصحافيين والكتاب البحرينيين، منهم (سوسن الشاعر، وسعيد الحمد، وفيصل الشيخ، وهشام الزياني وغيرهم) حول رؤيتهم لما تعرّضت له البحرين. تنطلق الفرضية الأساسية لكتاب "الإعلام والأزمات" من كون الإعلام يعدّ ضلعًا من أضلاع إدارة الأزمة، وينبغي التركيز عليه وإيلاءه جلّ الاهتمام لضمان انسيابية الاتصال بين صانع القرار والمعنيين به، ورصد وقياس الرأي العام بشأن القرار المتخذ وملاحظاتهم حوله لإجراء التعديلات وإدخال التحسينات إن دعت الحاجة. وخلال حديث مع "إيلاف" قالت الباحثة البحرينية وجدان فهد إن الكتاب يشير إلى أن الأزمة التي تعرّضت لها مملكة البحرين هي من نوع "الأزمات المخططة بفعل القوى الراديكالية المعارضة التي حاولت السيطرة على كل مفاصل الكيان الإداري للدولة، وتعطيل مسارات العمل في الكثير من القطاعات الحيوية والخدمية، كالصحة والتعليم والمصانع والشركات، من خلال تنظيم الإضرابات المتكررة والاعتصامات في المناطق الحيوية، كالمستشفيات والمدارس، طوال فترة اشتداد الأحداث". تشير الكاتبة في حديثها وضمن رؤيتها التي يتضمنها الكتاب إلى أن منحنى أحداث أزمة 14 شباط/ فبراير يتجلى أمامه الهدف واضحًا من ورائها، فهي "لا تمت بصلة إلى مطالب إصلاحية ومناداة بحقوق بشرية"، بل كان هدفها ومنذ اللحظة الأولى "الابتزاز السياسي والتطرف". استشهدت على ذلك بمشاهد الإضرابات العمالية المتكررة في المستشفيات والمدارس، والتجمهر في وسط العاصمة المنامة لشلّ الحراك التجاري في البلاد وتعطيل مصالح الناس ومحاربة أصحاب الأعمال في أرزاقهم، كما توضح وجدان. أضافت في استشهادها بالهجمات الشرسة لعدد من رجال الشرطة وارتكابهم جريمة القتل العمد في حق بعضهم، والاعتداء على قدسية الحرم الجامعي وترهيب الطلبة والاعتداء عليهم، معتبرة أن كلها جرائم تم توثيقها وتصويرها ونشرها، لتكون "شاهدًا على أبشع جرائم انتهكت بها حرمة وطن وترويع سكانه الآمنين". يتناول الكتاب - بحسب حديث الكاتبة - طبيعة الظرف الزمني الذي كانت تمر فيه منطقة العالم العربي وتزايد وتيرة الأحداث السياسية الدراماتيكية، التي تسببت في الإطاحة بنظام الحكم في تونس، واشتعال ثورة 25 يناير في القاهرة، وتصاعد الاحتجاجات الشعبية في اليمن، ما يشير إلى أن إمكانية التنبؤ بما شهدته البحرين كانت واردة، فالأزمة التي جاءت بدعوى المطالب المعيشية والإصلاح السياسي "سرعان ما تسببت في خسائر بشرية ومادية كبيرة، وأماطت اللثام عن خفايا أهدافها بأنها "ثورة تغذيها الفتنة المذهبية الدينية". وقالت الكاتبة في سياق حديثها إن التوثيق الكتابي رأى أن الأزمة ما هي إلا "مشهد آخر له جذوره التاريخية التي تكررت من قبل في أحداث الثمانينيات والتسعينات عندما واجهت حكومة المنامة مخططات إنقلابية بالسيناريو نفسه ومن الجهات المموّلة والداعمة والوجوه المنفدة نفسها"، فهو المخطط عينه الذي يتكرر كل عشر سنوات، وقد حدث في 2011. متوقعة تكراره مرات عدة "إذا لم تتم مواجهته وتجفيف منابعه". ودشنت الباحثة وجدان فهد الجديد "الإعلام والأزمات" علي هامش "مهرجان الأيام الثقافي" في الفترة من 26 ديسمبر/كانون الأول الجاري إلى 3 يناير/كانون الثاني 2013.